نشر موقع "
كوين تريبون" الفرنسي تقريرا سلط فيه الضوء على التحذيرات بشأن احتمال انهيار السوق الأمريكية وتفاقم
الديون العامة.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن الآفاق
الاقتصادية أصبحت قاتمة، ولا تؤدي الإشارات التحذيرية الصادرة عن مكتب الميزانية في الكونغرس الأمريكي إلا إلى تفاقم المخاوف. ومع تصاعد الدين الوطني بمعدل ينذر بالخطر وتعرض سوق السندات للضغوط، فيبدو أن الولايات المتحدة تتجه نحو انهيار اقتصادي محتمل. ولكن ما الذي يغذي هذا الوضع الحرج، وما هي العواقب التي قد يتحملها الاقتصاد العالمي؟
شبح الديون
لا شك أن العامل الحاسم الأول لهذه الأزمة الناشئة يتمثل في الديون المتزايدة للولايات المتحدة. ففي الوقت الحالي؛ تجاوز الدين الوطني الأمريكي الـ34 تريليون دولار، ومن المتوقع أن يصل إلى 57 تريليون دولار في المستقبل القريب.
وهذا المستوى "غير المسبوق" من الديون، وفقا لمدير مكتب الميزانية في الكونغرس فيليب سواغل، يضع الولايات المتحدة على مسار محفوف بالمخاطر، أشبه بذلك الذي سلكته المملكة المتحدة قبل أزمتها المالية الأخيرة.
اظهار أخبار متعلقة
وبيَّن الموقع أن الديون، على هذا النحو، تمارس ضغوطا هائلة على سوق السندات. وبالتالي فإن ارتفاع عائدات السندات، التي تعد أمرًا ضروريًّا لجذب المستثمرين في مواجهة المخاطر المتزايدة، قد يصبح قريبًا غير مستدام.
ومن شأن هذه الظاهرة أن تهدد بشكل مباشر التصنيف الائتماني للولايات المتحدة، مع ما يترتب على ذلك من عواقب مباشرة على الاقتصاد الحقيقي من خلال زيادة تكلفة الاقتراض بالنسبة للشركات والمستهلكين على حد سواء.
الدومينو المالي
وأضاف الموقع أنه لا يمكن الاستهانة بتأثير الدومينو الذي يخلفه انهيار سوق السندات على الاقتصاد العالمي، والحقيقة أن تدهور الثقة في قدرة الولايات المتحدة على إدارة ديونها قد يؤدي إلى تآكل سريع لقيمة الدولار، وهذا من شأنه أن يكون له تأثير كبير ليس فقط على الاقتصاد الأمريكي، بل أيضًا على النظام المالي العالمي، المرتبط ارتباطًا وثيقًا بالعملة الأمريكية.
ولفت الموقع إلى أن الوضع الحالي يذكرنا بشكل مخيف بالأحداث التي أدت إلى الأزمة المالية في المملكة المتحدة، في أعقاب القرارات التي اتخذتها إدارة رئيسة الوزراء السابقة ليز تروس، كما أن التاريخ يعلمنا أن ردود أفعال السوق قد تكون سريعة وقاسية، الأمر الذي لا يترك مجالًا كبيرًا للسياسة النقدية لتصحيح الوضع.
نحو أفق اقتصادي غامض
ووفق الموقع فإن السؤال الذي لا يزال قائمًا: هل الولايات المتحدة على وشك قبول انهيارها الاقتصادي، أم إنه لا تزال هناك طريق للخروج من دوامة الديون هذه؟ مشيرًا إلى أنه لا ينبغي لنا أن نستخف بتحذيرات مكتب الميزانية في الكونغرس، ولكن، رغم ذلك فهي تفتح الباب أيضًا للتفكير في التدابير العلاجية المحتملة.
اظهار أخبار متعلقة
وتساءل الموقع: هل من الممكن أن نشهد على تشكيل استراتيجية محتملة لخفض الديون، أم إننا نشهد إنشاء نموذج اقتصادي جديد حيث تصبح مستويات الديون معيارًا جديدًا؟
وأفاد الموقع بأن الوضع الاقتصادي الحالي في الولايات المتحدة، الذي يتسم بالديون الهائلة والضغوط المتزايدة على سوق السندات، يطرح تساؤلات جوهرية حول مدى استدامة مثل هذه الديناميكيات المالية.
وفي الختام، أكد الموقع أن الاقتصاد، بعيدا عن كونه مجموعة من الأرقام المجردة، يعكس صحة الأمة، وبالتالي يؤثر على الرفاهية العامة. لذلك، فإن التحدي هائل، والكيفية التي ستستجيب بها الولايات المتحدة، والعالم بدوره، لهذا التهديد الوشيك سوف تحدد معالم الاقتصاد العالمي لسنوات قادمة.