قالت صحيفة "
وول ستريت جورنال" إن
مصر تفكر بتخفيض مستوى علاقاتها الدبلوماسية مع "إسرائيل"،
وقررت دعم دعوى الإبادة الجماعية ضدها في محكمة العدل الدولية.
وأضافت الصحيفة في تقرير لها: "خلال الـ 45 عاما ومنذ اتفاقية السلام
التاريخية، أصبحت "إسرائيل" ومصر شريكين ضروريين، علاقات وثيقة وإن لم
تكن دافئة ومهمة للأمن القومي لهما. ولكن الهجوم الإسرائيلي ضد رفح يهدد بتقويض كل
هذا".
وقالت الصحيفة إن مصر التي تمثل مركز القوة العسكرية والسياسية والثقافية العربية، تفكر الآن بتخفيض مستوى
علاقاتها الدبلوماسية مع "إسرائيل"، حسبما يقول المسؤولون المصريون.
اظهار أخبار متعلقة
وقالت القاهرة في الأيام الأخيرة إنها ستنصم إلى دعوى جنوب أفريقيا إلى
محكمة العدل الدولية التي تتهم "إسرائيل" بالإبادة الجماعية في
غزة. كما
ورفضت مصر فتح حدودها بعد سيطرة الجيش الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من معبر
رفح.
ونقلت الصحيفة عن محمد أنور السادات الذي تفاوض عمه الرئيس أنور السادات
على معاهدة "كامب ديفيد" في عام 1979 قوله إن النزاع الحالي هو الأسوأ
الذي تشهده العلاقات الثنائية.
وقال السادات، وهو عضو سابق في البرلمان المصري: "هناك غياب في
الثقة" و"هناك في الحقيقة الآن نوع من الشك بين الطرفين".
وتقول الصحيفة إن الأزمة الحالية بدأت بعدما أعطى الجيش الإسرائيلي مصر مهلة ساعات
قليلة قبل أن يشن في الأسبوع الماضي حملة ضد
معبر رفح، حسبما قال مسؤول مصري.
وجاءت الرسالة المفاجئة التي وصلت إلى الاستخبارات المصرية بعد أشهر من
المفاوضات الحذرة بين المسؤولين العسكريين والأمنيين والإسرائيليين بشأن الهجوم الذي
هددت فيه حكومة بنيامين نتنياهو ضد رفح والتي لجأ إليها أكثر من مليون فلسطيني.
وقدمت "إسرائيل" في السابق لمصر إحاطات حول خطتها لرفح وطمأنتها
من أن المعبر الحدودي المهم لنقل المواد الإنسانية إلى القطاع المحاصر لن يتأثر،
وأن الفلسطينيين في المنطقة سيعطون مهلة أسابيع للجلاء إلى مناطق أكثر أمنا.
وقال مسؤول مصري على معرفة بالمحادثات: "لم يحدث أي من هذه التأكيدات،
حيث أعطتنا "إسرائيل" مهلة قصيرة حول دخول المعبر".
ورفض الجيش الإسرائيلي التعليق وكذا وزارة الخارجية الإسرائيلية، فيما قال
نتنياهو بأن السيطرة على معبر رفح ضرورية لمنع التهريب إلى حماس.
وطور الطرفان علاقات أمنية مهمة منذ 1979، وتعاون المسؤولون العسكريون في
البلدين، وبخاصة في عهد عبد الفتاح السيسي، وتشاركوا في المعلومات الأمنية من أجل
هزيمة تنظيم الدولة في منطقة شمال سيناء.
اظهار أخبار متعلقة
ولا تزال العلاقات الأمنية قائمة بينهما وتتلقى مصر مليارات الدولارات من
المساعدات العسكرية الأمريكية والمرتبطة باتفاقية السلام.
وترى الصحيفة أن عملية رفح زادت من العلاقات المتوترة. فمصر هي وسيط مهم
بين "إسرائيل" وحماس في صفقة تهدف لوقف إطلاق النار وإعادة الأسرى.
وقال الجنرال أصاف أوريون الذي أشرف سابقا على التنسيق العسكري بين "إسرائيل"
ومصر: "لا يحبون المفاجأة ويعبرون عن موقفهم بوضوح وبطرق أخرى".
