تخشى
السعودية التي تحاول تنويع اقتصادها بعيدا عن الاعتماد على
النفط، من أن يؤدي "
الاقتصاد المحموم" إلى تأخير هذا التنويع الذي يضعه ولي العهد
محمد بن سلمان على رأس أولولياته.
ونشر موقع "
أويل برايس" الأمريكي تقريرًا سلط فيه الضوء على قلق المملكة العربية السعودية من "سخونة" اقتصادها وتأثيره على جهود التنويع بعيدًا عن النفط، إذ تواجه المملكة تحديات في موازنة النمو الاقتصادي مع الاستقرار المالي في ظل تأثير التضخم وزيادة الإنفاق الحكومي سلبًا على خطط المملكة لتنويع مصادر دخلها.
وقال الموقع، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن السعودية - أكبر مصدر للنفط الخام في العالم - تتطلع إلى منع اقتصادها من الإنهاك وارتفاع التضخم حيث تهدف إلى تعزيز النمو في قطاعها غير النفطي.
وحسب وزير المالية السعودي محمد الجدعان، فإن السماح بمزيد من الوقت لتنفيذ المشاريع الاستثمارية الضخمة في إطار خطة
رؤية 2030 لتنويع الاقتصاد المعتمد على النفط قد يكون خطوة حكيمة.
اظهار أخبار متعلقة
وأكد الوزير في منتدى قطر الاقتصادي في الدوحة الثلاثاء الماضي أنه إذا لم تسمح لاقتصادك بمواكبة مشاريعك، فإن ما سيحدث في الأساس هو استيراد المزيد.
الرياض تتطلع إلى تجنب سخونة اقتصادها
ذكر الموقع أن الجدعان يرى أن المملكة يجب أن تحرص على عدم الوصول إلى النقطة التي يصل فيها الاقتصاد إلى حدود قدرته على تلبية الطلب من الحكومة والأفراد.
وتؤدي هذه النقطة، التي يشار إليها عادة باسم الاقتصاد المحموم، إلى ارتفاع معدلات التضخم والتسرب. في الاقتصاد، يعد أحد الأمثلة على التسرب هو الكميات الكبيرة من السلع المستوردة لأنها تنقل الدخل المكتسب في بلد ما إلى بلد آخر.
وأشار الجدعان إلى أنه إذا لم تسمح السعودية لاقتصادها بمواكبة مشاريعها الاستثمارية الضخمة التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، فقد ينتهي بها الأمر إلى فقدان القدرة التصنيعية وغيرها من القدرات لدعم خططها.
وقد بدأت المملكة الاعتراف في الأشهر الأخيرة بأنها ستعطي الأولوية لبعض المشاريع التي تشكل جزءًا من خطة رؤية 2030 لولي العهد الأمير محمد بن سلمان، مع احتمال تأخير مشاريع أخرى.
وفي نهاية السنة الماضية، اعترفت السعودية للمرة الأولى بتأجيل بعض مشاريع خطة رؤيتها 2030 لتنويع اقتصادها بعيدا عن النفط لتجنب الضغوط على الاقتصاد. وحسب مصدر مطلع على تفكير صندوق الثروة السيادية السعودي، صندوق الاستثمارات العامة، فإن ولي العهد قد يكون مستعدًا أخيرًا لإجراء بعض المحادثات الصعبة حول المشاريع التي يمكن تسريعها وأيها يمكن انتظار تطويرها.
توقّعات متحفّظة بشأن دخل النفط
رغم المناقشات المحتملة حول إعادة ضبط توقيت المشاريع باهظة الثمن، فلا تزال المملكة متفائلة بشأن إمكانية تحقيق خطة رؤية 2030 لتنمية اقتصادها غير النفطي من خلال السياحة والتكنولوجيا. وقال الجدعان في المنتدى الذي عُقد في قطر هذا الأسبوع إن المملكة شهدت نمواً مطرداً في قطاعها غير النفطي في السنوات الأخيرة. وأضاف أن هذا الدخل المتزايد للدولة، إلى جانب التوقعات المحافظة بشأن عائدات النفط، سيساعد السعودية في خطط تمويل العديد من المشاريع المستقبلية لرؤية 2030.
وقد نما القطاع غير النفطي والأنشطة الحكومية في الربع الأول من 2024، لكن انخفاض الأنشطة النفطية بنسبة 10.6 بالمائة - حيث حدد السعوديون إنتاج النفط عند 9 ملايين برميل يوميًا - أدى إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي للمملكة بنسبة 1.8 بالمائة مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2023، وذلك حسب ما ذكرته الهيئة العامة للإحصاء السعودية في وقت سابق من الشهر الجاري. وفي الوقت نفسه، ارتفعت الأنشطة غير النفطية بنسبة 2.8 بالمائة، ونمت الأنشطة الحكومية بنسبة 2.0 بالمائة على أساس سنوي في الربع الأول من سنة 2024.
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف الموقع أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي المعدل موسميا ارتفع بنسبة 1.3 بالمائة في الربع الأول من السنة الجارية مقارنة بالربع الرابع من سنة 2023، مدفوعًا بارتفاع الأنشطة النفطية بنسبة 2.4 بالمئة إلى جانب نمو الأنشطة غير النفطية بنسبة 0.5 بالمائة. وارتفعت إيرادات الدولة من قطاع النفط بنسبة 2 بالمائة على أساس سنوي في الربع الأول، في حين زادت الإيرادات غير النفطية بنسبة 9 بالمائة لتؤدي إلى زيادة إجمالية بنسبة 4 بالمائة في إجمالي إيرادات الموازنة. ومع ذلك، سجلت المملكة العربية السعودية عجزًا في الميزانية في الربع الأول من سنة 2024 بسبب ارتفاع النفقات التي فاقت الإيرادات الحكومية.
وبشكل منفصل، يظل التضخم في المملكة ثابتًا وأقل من المستويات العالمية، مما قد يعطي ضمانات للمسؤولين والممولين في المملكة بأن الاقتصاد لا يقترب من نقطة التحول إلى النمو المفرط. وقد بلغ معدل التضخم السنوي في السعودية 1.6 بالمائة في نيسان/أبريل 2024، وارتفع مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 0.3 بالمائة في نيسان/أبريل مقارنة بشهر آذار/ مارس 2024.
وقد بدأ المسؤولون السعوديون أخيرًا الاعتراف بأن بعض المشاريع المستقبلية باهظة الثمن قد تضطر إلى الانتظار لفترة أطول حتى يتم تطويرها، لتجنب تعكير صفو اقتصاد أكبر مصدر للنفط الخام في العالم، الأمر الذي قد يكون له تأثير على سوق النفط والاقتصاد العالميين.