نشر موقع "ميديابارت" الفرنسي، تقريرا أشار فيه إلى أن دولا أوروبية مثل النمسا والمجر والتشيك تتسابق فيما بينها على أفضل داعم للاحتلال الإسرائيلي داخل الاتحاد الأوروبي، في ظل تراجع الدعم العالمي لـ"إسرائيل" جراء العدوان على قطاع
غزة.
وأوضح التقرير أن هذه الدول تعمل على التخلص من اتهامات "معاداة السامية"، بقدر ما تهدف إلى حرب حضارية معادية للإسلام.
ولفت إلى حادثة تزيين ملعب بانشو أرين في
المجر بألوان علم
الاحتلال الإسرائيلي في 15 شباط/ فبراير الماضي، حيث قامت الحشود المكونة من عائلات إسرائيلية متضررة من أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي وأعضاء من الجالية اليهودية المجرية بغناء النشيد الوطني الإسرائيلي.
وحينها، تلقى الرئيس المجري فيكتور أوربان الذي كان واقفا في منصة كبار الشخصيات، الشكر من المتحدث الإسرائيلي في الحفل.
اظهار أخبار متعلقة
وأشار التقرير إلى أن أوربان مقرب جدا من رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يفتخر بكونه أفضل حليف له في
أوروبا، وقد عرض على المنتخب الإسرائيلي لكرة القدم ملجأ في المجر للمشاركة في مبارياته الدولية.
وبعد أيام قليلة من 7 أكتوبر، كان حليف قوي آخر من أوروبا الوسطى هو أول زائر أجنبي إلى دولة الاحتلال لتقديم الدعم، حيث جاء وزير الخارجية التشيكي يان ليبافسكي ليؤكد على الرابط الحضاري بين الغرب و"إسرائيل".
في النمسا، سافر المستشار النمساوي المحافظ كارل نيهامر إلى دولة الاحتلال، بهدف التأكيد على أن بلاده لا تنوي الالتزام بسياسة الحياد التقليدية، معتبرا أنه "لا يوجد حياد في الحرب ضد الإرهاب".
وذكر المقال أن دول أوروبا الوسطى الثلاث هذه تحركت عقب السابع من أكتوبر على الفور من الأقوال إلى الأفعال على الصعيد الدولي. وكانت المجر وجمهورية التشيك والنمسا، إلى جانب جارتهم الكرواتية، الدولَ الأوروبية الوحيدة التي عارضت قرار الأمم المتحدة الأول الذي يدعو إلى وقف إطلاق النار يوم 27 أكتوبر.
وعلى المستوى الأوروبي، منعوا كل مبادرات السلام. وأثبتت بودابست وبراغ أنهما أكثر عنادا من واشنطن، حيث رفضتا مناقشة العقوبات الأوروبية ضد المستوطنين الإسرائيليين المتطرفين، في حين فرضت الولايات المتحدة عقوبات ضد أفراد معينين من هؤلاء في شهر شباط/ فبراير، بحسب التقرير.
وذكر التقرير أن براغ وفيينا انضمتا في وقت لاحق من شهر شباط/ فبراير إلى الدول الأوربية في الدعوة إلى وقف إنساني فوري لإطلاق النار في بيان مشترك، إلا أن بودابست كانت عنيدة في معارضتها.
وفي 21 آذار/ مارس، أشار التقرير إلى أن المجريين "استسلموا"، ليطالب الاتحاد الأوروبي بصوت واحد بإنهاء الحرب الإسرائيلي على قطاع غزة التي أسفرت عن أكثر من 100 ألف ضحية بين شهيد وجريح.
ولفت التقرير الانتباه إلى أن المجر والتشيك والنمسا لم تخرج عن الموقف الدبلوماسي الداعي إلى "حل الدولتين"، لكن الدول الثلاث دعمت رمزيا نقل السفارة الأمريكية من "تل أبيب" إلى القدس عام 2018، دون السير على خطى الولايات المتحدة.
واعتبر أنه بالنسبة للدول الأوروبية الثلاث، فإن الدعم العاطفي للاحتلال، يُفسر قبل كل شيء من خلال رؤية الصراع الحضاري بين العالم اليهودي المسيحي الغربي، الذي من المفترض أن تجسده "إسرائيل"، وبين "الهمجية التي ستمارسها حماس وحتى جميع
الفلسطينيين"، بحسب تعبير معدي التقرير.
