كشفت محاكمة السيناتور
روبرت مينينديز، رئيس للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي، المتهم بتلقي رشى عبارة عن أموال وسبائك ذهبية من رجل الأعمال
المصري وائل حنا، عن ضلوع مسؤولين مصريين كبار في وزارات الخارجية والزراعة إلى جانب شخصيات وقيادات بالمخابرات العامة.
وفي 15 أيار/ مايو الجاري، بدأت محكمة مانهاتن الاتحادية، بمحاكمة السيناتور الديمقراطي بوب مينينديز (70 عاما)، بعد اعتقاله في أيلول/ سبتمبر الماضي، بتهمة الرشوة وتلقي أموال وسبائك ذهبية وسيارة هو وزوجته، وذلك مقابل استخدام نفوذه لمساعدة ثلاثة رجال أعمال في نيوجيرزي، وتقديم خدمات لصالح حكومتي مصر وقطر.
ورغم أن هذه هي المحاكمة الثانية لـ مينينديز بعد محاكمة أجريت عام 2017، إلا أنه تجري محاكمته مع رجل الأعمال الأمريكي المصري وائل حنا، والمطور العقاري من أصول لبنانية فريد دعيبس، في حين أن من المقرر محاكمة زوجته نادين مينينديز في تموز/ يوليو المقبل.
وجاء في لائحة اتهام مينينديز أنه بين عامي 2018 و2022، قدم أشياء تفيد المسؤولين المصريين مقابل الحصول على رشى من وائل حنا، الذي أبرم صفقة مربحة مع الحكومة المصرية لتصدير اللحوم الأمريكية للقاهرة تحت اسم حلال "موافقة للشريعة الإسلامية".
ويواجه عضو الشيوخ الأمريكي، الذي تخلى عن منصبه لاحقا، اتهامات أخرى بالفساد وتلقي رشى، للقيام بدور في تسهيل إرسال مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية الأمريكية إلى مصر.
اظهار أخبار متعلقة
وفي 16 حزيران/ يونيو 2022، ضبطت الشرطة الأمريكية بمنزل السيناتور في نيوجيرزي، نصف مليون دولار نقدا، و10 سبائك ذهبية، ومجوهرات في خزنتين وحقيبتين، وظرف فيه 7400 دولار كان مكتوبا عليه اسم المتهم فريد دعيبس، ما قاد إلى اتهام مينينديز بالعمل كعميل أجنبي لصالح مصر وقطر.
"من قلب المحاكمة"
أكد الخبير في القانون الدولي والعلاقات الدولية وعضو تكنوقراط مصر الدكتور سعيد عفيفي، الذي يواصل حضور جلسات المحاكمة، لـ"عربي21" أن "وقائع المحاكمة أثبتت تورط وزير الخارجية المصري سامح شكري، ورئيس المخابرات المصرية عباس كامل، ووكيلي وزارة الزراعة المصرية الدكتورة منى محرز والدكتور أحمد عبدالكريم، وغيرهم ممن ذكرت أسماؤهم في القضية أثناء المحاكمة ولم ترد في لائحة الاتهام".
وأكد أن "عريضة الاتهام ليس بها شيء بالمقارنة بما يحدث في المحاكمة، التي كشفت عن دور حنا في تصدير اللحوم الأمريكية ثم البرازيلية والأرجنتينية ثم الأوروبية إلى مصر عبر 5 شركات أنشأها بعضها يحمل اسم حلال".
وأوضح أن "المحاكمة مستمرة مدة 4 أسابيع قادمة، وبعدها بشهر أو اثنين سيتم صدور الحكم"، مبينا أن "وقائع المحاكمة تؤكد أن الوطن المصري سُرقت منه مليارات الدولارات من وقائع سجلات الضرائب الأمريكية"، مشيرا إلى أن "الذي يتحمل هذه الأموال هو الشعب المصري بالزيادة المستمرة في أسعار اللحوم غير المطابقة للذبح الحلال وفقا للشريعة الإسلامية، وغير المطابقة للمواصفات".
