كشف تحقيق استقصائي مطول، أجراه الكاتب الإسرائيلي
أمير ميزروخ في موقع "
زمن إسرائيل"، عن تفاصيل تتعلق بكيفية اختراق
عناصر حركة
حماس للسياج الحدودي مع
غزة، في أثناء تنفيذهم هجوم "طوفان
الأقصى" في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
وذكر التحقيق الذي ترجمته "
عربي21" أنه
"بعد وقت قصير من بدء حرب غزة، أصبح واضحا بشكل مؤلم أن الجيش الإسرائيلي
لديه مشكلة كبيرة مع المسيّرات، التي عطّلت السياج الحدودي المتطور مع غزة، وكلّف
مليار دولار، من خلال إسقاط قنابل تجارية رخيصة الثمن على كاميرات السياج وأبراج
الاستشعار".
وأكد أن هذه الطائرات المسيّرة تمكنت من فصل أنظمة
إطلاق النار الآلية الموضوعة على الأبراج عن البيانات المستهدفة، ومن ثم لم
تتمكن من الاستجابة، ولم يتمكن ضباط غرفة القيادة والسيطرة من الحصول على صورة
للوضع أو توجيه القوات.
وأشار إلى أنه "في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، اخترق
آلاف المسلحين الحدود، وقتلوا 1200 إسرائيليا، واختطفوا 251 آخرين إلى غزة، وشكل
هذا اليوم الأكثر دموية في تاريخ إسرائيل، والأكبر منذ المحرقة".
تنسيق رد فعّال
وتابع التحقيق قائلا: "بعد بضعة أسابيع، عندما
بدأ الجنود العمل بأعداد أكبر في غزة، ألقت طائرات حماس بدون طيار قنابل يدوية على
تجمعاتهم، وفي الشمال، اخترقت مسيرة انتحارية لحزب الله دولة
الاحتلال دون رصدها
من رادارات القبة الحديدية، واصطدمت بقواعد عسكرية، وأوقعت إصابات وأضرار للجيش".
وأشار إلى أن "الجيش الإسرائيلي المصمم للحروب
السريعة في أراضي العدو، باستخدام الطائرات المقاتلة والدبابات والمدفعية
والغواصات والصواريخ، واجه صعوبة في تنسيق رد فعال ضد أسراب الطائرات بدون طيار
الرخيصة".
وأفاد بأنه "في محاولة للتعامل مع الثغرات وتحديدها،
طوّر الجيش الإسرائيلي أداة تطبيق للهواتف الذكية، كان من المفترض استخدامها كتحذير
ضد المسيّرات في الميدان، وبعد أشهر فشلت محاولات اختبار المشروع، وتطويره في ظل
الظروف القتالية".
وذكر أن "ما حصل صبيحة السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، شكّل
مصدرا لإحباط العشرات من رواد الأعمال الإسرائيليين، المشاركين في تقنيات الدفاع،
والصناعيين والعسكريين الحاليين والسابقين، والمستثمرين من العاملين في مجالات
الأمن السيبراني، والذكاء الاصطناعي، والصحة الرقمية وعلوم الحياة، والتكنولجيا
المالية، ومعلومات الشركات".
إظهار أخبار متعلقة
وشدد التحقيق على أن كل هؤلاء يرون أن ما حصل يشكل
تحديا في اختراق صناعة الأمن الإسرائيلية، مضيفا أن "حرب غزة تحولت إلى جبهات
ساخنة عديدة في الوقت نفسه على كل حدود الدولة وخارجها، ويكاد يكون كل القتال غير
متماثل: الدبابات ضد الأنفاق، والطائرات المقاتلة ضد المسيرات".
وأوضح أن "الطلب على الابتكارات التكنولوجية
يأتي من الضباط في الميدان بوتيرة سريعة، وبكميات، رغم أن عددها سرّي، وليس واضحا
لأي مدى يستطيع المؤسسة العسكرية تزويدهم بالسرعة المطلوبة، مما يجعل الأهداف
المعلنة للحرب بالقضاء على قدرات حماس العسكرية والحكومية وإطلاق سراح المختطفين،
تبدو بعيدة المنال؛ لأن الجيش يجد نفسه في حرب طويلة وغير متكافئة ومتعددة الجبهات
لم يكن مصمّما لها، والثمن باهظ، ويستمر في الارتفاع".
ونقل عن "موشيك كوهين، رجل الأعمال التكنولوجي،
وحاصل على دكتوراة في الإلكترونيات الفيزيائية وتكنولوجيا النانو، وعمل في Intel وSamsung، أنه قبل حرب غزة لم يكن هناك مجال للشركات الناشئة الإسرائيلية
في صناعة الدفاع، لكن اليوم فإن مدرعات الجيش في غزة تعاني من التهديدات نفسها، مما
دفع وزارتي المالية والحرب لإنشاء برنامج لدعم الأفكار التكنولوجية العسكرية، ذات
الاستخدام المزدوج لإيجاد حلول عاجلة للتحديات التي يواجهها الجيش في الحرب، مثل
اعتراض الطائرات بدون طيار، إضافة قدرات الرؤية الليلية لكاميرات الهواتف
المحمولة، وشاحن USB للدبابات،
وبث الفيديو المباشر من الكلاب في الجيش".
