قضايا وآراء

صندوق النقد الدولي والمراجعة الثالثة لبرنامج القروض لمصر

أشرف دوابة
"تعليمات الصندوق للحكومة المصرية بوقف الاقتراض المباشر من البنك المركزي المصري، وأن يكون الاقتراض عبر وزارة المالية، هو أمر جيد"- جيتي
"تعليمات الصندوق للحكومة المصرية بوقف الاقتراض المباشر من البنك المركزي المصري، وأن يكون الاقتراض عبر وزارة المالية، هو أمر جيد"- جيتي
أعلن صندوق النقد الدولي في تقرير حديث له أن حصول مصر على شريحة تمويل جديدة تقدر بمبلغ 830 مليون دولار ضمن منظومة القروض المتعاقد عليها سوف يأتي بعد المراجعة الثالثة المقررة بحلول منتصف حزيران/ يونيو المقبل.

وصرح مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، جهاد أزعور، أن المرحلة التالية لمصر تتمثل في تسريع وتيرة الإصلاح عبر تحقيق أربعة أهداف، الهدف الأول: تقليل المخاطر على الاقتصاد المصري، مشيرا إلى أن مرونة سعر الصرف تساهم في هذا الأمر، والهدف الثاني: هو خفض التضخم، والهدف الثالث: هو رفع مستوى الحماية الاجتماعية، والهدف الرابع: هو تعزيز دور القطاع الخاص لخلق فرص العمل.

وكانت الحكومة المصرية استوفت سبعة إصلاحات اقتصادية مستهدفة من بين خمسة عشر إصلاحا، حيث ألغت استخدام خطابات الاعتماد البنكية، ونشرت وثيقة سياسة ملكية الدولة، وعدلت قانون المنافسة الذي ينظم عمليات الدمج والاستحواذ، ووسعت من نطاق برامج الحماية الاجتماعية لتشمل المزيد من الأسر،
رغم اعتراضنا على سياسة صندوق النقد الدولي واستعباده الدول بالديون، فإن تعليمات الصندوق للحكومة المصرية بوقف الاقتراض المباشر من البنك المركزي المصري، وأن يكون الاقتراض عبر وزارة المالية، هو أمر جيد في الاتجاه الصحيح لضبط الإنفاق الحكومي في ظل غياب الشفافية والإفصاح عن القروض الحكومية وتوابعها من البنك المركزي
وأدرجت تدابير السياسة الضريبية في مشروع موازنة العام المالي 2024/2023، ومنعت الإعفاءات المقدمة للبنوك التجارية التي تخالف صافي حدود مراكز العملات الأجنبية المفتوحة، وأوقفت تقديم خطط الإقراض المدعمة من خلال البنك المركزي.

ورغم اعتراضنا على سياسة صندوق النقد الدولي واستعباده الدول بالديون، فإن تعليمات الصندوق للحكومة المصرية بوقف الاقتراض المباشر من البنك المركزي المصري، وأن يكون الاقتراض عبر وزارة المالية، هو أمر جيد في الاتجاه الصحيح لضبط الإنفاق الحكومي في ظل غياب الشفافية والإفصاح عن القروض الحكومية وتوابعها من البنك المركزي، لا سيما وأن القانون المصري ينظم آلية اقتراض الحكومة من البنك المركزي بالنص في المادة 47 من القانون رقم 194 لسنة 2020، الخاص بالبنك المركزي والجهاز المصرفي، على أنه: "يقدم البنك المركزي تمويلا للحكومة بناء على طلبها لتغطية العجز الموسمي في الموازنة العامة للدولة، على ألا تتجاوز قيمة هذا التمويل 10 في المئة من متوسط إيرادات الموازنة العامة في السنوات الثلاث السابقة، وتكون مدة هذا التمويل ثلاثة أشهر قابلة للتجديد لمدد أخرى مماثلة، ويجب أن يسدد بالكامل خلال 12 شهرا على الأكثر من تاريخ تقديمه، وتحدد الشروط الخاصة بهذا التمويل بالاتفاق بين البنك المركزي ووزارة المالية على أساس أسعار العائد السائدة بالسوق".

كما أن هدف الصندوق في خصخصة شركات الجيش الاقتصادية يعد كذلك أمرا جيدا، ولكنه قد يكون مستحيل الوقوع في ظل عسكرة البلاد والاقتصاد، وقد لوحظ أن الحكومة خفضت أهداف برنامج الطروحات، حيث ذكرت وزيرة التخطيط هالة السعيد أن الحكومة تهدف من برنامج الطروحات إلى جمع نحو مليار دولار هذا العام وجمع 1.5 مليار دولار في عام 2025، عبر بيع حصص في شركات وأصول تمتلك الدولة حصصا بها للمستثمرين الاستراتيجيين أو إدراجها في البورصة المصرية. وهذا يتناقض ويقل بصورة كبيرة عما ذكره من قبل وزير المالية محمد معيط في شباط/ فبراير الماضي؛
هذا يعني تحولا في توجه الصندوق سواء في بيع شركات قطاع الأعمال العام -التي نتحفظ على سياسة التخلص منها بالخصخصة الرديئة- وبالأحرى كذلك شركات الجيش، وهذا التحول في سياسة الصندوق يُبرز الأبعاد السياسية والاقتصادية معا في إبرام صفقة القرن، لا سيما في ظل حاجة الحكومة المصرية إلى التخلص من ديونها المتراكمة
من أن الحكومة تستهدف جمع 6.5 مليارات دولار من طرح الشركات والأصول المملوكة للدولة بحلول نهاية العام، وأدنى بكثير من المبالغ التي جمعتها الحكومة مؤخرا والتي تقدر بـ5.6 مليارات دولار خلال الفترة من أبريل 2022 إلى ديسمبر 2023 من بيع حصص مملوكة للدولة في 14 شركة.

ولعل هذا التوجه تعكسه تصريحات المدير العام لصندوق النقد كريستالينا جورجيفا، في إطار برنامج القرض الموسع للصندوق لمصر بقيمة 8 مليارات دولار، حيث صرحت بأن الأوضاع في غزة ضغطت على برنامج الطروحات الحكومية، وأن الصندوق لا يريد أن تتعجل مصر في بيع حصص بشركات حكومية.

وهذا يعني تحولا في توجه الصندوق سواء في بيع شركات قطاع الأعمال العام -التي نتحفظ على سياسة التخلص منها بالخصخصة الرديئة- وبالأحرى كذلك شركات الجيش، وهذا التحول في سياسة الصندوق يُبرز الأبعاد السياسية والاقتصادية معا في إبرام صفقة القرن، لا سيما في ظل حاجة الحكومة المصرية إلى التخلص من ديونها المتراكمة. ومع ذلك فإن هذه الصفقة المشؤومة التي يهدفون من ورائها إلى بيع قضية فلسطين بأموال عربية وغربية خبيثة لن يكتب لها النجاح، في ظل ثبات أهل الثبات والرباط في غزة (والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون).

twitter.com/drdawaba
التعليقات (0)