"الشاهد الأول يكشف تآمر المسؤولين المصريين على شركات حلال لأجل وائل حنا"
وخص عفيفي، "عربي21"، تفاصيل ما جرى من وقائع وشهادة الشهود ولفت إلى أن الشهادة الأولى من الملحق الزراعي الأمريكي بالسفارة الأمريكية في القاهرة جون تت، أظهرت كيف ظهر اسم شركة وائل حنا في مجال تصدير اللحوم الأمريكية لمصر .
وبحسب متابعة عفيفي، فإن الشاهد الأول، قال إنه "للتعاقد لشراء اللحوم الأمريكية تقوم مصر بعمل رحلات لمسؤولين بوزارة الزراعة لديها للاطلاع على أساليب العمل بالمجازر الأمريكية وطريقة الذبح الحلال التي كانت تشرف عليها المراكز الإسلامية في
الولايات المتحدة، ويتم الذبح بحضور شيخ تابع لها".
وهنا أوضح عفيفي، أن المراكز الإسلامية سواء كانت مصرية أو عربية يسيطر على كثير منها جماعة الإخوان المسلمين، وكانت تمد المجازر الأمريكية بأشخاص يراقبون عملية الذبح"، مبينا أن "هذا ليس عيبا لأن تلك المراكز لديها شخصيات تفهم هذه الأمور وقائمين على أمر الجالية التي تثق فيهم بجانب ثقة السود والهنود والباكستانيين والماليزيين وغيرهم".
وأشار عفيفي، إلى أن "ما فهمته من شهادة جون تت أن الهدف الأساسي لوفد وزارة الزراعة المصري المكون من الدكتورة منى محرز والدكتور أحمد عبدالكريم، هو التخلص من إشراف المراكز الإسلامية على الذبح في المجازر الأمريكية حتى لو كان المقابل هو الذبح غير الحلال".
وأكد أن الشاهد حكى التالي: "جاءت محرز وعبدالكريم إلى ولاية كولورادو، وكان هناك وفد من 4 شركات مصرية لهم علاقة بجماعة الإخوان المسلمين، وليس عليهم أية إدانة من أي نوع في مصر".
وأضاف الشاهد: "الشركات الأربع حضر من كل واحدة منها 3 مندوبين مصور وبيطري وإداري، ومروا على المجازر الأربعة في الولاية للتأكد من الاشتراطات لتنفيذ التعاقد، وبعدها بـ3 أيام جاءه اتصال من وزارة الزراعة الأمريكية بينما كان يصاحب وفود الشركات الأربعة، بقدوم محرز وعبدالكريم".
وتابع: "من المفترض أن يمر المسؤولان المصريان على جميع المجازر ولكنهما اكتفيا بزيارة مجزر واحد من 4 مجازر بالولاية، بينما مندوبو الشركات الأربعة ذهبوا إلى ولايات ومجازر أخرى، فيما انتقلت محرز وعبدالكريم بصحبتي وبصفتي مندوب وزارة الزراعة الأمريكية إلى واشنطن للإقامة بفندق (Four Seasons Washington)".
وواصل: "التقيت محرز وعبدالكريم في الفندق، وقالا لي إن الذبح في المجزر الذي رأيناه يتم بزاوية 85 درجة وليس 90 درجة، وقلت لهم إن الذبح هنا يتم بمعرفة شخص مسلم وشيخ من المركز الإسلامي، ثم دعوني إلى Drink".
وهو ما يعني "خمرا" وفق تأكيد عفيفي، الذي أوضح أنه "لغويا في أمريكا لو دعاك شخص لشرب الشاي أو القهوة ينطقها صريحة، ولكنه عندما يقول Drink فيعني الخمر".
