نشرت صحيفة "
لوموند" الفرنسية تقريرا
تحدثت فيه عن اقتراب المواجهة المباشرة بين طهران وتل أبيب، على خلفية الغارة
الجوية الإسرائيلية التي استهدفت القنصلية
الإيرانية في دمشق، في الأول من نيسان/
أبريل.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته
"
عربي21"، إن إيران وكذلك حزب الله والولايات المتحدة لا يريدون حدوث
هذه المواجهة والأمر سيان بالنسبة لإسرائيل التي تبدو مترددة. مع ذلك، بات احتمال
إثارة حرب غزة حرباً أخرى مرتفعًا. فتواصل المأساة في غزة يهدد بخطر نشوب صراع ثان
في الشرق الأوسط من شأنه جر لبنان إلى الفوضى.
طيلة خمسة أشهر تقريبًا، أبدى حزب الله تضامنه
مع الفلسطينيين في غزة. ومن خلال الصواريخ والقذائف التي تُطلق يوميًا من جنوب
البلاد، يحشد "حزب الله" الجيش الإسرائيلي على جبهته الشمالية. وخلف
المبارزة بالمدفعية على طول الحدود، يلوح في الأفق ظلُّ إيران. فمن خلال "حزب
الله"، تتصادم طهران وإسرائيل. لكن إلى أيّ مدى ستصل مرحلة ما قبل
الحرب بين اثنتين
من القوى العسكرية الكبرى في المنطقة؟ في الأول من نيسان/أبريل الجاري، تم تجاوز
أحد الخطوط بغارة جوية على القسم القنصلي في السفارة الإيرانية في دمشق.
هدف مهم
ذكرت الصحيفة أن حزب الله لم يعد هو المستهدف بل
راعيه الإيراني. وعليه، وقع التخلي عن المواجهة بالوكالة، بواسطة طرف ثالث متدخل
لتقترب المواجهة المباشرة، في ظل توعّد إيران بالرد على استهداف قنصليتها بدمشق.
فهل كان استهداف مبنى القنصلية إجراءً للدفاع عن النفس ضد مكان كان يتم التخطيط
فيه لعمليات ضد إسرائيل؟ أم أنه خطوة استفزازية من أجل بدء دوامة عنف تؤدي إلى فتح
جبهة شمالية لتحويل الأنظار عن الجبهة الجنوبية تمهيداً لعملية إسرائيلية ضد حزب
الله، الذي يشكّل تهديداً أكبر بكثير من حركة حماس؟
إن الـ16 شخصًا الذين قتلوا في هجوم القنصلية
بدمشق يشكّلون هدفًا مهمًا، لأنه كان من بينهم الجنرال الإيراني محمد رضا زاهدي
وثلاثة من نوابه على الأقل. لقد كانوا رجالاً أساسيين وقادوا شبكة الميليشيات
العربية التي تعتمد عليها طهران لفرض مكانتها والحفاظ عليها كقوة إقليمية عظمى:
الحوثيون في اليمن، والميليشيات الشيعية في العراق المنتشرة أيضًا في سوريا، وحزب
الله اللبناني، وأخيرًا حركة حماس الفلسطينية. وهم يشكّلون مع الملالي "محور
المقاومة" ضد إسرائيل، وهم في خدمة إيران قبل كل شيء.
اظهار أخبار متعلقة
وأوردت الصحيفة أن هجوم السابع من أكتوبر الذي شنّته حركة حماس، لم يكن منسقًا داخل المحور.
ولكن كان على محور المقاومة الرد على تدمير المدن وقصف سكان قطاع غزة. وفي حال ظلت
إيران في الخلفية، فإنها تحشد شبكتها حيث يعطل الحوثيون حركة الملاحة البحرية في
البحر الأحمر، وتطلق الميليشيات العراقية النار على القواعد الأمريكية في العراق
وسوريا، لكن الجزء الأكبر من المقاومة يأتي من حزب الله.
من أجل فهم تاريخ وأهمية الميليشيا الشيعية
اللبنانية التي ظهرت فجر الثمانينات، يُنصح بقراءة كتاب كريستوف عياد عن الجغرافيا
السياسية لحزب الله، والذي يرى أن هذه الجماعة الشيعية اللبنانية إيرانية الصنع
تتألف من ثلاثين ألف رجل مسلح وآلاف الصواريخ من كافة الفئات وتشكل جوهرة
الميليشيات التي تضمن توسع إيران في الأراضي العربية.
يصف عياد سلسلة مكونة من روابط دينية وسياسية
وعائلية توحّد الشيعة من جنوب لبنان إلى إيران. ومن الناحية العسكرية، يشكّل حزب
الله قوة أكثر تهديدًا لإسرائيل من حماس الفلسطينية لكنه أيضاً تشكيل راسخ في
الواقع اللبناني، ممثلاً في البرلمان وفي الحكومة. فهو ليس مجرد أداة في يد القوة
الإيرانية بل هو مسؤول أمام "جمهوره" اللبناني.
المشروع النووي العسكري الإيراني
وبحسب الصحيفة، هذا يتطلب من حزب الله عدم
المبالغة في ردّه على الحملة التي تنفذها إسرائيل في غزة. فهو يضع حدودًا أولها
عدم إثارة التدخل الإسرائيلي في لبنان. وفي بلد يمزقه ضمور الطبقة السياسية، فإن
الحرب ستتحول إلى كارثة، وستُنسب المسؤولية إلى حزب الله.
اظهار أخبار متعلقة
بالإضافة إلى ذلك، فإن أولوية حزب الله في
النظام الإيراني ليست الدفاع عن حماس أو حتى عن القضية الفلسطينية بشكل عام. فالترسانة الصاروخية التي يمتلكها الحزب، والتي
يمكنها ضرب كل المدن الإسرائيلية الكبرى، موجودة لردع إسرائيل، سواء مع الولايات
المتحدة أو دونها، عن مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية.
"إن طهران، المنشغلة بتطوير مشروعها النووي
العسكري، الذي ترى أنه يشكل ضمانًا لبقائها الأبدي، لن تخاطر بإشراك حزب الله في
الحرب من أجل عيون حماس"، بحسب قول الصحيفة.