أعربت الروائية والناقدة السلوفينية آنا شنبل عن سعادتها بإعلان بلدها اعترافه بدولة
فلسطين، إلا أنها تساءلت بشأن تردد
سلوفينيا لفترة طويلة قبل اتخاذ هذه الخطوة التي سبقتها إليها ثلاث دولة أوروبية، مشيرة إلى أن ليوبليانا "لن تكون قادرة على أن تكون قدوة إلا من خلال الاعتراف فعليا بفلسطين".
وقالت شنبل في مقال نشرته صحيفة "
الغارديان" البريطانية وترجمته "عربي21"، إنه "من المعروف أننا نحن السلوفينيين شعب مجتهد وأنيق، ولكن في جوهره شعب ضعيف. هوايتنا المفضلة هي قمع إخواننا المواطنين، خاصة جيراننا وأقراننا وزملاءنا في العمل، ونضعهم دائما في أماكنهم المخصصة، ويفضل أن يكون في مكان ما تحتنا".
وأضافت: "لكننا نلتزم الصمت عندما ينبغي قول الحقيقة للسلطة. إن قمع الآخرين والبقاء صامتين هو عمل شاق! إن عجزنا عن مقاومة إرادة العظماء والأقوياء -رؤساءنا، وحكامنا، وحكوماتنا المحلية أو الأجنبية- يجعلنا قابلين للفساد إلى حد كبير، وبالتالي لا يمكن الاعتماد علينا. ليس من قبيل الصدفة أن يتم تصوير السلوفينيين عادة برؤوس منحنية وأيد متشابكة: تلك صور للطاعة، والطاعة بلا شك سلوك محسوب".
ثم تساءلت إن كانت لفتت انتباه القارئ بهذه البداية للمقال، مؤكدة أن ذلك محزن إن كان صحيحا. واعترفت بأنها أوقعت القارئ في شرك الصورة النمطية الذاتية، وأكدت أنه لا ينبغي تصديق الصور النمطية والصور النمطية الذاتية أو تعزيزها.
واستدركت قائلة: "ولكن ماذا لو لم تكن الصورة النمطية السلوفينية خاطئة تماما؟ ماذا لو كانت قصة مثل أي قصة أخرى - كذبة كبيرة، مستوحاة من حقيقة صغيرة؟".
اظهار أخبار متعلقة
وقالت إن هذه الأسئلة شغلتها منذ 22 آذار/ مارس، عندما وقع روبرت غولوب، رئيس وزراء سلوفينيا -إلى جانب نظرائه من أيرلندا ومالطا وإسبانيا- على بيان بشأن الاعتراف بفلسطين. وبما أن الحكومة السلوفينية أيدت الأسبوع الماضي الاعتراف بفلسطين، الذي سيتم طرحه للتصويت في الجمعية الوطنية في 4 حزيران/ يونيو، فلا ينبغي لها حقا أن تقلق أكثر من ذلك بشأن نزاهة الحكومة؛ فهي تؤدي واجبها.
وأشارت إلى أن الحكومة تتمتع بأغلبية برلمانية، لذا، على الرغم من بعض المعارضة اليمينية، يمكن أن نتوقع أن تعترف سلوفينيا قريبا بوجود فلسطين. ومع ذلك، فإن كون هذا الطريق كان طويلا ومعقدا، يترك طعما مريرا.
وذكرت أن وزيرة خارجية سلوفينيا، تانيا فاجون، صرحت بعد زيارة إلى إسرائيل والضفة الغربية في شهر أيار/ مايو، في مقابلة تلفزيونية بأنه "ليس هناك وقت أفضل للاعتراف بفلسطين من المستقبل القريب للغاية". وعلقت الكاتبة بأن أياما عديدة مرت بين 22 آذار/ مارس وحتى هذه المقابلة، لذا كان على المرء أن يتساءل عما تعنيه عبارة "المستقبل القريب جدا". ووفقا لمنطق الوزراء السلوفينيين، فإنه يقترح فترة تمتد لعدة أسابيع.
وانتقدت مماطلة حكومتها قائلة: "في 9 أيار/ مايو، اليوم الـ 216 للحرب الإسرائيلية على
غزة، أفادت التقارير بأن حكومة غولوب بدأت إجراءات الاعتراف بفلسطين كدولة مستقلة وذات سيادة. إلا أن القرارات التي ستتخذها ستتضمن مجموعة من الشروط.. يجب تحقيق تقدم فيما يتعلق بوقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن. وإذا تم تحقيق ذلك، فسوف تقدم الحكومة اقتراح الاعتراف بفلسطين إلى الجمعية الوطنية في موعد أقصاه 13 حزيران/ يونيو".
