بعد حياد داعم
لما يقرب من عام ورفض التدخل في حرب أذاقت أهل
السودان الويل، وتسببت في نزوح 8
ملايين شخص، بحسب إحصائيات الأمم المتحدة، أعلن مني أركو مناوي رئيس حركة تحرير
السودان وحاكم إقليم دارفور ترك الحياد ووجه قوات من الحركة إلى العاصمة الخرطوم
للمشاركة مع الجيش في القتال ضد قوات
الدعم السريع.
وخلال بث مباشر
عبر صفحات الفيسبوك أعلن رئيس الحركة وسط قواته المشاركة في الحرب، وقال: "في
طريقنا نحو العاصمة الخرطوم، نعيش في الأزمة التي تكمن في الاعتداء على الدولة
وعلى حقوق المواطنين وكرامتهم وسيادة الدولة".
ماذا تعرف عن حركة تحرير السودان؟
وتعد الحركة
التي يصل عدد قواتها إلى 30 ألف مقاتل "حسب إعلانها" من أكبر وأقدم
الحركات المتمردة في إقليم دارفور "غرب السودان"، وترفض الحكم المركزي
للسودان وتعتبر النظام الفدرالي هو الأنسب للبلاد وتنوعها العرقي والثقافي والديني.
اظهار أخبار متعلقة
وتأسست في 2002
من طرف قبائل الزغاوة والمساليت والفور، وهي من أبرز القبائل الأفريقية في إقليم
دارفور، وعرفت في البداية باسم "جبهة تحرير دارفور"، واقتصرت عضويتها
على بعض أبناء قبيلة الفور الأفريقية، وبعدما انفتحت على أبناء القبائل الأخرى وتغير
اسمها إلى حركة "تحرير السودان"، وذلك في 14 آذار/ مارس 2003.
انقسمت الحركة،
الجناح الأول كان بقيادة مني أركو ميناوي، الذي وقّع عام 2006 اتفاقية أبوجا وأصبح
كبير مساعدي الرئيس السوداني المعزول عمر البشير، والثاني عبد الواحد محمد نور، وغادر
إلى باريس منذ الاتفاقية.
وظهر أركو ميناوي
الذي ولد في منطقة فوراوية بولاية شمال دارفور في 12 كانون الأول/ ديسمبر 1968، كسياسي سوداني على الساحة مع بداية
التمرد بإقليم دارفور عام 2003، وتولى منصب الأمين العام والقائد الميداني لـ "حركة
تحرير السودان".
حظي بعلاقات
كبيرة مميزة مع رئيس جمهورية إريتريا أسياس أفورقي، بل حاول أن يبني قواعد عسكرية
له في شرق السودان مع حركة العدل والمساواة بدعم إريتريا.
اظهار أخبار متعلقة
وفي آب/ أغسطس
من العام الماضي أعلن مسؤول عسكري بارز في حركة تحرير السودان المجلس الانتقالي،
دعمه وتأييده للجيش السوداني في حربه التي يقودها ضد قوات الدعم السريع، لكن
المتحدث باسم التنظيم شدد على تمسكهم بموقف الحياد.
فيما قررت مجموعة من قيادات الحركة الانفصال عن
رئيس الحركة مني أركو مناوي وتغيير اسم الحركة إلى “حركة تحرير السودان –
الديمقراطية”، معلنة عن توجهها لانتخاب مكتب تنفيذي جديد خلال الفترة المقبلة.
ويرى متابعون أن
قرار مناوي الخروج عن مبدأ الحياد والانخراط في الحرب الدائرة منذ نيسان/ أبريل
الماضي إلى جانب الجيش السوداني، يعتبر مجازفة بالحركة التي تملك
نفوذا في إقليم دارفور.
ويرى مراقبون أن
حالة من التوتر أصبحت موجودة منذ البداية حين دعمت الحركة قرار عبد الفتاح البرهان
في الخامس والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر 2021، وميل رئيسها وعدد من القادة المشاركين في
الجهاز التنفيذي للحكومة إلى دعم الجيش.
