حذرت صحيفة
"
إزفيستيا" الروسية من نظام
الصواريخ الأمريكي "أتاكمز"، الذي
بدأ بالوصول إلى القوات المسلحة الأوكرانية، حذرت فيه من أن هذا السلاح التكتيكي
الموجه وبعيد المدى يشكل تهديدًا خطيرًا لشبه جزيرة القرم، وبشكل خاص للجسر الرابط
بينها وبين
روسيا.
ورغم خطورة هذا
السلاح، فإن جورجي مورادوف، الممثل الدائم للقرم لدى الرئيس بوتين، يؤكد أن
الدفاعات الجوية الروسية قادرة على حماية شبه الجزيرة.
وتقول الصحيفة، في
تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن البنتاغون وافق على استخدام صواريخ "أتاكمز" لاستهداف مواقع في القرم، وبالتالي فهي باتت تشكل تهديدًا على المنشآت
والمواقع في هذه المنطقة، ويمكن استخدامها لاستهداف مراكز الإمداد للقوات الروسية.
إلا أن الهدف الأساسي من التزود بهذه الصواريخ التي تم تقديمها في إطار حزمة
مساعدات أمريكية بقيمة 60 مليار دولار، هو تشكيل ضغط على القرم، وذلك بحسب
متحدث باسم البنتاغون.
واعتبرت أن أعداء
روسيا بهذه الخطوة يرفعون مستوى التصعيد في هذه الحرب. ويشير مورادوف في هذا
السياق إلى أن "حقيقة كون هذا السلاح قادرا على ضرب مدن آمنة خارج منطقة
العملية العسكرية الخاصة هي مسألة مثيرة للقلق".
والحديث هنا يدور بشكل
خاص حول شبه جزيرة القرم، حيث إن صواريخ "أتاكمز" قادرة على ضرب المدن وكذلك الجسر
الذي يمثل شريان الحياة الرابط بين شبه الجزيرة والأراضي الروسية، وهي مسألة تلقت
كييف الضوء الأخضر لتنفيذها. ورغم كفاءة أنظمة الدفاع الجوي الروسية، فإن هذا يشكل
بحسب مورادوف مستوى جديدا من التهديد.
وهدد السياسي الروسي
بأنه "في ظل هذا التصعيد، فإنه يجب على العدو أن يفهم أن استخدام "أتاكمز" سوف تعقبه
هجمات على مراكز اتخاذ القرار، وبالتالي فإن كييف وواشنطن سوف تشعران بوقع
الإجراءات الانتقامية الروسية".
ووفق الصحيفة؛ فإن
روسيا ترى أن هنالك احتمالات حقيقية لارتفاع منسوب التصعيد في الحرب الدائرة، وقد اعتبرت أولغا كوفيتيدي النائبة في البرلمان الروسي عن جمهورية القرم، أن الولايات
المتحدة من خلال تصريحاتها، وتمويل الحرب، وتقديم الدعم الاستخباراتي، والتدريب
العسكري، والتخطيط للعمليات العسكرية جنبا إلى جنب مع أوكرانيا، تصبح فعليا منخرطة
بشكل مباشر في الحرب ضد روسيا.
وتضيف النائبة أن
تصريحات البنتاغون غير مقبولة وخطيرة على روسيا والولايات المتحدة في الآن ذاته. وإن تبعاتها ستتمثل في ارتفاع منسوب التوتر في القارتين الأوروبية والأمريكية.
وبما أن الولايات المتحدة تقوم بأنشطة شديدة الخطورة، يمكن أن تؤدي إلى المدى
الطويل إلى اندلاع حرب نووية، وهو ما يشكل خطرا على الإنسانية.
وذكرت الصحيفة أنه لا
يُعرف على وجه التحديد عدد صواريخ "أتاكمز" التي حصلت عليها أوكرانيا، كما أنه لا يعرف ما
إذا كانت الولايات المتحدة قد وافقت على مهاجمة أهداف محددة داخل القرم. وهذا
الغموض يمنح الجيش الأوكراني الحرية التامة، وهو الذي قد هاجم سابقا أهدافا مدنية
وارتكب أعمالا إرهابية أدت غلى مقتل المدنيين، بحسب الصحيفة.
