قضايا وآراء

من معركة إلى قتال: تغيير في سياسة إسرائيل ضد غزة

ياسر مناع
"تصبح العمليات العسكرية والقصف الجوي جزءا من الروتين اليومي"- جيتي
"تصبح العمليات العسكرية والقصف الجوي جزءا من الروتين اليومي"- جيتي
في سياق عمليات الإبادة المستمرة على قطاع غزة، أعلنت إسرائيل عن دخول حربها المرحلة الثالثة، وإن كان هذا الإعلان ليس بجديد، حيث أُعلن عنه في مطلع العام الجاري، إلا أنه يعكس تحولا نوعيا في النهج العملياتي العسكري الإسرائيلي. ويمثل تغيرا في كيفية تعامل إسرائيل مع الوضع في غزة، حيث الانتقال من معركة (ملحماة /מלחמה) إلى قتال (لِحماه/ ליחמה). يهدف هذا المقال إلى استعراض هذا التحول وتحليل تداعياته على الوضع في قطاع غزة.

من الحرب إلى القتال: ماذا يعني هذا لإسرائيل؟

في السياق الإسرائيلي، تشير "الحرب" إلى إبقاء قوات الاحتياط والقوات النظامية وتفعيل الاستعدادات العسكرية بشكل كامل، وتأمين المدن والمستوطنات بشكل أوسع، وغيرها الكثير من المظاهر. بالمقابل، القتال يعكس استراتيجية أكثر مرونة وتركيزا على العمليات المحددة والردود العسكرية المتناسبة مع التهديدات المحددة، مع الحفاظ على القدرة على التصدي للتحديات الأمنية، دون التسبب في تدمير واسع النطاق -إن بقي شيء يدمر في غزة-، مما يسمح بالاستمرار في العمليات اليومية للحياة المدنية بدرجة أكبر من الشكل الحالي.

تأثير التحول على قطاع غزة
التحول من المعركة إلى القتال، يعني أن قطاع غزة سيدخل في حالة حرب مستمرة قد تمتد لسنوات، إذا لم يتم التوصل إلى وقف إطلاق نار. هذه الحالة المستدامة من العنف تهدف إلى تطبيع الحرب، مما يغير شكل الحياة اليومية الحالية لسكان غزة.

التحول من المعركة إلى القتال، يعني أن قطاع غزة سيدخل في حالة حرب مستمرة قد تمتد لسنوات، إذا لم يتم التوصل إلى وقف إطلاق نار. هذه الحالة المستدامة من العنف تهدف إلى تطبيع الحرب، مما يغير شكل الحياة اليومية الحالية لسكان غزة، الذين يرزحون تحت ضغوط هائلة، سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية.

الحياة تحت الظل العسكري

تطبيع الحرب يمثل استراتيجية تسعى إسرائيل لجعل الحرب جزءا لا يتجزأ من حياة الفلسطينيين في غزة. الهدف هنا، هو جعل السكان يتعايشون مع الوضع الراهن، بحيث تصبح العمليات العسكرية والقصف الجوي جزءا من الروتين اليومي، وذات انعكاسات متعددة على المجتمع الغزي.

الضغط الداخلي واستراتيجية الإحلال

بعد فشل إسرائيل في إيجاد بديل لحكم حماس، تحاول الآن توليد ضغط داخلي من سكان غزة. هذا الضغط يأتي من خلال النزوح المتكرر للسكان وزيادة الظروف الإنسانية صعوبة، كذلك تفشي المجاعات والأمراض، في محاولة لإبراز قيادة محلية تتمتع بقبول لدى المجتمع الغزي وإسرائيل. إن زيادة الظروف المعيشية سوءا والتضييق على الموارد الأساسية مثل الماء والكهرباء؛ يهدف إلى جعل الحياة في ظل حكم حماس غير محتملة، مما يدفع السكان للبحث عن بدائل.

الطموحات الاستيطانية

 هذا الوضع قد يؤدي إلى تفاقم الأزمات الإنسانية وزيادة عدد الضحايا المدنيين. علاوة على ذلك، تراهن إسرائيل على الوقت بأنها ستنجح في توليد ضغط داخلي كافٍ لإحداث تغيير سياسي في غزة، ولكن هذا يبقى مرهونا بقوة حركة حماس، وبمدى قدرة سكان القطاع المدمر على تحمل الضغوط المستمرة.

في إطار استراتيجيتها، تسعى إسرائيل أيضا إلى الإشارة إلى ترسيخ سيطرتها على قطاع غزة، وذلك من خلال إقامة قواعد عسكرية مثل "نتساريم"، وزيادة الأصوات المطالبة بعودة الاستيطان في المنطقة. هذه الخطوات تعكس تصميما على تعزيز السيطرة، وتثبيت الوجود الإسرائيلي في قطاع غزة، وإن كان مؤقتا، مما يضيف تعقيدا إضافيا إلى الوضع القائم.

النتائج المحتملة

إذا استمرت إسرائيل في هذا النهج، فإن قطاع غزة سيبقى في حالة خراب وحرب مستدامة. هذا الوضع قد يؤدي إلى تفاقم الأزمات الإنسانية وزيادة عدد الضحايا المدنيين. علاوة على ذلك، تراهن إسرائيل على الوقت بأنها ستنجح في توليد ضغط داخلي كافٍ لإحداث تغيير سياسي في غزة، ولكن هذا يبقى مرهونا بقوة حركة حماس، وبمدى قدرة سكان القطاع المدمر على تحمل الضغوط المستمرة.

الخاتمة

في النهاية، تحول إسرائيل من المعركة إلى القتال يمثل استراتيجية جديدة، تهدف إلى الضغط على غزة مع احتمالية الدخول في مواجهات طويلة الأمد، وهذه السياسة قد تكون لها تداعيات خطيرة على الوضع الإنساني والسياسي في القطاع. يظل السؤال الأهم هو ما إذا كان هذا النهج سيؤدي إلى حل مستدام للصراع، أم إنه سيزيد من تعقيد الوضع ويعمق من معاناة السكان. في كلتا الحالتين، يبقى الأمل معقودا على التوصل إلى وقف إطلاق نار شامل، يتضمن وقف الحرب بصورة تامة، وإبرام صفقة تبادل أسرى، بالإضافة إلى إعادة الإعمار.

التعليقات (0)