لم تكن
الاحتجاجات الطلابية التي اجتاحت
بنغلادش وخلفت أكثر من مئة قتيل والمئات من الإصابات وليدة نظام
المحاصصة في الوظائف الحكومية فقط٬ ولكن نار تحت الرماد كانت تشتعل من سنوات ضد نظام
الشيخة حسينة واجد٬ رئيسة وزراء بنغلادش لخمس فترات.
بدأت الاحتجاجات في الدولة التي يبلغ عدد مواطنيها نحو 170 مليون نسمة٬ ويمثل الشباب الذي يعاني من معدلات مرتفعة من البطالة خمس عدد المواطنين٬ اعتراضا على نظام الحصص الذي يخصص أكثر من نصف وظائف الخدمة المدنية والحكومة لمجموعات محددة، بينها أولاد المحاربين القدامى الذين شاركوا في حرب الانفصال عن باكستان عام 1971.
ورغم تراجع المحكمة العليا بتقليص نظام الحصص في الوظائف العامة بعد الاضطرابات التي أوقعت 151 قتيلا٬ إلا أن الطلاب أعلنوا استمرارهم في التظاهر حتى تصدر الحكومة أمرا قانونيا يعكس مطالبنا والإفراج عن كل المعتقلين في المظاهرات٬ واستقالة المسؤولين الذين أمروا بإطلاق النار على المحتجين.
البداية من الجامعة
في الخامس من حزيران/ يونيو الماضي٬اندلعت مظاهرات عندما أمرت المحكمة العليا بإعادة حصة الـ30 ٪لأحفاد المحاربين القدامى الذين شاركوا في حرب الاستقلال عن باكستان عام 1971.
لكن أعمال العنف تصاعدت بداية الأسبوع الماضي بعد تعرض الطلاب المتظاهرين لهجوم من قبل نشطاء من رابطة "تشاترا البنغلادشية"، الجناح الطلابي لحزب رابطة عوامي الذي تتزعمه رئيسة الوزراء الشيخة حسينة.
وبعد هذا الاعتداء أخذت المظاهرات شكلا آخرا من التصعيد ضد الحكومة٬ وبعد رفضهم التراجع، أمرت الحكومة الأربعاء الماضي بإغلاق جميع الجامعات التي كان يتمركز فيها الطلاب٬ لكنهم رفضوا إخلاء الحرم الجامعي وسط توتر مواجهات مع النظام.
وفي الخميس الماضي، انفجر التوتر وتحول إلى أعمال عنف مميتة، فقد اشتبك آلاف الطلاب مع الشرطة المسلحة في العاصمة دكا. ورفضوا دعوة رئيسة الوزراء التحلي بالصبر وانتظار قرار المحكمة العليا.
وقالت مصادر في الشرطة إن 11 شخصا قتلوا خلال هذه الاشتباكات بينهم سائق حافلة وطالب. وذكرت مصادر صحفية أن 39 شخصًا قتلوا حتى الجمعة الماضية، 32 منهم قتلوا في الخميس الماضي فقط.
واستمرت أعمال العنف حتى الجمعة الماضية في ظل قطع شامل للإنترنت والاتصالات. بحلول المساء، أعلنت الحكومة أنه سيتم فرض حظر التجول اعتبارًا من منتصف الليل، مما يجعل أي تجمع للمتظاهرين غير قانوني. ووفقا لمنظمات حقوقية فإن السلطات قطعت خدمات الهاتف المحمول والإنترنت لقمع الاحتجاجات.
كما أصدرت الشرطة الجمعة بيانا اتهمت فيه المتظاهرين بحرق وتخريب المباني، بما في ذلك مكاتب الشرطة والمكاتب الحكومية. وشمل ذلك المقر الرئيسي لهيئة الإذاعة والتلفزيون البنغلادشية في دكا، والذي لا يزال غير متصل بالإنترنت.
اختراق مجهول
تعرضت العديد من المواقع الرسمية في بنغلادش للاختراق من قبل مجموعة تحمل اسم "THE R3SISTANC3". وتشمل المواقع التي تم اختراقها مواقع البنك المركزي ومكتب رئيسة الوزراء والشرطة.
وعلى الموقع الإلكتروني لمكتب حسينة، ظهرت رسالة تقول: "أوقفوا قتل الطلاب"، وبعد ذلك، بأحرف كبيرة حمراء اللون: "لم يعد هذا احتجاجًا بعد الآن. إنها الحرب الآن". ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الاختراق.
ويرى المنتقدون أن هذه القوانين تصب في مصلحة أولاد المؤيدين للشيخة حسينة البالغة 76 عاما وتحكم البلاد منذ عام 2009 وفازت بانتخاباتها الرابعة تواليا في كانون الثاني/يناير في غياب أي معارضة حقيقية.
كما يؤدي هذا القانون إلى غياب الكفاءات عن المناصب القيادية والعليا في الدولة التي يعاني سكانها من البطالة والفقر المدقع٬ في بلد يوجد فيه ما يقرب من 32 مليون شاب عاطلين عن العمل أو لا يتعلمون، من إجمالي عدد السكان.
نظام الحصص الوظيفية
ويحتفظ نظام الحصص في بنغلادش بأكثر من نصف وظائف الخدمة المدنية ذات الأجور الجيدة، والتي يبلغ مجموعها مئات الآلاف من الوظائف الحكومية، لمجموعات محددة، بما في ذلك أطفال المقاتلين في حرب استقلال البلاد عن باكستان عام 1971.
ونظام الحصص معمول به منذ عام 1972 وألغته حسينة في عام 2018 نتيجة لاحتجاجات الطلاب قبل أن تعيده المحكمة في يونيو/حزيران.
اظهار أخبار متعلقة
ويقول الطلاب إن الوظائف المخصصة للمحاربين القدامى تفيد مجموعة صغيرة من الأشخاص المنتسبين إلى رابطة عوامي، التي قادت حركة الاستقلال.
وتتفشى البطالة في بنغلادش، حيث لا يعمل 40% من الشباب ولا يدرسون في الجامعة.
وعلقت المحكمة العليا إعادة المحكمة العليا للحصص بعد استئناف الحكومة. وحددت يوم 7 اب/أغسطس القادم موعدًا لسماع طعن الحكومة على حكم المحكمة العليا.
وتقول حكومة حسينة إنها تتفق مع الطلاب على إلغاء الحصص، وهو موقف من المتوقع أن تكرره أمام المحكمة العليا. لكن الطلاب المحتجين يطالبون بتعديل قانوني ضد الحصص. يقولون إنهم لا يثقون بالحكومة.