سلطت صحيفة
"
عروتس 7" الإسرائيلية الضوء على الجدل القائم حاليًا حول خطة وزير
المالية بتسلئيل
سموتريتش التي تهدف إلى نقل صلاحيات الإدارة المدنية المعنية
بشؤون المواطنين في
الضفة الغربية في وزارة حرب
الاحتلال، إلى إدارة جديدة تكون
تحت إمرته.
وقالت الصحيفة، في
تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الصحفي رونين بيرغمان عبّر في تقرير
له على صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن صدمته من خطة سموتريتش في الضفة
الغربية، التي كشف عنها في اجتماع لرؤساء المستوطنات والتي تهدف إلى التعامل مع
شؤون المواطنين في الضفة الغربية عن طريق إدارة مدنية بقيادة هيليل روث بدلا من
إدارة مدنية يديرها ضباط الجيش.
وأشارت الصحيفة إلى أن
هذه الخطوة من شأنها أن تؤثّر على الحجة الأساسية للوضع القانوني للمستوطنات، إذ
تنص اتفاقية جنيف على السماح لجيش المستعمر باستخدام الأراضي بشكل مؤقّت حتى نهاية
فترة الاحتلال.
ولكن هذه الخطة تفنّد
الحجة التي تبرر بها إسرائيل استمرار السيطرة على الضفة الغربية واستكمال مشروع
الاستيطان. وقد قضت المحكمة العليا أنه طالما أن "مشروع الاستيطان" تحت
رعاية الجيش، فإن حجّة الاستخدام المؤقّت تظل قائمة.
وفي سيرته الذاتية
بعنوان "على مفترقات حاسمة"، قال أول منسق للعمليّات في الأراضي بعد حرب
الأيام الستة، اللواء شلومو غزيت، عن إنشاء مكتب التنسيق في أراضي الضفة
الغربية مباشرةً بعد الحرب: "إن الفرضية الأساسية التي شكّلت سياستنا في تلك
الأيام كانت أن الحكم الإسرائيلي في الأراضي المحتلة ليس إلا مؤقتًا. كان ذلك أشبه
بتكرار ما حدث قبل عشر سنوات عقب عملية قادش. حاولنا - على الأقل في الفترة الأولى
وفي السنين الأولى - تجنّب اتخاذ خطوات تتناقض مع هذه الفرضية… بعبارة أخرى،
تصرّفت الحكومات المتعاقبة في إسرائيل كأننا "محتلون" في الضفة الغربية
وقطاع غزة وسيناء والجولان".
اظهار أخبار متعلقة
وحسب الروايات
والتعليقات العالمية بشأن هذا الموضوع فإن العالم يتحدث عن "رؤية
الدولتين" بينما إسرائيل توسّع المستوطنات، وهذه الخطوة تثبت للعالم
والإسرائيلين أنهم في الواقع محتلّون وأن هذه الأرض ليست ملكهم. ولطالما تعاملت إسرائيل
مع الضفة الغربية وقطاع غزة على أنها "مناطق محتلة"
و"إرهابية" تخضع لسيطرة الجيش الإسرائيلي.
ويرى الصحفي رونين
بيرغمان أنه لا يمكن لشعب أن يكون محتلًا على أرضه، مشيرًا إلى اقتباس من سفر
المكابين الأول (15: 33-34) الذي ورد فيه: "إنَّا لَمْ نَأْخُذْ أَرْضاً
لِغَرِيبٍ، وَلَمْ نَسْتَوْلِ عَلَى شَيْءٍ لأَجْنَبِيٍّ، وَلكِنَّهُ مِيرَاثُ
آبَائِنَا الَّذِي كَانَ أَعْدَاؤُنَا قَدِ اسْتَوْلَوْا عَلَيْهِ ظُلْماً حِيناً
مِنَ الدَّهْرِ، فَلَمَّا أَصَبْنَا الْفُرْصَةَ اسْتَرْدَدْنَا مِيرَاثَ
آبَائِنَا".
