سياسة تركية

أردوغان يكثف مساعيه لإقرار "دستور مدني" للبلاد.. ما فرص تحقيق ذلك؟

يجب موافقة 360 نائبا على الأقل من أصل 600 نائب في البرلمان من أجل إقرار التعديلات الدستورية- "إكس" / الرئاسة التركية
يجب موافقة 360 نائبا على الأقل من أصل 600 نائب في البرلمان من أجل إقرار التعديلات الدستورية- "إكس" / الرئاسة التركية

يكثف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جهوده بهدف إنجاز دستور مدني جديد للبلاد بدلا من الدستور الحالي الذي وضع بعد انقلاب عسكري وقع عام 1982، وذلك عبر التوصل إلى أرضية توافق مشتركة بين حزبه الحاكم "العدالة والتنمية" وحليفه في تحالف الجمهور، دولت بهتشلي زعيم "الحركة القومية" وباقي أحزاب المعارضة التركية وفي مقدمتها "الشعب الجمهوري" الذي أصبح بعد الانتخابات المحلية الحزب الأول في البلاد من حيث عدد أصوات الناخبين.

ويرى أردوغان الذي دشن حملة "دستور جديد مدني" عام 2021، أن دستور عام 1982 "أكبر خنجر زُرع في قلب البلاد"، ويعتبر أن  بقاء هذا "الدستور الانقلابي" مسيطرا على الدولة يعد سببا في تغذية "الشكوك حول نضج الديمقراطية التركية"، وذلك على الرغم من التغييرات العديدة التي أجريت عليه خلال العقود الأخيرة.

وفي كلمة ألقاها خلال ندوة بعنوان "دستور المئوية التركية والدستور المدني وتركيا العظمى"، الأسبوع الماضي، شدد الرئيس التركي على أن "الديمقراطية التركية اليوم تتمتع بقوة وقدرة ونضج من شأنها تخطي عتبة وضع دستور جديد ومدني".

ما العوائق أمام أردوغان؟
من غير الممكن للرئيس التركي وتحالف "الجمهور" الذي يتكون من أحزاب محافظة أبرزها "الحركة القومية"، وضع دستور جديد في البلاد دون الحاجة إلى دعم المعارضة، وذلك بسبب إلزام القانون التركي بموافقة 360 نائبا على الأقل من أصل 600 نائب في البرلمان.

ويعد ذلك من أهم العوائق أمام التحالف الحاكم الذي يملك الأغلبية البرلمانية بعدد نواب يبلغ 321 نائبا، لكنه يحتاج إلى 39 نائبا آخرين على الأقل من أجل تمرير التعديلات الدستورية من البرلمان.

هل من الممكن التوافق مع المعارضة؟
في الآونة الأخيرة، شهدت الساحة السياسية التركية حراكا دبلوماسيا مكثفا بين التحالف الحاكم وبين أكبر أحزاب المعارضة "الشعب الجمهوري" الذي يقوده أوزغور أوزيل، وقد التقى الأخير بالرئيس التركي في مقر حزب "العدالة والتنمية" في أول لقاء بين زعيمي الحزبين منذ 8 سنوات.

وأعلن أردوغان عن عزمه زيارة زعيم المعارضة أيضا في مقر "الشعب الجمهوري"، وذلك بالتوازي مع لقاء أوزيل بدولت بهتشلي، إضافة إلى الجولة التي يجريها رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش على الأحزاب الباقية من أجل بحث الخطوات اللازمة للتوصل إلى توافق يسمح بإقرار دستور جديد مدني للبلاد.

اظهار أخبار متعلقة


وفي حال تعثرت المباحثات مع "الشعب الجمهوري" اليساري، فقد يقرر "العدالة والتنمية" التوجه إلى الأحزاب المحافظة في التيار المعارض، والتي تمتلك مقاعد متفاوتة العدد في البرلمان، مثل حزب "المستقبل" الذي يقوده رئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أوغلو، و"الرفاه من جديد" بزعامة فاتح أربكان، و"السعادة" الإسلامي، إضافة إلى حزب وزير الاقتصاد الأسبق علي باباجان "ديفا".


ما عدد مقاعد هذه الأحزاب في البرلمان؟

◼ "المستقبل": 10 نواب
◼ "الرفاه من جديد": 5 نواب
◼ "ديفا": 15 نائبا
◼ "السعادة": 23 نائبا

ما هو عدد الدساتير التي وضعت في تركيا؟
شهدت الجمهورية التركية وضع ثلاثة دساتير منذ تأسيسها عام 1923، وهي:

◼ دستور عام 1923
◼ دستور عام 1962
◼ دستور عام 1982 (جرى تعديله 19 مرة)

ما المواد التي لا يمكن المساس بها في الدستور؟
يحظر القانون التركي إجراء أي تعديلات على المواد الأربع الأولى من الدستور والتي تتعلق بشكل الدولة وخصائصها وعاصمتها والمبادئ التي تتبعها.

المادة الأولى: الدولة التركية جمهورية

المادة الثانية: الجمهورية التركية دولة قانون ديمقراطية علمانية اجتماعية في إطار فهم السلام الاجتماعي والتضامن الوطني والعدالة، واحترام حقوق الإنسان، والتمسك بقومية أتاتورك (مؤسس الدولة الجمهورية التركية).

المادة الثالثة: الدولة التركية كل لا يتجزأ، لغتها التركية، وعلمها هو علم أحمر به هلال ونجمة بيضاء، ونشيدها الوطني هو نشيد الاستقلال، وعاصمتها أنقرة.

المادة الرابعة: شكل الدولة في المادة الأولى، وخصائص الجمهورية في المادة الثانية، وأحكام المادة الثالثة، لا يمكن تغييرها أو اقتراح تغييرها.

الصورة الأوسع
بعد انتهاء فترة الانتخابات العامة والمحلية التي مرت بها تركيا خلال العامين الماضيين، يسعى الرئيس التركي إلى استغلال خلو الساحة السياسية التركية من الملفات الانتخابية على مدى السنوات الأربع المقبلة من أجل إنجاز التعديلات الدستورية التي ينادي بها منذ عام 2021.

ومن المتوقع أن تتصاعد اللقاءات والحوارات المشتركة بين أحزاب التحالف الحاكم والمعارضة خلال الفترة القادمة بهدف التوصل إلى توافق يضمن تمرير التعديلات الجديدة، إلا أن المعارضة تسعى إلى انتزاع تعهدات بالالتزام بالدستور الجديد في حال تمريره، كما أنها تتخوف من تغييرات تتحدث العديد من الصحف المحلية بأن "العدالة والتنمية" يسعى إلى تمريرها من خلال التعديلات المحتملة، وهي تعديلات من شأنها أن تضفي طابعا محافظا بشكل ما على الدستور.

التعليقات (0)
الأكثر قراءة اليوم