سلط موقع "
نيوز
ري" الروسي الضوء على إعلان ثلاث دول في غرب
أفريقيا بوركينا فاسو ومالي
والنيجر في السادس من تموز/يوليو إنشاء
اتحاد كونفدرالي تحت اسم تحالف دول الساحل.
كيف تم إنشاء اتحاد
الساحل؟
وقال الموقع، في
تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن هذا الاتفاق كان نتيجة المناقشات التي
جرت في عاصمة النيجر، نيامي، في القمة الأولى لتحالف دول الساحل، التي شارك فيها
زعماء الدول الثلاث الموقّعة على الاتفاق - إبراهيم تراوري ووأسيمي غويتا وعبد
الرحمن تشياني.
وذكر أن هؤلاء القادة
اتخذوا قرار إنشاء التحالف في أيلول/ سبتمبر 2023 ووقّعوا على الميثاق المعني.
والغرض من التوحيد، حسب رئيس مالي المؤقت أسيمي غويتا، هو إنشاء نظام للدفاع
الجماعي وآلية للمساعدة المتبادلة بين الدول.
اظهار أخبار متعلقة
وحسب وزير الدفاع
المالي عبد الله ديوب، فإن التحالف سيكون عبارةً عن مزيج من الجهود العسكرية
والاقتصادية للدول الثلاث، مشددا على أن "أولويتنا هي مكافحة الإرهاب في
الدول الثلاث"، وهو ما دفع إلى إنشاء قوات مشتركة لأعضاء التحالف لمكافحة
الجماعات الإرهابية.
وأفاد الموقع بأن
موسكو لعبت دورًا مهمًا في التوقيع على ميثاق إنشاء التحالف. وقد أجرى وفد وزارة
الدفاع الروسية برئاسة نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكوروف مفاوضات مع ممثلي
ثلاث دول أفريقية نوقش خلالها التعاون العسكري التقني بين هذه الدول وروسيا.
ماذا يعني التحالف
بالنسبة لروسيا؟
حسب عضو
"الدوما" سيرجي ألتوخوف فإن إعلان اتحاد كونفدرالي لدول الساحل في أفريقيا سيبسّط مهمة الفيلق الأفريقي التابع لوزارة الدفاع الروسية لتحقيق
الاستقرار في المنطقة. ووفقًا له، فإن
روسيا بفضل دعم هذه البلدان، سوف تتمكن من
الوصول إلى مواردها المعدنية. وأشار ألتوخوف إلى أن رواسب الذهب في مالي وبوركينا
فاسو يمكن أن تصبح مصدرا إضافيا لتمويل الإنفاق العسكري الروسي. وستكون احتياطيات
اليورانيوم الكبيرة في النيجر بدورها قادرة على تلبية جزء من احتياجات الطاقة
النووية الروسية.
تعلّق الخبيرة
السياسية ناتاليا ناروتشنيتسكايا آمالا على آفاق العلاقات بين روسيا والاتحاد
الأفريقي الجديد. وتقول في هذا الصدد: "إن نفوذ روسيا في المنطقة سوف ينمو،
خاصة إذا استثمرت في الدول المحتاجة إلى إنشاء بنية تحتية لتعزيز النشاط
الاقتصادي، وعندها سيكون العائد على الاستثمار جديًا. ولكن حتى في غياب ذلك، تعرب
الدول الأفريقية بشكل علني عن تعاطفها مع روسيا".
ما نوع السياسة
الخارجية التي سيتبعها اتحاد الساحل؟
في كانون الثاني/
يناير 2024، انسحبت بوركينا فاسو ومالي والنيجر من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس). وقد سبق ذلك أزمة طويلة في العلاقات بين حكومات الولايات وهذه
المنظمة. وحاولت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، التي تتعامل مع مجموعة
واسعة من القضايا بعد الانقلاب في النيجر سنة 2023 تنظيم تدخل في البلاد بدعم من
فرنسا.
