نشر موقع "
ستراتفور" تقريرًا، ذكر فيه أن
الضربات الجوية الإسرائيلية في
اليمن لن تردع هجمات
الحوثيين المستقبلية، لكن
التنسيق الإقليمي قد يقلل من مخاطرها، وأشار إلى أن الحوثيين أطلقوا أكثر من 220
طائرة وصاروخا نحو إسرائيل منذ أكتوبر 2023، ومعظمها تم اعتراضها، مضيفا أن "إسرائيل
تركز حاليًا على التهديدات من حزب الله وإيران".
وقال الموقع، في التقرير الذي ترجمته
"
عربي21"، إنه من غير المرجح أن تردع الضربات الجوية الإسرائيلية في
اليمن الضربات الحوثية في المستقبل، لكن زيادة التنسيق الإقليمي قد يخفف من
مخاطرها، لكن الضربات الحوثية الناجحة في المستقبل يمكن أن تجر إسرائيل بشكل مطرد
إلى حملة أكثر استدامة في اليمن.
في 20 تموز/ يوليو، قصفت الطائرات الإسرائيلية ميناء
الحديدة الخاضع لسيطرة الحوثيين في اليمن، ما أدى إلى تدمير خزانات الوقود ومقتل
ستة أشخاص على الأقل، ما يجعلها واحدة من أبعد عمليات سلاح الجو الإسرائيلي في
التاريخ الحديث؛ حيث كانت على مدى 1100 ميل من إسرائيل، وقالت القوات الجوية إنها
تعمدت استهداف ميناء مزدوج الاستخدام، مستهدفة منشآت عسكرية، لتوجيه رسالة
اقتصادية وعسكرية للحوثيين ردًا على هجوم بطائرة مسيرة على تل أبيب في 19
تموز/ يوليو، أسفر عن مقتل شخص واحد، كما قالت القوات الجوية الإسرائيلية إنها تستعد
لانتقام الحوثيين الذي تعهدت الجماعة بتنفيذه ردًا على غارات الحديدة.
اظهار أخبار متعلقة
وكشف التحقيق الأولي الذي أجراه سلاح الجو
الإسرائيلي في الهجوم الحوثي في 19 تموز/ يوليو، أن الطائرة المسيرة عبرت فوق
إريتريا والسودان ومصر قبل وصولها قبالة السواحل الإسرائيلية؛ حيث لم يرفع مشغلو
الرادار التهديد بشكل صحيح؛ لأنهم كانوا يرصدون تهديدًا آخر قادمًا من العراق.
ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع
غزة، أطلق
الحوثيون أكثر من 220 طائرة مسيرة وصاروخًا باتجاه إسرائيل، لكن الولايات المتحدة
والمملكة المتحدة وإسرائيل اعترضت معظم تلك الهجمات، ولطالما هددت إسرائيل بضرب
اليمن بمجرد حصول الحوثيين على صواريخ بعيدة المدى قادرة على الوصول إلى أهداف
إسرائيلية.
تنسيق مع مصر والسعودية
وأشار الموقع إلى أن الحوثيين سيحاولون مهاجمة
إسرائيل مرة أخرى، إلا أنهم قد يواجهون تنسيقًا إقليميًا في مجال الدفاع الجوي من
مصر والسعودية، وتركيزًا إسرائيليًا معززًا وقيودًا تقنية في مجال الدفاع الجوي
على اليمن، وفي 21 تموز/ يوليو، أطلق الحوثيون صاروخًا آخر باتجاه إسرائيل كجزء من
ردهم على هجوم 20 تموز/ يوليو، وأسقطه الجيش الإسرائيلي جنوب مدينة إيلات على البحر
الأحمر.
وتدعو الأيديولوجية السياسية للحوثيين إلى الصراع مع
إسرائيل، كما أن الضربات الإسرائيلية على الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون تمكّن
الجماعة من تقديم نفسها كضحية للعدوان الإسرائيلي، ورغم الآثار الاقتصادية
المباشرة للضربات على احتياطيات الحوثيين المحدودة من الوقود والبنية التحتية، فإن
هجمات الحوثيين قد تحسن أيضًا من التنسيق المحتمل بين شركاء إسرائيل الإقليميين -بما في ذلك مصر والولايات المتحدة والسعودية- لتعقب واعتراض ضربات الحوثيين، ما
قد يحد من مخاطر نجاح ضربة ناجحة أخرى.
ولا يزال من غير الواضح كيف تمكنت الطائرة المسيرة
التي ضربت تل أبيب من عبور مصر دون أن يعترضها الجيش المصري؛ حيث إن لمصر مصلحة
راسخة في الدفاع عن مجالها الجوي من جميع الطائرات الأجنبية، بما في ذلك صواريخ
الحوثيين والطائرات المسيرة، وهذا الفشل يجعل من المرجح أن تتخذ القاهرة موقفًا
أكثر نشاطًا لاعتراض المقذوفات التي قد تستخدم هذا المسار مرة أخرى.