وأكد الشاهد أنه "بلقاء الفندق قالت محرز وعبدالكريم، لي إنهما لا يرغبان في التعاقد مع أي من الشركات الأربعة، وأنه لديهما ملف آخر سيقدمونه لي عندما يرجع ثلاثتنا إلى القاهرة، فقلت لهم أريد معرفة السبب، وسأوافقكم لو كان مقنعا".
اظهار أخبار متعلقة
ولفت عفيفي إلى أن "دفاع وائل حنا المحامي لورانس لوستبيرغ زعم أن الشركات الأربعة تلك تمول الإرهاب. فسأله وكيل النيابة بقاعة المحاكمة: هل تم توجيه اتهام أو القبض عليهم في مصر؟، قال المحامي: لا، ولكنهم يمولون الإرهاب. فسأله الوكيل مجددا، هل عليهم أي دليل أنهم يدعمون الإرهاب وتم حبسهم؟، فرد بالنفي"، وهو ما اعتبره عفيفي "كلاما خطيرا جدا ومحاولة لتوجيه القضية في اتجاه آخر".
وأوضح الشاهد جون تت، أنه "في هذا التوقيت لم يكن وائل حنا قد ظهر، ولكن محرز وعبدالكريم كانا حريصين منذ أول مقابلة في كولورادو وحتى اصطحابي إلى واشنطن إلى التودد لي، وحجزا لي جناحا كبيرا بجانب جناحيهما".
وأكد أنه "بعدما أخذنا Drink وبتنا ليلتنا بالفندق، كان مقررا أن أذهب بهما لوزارة الزراعة الأمريكية، ولكنهما رفضا قائلين: ليس اليوم، لأننا سنستقبل ضيوفا، ولا بد أن تلتقيهم معنا لأنه لهم علاقة بالشركة التي ستحصل على الصفقة، فكلمت وزارة الزراعة الأمريكية وألغيت المقابلة المقررة".
وتابع: "وفي الفندق وجدت شخصين قادمين منهما وائل حنا، ويبدو وجود معرفة سابقة حيث سلم على عبدالكريم بحفاوة بالغة واحتضنه وقبله، وسلم على منى محرز، وتكلموا بإنجليزية مكسرة حول الصفقة وتقديم ملف شركة وائل حنا".
وبين عفيفي، أنه "في هذه المرحلة من الشهادة سأل القاضي الشاهد بعدما أشار إلى وائل حنا بقاعة المحكمة: هل هذا هو حنا الذي رأيته في الفندق مع عبدالكريم ومحرز؟، فقال: نعم".
وواصل الشاهد: "عندما تكلمت مع محرز وعبدالكريم، بأن حجم العمل المطلوب لا يمكن لشركة واحدة أن تقوم به لأنه أمر أيضا ضد القانون الأمريكي الذي يمنع الاحتكار، فقالوا لي: سنسوي هذا الموضوع سياسيا، فقلت لهم: هذا قانون وليس أمرا سياسيا".
وقال: "حاولت محرز وعبدالكريم، إقناعي بحجز تذكرة درجة أولى على شركة طيران (لوفتهانزا) الألمانية، فقلت لهم هذا مخالف للقانون، فقالوا نحن حريصون على العودة جميعا للقاهرة في رحلة واحدة، ولكني رفضت ودفعت ثمن تذكرتي، وفي ترانزيت فرانكفورت ذهبت لأخذ قهوتي، ووجدتهم يدعونني لشرب (Wayne) –خمر غالي الثمن- فرفضت لأني لا أشرب أثناء السفر".
"مساعد السفير الأمريكي يتعجب.. وزراعة مصر تغمض عينيها.. وظهور مينينديز.. والانتقام من الشاهد"
وأضاف جون تت: "في القاهرة، تقدم حنا إلى السفارة الأمريكية بالقاهرة بأوراق شركته، فوجدتها بلا سابق خبرة، حتى أن مساعد السفير الأمريكي علي عبدي –مسلم أمريكي من أصل إيراني- تعجب أن تتقدم شركة باسم وائل حنا وهو مسيحي للحصول على صفقة حلال التي تخص المسلمين في مصر".
