انتفاضة
الطلاب في
بنغلادش والتي انتهت
باستقالة رئيسة الحكومة حسينة واجد وفرارها إلى الهند، ليست أول انتفاضة يقوم بها طلاب
في العالم، وأسقطت حكومات أو أجبرتها على تغيير السياسات. وقد سبقها الكثير.
وفيما يأتي أبرز الاحتجاجات الطلابية التي
غيرت التاريخ:
سريلانكا.. مخيم "غوتا غو غاما"
كما حدث في بنغلادش، فقد تمكنت الاحتجاجات الواسعة
النطاق في سريلانكا في عام 2022 من إسقاط الحكومة، بعد أن لعب الشباب دورا رئيسيا فيها.
تحولت المظاهرات المتفرقة إلى احتجاجات
استمرت شهورًا بدأت في آذار/ مارس 2022 مع تفاقم الأزمة الاقتصادية في الدولة الجزيرة
الواقعة في المحيط الهندي، ما أدى إلى نقص الوقود وغاز الطهي وغيرها من الضروريات
بالإضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي لفترة طويلة.
اظهار أخبار متعلقة
في نيسان/ أبريل، احتل المتظاهرون بقيادة
طلاب الجامعات وغيرهم من الشباب ساحة مجاورة لمكتب الرئيس غوتابايا راجاباكسا في العاصمة
كولومبو، مطالبين باستقالته وحكومته.
انضم مزيد من الناس يوميا، وأقاموا معسكرا
من الخيام أطلق عليه "غوتا غو غاما" على اسم مسرحية.
كان موقع الاحتجاج سلميا، حيث قدم المنظمون
الطعام والمياه والمراحيض وحتى الرعاية الطبية للناس مجانا.
وكان قادة المعسكر، الذين كان العديد منهم
من طلاب الجامعات، يعقدون إحاطات إعلامية يومية ويلقون خطابات منتظمة، بينما كان الحشد
يستمتع بالفرق الموسيقية والمسرحيات.
وتحت الضغط، استقال العديد من الوزراء،
لكن الرئيس غوتابايا راجاباكسا وشقيقه الأكبر رئيس الوزراء ماهيندا راجاباكسا، بقيا في منصبيهما.
في أيار/ مايو، هاجم أنصار راجاباكسا معسكر
الاحتجاج، ما أثار إدانة واسعة النطاق من جميع أنحاء البلاد وأجبر رئيس الوزراء على
الاستقالة.
وتمسك غوتابايا راجاباكسا بالسلطة حتى تموز/
يوليو، عندما اقتحم المتظاهرون مقر إقامته الرسمي، ما أجبره على الفرار من البلاد، بعد اللجوء المؤقت إلى جزر المالديف، ثم استقال في وقت لاحق.
إندونيسيا.. اعتصام جامعة يقود إلى استقالة
سوهارتو
بعد أن حكم البلاد لثلاثين عاما، انتفض
الطلاب في جامعة تريساكتي كجزء من الطلاب في عموم إندونيسيا في حركة احتجاج سلمية للمطالبة
بالإصلاح بسبب الأزمة المالية التي كانت تعصف بالدولة.
وصلت الحركة إلى ذروتها عندما قتل أربعة
طلاب في جامعة تريساكتي في 12 أيار/ مايو 1998، عندما قمعت الشرطة التظاهرات بعنف، ما أدى إلى اتساعها خارج نطاق الجامعة ومقتل مئات، ثم سقوط النظام الحاكم في 21 أيار/
مايو 1998.
ساحة تيانانمن الصينية
في الرابع من حزيران/ يونيو 1989 أرسل الحكومة
الصينية الدبابات والجنود لسحق تظاهرات طلابية استمرّت أسابيع.
وتتراوح تقديرات مختلفة لأعداد ضحايا تلك
المجزرة بين مئات القتلى وآلاف منهم.
وترفض الحكومة منذ ذلك الحين الحديث عن
عدد من قتلوا هناك، ويمنع الحديث على الإنترنت عن تلك الأحداث.
اظهار أخبار متعلقة
انتفاضة سويتو في جنوب أفريقيا
في النضال الذي دام عقودًا ضد حكم الأقلية
البيضاء في جنوب أفريقيا، جاءت لحظة محورية في عام 1976 في منطقة سويتو في جوهانسبرغ.
