شدد المحامي جوناثان كتاب، على ضرورة إشراك حركة المقاومة الإسلامية "
حماس" في "عملية السلام"، مشيرا إلى أن تجاهل التفاوض مع حماس أدى إلى تفاقم الأزمة في قطاع
غزة.
وقال الكاتب، في مقال نشره بموقع "
موندويس" وترجمته "عربي 21"، إنه "حتى قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر كان الحظر المفروض على التفاوض مع حماس يسمح للعالم بتجاهل الأزمة المتفاقمة في غزة وشعبها إلى أن انفجرت في وجوههم. مع ذلك، من المعروف أنك لا تصنع السلام مع أصدقائك بل مع أعدائك".
وأضاف أنه "عندما وقعت أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر، سارعت إسرائيل إلى استخدام سلاح شيطنة حماس - التي أعلنتها إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية بالفعل جماعة إرهابية - لتبرير جميع أفعالها في غزة. وقد تم تعزيز ذلك من خلال العديد من الروايات الكاذبة عن الأطفال المذبوحين والأمهات الحوامل المحترقات والجثث المشوهة جنسيًا وعمليات الاغتصاب الجماعي، التي لم يثبت أي منها. وكل نقاش عام حول الحرب كان يجب أن يبدأ بالسؤال التالي هل تدينون حماس؟، وإذا فشلت في القيام بذلك أو إذا فشلت في التصريح بأن أفعالهم "همجية" بالسرعة الكافية فإنك تتعرض للهجوم الشخصي وتلتصق بك تهمة معاداة السامية".
ولفت الكاتب إلى أن "أي محاولة لاكتشاف ما حدث في ذلك اليوم المشؤوم بموضوعية كانت تُقارن بإنكار الهولوكوست. لقد مارست حماس بالتأكيد عنفًا كبيرًا ضد المدنيين، ولكن يجب أن نعترف بأن صحيفة هآرتس الإسرائيلية الرائدة اعترفت أخيرًا هذا الأسبوع فقط باستخدام إسرائيل لتوجيهات حنبعل على نطاق واسع: قتل مواطنيها لمنع أسرهم. لقد كان الهدف المعلن هو القضاء على حماس، وليس فقط هزيمة أو تحييد قوتها القتالية. وأصبح هذا هو الهدف، وأصبح هذا هو المبرر ليس فقط لتدمير غزة - مستشفياتها، وجامعاتها، وأسواقها، ومجمعاتها السكنية، وبنيتها التحتية - وإنما أيضا لعمليات التهجير المتكرر للسكان على نطاق واسع سعيًا لتحقيق هذا الهدف المستحيل".
اظهار أخبار متعلقة
وذكر الكاتب أنه "ليس مؤيدا لحماس ويختلف معها في العديد من الأمور"، إلا أنه يشدد على أنه "لا يوجد طريق للسلام لا يشمل حماس، وكذلك بعض المنظمات والسياسيين اليهود والصهاينة الإسرائيليين البغيضين للغاية".
وأضاف الكاتب أن "الاعتراف بضرورة التفاوض مع حماس لا يعني بأي حال من الأحوال دعمًا لتلك المنظمة أو أهدافها أو أيديولوجيتها أو تكتيكاتها. فحماس حزب سياسي، وقد أشرفت على هيكلية الحكومة وكافة وظائفها لسنوات، بالإضافة إلى احتفاظها بقوة مقاومة مسلحة وهي كتائب القسام. وللحركة أيديولوجية رسمية، ولكنها يمكن أن تكون عملية أيضًا عندما تضطر إلى ذلك. وإذا ما سُمح لها بالدخول في مفاوضات سياسية، فسيكون عليها أن تتكيف مع هذا الواقع وتدخل في مفاوضات جادة قد تتناقض مع الكثير من مواقفها المنمقة".