اظهار أخبار متعلقة
هذه التطورات تعيد إلى
الأذهان بشكل خاص ما حصل من هجمات على جسر القرم في شهري تشرين الأول/ أكتوبر 2022
وتموز/ يوليو 2023. ورغم أن فلاديمير زيلنسكي نفى تورط أوكرانيا في التخطيط لهذه
الهجمات وتنفيذها، فإن رئيس الاستخبارات الأوكرانية فاسيلي ماليوك أقر في آذار/
مارس 2024 بضلوعه في واحد على الأقل من هذين الهجومين.
وتذكر الصحيفة أن
القيادات الأوكرانية لم تتخل يومًا عن رغبتها في تدمير جسر القرم، فقد صرح
زيلينسكي في شهر نيسان/ أبريل الماضي بأن أي مخططات لهجوم مضاد في المستقبل سوف
تتضمن تدمير هذا الجسر. وبعد ذلك بفترة قصيرة كان مدير شعبة الاستخبارات في وزارة
الدفاع الأوكرانية، كيريل بودانوف، قد اعتبر جسر القرم أولوية على قائمة أهداف
الجيش الأوكراني، رغم أنه أقر بأن هذا الموقع يتمتع بحماية قوية.
وبينت الصحيفة أن
مسؤولين أمريكيين كانوا قد أكدوا أن أوكرنيا التزمت بأن تقصف فقط القرم والمواقع
التي قامت موسكو بضمها، وبالتالي عدم استخدام صواريخ بعيدة المدى داخل عمق الأراضي
الروسية. ولكن ـ بحسب الصحيفة ـ فإن واشنطن سوف تكتفي فقط بتحذيرات شفهية، وتعلن
أنها لا تدعم أو توافق على الهجمات في الأراضي الروسية.
ويرى كونستانتين
بلوخين الباحث في مركز الدراسات الأمنية في أكاديمية العلوم الروسية أن
"الولايات المتحدة تفهم تماما أن أوكرانيا ما إن تحصل منها على أي سلاح فسوف
تستخدمه مباشرة، لأنها تسعى لإلحاق أكبر ضرر بروسيا وبكل الطرق الممكنة".
واعتبر بلوخين أن
الولايات المتحدة تجاوزت الخطوط الحمر أكثر من مرة، وبالتالي فإن هذه الخطوة
الأخيرة يفترض أن تحدد روسيا بعدها كيفية الرد. إضافة إلى ذلك فإن التصريحات
الأخيرة للمرشح دونالد ترامب وحزبه الجمهوري تظهر أنه حتى في حال فوزه في
الانتخابات الرئاسية، فلن تطرأ على سياسة واشنطن الخارجية تغييرات تذكر.
ووفق الصحيفة؛ فإن الخبراء العسكريي يتوقعون أن الهجمات الأوكرانية على البنى التحتية في مناطق مثل بيلغورود
وكورسك سوف يتم فيها استخدام أسلحة أخرى من أجل تجنب التضارب مع التعليمات
الأمريكية.
أما صواريخ "أتاكمز" فسوف تستخدم في اتجاه الجنوب وسيكون الهدف الأساسي الجسر والمطارات والمنشآت
العسكرية في شبه جزيرة القرم. وفي هذه الأثناء تعكف القوات الروسية على جعل أنظمة
دفاعها الجوية في كامل الجهوزية، وتركز في نفس الوقت على تدمير خطوط الإمداد
بالسلاح للجيش الأوكراني، المتمثلة أساسًا في الطرقات والسكك الحديدية.
ويرى الخبير العسكري
الروسي ديمتري كورنيف أن حصول القوات الأوكرانية على صواريخ جديدة لن يغير من
طبيعة المواجهة العسكرية، باعتبار أنه لا يوجد أي سلاح سحري أو معجزة، وبالتالي
فإن تأثير صواريخ "أتاكمز" لن يقلب المعادلة.