فبعد سلسلة من الاحتجاجات التي بدأت في
16 حزيران/ يونيو، نزل طلاب سود من مدارس متعددة إلى الشوارع للاحتجاج بشكل سلمي على
إجبارهم على الدراسة باللغة الأفريكانية، وهي اللغة الهولندية التي كان الحكام البيض
يستخدمونها في تصميم نظام القمع العنصري المعروف باسم الفصل العنصري.
وانتشرت الاحتجاجات إلى مناطق أخرى في جنوب
أفريقيا، فأصبحت نقطة اشتعال للغضب إزاء نظام حرم الأغلبية السوداء في البلاد من التعليم
الكافي، والحق في التصويت، وغير ذلك من الحقوق الأساسية.
لكن تم قمع هذه الاحتجاجات بشكل دام، ما
أدى إلى مقتل مئات المحتجين بحسب التقديرات.
ونجحت جنوب أفريقيا لاحقا في تمكين الديمقراطية
من خلال انتخابات حكم الأغلبية في عام 1994، وأصبح يوم 16 حزيران/ يونيو عطلة وطنية.
مظاهرات الطلاب في أمريكا ضد حرب فيتنام
كان الطلاب الأمريكيون يحتجون منذ فترة
طويلة على تورط الولايات المتحدة في فيتنام عندما أذن الرئيس ريتشارد نيكسون بشن هجمات
على كمبوديا المحايدة في نيسان/ أبريل 1970، الأمر الذي أدى إلى توسيع الصراع في محاولة
لقطع خطوط إمداد العدو.
وفي الرابع من أيار/ مايو، تجمع مئات الطلاب
في جامعة كينت في ولاية أوهايو للاحتجاج على قصف كمبوديا، واستدعت السلطات الحرس الوطني
في أوهايو لتفريق الحشد.
وبعد فشلهم في فض الاحتجاج باستخدام الغاز
المسيل للدموع، تقدم الحرس الوطني وأطلق بعضهم النار على الحشد، ما أسفر عن مقتل أربعة
طلاب وإصابة تسعة آخرين وإطلاق العنان لموجة من الاضطرابات في أنحاء البلاد.
بحلول عام 1970، كانت حرب فيتنام قد أكملت
خمس سنوات، وأعلن الرئيس آنذاك الجمهوري ريتشارد نيكسون توسيع نطاق الحرب لتشمل كمبوديا.
وبحلول نهاية عام 1970، كان قد تم تجنيد ما يقرب من 1.8 مليون شاب أمريكي، ولقي ما
يقرب من 30 ألفا حتفهم.
وقد أشعلت شرارة إضراب شارك فيها أربعة ملايين
طالب في جميع أنحاء الولايات المتحدة، ما أدى إلى إغلاق حوالي 900 كلية وجامعة مؤقتا.
وبحسب مؤرخين فإن الأحداث لعبت أيضا دورا محوريا في تحويل الرأي العام ضد الصراع في
جنوب شرق آسيا.
"الوردة البيضاء".. المقاومة
الطلابية للنظام النازي
شكل طلاب في جامعة ميونخ مجموعة مقاومة
صغيرة للنظام النازي من خلال المنشورات تحت اسم "الوردة البيضاء".
كانت المجموعة تضم الأشقاء هانز وصوفي شول،
وزملاءهما الطلاب ألكسندر شموريل، وويلي غراف، وكريستوف بروبست، وأستاذ الفلسفة وعلم
الموسيقى في جامعة ميونخ كورت هوبر، بحسب
موقع المتحف الوطني للحرب العالمية الثانية في نيو أورلينز.
ووفق المصدر ذاته، وزع الطلاب ستة بيانات
واستخدموا الكتابة على الجدران للتنديد بجرائم النازيين والنظام السياسي، ودعوا فيها
إلى مقاومة الدولة النازية، قبل أن تقطع رؤوسهم بسبب هذه المنشورات عام 1943.
بدأ الطلاب في البداية كتابة منشوراتهم
على الآلة الكاتبة، ثم طبعوها باستخدام آلة نسخ.
في البداية، وزعوها عن طريق البريد، حيث
أرسلوها إلى الأساتذة وبائعي الكتب والمؤلفين والأصدقاء وغيرهم بعد البحث في دفاتر
الهاتف عن العناوين وكتبوا كل ظرف بخط اليد.
