فيما يزداد الحديث الدولي عن قرب الاعتراف بالدولة
الفلسطينية، والاستمرار الاسرائيلي برفض هذا التوجه، لكن قناعة سائدة في الأوساط السياسية والدبلوماسية للاحتلال، تفيد بأنه لا يمكن حق النقض في مسألة الاعتراف بهذه الدولة، لأن أحد إخفاقات تصور رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو٬ هي فكرة أن استئناف المفاوضات حول هذه القضية يمكن تأجيله إلى الأبد، رغم أن
الاحتلال مطالب بتحمل المسؤولية، والإقرار بحق الفلسطينيين في دولتهم.
وبحسب عضو هيئة التدريس بكلية الحقوق بجامعة تل أبيب، رونيت ليفين شنور٬ ومؤسسة "منتدى ما بعد الحرب"، فقد أكدت أن "الاتفاق الاستراتيجي لإنهاء حرب
غزة مطروح على الطاولة منذ أشهر، وتتضمن هذه الصفقة انتهاء القتال في قطاع غزة والشمال، ووقف إطلاق النار، وإطلاق سراح المختطفين، وعودة عشرات آلاف النازحين الإسرائيليين لمنازلهم، ونهاية الأزمة الإنسانية في غزة، وإنشاء إطار حكم مؤقت لقطاع غزة، وإيجاد آلية مالية لإعادة إعماره، والتطبيع مع السعودية أكبر وأهم دولة في الشرق الأوسط، وتأمين المصالح السعودية والأمريكية ضد الإيرانيين، وتعزيز تحالف الدول المعتدلة في الشرق الأوسط، وتثبيت المحور المعتدل في مواجهة المحور الإيراني ، وشيء آخر مهم جدا هو رسم أفق سياسي واضح نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية".
في مقال نشرته صحيفة معاريف، وترجمته "عربي21" أضافت أن "الشرط الأخير المتعلق بإقامة الدولة الفلسطينية من أهم شروط الصفقة، لكننا منذ أشهر نسمع نتنياهو وغيره من السياسيين يتعهدون بأنهم سيمنعون إنشاءها، ويمكننا توقع مزيدا من الدعاية اليمينية ضد الاتفاق الاستراتيجي المزمع لإنهاء الحرب، مع أن هذه الصفقة تتضمن المصلحة الإسرائيلية القاضية بعدم تكرار ليلة الصواريخ والطائرات بدون طيار الإيرانية منتصف أبريل المنصرم".
اظهار أخبار متعلقة
وأكدت أنه "في مواجهة التقلبات القادمة من نتنياهو وفريقه، يجب أن تكون لدينا معلومات مطلعة وموقف واضح، وأهمها سلسلة من الحقائق التي تؤكد أن الفلسطينيين لن يذهبوا لأي مكان خارج أراضيهم، والمصلحة الإسرائيلية هي التأكد من انضمامهم للمحور المعتدل، وليس الجهادي، فضلا عن كون الاعتماد على إسرائيل في مسألة الاعتراف بدولتهم أمر غير دقيق كما يتصور نتنياهو، لأنه ليس لإسرائيل حق النقض في هذه القضية، كما يمكن للكنيست أن يتخذ أي قرار يريده فيما يتعلق برفض الاعتراف بها، لكن من الناحية القانونية والدبلوماسية، فهو ببساطة ليس ضمن سلطته، حيث يحدد القانون الدولي شروط الاعتراف بوجود الدولة".
وأشارت أن "هناك أربعة شروط رئيسية موجودة بالنسبة للفلسطينيين تؤهلهم لتحصيل الاعتراف الدولي بدولتهم، أولها مواطنون دائمون يعبرون عن الرغبة في تحقيق تطلعات الحركة الوطنية، وثانيها منطقة جغرافية محددة، رغم أن القانون الدولي يؤكد أن عدم وجود حدود متفق عليها لا يشكل مشكلة في هذا الصدد، وثالثها نظام سياسي وحكومة، حتى لو كانت هناك قيود مختلفة على عملها المستقل في مناطق معينة مثل المجال الجوي أو في مناطق معينة مثل قطاع غزة، ورابعها إمكانية إقامة علاقات خارجية مع دول أخرى ويقصد به تبادل السفراء، والقدرة على الالتزام بالمعاهدات الدولية، ورغم أن الفلسطينيين التزموا في اتفاقات أوسلو بعدم إقامة علاقات خارجية، لكنهم يفعلون ذلك عمليا، فلديهم سفارات في العديد من الدول".
اظهار أخبار متعلقة
وأوضحت أن "هناك أكثر من 140 دولة اعترفت بالفعل بالكيان الفلسطيني كدولة، ولذلك فإذا لم تعترف دولة الاحتلال بهذه الدولة من خلال استخدامها حق الفيتو فلن يكون مجدياً، لأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية هو من شروط الصفقة الاستراتيجية التي تتضمن مطالبة إسرائيل بوضع أفق سياسي واضح نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، رغم أنه على مدى السنوات الثلاثين الماضية، وبفضل اتفاقات أوسلو، تجنبت بعض الدول الأكثر نفوذا في العالم، خاصة المسيطرة على مجلس الأمن كأعضاء دائمين فيه، الاعتراف بفلسطين كدولة، لأن التوجه السائد، بقيادة الأميركيين، يقضي بأن الاعتراف بدولة فلسطين سيتم في إطار مفاوضات التسوية الدائمة بين إسرائيل والفلسطينيين".
وكشفت أن "أحد الإخفاقات الكبرى لمفهوم نتنياهو الاستراتيجي هو فكرة أن استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين يمكن تأجيله إلى الأبد، وهذا في الواقع ما كان مشغولاً به طوال سنوات حكمه الطويلة، ولهذا السبب تعززت حماس، وضعفت السلطة الفلسطينية، كما أعرب عن أمله في تعزيز التطبيع مع السعودية دون معالجة القضية الفلسطينية، حتى انفجر في وجوهنا يوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر، والآن أصبح أمامنا خياران: دولة فلسطينية باعتراف إسرائيلي أو بدونه، وبالتالي فإن الدولة الفلسطينية بدون إسرائيل تعني أن تتقدم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة ودول أخرى للاعتراف بها".
اظهار أخبار متعلقة
تكشف هذه القراءة الإسرائيلية "الواقعية" أن دولة الاحتلال لا تملك حق النقض (الفيتو) على مسألة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، لأن هذه الدولة ستقوم "كاملة" بوجود الاعتراف الإسرائيلي أو بدونه، مما يستدعي من الجمهور مطالبة حكومته اليمينية بالتوقف عن ذر الرماد في العيون، واتباع سياسة اللف والدوران، وتحمّل المسؤولية السياسية بالإقرار أن الدولة الفلسطينية قادمة لا محالة.