وبين أن "عبدي نصحني بأن أكتب إلى وزارة الزراعة المصرية فهي التي تعرف ما تريد، وكلمت الوزير المصري، وأرسلت 3 مرات للوزارة، ولم يرد أحد على رسائلي، وبعدها جاءتني منى محرز وأحمد عبدالكريم إلى مكتبي بالسفارة الأمريكية بالقاهرة".
"وبينما هما بالمكتب جاء اتصال هاتفي من السيناتور روبرت مينينديز يطالبني بقبول عرض وائل حنا، فقلت له إن هذا يخالف قانون الاحتكار الأمريكي، فقال إن المصريين يقبلون ويرضون بذلك، ومصالح أمريكا أهم، فقبلت الملف".
اظهار أخبار متعلقة
وأكد أنه "بعد ذلك كلما تكلمت مع محرز وعبدالكريم حول من يقوم من الشيوخ أو المراكز الإسلامية بالإشراف على عمليات الذبح في المجازر الأمريكية، فكان ردهم الدائم: (This is not your business) مش شغلك".
وكشف الشاهد عن جانب خطير يمس صحة المصريين في صفقات وائل حنا، موضحا للقاضي، أن "مصر تستورد 70 بالمئة من الكبد الأمريكية، وهي كمية كبيرة جدا لأنها وجبة مصرية مشهورة ورخيصة ومصدر للبروتين الحيواني، بينما الشعب الأمريكي لا يأكل الكبدة، لأنها مخزن السموم، وتذهب لإطعام الدواجن والكلاب والقطط".
وأشار الشاهد جون تت، إلى أن العلاقة مع هذه الصفقة انتهت بأمر كارثي له، حيث أوضح للقاضي أنه "مع مواصلة حديثه عن موضوع المشرفين على الذبح وتطبيق شروط الحلال، قام الأمن المصري بمراقبته عبر شخصين أمام سكنه التابع للسفارة بحي الزمالك بالقاهرة، مدة شهرين".
وهو ما علق عليه عفيفي بقوله: "تخيل أن جون تت المسيحي حريص على تطبيق شروط الحلال أكثر من المسؤولين المصريين المسلمين".
جون تيت قال للقاضي: "أنا الآن في تشيلي، بعد نقلي من القاهرة إثر مضايقة الأمن المصري لي، فعندما أبلغت وزارة الخارجية الأمريكية نقلوني، وقالوا إن مراقبتك العلنية تعني في العرف الدبلوماسي أنك شخص غير مرغوب فيه بالقاهرة".
"الشاهد الثاني يكشف علاقة وائل حنا بالمخابرات المصرية ويؤكد: التعليمات يومية"
وهنا قال عفيفي، إن الشاهد الثاني "عمره لا يتعدي الـ29 عاما، واسمه جون ملدوفن، وأمه مصرية مسيحية وأبوه أمريكي، ولا يتكلم العربية، وظهر من شهادته أنه عندما بدأ وائل حنا شركته لتصدير اللحوم لمصر عمل معه، وكان شاهدا على أشياء كثيرة".
وأضاف عفيفي من خلال شهادته تبين ظهور "خلافات بينه وبين وائل حنا الذي قرر طرده من الشركة، فهدده ملدوفن برفع قضية ضده بالمحاكم الأمريكية، واتفقا على دفع حنا له 100 ألف دولار وهو مبلغ كبير جدا، ونجحت المخابرات الأمريكية ومكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) في إحضاره للشهادة بالمحكمة في وجود وائل حنان وحكى ما رآه من مخالفات خلال 8 شهور عمل".
وألمح إلى أن الشاهد الثاني كشف عن أسماء 5 شركات دشنها حنا حول العالم لإمداد مصر بتلك اللحوم، مشيرا إلى علاقة حنا وتلك الشركات الوثيقة والشراكة الكاملة مع المخابرات العامة المصرية.