وفي الوقت الذي نأت فيه السعودية بنفسها عن الضربات
على الحديدة، قالت أيضًا إنها لن تتسامح مع انتهاكات مجالها الجوي.
وزعم الجيش الإسرائيلي أن الهجوم الذي وقع في 19
تموز/ يوليو كان ناجحًا جزئيًا؛ لأن مشغلي الرادار فشلوا في تحديد الهدف، وسط تهديد
منفصل من العراق، وقال الجيش إنه سينشر المزيد من المشغلين لتصنيف التهديدات بشكل
صحيح.
اظهار أخبار متعلقة
وأفاد الموقع بأن رد إسرائيل قد يكون كافيًا على
مستوى الأهداف المحلية على المدى القريب؛ حيث تُعد لبنان وسوريا والعراق وإيران
باعتبارها تهديدات أكثر إلحاحًا، ولم تقترح الحكومة الإسرائيلية شن حملة مفتوحة ضد
الحوثيين، يرجع ذلك جزئيًا إلى أن حملة أطول من شأنها أن تشغل الطائرات والطيارين
اللازمين لمهام محتملة ضد أهداف أخرى بعيدة المدى.
في الوقت نفسه، تعطي إسرائيل الأولوية للتصعيد
المحتمل ضد حزب الله في لبنان، وقد أشارت التقييمات الأخيرة إلى أن مثل هذه الحملة
قد لا تتطلب موارد كبيرة من سلاح الجو فحسب، بل قد تؤدي إلى خسارة الطائرات
الإسرائيلية؛ نظراً لقدرات حزب الله المضادة للطائرات. لذلك لا تملك إسرائيل حافزًا
لتخصيص موارد لحملة ضد الحوثيين قد لا تؤدي إلى تأثير كبير.
وتضرب القوات الأمريكية والبريطانية الحوثيين منذ
كانون الثاني/ يناير 2024، ولكن رغم أن هذه الضربات ألحقت أضرارًا بالبنية التحتية
العسكرية للحوثيين، لكنها لم تنه قدرة الحوثيين التقنية وإرادتهم السياسية على
مواصلة هذه الحملة. وقد شنّت القوات الجوية السعودية حملة جوية طويلة ضد الحوثيين
منذ سنة 2015، وفشلت هي أيضًا في إنهاء الضربات الحوثية على السعودية.
دورة إقليمية من الهجمات المتبادلة
ولا تزال إسرائيل مستعدة لتصعيد محتمل ضد حزب الله
في لبنان، في الوقت الذي تشن فيه الجماعة المسلحة هجمات صاروخية وقذائف على أهداف
في جميع أنحاء شمال إسرائيل، وقد ينطوي هذا التصعيد على غارات برية، الأمر الذي
سيتطلب زيادة الوتيرة الحالية لطلعات سلاح الجو الإسرائيلي بشكل كبير.
وأكد الموقع أنه إذا نجح الحوثيون في ضرب إسرائيل
مرة أخرى، فقد تنشأ دورة إقليمية من الهجمات المتبادلة، أما على المدى الطويل،
فسيكون هناك خطر متزايد من وقوع هجمات حوثية مماثلة لضربة 19 تموز/ يوليو كجزء من
التصعيد الذي أعلنته الجماعة مؤخرًا؛ حيث قد يحاول الحوثيون مهاجمة حقول ومنشآت النفط
والغاز الإسرائيلية، من بين بنى تحتية أخرى.
كما يمكن أن يزيد وكلاء إيران الآخرون من التنسيق مع
الحوثيين بشأن الهجمات الصاروخية وهجمات الطائرات المسيرة المصممة؛ لإرباك الدفاعات
الإسرائيلية، وزيادة احتمال نجاح الهجوم، ولكن رغم هذا التنسيق المحتمل، فإن القيود
الجغرافية ستجعل من الصعب على الهجمات المتبادلة بين الحوثيين وإسرائيل أن تصل إلى
كثافة الحملة الإسرائيلية في سوريا أو الصراع مع حزب الله. لذلك، من المرجح أن
تحدّ إسرائيل من حملة في اليمن حتى في مواجهة ضربة حوثية ناجحة أخرى.
في الأسابيع القليلة الماضية، نسَّق الحوثيون بشكل
وثيق مع مليشيا كتائب حزب الله العراقية الموالية لإيران، وأعلنوا عن عدة هجمات
مشتركة ضد إسرائيل، وعلى الرغم من أن هذه الهجمات كانت غير فعالة، فإن تنسيق
الحوثيين المستقبلي مع مجموعات أخرى قد يؤدي إلى هجوم ناجح ضد إسرائيل.
واختتم الموقع التقرير بالقول إن الحوثيين يُعدون إحدى أكثر الجهات المسلحة الموالية لإيران استقلالية في المنطقة؛ حيث تتلقى
المجموعة إمداداتها الرئيسية من طهران، لكنها تتخذ إلى حد كبير قراراتها وحساباتها
السياسية بنفسها.