وتقول الصحيفة إن الخلافات المصرية- الإسرائيلية تضيف إلى التحديات التي
تواجه إدارة بايدن التي كافحت من أجل التوصل لصفقة وقف إطلاق النار، وقررت الأسبوع الماضي تعليق شحنة مساعدات
عسكرية إلى "إسرائيل" كي تضغط عليها للتوقف عن مهاجمة رفح. وأثنت
الولايات المتحدة التي كانت عراب اتقافية كامب ديفيد على مصر ودورها في الوساطة.
واحتجت مصر على عملية رفح للأمريكيين والأوروبيين وقالت إنها تعرض اتفاقية
السلام للخطر.
وفي إشارة أخرى عن توتر العلاقات، أعلنت وزارة الخارجية المصرية يوم الأحد
أنها ستنضم إلى دعوى جنوب أفريقيا إلى محكمة العدل الدولية والتي تتهم "إسرائيل"
بالإبادة الجماعية في غزة.
وتقول "إسرائيل" إن العملية العسكرية الحالية ليست غزوا شاملا مع
أنها شردت أكثر من 360,000 فلسطيني حسب أرقام الأمم المتحدة.
وترفض مصر التعاون مع "إسرائيل" لإدارة معبر رفح الذي كان حتى
الأسبوع الماضي نقطة العبور الوحيدة الخارجة عن سيطرة "إسرائيل". وتفكر
مصر بتخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية مع "إسرائيل" واستدعاء السفير
المصري من تل أبيب، وقال مسؤول مصري آخر: "في الوقت الحالي لا خطط لتعليق العلاقات
أو إلغاء كامب ديفيد" و"طالما ظلت القوات الإسرائيلية في معبر رفح فلن
ترسل مصر ولا شاحنة إلى رفح".
وزادت الحرب من الضغوط الاقتصادية والسياسية على مصر، فالهجوم الإسرائيلي
أجبر معظم سكان القطاع على ترك مناطقهم مما زاد من مخاوف دفعهم نحو مصر.
وقال يزيد صايغ، الزميل في مركز كارنيغي الشرق الأوسط في بيروت:
"المخاطر على مصر عالية" و"أعتقد أنهم منزعجون من عدم اهتمام
إسرائيل بأي من مصالح مصر أو أي نصيحة منهم".
وضغطت الأزمة على مصر التي تعاني أزمة اقتصادية في ظل الجنرال السابق
السيسي، فقد أجبرت هجمات الحوثيين السفن التجارية على تجنب البحر الأحمر وقناة
السويس والبحث عن طرق أخرى حول أفريقيا. وقال مراقبون إن سيطرة إسرائيل على معبر
رفح فاقم من موقف مصر وأثر على علاقتها مع حماس، حيث كان المعبر نقطة نفوذ على
الحركة، وطريقة لإظهار التضامن مع الفلسطينيين في غزة.
اظهار أخبار متعلقة
وقال مسؤول إسرائيلي إن تقديم الدعم للفلسطينيين والتوصل لهدنة يظل أولوية
مصرية. وتابع المسؤول الإسرائيلي: "لا صفقة، وتهدد إسرائيل [تدفق المساعدات]
مما يضعهم في موقف صعب"، وأضاف أن "حقيقة عدم دخول المساعدات أمر سيء
لهم ولكنه أسوأ لنا"، حيث أشار إلى أن "إسرائيل" مجبرة بناء على
طلب من محكمة العدل الدولية لإدخال المساعدات.
ويعتقد محللون أن اتفاقية السلام تظل مهمة لمصر و"إسرائيل"، ومن
هنا فالتهديد بدعم جنوب أفريقيا وتخفيض مستوى العلاقات مع "إسرائيل" هي
محاولة مصرية للضغط على "إسرائيل" والولايات المتحدة. وعلق صايغ:
"يمكن للمصريين القول، ماذا تريدون منا عمله، هل تحبون أن نرسل كتيبة دبابات
إلى سيناء؟".
ويرى عوفر وينتر، الخبير في العلاقات الإسرائيلية- المصرية في معهد دراسات
الأمن القومي إنه بدون تفاهم بين البلدين حول الحرب فستظل العلاقات متوترة، مشيرا
إلى أن "إسرائيل تريد مصر كوسيط في صفقة تبادل الأسرى وهي بحاجة إليها لتحقيق
الاستقرار في غزة وضمن أي سيناريو بعد الحرب".