وقال الشاهد إن "الجنرال أحمد أحد رجال المخابرات المصرية –لم يتذكر الاسم بالكامل- كان يتواصل مع وائل حنا يوميا، وهو من نصحه بطردي من الشركة، وسألت حنا عن علاقته بهؤلاء، فأكد لي أنهم شركاؤه، وأوضح لي أن الشركة التي يدير من خلالها تصدير اللحوم اسمها (Meet Egypt) وتابعة للمخابرات المصرية".
وهنا لفت عفيفي، إلى أن "القاضي عندما تكلم ملدوفن، عن دور المخابرات المصرية وشراكتها مع حنا، طلب منه أن يبقى لكي يسأله المحامون، وفي المقابل طالب القاضي من الشاهد الأول مستر تت، العودة أمامه لسؤاله مجددا".
وسأله: "هل تعتقد أن شركة (Meet Egypt) تابعة للمخابرات المصرية بصفتك كنت بالسفارة الأمريكية بالقاهرة، فقال تت، إن الشركة تابعة بالفعل للمخابرات المصرية، فقال له القاضي هل تعرف أن وائل حنا له علاقة بها؟، قال: نعم أعرف".
"علاقة وزير الخارجية بحنا.. وسبيكة ذهبية لزوجة شكري خارج التحقيقات"
ولفت عفيفي إلى أن جون تت، الشاهد الأول كشف عن أمر خطير، وقال إنه "عام 2018 وقبل التعاقد مع شركة وائل حنا رسميا مع وزارة الزراعة الأمريكية في أيلول/ سبتمبر على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي حضرها عبدالفتاح السيسي، ومعه وزير الخارجية سامح شكري".
وأوضح أن "شكري سافر من نيويورك إلى واشنطن لمقابلة أحد الشخصيات من وزارة الزراعة الأمريكية بالتنسيق مع وزارة الخارجية الأمريكية، وكان اللقاء في فندق فورسيزون، وزاره هناك، وائل حنا، وسلم عليه بحرارة في حضور الوفد الأمريكي".
اظهار أخبار متعلقة
وأشار عفيفي إلى ما اعتبره جزء آخر خطير من علاقة حنا وشكري، وفق لائحة الاتهام، حيث تبين أن "هناك سبيكة ذهبية اشتراها وائل حنا، قبل حضور سامح شكري بأسبوعين إلى نيويورك وواشنطن، وأن "السبيكة لم توجد ضمن السبائك المضبوطة لدى السيناتور الأمريكي روبرت مينينديز، فيما يرجح أن حنا سلمها كهدية لسامح شكري الذي كانت بصحبته زوجته سوزي شكري".
وألمح إلى أن الشاهد، أماط اللثام أمام المحكمة عن مصير تلك السبيكة بقوله إن "حنا خلال اللقاء بشكري سلم الهدية علنا لزوجة شكري، ولتمرير الموقف قال حنا للمرافقين الأمريكيين من وزارة الزراعة إن المصريين تعودوا الهدايا وليسوا جامدين مثلنا نحن الأمريكيين، فضحك الجميع".
وأكد الشاهد جون تت للقاضي، أن "شركة (Meet Egypt) التابعة للمخابرات المصرية شريكة وائل حنا، وأنهم يعملون مع أي شخص، وهذا أمر واضح رغم أنه لم يقل لي أحد شيئا، ولكن من أعلى المستويات في الدولة المصرية كان هناك من يوصي عليه، رغم أنه لم يكن ليشتغل في اللحوم الحلال بسبب ديانته وسابق الخبرة المعدومة"، وحول نسبة حنا من الشراكة وفق سؤال القاضي أكد الشاهد أنه لا يعرف.