وفي النهاية، وزعوا آلاف المنشورات، ووصلوا
إلى المنازل في جميع أنحاء ألمانيا.
كان الحصول على مثل هذه الكميات الكبيرة
من الورق والمظاريف والطوابع في وقت من التقنين الصارم دون إثارة الشكوك تحديا كبيرا،
لكن الطلاب تمكنوا من ذلك من خلال إشراك شبكة واسعة النطاق من المؤيدين في المدن والبلدات
في أقصى الشمال والجنوب.
كما أنه تم تنشيط هذه الشبكات لتوزيع المنشورات،
في محاولة لخداع النظام النازي للاعتقاد بأن "الوردة البيضاء" لديها مواقع
في جميع أنحاء البلاد.
ميلاد الحركة
الطلابية في مصر
وخلال فترة الاحتلال الإنجليزي لمصر، اهتم
مصطفى كامل بتنظيم صفوف طلبة المدارس العليا لدعم الحركة الوطنية بتأسيس "نادي المدارس العليا" عام 1905 بهدف تنمية الوعي السياسي للطلبة، وتعبئتهم ضد الاحتلال
البريطاني ضمن شباب الحزب الوطني الذي أسسه، ثم خلفه محمد فريد، بحسب مقال يؤرخ للحركة
الطلابية في مصر على موقع "البوابة نيوز".
وفي
ثورة 1919، انطلقت المظاهرات المنددة
بنفي سعد زغلول من ميدان جامعة القاهرة وسقط فيها العديد من القتلى.
كون الطلاب حينها جهاز شرطة خاصا أطلقوا
عليه "البوليس الوطني" لحماية المظاهرات من المندسين وخاصة مظاهرة النساء
الأولى التي شاركت بها طالبات مدرسة السنية، كما أنهم شكلوا "الجهاز السري" و"اليد
السوداء" وكان لكل منهما دوره في التحريك والتنظيم وتوزيع المنشورات.
وفى عام 1935 هبت مظاهرات طلابية حاشدة
من ميدان الجامعة حين صرح وزير الخارجية البريطاني في تشرين الثاني/ نوفمبر بأن الحكومة
المصرية استشارت الحكومة البريطانية بشأن عودة دستور 1923 فأبدت عدم ملاءمة ذلك، فقامت
المظاهرات بالقاهرة وبعض المدن احتجاجا على هذا التصريح.
وتسمى هذه التظاهرات بـ"واقعة كوبري
عباس" بسبب المظاهرات التي كانت قد بدأت من ساحة جامعة الملك فؤاد الأول واتجهت
إلى القاهرة من خلال كوبري عباس حيث قابلتها الشرطة حينها بالرصاص الحي فقتل بعض الطلاب.
اظهار أخبار متعلقة
وكان هذا الكوبري شاهدا على عملية قمع جديدة
من عناصر الأمن ضد مظاهرات الطلاب في شباط/ فبراير 1946 حيث خرج الطلاب من نفس الجامعة
إلى قصر عابدين للمطالبة بجلاء الإنجليز وقطع المفاوضات مع بريطانيا، "وقامت الشرطة
المصرية بفتح "كوبري عباس" بأمر من رئيس الوزراء وزير الداخلية محمود فهمي
النقراشي عندما كان يمر من فوقه الطلبة، وأدى ذلك إلى تساقطهم في نهر النيل ووفاتهم
غرقًا وإلقاء القبض على من نجا منهم.
واندلعت المظاهرات فى الإسكندرية والزقازيق
والمنصورة وأسيوط احتجاجا على مأساة كوبرى عباس وتضامن أعضاء هيئة التدريس بالجامعة
مع الطلاب، وقد تضامنت معهم اتحادات خريجي الجامعة وخريجي الأزهر وتقرر أن يكون يوم
الخميس 21 شباط/ فبراير "يوم الجلاء".
وفي نفس الشهر خرجت من الأزهر مظاهرة هائلة
شاركت فيها الجماهير اتجهت إلى ميدان الأوبرا حيث عقد مؤتمر شعبي اتخذ قرارات بالتمسك
بالجلاء عن وادي النيل، وتحرير مصر والسودان، ثم زحفت المظاهرة الكبرى بعد انتهاء المؤتمر
إلى ميدان قصر النيل وميدان الإسماعيلية "التحرير الآن"، وتم اعتماد ذلك
اليوم ليصبح اليوم العالمي للطالب المصري.