في المجر، بالنسبة لحكومة أوربان التي بدأت العلاقات تتكثف بينها وبين الاحتلال بعد السابع من أكتوبر، يتعلق الأمر بتأكيد نفسها باعتبارها تقف في المقدمة في الحرب ضد الإسلام، بقدر ما يتعلق بتبرئة نفسها من اتهامات معاداة السامية، بحسب الموقع الفرنسي.
وذكر التقرير أن المجر قامت بشكل منهجي بعرقلة جميع المواقف الدبلوماسية التي اتخذها الاتحاد الأوروبي. وبعد أيام قليلة من السابع من أكتوبر، تم تنظيم مؤتمر دولي لصالح "إسرائيل" من قبل مركز الحقوق الأساسية، وهو معهد محافظ للغاية مرتبط بحزب فيدس، وهو حزب أوربان.
اظهار أخبار متعلقة
وفي النمسا المجاورة، يعود التحول الحازم المؤيد لـ"إسرائيل" أيضا إلى ضرورة التخلص من الشكوك حول معاداة السامية، كما يوضح الموقع الفرنسي، مشيرا إلى أنه في عام 2017، عندما شكل المحافظون بقيادة سيباستيان كورتس حكومة مع حزب الحرية اليميني المتطرف، فقد سارع المستشار كورتس إلى تطوير علاقات خاصة مع "تل أبيب"، والإعلان بصوت عالٍ عن رغبته في محاربة معاداة السامية في أوروبا.
وذكر الموقع أن المحافظين النمساويين مؤخرا، وجهوا أيضا اتهامات بمعاداة السامية إلى حلفائهم السابقين من اليمين المتطرف، الذين يتفوقون عليهم في استطلاعات الرأي.
وفي ما يتعلق بالتشيك، لفت التقرير إلى أن اليمين التشيكي الحاكم منذ فترة طويلة، رأى في الدعم اللامتزعزع لإسرائيل خيارا جيوسياسيا وأيديولوجيا واضحا، ودليلا على انتماء التشيك إلى العالم الأوروبي الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة. لكن هذا الموقف تتشاطره أحزاب اليسار وأحزاب المعارضة الشعبوية وكذلك اليمين المتطرف.
وأشار التقرير إلى أنه عندما تجاوز عدد الضحايا المدنيين في فلسطين الـ27 ألف شهيد، فقد شاركت شخصيات من جميع تيارات المشهد السياسي التشيكي، في المنتدى التشيكي-الإسرائيلي الذي نظمته شركة الأسلحة الإسرائيلية العملاقة "إلبيت سيستمز" ومؤسسة أبحاث ANO. وبدلا من مناقشة السلام والمساعدات الإنسانية، طالبت التشيك بشراء أسلحة أكثر من "إسرائيل".
اظهار أخبار متعلقة
وفي حين أن الإجماع السياسي والإعلامي شبه كامل في الدول الثلاث، إلا أن المواطنين النادرين الذين يتجرأون على التعبير عن اختلافهم يواجهون صعوبات كثيرة، كما يوضح الموقع.
وأشار التقرير إلى أنه جرى حظر المظاهرات المؤيدة لفلسطين في المجر. وعلى الجانب النمساوي، وعلى الرغم من عدم حظر المظاهرات بشكل منهجي، فقد قامت الشرطة بقمع المتظاهرين بشكل منتظم. وقامت الشرطة بزيارة العديد من النشطاء، وهي الزيارات التي ندد بها الأخيرون باعتبارها محاولات للترهيب.
وفي التشيك، قررت بلدية براغ حظر مظاهرة مؤيدة للشعب الفلسطيني في كانون الأول/ ديسمبر الماضي.
واختتم الموقع الفرنسي تقريره، بالإشارة إلى أن هذا الإجماع ينعكس أيضا في المشهد الإعلامي، حيث يتم نقل الصراع بشكل ممنهج من وجهة نظر بيانات جيش الاحتلال الإسرائيلي، وحيث الأصوات الفلسطينية نادرة، إن لم تكن معدومة.