ما زالت الانتكاسة العسكرية التي مُني بها
جيش
الاحتلال في
غزة تلقي بثقلها السلبي على وضع الدولة الاستراتيجي والسياسي هذه الأيام،
وذلك بعد أن انتهت المعركة من الناحية العملية في غزة، ولم يعد لدى الجيش أهداف قابلة
للتحقيق، تبرر التكلفة الباهظة في أرواح الجنود الذين سيتعرضون للقتل في القطاع من
القنابل الجانبية أو نيران الكمائن التي ستخرج من الأنفاق.
دان سيغير الزميل بمعهد ليونارد ديفيس للعلاقات
الدولية في الجامعة العبرية، مؤلف كتاب "ديمونا والردع النووي الإسرائيلي"،
قال إن "حكومتنا خسرت الجبهة الشمالية، وقبلها الجبهة الجنوبية، ولمن يحب التاريخ
من الإسرائيليين أذكرهم بمخاطبة السيناتور الجمهوري جورج إيكين للرئيس ليندون جونسون
في تشرين الأول/ أكتوبر 1966 خلال
حرب فيتنام بقوله: "أعلن أن الولايات المتحدة
انتصرت في الحرب، وابدأ بالانسحاب من هناك".
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف في مقال نشره موقع "
زمن إسرائيل"،
وترجمته "عربي21" أن "ما يبرر مثل هذه الدعوة بوقف الحرب، والانسحاب
من غزة، أن جنودنا يقتلون في رمال غزة وأنفاقها في معارك مع مقاتلي حماس دون أهداف
حربية ذات أهمية استراتيجية لمستقبل الصراع مع الفلسطينيين، ولذلك أعود وأكرر ذات الطلب
الأمريكي السابق باقتراح شبيه أوجهه لرئيس الحكومة نتنياهو الذي فشل في الأشهر الثمانية
الماضية من تحقيق النصر في الحرب، والقضاء على حماس".
وأكد أن "ثمانية أشهر قضتها الدولة
والجيش في حرب تخللها العديد من الوعود الفارغة والغوغائية، وهي تخوض قتالا ضد منظمة
تقاتل بأسلوب حرب العصابات، ورغم أن جيش الاحتلال يمكنه أن يفوز في معارك لا حصر لها،
لكن ليس في هذه الحرب التي تشهدها غزة، والنتيجة أنه لن يحقق النصر الحقيقي إلا من
خلال المفاوضات لتسوية الصراع سلمياً، ما يستدعي من الاحتلال الامتثال لمطلب حماس
بوقف كامل لإطلاق النار مقابل الإفراج عن جميع المختطفين، حتى لو كان ذلك يعني استمرار
حكم الحركة في غزة".
وأشار إلى أن "إسرائيل مطالبة بأن
تسمح بتحركات دبلوماسية دولية بقيادة الولايات المتحدة والسعودية لتشكيل بديل حاكم
في قطاع غزة، مع أنه في هذه اللحظة يبدو أن فرص ذلك ليست كبيرة، الأمر الذي يتطلب من
جيش الاحتلال أن يقوم بإخلاء قطاع غزة من جانب واحد في وقت سيتم تحديده، حتى لو لم
يتم تشكيل حكومة بديلة لحماس، لأن اتفاق وقف إطلاق النار في الجنوب سيسمح بنهاية الصراع
الحالي على الحدود اللبنانية مع حزب الله، والتقدم بوساطة أمريكية وفرنسية بشأن انسحاب
قوة الرضوان لخطوط ما وراء الليطاني".
وأوضح أن "الهدوء في الشمال سيسمح
بعودة المستوطنين الذين تم إجلاؤهم لمنازلهم فوراً، وبدء استعادة حياتهم بانتظار المواجهة
المقبلة مع حزب الله، التي من المأمول أن يصل إليها الجيش أكثر استعداداً من هذه الأيام،
وإلا فقد نكون أمام تحقيق لدعوة الصحفي الأمريكي توماس فريدمان إدارة الرئيس جو بايدن إلى إصدار إنذار نهائي للاحتلال بإنهاء حرب غزة على الفور".
تتزايد الدعوات الإسرائيلية لإنهاء حرب
غزة، بزعم أنه سيسمح لدولة الاحتلال وجيشها بإعادة تنظيم صفوفهما لمواجهة التحديات
العديدة التي يواجهانها، وفي الوقت نفسه، المسارعة، قبل الانتخابات المقبلة أو بعدها،
بتشكيل لجنة تحقيق رسمية لإجراء تحقيق متعمق واستخلاص النتائج المطلوبة من المسؤولين
عن هزيمة السابع من أكتوبر 2023، بهدف عرض دروسها وتوصياتها لتصحيح أوجه القصور المكتشفة
في مختلف الأجهزة الحكومية، بما في ذلك الجيش والأجهزة الأمنية الأخرى.