"نصيحة لواء المخابرات الغامض لحنا.. وسلسلة شركات بأمريكا الجنوبية وأوروبا"
وبالعودة إلى الشاهد الثاني الشاب جون ملتوف، قال وفقا لسرد عفيفي لوقائع المحاكمة: "كان الجنرال أحمد، دائما ما ينصح وائل حنا عندما يقدم نفسه للناس بألا يقول وائل حنا، ويقول مستر ويل، حتى يُخفي حقيقة ديانته".
وأشار إلى أن "القاضي سأل ملدوفن: ماذا تعرف خلال 8 أشهر مدة تواجدك في شركة وائل حنا؟، فقال: ذهبت معه إلى مونتيفيديو عاصمة أوروغواي، وفتحنا شركة حلال (halal latino)".
وسأله القاضي: "هل أوروغواي تصدر لحوما؟، فقال: لا قليل، ولكن كانت عيون حنا وشركائه المصريين على السوق البرازيلي والأرجنتيني للحصول على كميات كبيرة".
وتابع القاضي: "ولماذا لم تفتتحوا شركات فيهما؟، فقال الشاهد: جاءت لوائل حنا تعليمات بأن يفتتح شركة في أوروغواي بالذات لأن موقعها جنوب شرق منها الأرجنتين وشمال شرق منها البرازيل، بالاضافة إلى أن تجمع دول بينها أوروغواي يمنح تسهيلات ضريبة ولا يدفع رسوما للبرازيل والأرجنتين، ويتمتع بكل المميزات في أوروغواي وبينها الدبلوماسية".
وألمح عفيفي، هنا إلى "احتمال أن يكون سامح شكري والخارجية المصرية هما من أعطيا المعلومات، والمخابرات أمرت، وحنا نفذ وفتح الشركة بعدها بـ3 أشهر، أثناء وجود جون ملدوفن معه في العمل".
وأشار عفيفي إلى سؤال القاضي للشاهد الثاني ملدوفن: "كيف كنتم تتعاملون مع اللحوم البرازيلية والأرجنتينية؟، فأجاب: كنا نكلف أحد الأشخاص من الدولتين بشراء الكميات المطلوبة من اللحوم"، وذلك دون التأكد من أن تكون مذبوحة على الطريقة الإسلامية الحلال"، وفق تعليق عفيفي.
"وقوف القاضي وتنبيه المحلفين والسؤال عن اسمي عباس كامل وسامح شكري"
وأكد عفيفي، أنه "منذ بدأت حضور الجلسات وخاصة عندما تلا وكيل النيابة لائحة الاتهام بأول يوم، ومطالبة القاضي من المحلفين (13 شخصا أغلبهم أساتذة جامعات) بالوقوف والنداء عليهم فردا فردا للتأكد من أنهم يسمعون جيدا لخطورة الحديث، وقوله للمحلفين بعدما جلس وسمح لهم بالجلوس: هل أحد منكم يعرف أو تقابل مع سامح شكري، أو لديه معرفة شخصية بعباس كامل، فقالوا جميعا وفردا فردا: لا".
وأوضح عفيفي أن "هذا السؤال من القاضي ووقوفه وتنبيه المحلفين ونداءه عليهم بأسمائهم أصابني بالصدمة الشديدة، وتأكدت أن وراء ذكر اسم سامح شكري، وعباس كامل، أمر ما أو تورط بالقضية".
اظهار أخبار متعلقة
وقال إنه "في أيلول/ سبتمبر الماضي، خرجت عريضة الاتهام التي أخذت الشرطة الأمريكية عليها التصريح بالقبض على السيناتور روبرت مينينديز ووائل حنا، وظهرت لاحقا عريضة الدعوى التي تحمل الكثير من التفاصيل، والتي يتم إخفاؤها حتى لا يتم الضغط على الشهود أو التخلص منهم أو رشوتهم فلا تظهر الكثير من التفاصيل إلا وقت المحاكمة، وعند ذكر اسم كامل وشكري، بان لي أن هناك أمرا ما".