وقال الكاتب إنه "كما هو الحال مع العديد من الأحزاب السياسية الأخرى، ولا سيما في إسرائيل، يمكن أن تكون عقائدها أو أيديولوجيتها أو تصريحاتها مرفوضة، ولا سيما لدى الطرف الآخر. وإذا نظرتم إلى الوثائق التأسيسية والتصريحات والأيديولوجيات والأفعال التي تقوم بها العديد من الأحزاب الإسرائيلية ستجدون أشياء مساوية أو أسوأ بكثير من حماس: هل ننظر إلى الليكود؟ القوة اليهودية؟ الحزب الديني القومي؟ ومع ذلك، فإن كلا من هذه الأحزاب تشكل الائتلاف الحكومي الحالي، وهي تملك السلطة وتتخذ إجراءات تضر بالفلسطينيين وبأي احتمالات للسلام. ولا شك أنهم سيشاركون، للأفضل أو للأسوأ، في أي قرارات حول مستقبل غزة وفلسطين، وكذلك في أي مفاوضات سلام".
وأوضح الكاتب أن "منظمة التحرير
الفلسطينية، وكذلك المؤتمر الوطني الأفريقي في جنوب أفريقيا، والجيش الجمهوري الإيرلندي، والمقاومة الجزائرية، وغيرها من حركات التحرر الأخرى، وُصفت في البداية بأنها منظمات إرهابية، وقد ارتكبت بالفعل أعمالًا إرهابية وفظائع ضد المدنيين، ولكن في نهاية المطاف، تمت دعوتهم في نهاية المطاف إلى العملية السياسية ثم عدلوا مواقفهم في وقت لاحق استجابةً للوقائع الجديدة وسبل المشاركة السياسية".
وأضاف أنه "في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات، شنّ نشطاء السلام في إسرائيل والولايات المتحدة وأماكن أخرى حملةً جادة لحثّ السياسيين على التحدث مع ياسر عرفات ومنظمة التحرير الفلسطينية. وشهدنا منظمة التحرير الفلسطينية تغيّر ميثاقها، وتنبذ العنف، وتقبل مبادئ التسوية، بل وتقبل بشروط أقل بكثير من مطالبها الأولية. وكانت هذه كلها تغييرات ظلوا مخلصين لها، حتى عندما فشل الإسرائيليون في الرد بالمثل".
اظهار أخبار متعلقة
وتساءل الكاتب عما "إذا كان هناك أي سبب يمنع بدء عملية مماثلة مع حماس"، مشيرًا إلى أن أولئك الذين يقاومون هذا النمط من التفكير هم أولئك الذين لا يرغبون في السلام أو في إنهاء الحرب. إنهم يسيطرون الآن على الرواية ويسارعون إلى مهاجمة كل من يتحدى تفكيرهم. وهم لا يزالون يحلمون بـ"النصر الكامل"، ويرفضون الحديث عن "اليوم التالي" أو استحضار سيناريوهات مستقبلية غير محتملة "لا تشمل حماس".
وبعد تسعة أشهر من القتال وعنف الإبادة الجماعية الهائل، لا تزال حماس موجودة كقوة مقاومة، ولكن بشكل أكثر فاعلية كعقيدة وأيديولوجية وحركة، مع وجود العديد من المجندين المحتملين. فهي موجودة في غزة والضفة الغربية وأماكن أخرى، ولا يمكن القضاء عليها. ومع ترسّخ هذه الحقيقة، ربما حان الوقت للنظر في كيفية وشروط جلب حماس إلى العملية السياسية والانخراط في مفاوضات من أجل مستقبل أفضل لجميع الأطراف المعنية، حسب الكاتب.
وفي الختام، شدد الكاتب على "ضرورة أن يتخذ الناشطون المهتمون بالسلام إجراءات جريئة، ربما مع المخاطرة الكبيرة بالخسارة والتضحية الشخصية، لجلب حماس إلى المعادلة. قد يكون من غير القانوني (بالتأكيد في إسرائيل) التحدث مع حماس، ولكن مثل هذا العصيان المدني ضروري إذا كنا جادين في تحقيق السلام بين اليهود الإسرائيليين والعرب الفلسطينيين. فقط من خلال كسر المحرمات وتحدي الرواية السائدة يمكننا أن نأمل دفع الأمور إلى الأمام".