ولكن تظل أمور السياسة
غامضة تحركها المصالح، فما السر وما الدفاع وراء تحول قرار حركة تحرير السودان من
موقف الحياد للمشاركة في الحرب وما سر تأخره إن كان القرار صوابا؟
اظهار أخبار متعلقة
وفي تصريحات
خاصة لـ" عربي21" أكد الصحفي السوداني الصادق الرزيقي، أن حركة تحرير
السودان بقيادة مني أركو مناوي اتخذت في بداية الحرب موقفاً محايداً، وبحكم وجود
رئيسها في منصب حاكم إقليم دارفور وجد نفسه في مواجهة الموقف الذي لا مناص منه بعد
أن سيطرت قوات الدعم السريع المتمردة على أربع ولايات من ولايات دارفور الخمس.
وأضاف الصحفي
السوداني، أن قرار الحركة بالوقوف إلى جانب الجيش أملته عدة عوامل أهمها، الانتهاكات
والجرائم ضد المواطنين خاصة في دارفور وإعادتها لذاكرة الحرب بين هذه الحركات والدعم السريع نفسه وهي ثارات قديمة لم تلتئم جراحها بعد، ولا تستطيع الحركة الوقوف في مربع الحياد حتى لا تفقد المواطن.
وأشار الرزيقي
إلى أن العامل الثاني مرتبط بموقف الحركة وهي جزء من شراكة السلطة فهي موقعة على
اتفاق جوبا للسلام، وترى وفق حساباتها أن الدعم السريع في نهاية الأمر سيخسر المعركة
مهما طالت الحرب، فالوقوف مع الدولة ومؤسسة الجيش العريقة هو الموقف السليم.
وقال، إن هناك اعتبارات أخرى وهي تعقيدات الموقف مع تشاد والتميز والاصطفاف القبلي ومصالح القبائل
في دارفور التي تفرض على أبنائها النظر في هذه المصالح.
ومن ناحيته يرى المحلل السياسي، محمد عثمان عوض الله، في تصريحات خاصة لـ
"عربي21" أن قرار الحركة يعبر عن موقف وطني حقيقي، وعن وعي كبير، وأن قائد الحركة مني أركو مناوي، رجل وطني يتحدث في القضايا القومية.
اظهار أخبار متعلقة
وأشار عثمان إلى
أن قرار الحركة الانحياز للقوات المسلحة، جاء بعد تأكدها من عدم
جدوى الحياد بسبب الجرائم الكبيرة التي ارتكبتها قوات الدعم السريع ضد المجتمع وضد
كيان الدولة السودانية.
وأضاف المحلل
السياسي، أن الحركة قررت أن تشارك في معركة الوطن القومية. فأرسلت جنودها لتنظيف
الخرطوم، وتحرير ولاية الجزيرة، والدفاع عن ولايات دارفور وكردفان.
وعلى النقيض،
ترى نائبة رئيس حملة سودان المستقبل، زكية صديق، في تصريحات خاصة لـ "عربي21"
أن قرار حركة تحرير السودان، بقيادة مني أركو مناوي لم يكن بدافع وطني أو خوفا على
قضية الوطن، لكنه نابع عن تضارب المصالح كونه يرتبط بمصالح "عمل" مع فرق
الدعم السريع، ولم يقف أبدا على الحياد، واصفة القرار بأنه أسلوب للضغط على فرق الدعم
السريع.
وقالت نائبة رئيس
حملة سودان المستقبل، إن من يبحث في سيرة مني أركو مناوي، يجد أنه مراوغ وشخص غير
موثوق فيه ودخل في اتفاقات كثيرة مع الحكومة وفشل فيها، وأن قراره بالقتال مع
الجيش لا بد أنه نابع عن استفادة كبيرة وتدخلات تجارية.
وأضافت، أن "كل ما
يتم من قائد حركة تحرير السودان من فساد ومصالح كان بمرآى ومسمع من الجيش والحكومة لأنها هي من
قننت الفساد"، على حد قولها، مشيرة إلى أن الجيش مستفيد من قرار مناوي
كونه في موقف ضعف، والقرار يجعله يسوق لنفسه أنه في موقف قوة وقادر على إبرام
التحالفات.