وأضاف: "قررت حضور جميع الجلسات، وخلال المحاكمة تم ترديد كلمة (Official) وتعني مسؤول أو رسمي"، مشيرا إلى أنه "خلال الحديث عن الجزء الخاص برشى السيناتور الأمريكي مينينديز تم ذكر Official 1 و Official 2 و Official 3، وقيل إن زوجة السيناتور نادين مينينديز كانت تأخذ المعلومة منه وتوصلها إلى وائل حنا، الذي يرسلها بدوره إلى Official 1 و2 و3، وذكرت لاحقا Official 4 و5".
وأكد عفيفي، أن "هناك اعتقادا واسعا داخل المحاكمة أنهما عباس كامل وسامح شكري، وأن لهما علاقة مباشرة مع وائل حنا، وسألت من هما Official 4 و5": فقيل لي إنهما على ما يبدو عباس وشكري، وأن Official 1 و2 و3 قد يكونون مسؤولين في السفارة المصرية بواشنطن أو القنصلية في نيويورك"، مبينا أن "إجراءات المحاكمة سوف تكشف عنهما لاحقا".
وأعلن عفيفي، أن "هناك مصادر أكدت له قيام أحد المسؤولين أو الأشخاص المصريين بالتبرع بـ195 ألف دولار للسيناتور الأمريكي لمساعدته في التحقيقات وأتعاب المحاماة، وأن هذا الأمر قد تم الكشف عنه وأنه قيد تحقيق السلطات الأمريكية، الآن".
وكشف عفيفي، عن ما اعتبره فضيحة أخرى تورط بها النظام المصري مع شركات وائل حنا، ظهرت تفاصيلها خلال المحاكمة، وقال: "قيل في المحكمة إنه تم منح شركة حلال تابعة لوائل حنا في فرانكفورت رخصة تصدير لبن الأطفال إلى مصر".
ولفت عفيفي، إلى دور جهات سيادية مصرية في هذا الملف، متسائلا: "هل لبن الأطفال الذي وردته شركة حنا لأطفال مصر كان طبقا للمواصفات القياسية؟"، موضحا أن "الشركات من المفترض أن تتأكد من أن الألبان خالية من دهون الخنزير".
وأشار عفيفي، كذلك إلى أن وكيلة وزارة الزراعة منى محرز، ظهرت بعد اتفاقية وائل حنا، عبر شركة أسستها واحتكرت من خلالها استيراد الدواجن إلى مصر"، مشيرا إلى أنها "تستورد زبالة الدواجن بسعر الطن من 130 إلى 150 دولارا للطن، موضحا أنه "لا يعرف الثمن الذي حصل عليه أحمد عبدالكريم في مقابل تسهيل صفقة حنا ورفض الشركات الأربعة صاحبة الخبرة".
وقال عفيفي: "كشفت التحقيقات أن وائل حنا كان مسؤولا عن ملف استيراد الدواجن مثل اللحوم الحلال، وذلك عبر 5 شركات، الشركة الأخيرة موجودة في دبي، ولا نعرف لماذا مستنداتها غير موجودة في القضية رغم أنه فتحها قبل عامين، ويديرها أشخاص هنود غير مسلمين".
وفي نقطة أخيرة، أكد عفيفي، أنه "من خلال الجلسات علمت أن وائل حنا خدع المخابرات المصرية، عبر تأسيس شركة تضرب عمل شركة المخابرات (Egy Trade) التي لا تعلم عنها شيئا، ومهمتها كان تصدير اللحوم إلى صغار المستوردين المصريين بعيدا عن شركة المخابرات Meet Egypt".
وختم بالقول إنه "في ظل إزاحة المخابرات المصرية للشركات السابقة وصاحبة الخبرة وللمراكز الإسلامية والمشرفين منها على عمليات الذبح فإنه لا أحد يعلم كيف يتم ذبح اللحوم بالمجازر الأمريكية.. وهل هي حلال أم بينها لحوم الخنزير؟ وهل ما تستورده محرز من دواجن حلال أم لا؟".