وكشف أن "الوحدة 81 التكنولوجية في الجيش تزوده
بالبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والبيانات المراكز والخوادم واحتياجات
الحوسبة الأخرى، أنشأت وحدة لاستقطاب أفراد التكنولوجيا الموهوبين لتطوير
التعليمات البرمجية والتطبيقات لتلبية احتياجات الجيش، وسميت الوحدة
"السابعة"، نسبة ليوم السابع من أكتوبر، في إشارة لحاجة الجيش لسدّ
الفجوة الناشئة لديه، رغم قيود البيروقراطية الصارمة التي قد تخنق الدولة بأكملها".
حل قائم على الذكاء الاصطناعي
وأوضح أن "العمل جار لتطوير حل قائم على
الذكاء الاصطناعي ضد المسيّرات المعادية، عقب تغير قواعد اللعبة، عقب ما رآه
الجميع بما فعلته قذائف آر بي جي بـ300 دولار، ومسيّرة بـ5000 دولار، بالسياج
الإسرائيلي الذي تبلغ قيمته مليار دولار، ودبابات بقيمة خمسة ملايين دولار، حين
اخترقت حدودنا بشكل علني يوميّا".
وأضاف أنه "حين دخلت قوات الجيش إلى غزة، فقد
كانت دون الحصول على معلومات كاملة، وشكلت شبكة الأنفاق الممتدة تحت الأرض مثالا آخر، عقب قيام حماس بتغطية فتحات أنفاقها بالرمال والمواد الأخرى، وتخفي وجودها عن
وسائل جمع المعلومات الاستخبارية البصرية، رغم حاجة الأنفاق لبنية تحتية يمكنها
ترك علامات تدل عليها، مثل فتحات التهوية ومصارف المياه وخطوط الكهرباء".
وأشار إلى أن "إيجاد حلول تكنولوجية للتحديات التي
تواجه الجيش يتطلب الحصول على تطبيقات في المواد الجديدة، والأجهزة، والطاقة،
والليزر، والترددات الراديوية، ونظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، والملاحة والتشويش، والروبوتات، وأنظمة
الذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا الحيوية، والنانو، والفضاء، وناقلات الجنود
المدرعة والجرافات، والتدابير المضادة للمسيّرات، ومعدات الحرب الإلكترونية
المتنقلة، والتعرف على الوجه عبر الهاتف باستخدام الذكاء الاصطناعي، وتحليل أجهزة
الاستشعار، ومشاهد البنادق الذكية، والكثير من الروبوتات".
إيلي فريدمان، نائب رئيس الابتكار في شركة الدفاع
العملاقة "إلبيت سيستمز" ذكر أن "ما حصل يوم السابع من أكتوبر،
وشهور الحرب في غزة، أكد أن الاحتلال يخوض حربا غير متكافئة، حيث يمكن لأسراب من
المسيّرات الرخيصة تعطيل أنظمة كبيرة ومكلفة يصعب تمويهها، مثل الدبابات والأنظمة
المضادة للصواريخ، ولذلك فلم يكن جيش الاحتلال مستعدا بشكل مناسب لهذه الحرب غير
المتكافئة تماما".
إظهار أخبار متعلقة
وكشف أنه "عندما تبين أن التهديد الذي تشكله
تلك المسيّرات كان أسوأ من المتوقع، عقدت شركة Elbit شراكة مع شركات ناشئة في مجال السيارات
لتحويل تقنيات الكاميرا، وأجهزة الاستشعار والرادار والذكاء الاصطناعي الخاصة بها
إلى قدرات غير مكلفة وواسعة النطاق يحتاجها جيش الاحتلال، وقد أثبت العمل مع
الشركات الناشئة في قطاع التكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج نفسه في ساحة المعركة".
لعل الاستنتاج الأهم من هذه القراءة الإسرائيلية
للخسائر التكنولوجية، التي مُني بها جيش الاحتلال، أنها تضاف إلى باقي الأثمان التي
دفعها في عدوانه على غزة، فقد قُتل أكثر من 640 جنديا، وأصيب عدة آلاف جسديا ونفسيا، كما أن شرعية دولة الاحتلال الدولية أصبحت موضع شك، وحلفاؤها يشعرون
بالإحباط، مع محاولات إصدار أوامر اعتقال ضد قادتها بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وسط
شلل سياسي فادح لحكومتها.