ثم "في 9 أيار/ مايو، يبدو أنه تقرر أن تنتظر سلوفينيا اتخاذ قرار بشأن هذه القضية المرهقة إلى ما بعد الانتخابات الأوروبية. وتقرر أيضا أن ... شيئا ما. هذا ما قرأته. مجرد شيء ما. لأن تحديد الشروط لكيفية تطور الإبادة الجماعية ليس أي شيء".
وحول مقابلة لرئيس الوزراء مع شبكة سي إن إن في 17 أيار/ مايو، حيث تحدث غولوب عن الحرب في غزة وأوضح أنه كان يدعو، في رسالة، قادة الدول الأعضاء الأخرى في الاتحاد الأوروبي إلى الانضمام إلى "الجهود السلوفينية" للاعتراف بفلسطين، قالت الكاتبة: "هل ينبغي لي أن أصف كيف كنت أحدق في الشاشة، في حيرة من أمري، وأسأل نفسي ما إذا كان رئيس وزرائنا يفهم أن سلوفينيا لن تكون قادرة على أن تكون قدوة إلا من خلال الاعتراف فعليا بفلسطين؟".
وأضافت: "هل علي أيضا أن أشرح كيف أصبح من الصعب على نحو متزايد، طوال هذه الفترة، أن نأخذ الحكومة السلوفينية على محمل الجد؟ ويبدو لي أن "المستقبل القريب جدا" الذي تحدثت عنه وزيرة الخارجية قد تحقق بمجرد معرفة أن إسبانيا والنرويج وأيرلندا ستعترف بفلسطين في 28 أيار/ مايو. عزيزتي وزيرة الخارجية، يمكن تفسير ذلك على أنه النقيض تماما للمخاطرة أو إظهار الريادة لأي دولة أخرى".
وقالت إنه لا ينبغي لها أن تشرح كل هذا، لأن القارئ قد أدرك ما تريد قوله. من الأفضل التأكيد على أنه بحلول الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة أنها تعتزم في 30 أيار/ مايو اقتراح الاعتراف الرسمي بفلسطين على الجمعية الوطنية - على ما يبدو بسبب الغضب من مذبحة رفح - كانت منظمات المجتمع المدني السلوفينية قد نزلت بالفعل إلى الشوارع مطالبة بوقف إطلاق النار والاعتراف بفلسطين.
وقُدمت عريضة موقعة من أكثر من 350 مثقفا سلوفينيا نفس المطالب. واحتل طلاب جامعة ليوبليانا كلية العلوم الاجتماعية وطالبوا قيادتها بالقبول بأن إسرائيل "ترتكب إبادة جماعية في غزة".
اظهار أخبار متعلقة
وغمر الناس حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي بالأخبار المتعلقة بغزة، وحثوا الحكومة السلوفينية على القيام بشيء حيال ذلك حتى لا تتحول سلوفينيا إلى ألمانيا. لقد أظهروا تضامنهم وإنسانيتهم يوميا. لقد أظهروا فهمهم العميق لحقيقة أن المستقبل القريب قد مر عدة مرات في تاريخ سلوفينيا المستقلة.
ثم قالت الناقدة: "ربما تكون قد أدركت الآن أن الصورة النمطية السلوفينية التي قدمتها لك في البداية لم تكن أكثر من مجرد خدعة مثيرة ورخيصة. كنت بحاجة لها لجذبكم إلى مقالتي. أريدكم أن تتعرفوا على الإحباط الذي شعر به بعض المواطنين السلوفينيين بعد أن أدركوا، مرة أخرى، أن الأشخاص الضعفاء والذين يقومون بالحسابات ليسوا هم، بل من هم في السلطة".
وأكدت إن "إثبات العكس كان سيتطلب من الحكومة اتخاذ إجراء فوري، قرار فوري باقتراح الاعتراف بفلسطين على الجمعية الوطنية - قبل 22 آذار/ مارس أو أي تاريخ عشوائي آخر. بالنسبة لي، فإن القيام بذلك في وقت متأخر جدا، بعد هذه العملية المتشابكة، يشبه الاعتراف بصمت بأنهم ليس لديهم أي فكرة عن سبب وجود سلوفينيا المستقلة ذات السيادة. وفي نظري - وأعتقد بقوة أنني لست الوحيدة - يتم تخفيف الاستقلال والسيادة في كل مرة يتم فيها حجب أو تأجيل قرار أخلاقي بسبب مجموعة من الشروط".
وقالت مخاطبة حكومتها: "نعم، عزيزتي الحكومة السلوفينية، أنت تفعلين الشيء الصحيح، ولكن لا يزال يتعين عليك إثبات أنك تقصدين ذلك. أنك كنت تقصدين ذلك طوال الوقت. حسنا، على الأقل منذ 22 آذار/ مارس، عندما بدأت تظهر لمحات عن سياسة خارجية أخلاقية محتملة".