يمكن لنحل العسل اكتشاف
الروائح الخفية لسرطان الرئة في المختبر، وحتى رائحة المرض الخافتة التي يمكن أن تنبعث من أنفاس المريض، بحسب تقرير للصحفية ميغان روزين، في موقع "
سيانس نيوز".
واستلهاما من قدرات الشمّ العالية لدى الحشرات، قام العلماء بربط أدمغة النحل الحي بأقطاب كهربائية، وتمرير روائح مختلفة تحت قرون استشعار الحشرات، ثم سجلوا إشارات دماغها.
وفي هذا السياق، يقول ديباجيت ساها، وهو مهندس الأعصاب في جامعة ولاية ميتشيغان في إيست لانسينغ: "من الواضح جدا، مثل النهار والليل، ما إذا كانت النحلة تستجيب لمادة كيميائية أم لا".
أثارت الروائح المختلفة أنماط نشاط دماغي يمكن التعرّف عليها، وهو نوع من البصمات العصبية للرائحة، بحسب ما أفاد به ساها وزملاؤه في 4 حزيران/ يونيو في أجهزة الاستشعار الحيوية والإلكترونيات الحيوية.
ويقول إنه في يوم من الأيام، قد يتمكن الأطباء من استخدام
نحل العسل في عيادات السرطان كأجهزة استشعار حيّة للكشف المبكر عن الأمراض.
توجد أنوف إلكترونية، وأنواع أخرى من معدات استشعار الرائحة الميكانيكية، لكنها لا تضاهي إمكانيات النحل. يقول ساها إنه عندما يتعلق الأمر بالرائحة "فإن علم الأحياء لديه هذه القدرة على التمييز بين الخلائط المتشابهة جدا، وهو ما لا تستطيع أي أجهزة استشعار هندسية أخرى القيام به".
تعتبر الرائحة جزءا مهما من كيفية تواصل العديد من أنواع الحشرات، كما تقول عالمة البيئة الكيميائية، فلورا غوزيره من المعهد الوطني الفرنسي لأبحاث التنمية المستدامة في مونبلييه. بالنسبة لهم، "إنها لغة"، كما تقول.
إنّ فكرة أن حواس الحيوان يمكن أن تشمّ نفحة من المرض ليست جديدة؛ أبلغ الأطباء عن حالة كلب من نوع بوردر كولي، وكلب دوبيرمان، شمّا سرطان الجلد لدى صاحبهما في عام 1989. وفي الآونة الأخيرة، أظهر العلماء أن الكلاب يمكنها اكتشاف حالات كوفيد-19 عن طريق شم عرق الناس.
وتقول غوزيرة، إن "الكثير من الحشرات ربما تتمتع بقدرات على اكتشاف الأمراض أيضا. على سبيل المثال، يمكن تدريب النمل على التقاط رائحة الخلايا السرطانية المزروعة في طبق المختبر. لكن حتى الآن، لم تكن قدرات النحل واضحة تماما".
اظهار أخبار متعلقة
ومن خلال التوصيل المباشر بالخلايا العصبية للحشرات، يستطيع العلماء تجاوز التدريب السلوكي. فبدلا من قضاء أسابيع من أجل تعليم الكلب الجلوس عندما يشم شيئا مريبا، على سبيل المثال، فإنه يمكن للفريق الحصول على إجابتهم مباشرة من الدماغ.
كذلك، تم تثبيت نحل العسل في مكانه باستخدام أحزمة بلاستيكية مطبوعة ثلاثية الأبعاد وبعض الشمع، بينما أجرى الباحثون جراحة في دماغ النحل، حيث قاموا بتوصيل الأسلاك بالمنطقة التي تعالج الروائح. ويقوم جهاز بإرسال نفثات من الهواء إلى قرون استشعار النحلة، مثل مندوب مبيعات يرش الروائح على طاولة العطور.
يمكن أن تحتوي كل نفخة على بيئة من الروائح المختلطة، مثل تلك التي يوفّرها الأشخاص الأصحاء. وهناك خليط آخر يحاكي رائحة أنفاس مرضى
سرطان الرئة، والتي تحتوي على روائح مميّزة لا يمكن للأنف البشري اكتشافها على الإطلاق. وباستخدام الإشارات الكهربائية المقروءة من أدمغة النحل، تمكّن الباحثون من التمييز بين نوعي التنفس الاصطناعي بنسبة 93 في المئة على الأقل من الوقت.
وفي تجربة منفصلة، جمع فريق ساها الهواء العالق فوق خلايا الرئة المزروعة في المختبر. وتمكّن النحل بنجاح من التمييز بين عينات الهواء المأخوذة بالقرب من الخلايا السليمة وتلك المجمّعة بالقرب من خلايا نوعين من السرطان: سرطان الرئة ذي الخلايا الصغيرة وسرطان الرئة ذي الخلايا غير الصغيرة.
وكشف العمل المستمر في مختبر ساها، أيضا، أن قدرة النحل على الشم تمتد إلى روائح أخرى، مثل تلك المنبعثة من مواد البيرفلوروألكيل والبولي فلورو ألكيل، المعروفة باسم PFAS، أو المواد الكيميائية الأبدية. يقول: "لقد فجر هذا ذهني بالفعل. من الصعب جدا اكتشاف PFAS في البيئة".
اظهار أخبار متعلقة
ويأمل فريق ساها، في استخدام مستشعر رائحة النحل الخاص بهم لاختبار تنفس مرضى السرطان الفعليين. ويقول إن أكبر نقاط الضعف في الجهاز هي أنه يستمر لبضع ساعات فقط قبل أن تتضاءل صحة دماغ النحل وتصبح استجاباته غير مستقرة. لكنّه يعمل بسرعة وينتج النتائج في الوقت الفعلي. يقول ساها إنه باستخدام دماغ نحلة واحدة فقط، يستطيع فريقه نظريا فحص أكثر من 100 عينة.