مع ذلك، لم يكن من
الممكن تحقيق هذه الخطط، بحيث فرضت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا حصارا
اقتصاديا على نيامي استمر حتى شباط/ فبراير 2024. وأعلن رئيس مجموعة دول غرب
إفريقيا "إيكواس"، عمر علي توري رفع العقوبات "لأسباب
إنسانية". مع ذلك، ليس لدى النيجر أي خطط للعودة إلى المنظمة.
من جانبها، كتبت
الخبيرة الاقتصادية والنائب السابقة لمجلس الدوما إيلينا بانينا على قناتها على
موقع التليغرام أنه يمكن للتحالف تكثيف التعاون مع دول المنطقة، التي هي أيضًا
أعضاء في المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، ولا سيما مع بنين. وأضافت بانينا
أن "الدول الثلاث غير ساحلية، مما يحد من تجارتها. هناك فرصة كبيرة لتنضم
بنين أيضًا إلى تحالف دول الساحل".
وذكّرت بانينا بأن
النيجر أطلقت في كانون الثاني/ يناير 2024 تصدير أولى براميل النفط الخام عبر خط
أنابيب في بنين بتمويل من شركة بتروتشاينا الصينية. ويربط خط الأنابيب حقل أجاديم
في النيجر بميناء كوتونو، العاصمة المالية لبنين وأكبر مدنها.
ماذا يعني التحالف
بالنسبة لأفريقيا؟
حسب نائب مجلس الدوما
ألكسندر تولماشيف فإن هذا المسار خطيرٌ للغاية ويمكن أن يؤدّي في حال تطورت
الأحداث بشكل سلبي إلى انقسام الوحدة الأفريقية واندلاع صراعات واضطرابات كبيرة في
المنطقة. ولكن هناك طريقة أخرى وهي إنشاء اتحاد تكاملي كبير يمكن أن يصبح مركزًا
جديدًا لعالم متعدد الأقطاب.
اظهار أخبار متعلقة
وحسب تولماشيف، فإن
تجسيد فكرة الكونفدرالية هو استمرار لسلسلة الثورات والاضطرابات التي شهدتها
أفريقيا خلال السنوات القليلة الماضية، مشيرًا إلى أن القوى الاستعمارية السابقة
تفقد نفوذها في المنطقة بينما تكتسب قُوى جديدة نفوذها. وأوضح أن الدول الأفريقية
تحاول تحسين مواقعها الدولية، خاصة تلك التي وصل قادتها إلى السلطة عبر وسائل
ثورية.
ويتبنى سيرجي
إليدينوف، وهو ضابط عسكري روسي متقاعد ومحلل مستقل متخصص في القضايا الأمنية في
أفريقيا رأيًا مختلفًا معتبرا أن الدول الأفريقية تحاول بهذه الطريقة التغلب على
عواقب الحقبة الاستعمارية. وقال إليدينوف: "هذا حدث صنع حقبة جديدة. هذه
عملية تكامل في البلدان التي تسعى للحفاظ على سيادتها. هذه هي الفكرة الأصلية
للآباء المؤسسين للوحدة الأفريقية – إنشاء الولايات المتحدة الأفريقية وكذلك
استعادة العدالة التاريخية، لأن الاستعمار دمّر الصورة السياسية التي كانت موجودة
في القارة بالكامل".
كيف سيؤثر إنشاء
التحالف على موقف فرنسا في غرب أفريقيا؟
قالت ناروتشنيتسكايا:
"تفقد باريس نفوذها بسرعة في المنطقة. الحزام الفرنسي في أفريقيا ينفجر. نشهد
تحرير الدول من التبعية الاستعمارية الجديدة، والتي تمثلت في السيطرة السياسية
وفرض تسعيرتها، والتي من خلالها زودت الدول الأفريقية فرنسا بمواردها مقابل أجر
زهيد".
وفي ختام التقرير،
ذكرت ناروتشنيتسكايا أن التداعيات سواء الاقتصادية أو المتعلقة بالسمعة المترتبة
عن القرار الذي اتخذته البلدان الأفريقية بالنسبة للزعيم الفرنسي وفرنسا وخيمة، إذ
لم يعد العديد من الخبراء الدوليين يعتبرون باريس عاملاً مهمًا في العلاقات
الدولية، وهو أمر غير مألوف.