وادعى بيرغمان أن نص
اتفاقية أوسلو لم يأت على ذكر "سيادة" أو "دولة فلسطين"،
مقابل الإشارة فقط إلى تحديد الوضع النهائي للضفة الغربية في غضون خمس سنوات، وذلك
بعد مفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. وواصل بيرغمان دحض مفهوم احتلال الضفة
الغربية بحجة أن الاحتلال هو مصطلح قانوني دقيق لا ينطبق على الضفة الغربية ذلك أن
الفلسطينيين لم يكونوا أبدا أصحاب سيادة على هذه الأرض.
وذكرت الصحيفة أن 90
بالمئة من الفلسطينيين في الضفة الغربية الذين يعيشون في مناطق تخضع لإدارة
السلطة
الفلسطينية يحملون هوية أو جواز سفر من السلطة الفلسطينية، ويحصلون على تصاريح
البناء من السلطة الفلسطينية، ويرسلون أبناءهم إلى المؤسسات التعليمية التي تخضع
لإدارة السلطة الفلسطينية، ويتم علاجهم في نظام رعاية صحية تديره السلطة
الفلسطينية، ويدفعون الضرائب إلى السلطة الفلسطينية. في المقابل، فإن السيطرة
الإسرائيلية على المناطق "ج" لم تكن نابعة من الاحتلال العسكري بل من
اتفاق سياسي وقّع عليه ياسر عرفات.
وأشارت الصحيفة إلى أن
المستوطنات اليوم قائمة بموجب نفس الاتفاق حيث يقيم في مستوطنة ألكانا حوالي نصف
مليون يهودي في أراضي الضفة الغربية، بالإضافة إلى نصف مليون في أحياء القدس، وحدث
ذلك في إطار اتفاق أوسلو الثاني الذي وقّع عليه رئيس منظمة التحرير الفلسطينية
آنذاك ياسر عرفات والرئيس الأمريكي بيل كلينتون.
ولفتت إلى أن التوقيع
على اتفاق أوسلو الثاني تم في البيت الأبيض تحت رعاية الرئيس كلينتون وبحضور
الرئيس المصري مبارك والملك حسين. وقد نص الاتفاق على أن الضفة الغربية ستقسم إلى
ثلاث فئات: مناطق "إيه" تحت إدارة السلطة الفلسطينية، ومناطق
"سي" تحت إدارة دولة إسرائيل، ومناطق "بي" تكون تحت مسؤولية
مشتركة. وتبقى هذه الحالة حتى الاتفاق النهائي، مع منح الفلسطينيين أراضي إضافية -
وليس كل الأرض.
وأوردت الصحيفة أن
الفلسطينيين لديهم استقلالية حتى من دون إنشاء دولة. وهذا يعني أنه إذا كانت
المناطق "إيه" مشروعة فإن المناطق "سي" أيضا مشروعة. وإذا لم
تكن مشروعة فالمناطق المماثلة غير مشروعة أيضًا، وعندها تكون السلطة الفلسطينية
بكاملها غير مشروعة.
وأوضحت أن هذه المنطقة
الفلسطينية ليست متصلة جغرافيا بل مقسمة إلى كتل متفاوتة المساحة حفاظًا على أمن
إسرائيل. وغياب الاتصال الفلسطيني هو الذي يمنع تحويل أراضي الضفة الغربية إلى غزة
ثانية مثلما هو الحال في قطاع غزة، ويحول دون إطلاق الصواريخ من جنين وقذائف
الهاون من قلقيلية على كفار سابا.
وأشارت الصحيفة إلى أن
الوقت قد حان لتغيير طبيعة الإعلام الإسرائيلي، من الدفاع إلى الهجوم. في كل نقاش
دولي، وخاصة في لاهاي، يجب وضع الحقوق التاريخية في مقدمة الحجج الإسرائيلية، ويجب
أن يركز الإعلام الإسرائيلي على موضوع الحقوق التاريخية للشعب اليهودي في الضفة
الغربية في الخمسين سنة القادمة.