أعاد انتخاب
المعارض باسيرو ديوماي فاي، رئيسا للسنغال، ملف إدارة العلاقات الموريتانية
السنغالية التي توصف بالحساسة إلى الواجهة من جديد، وسط مخاوف من عودة التجاذب بين
البلدين الجارين بعد سنوات من الهدوء.
وفور إعلان فوزه
أعادت وسائل إعلام موريتانية نشر مقابلة سابقة لرفيق باسيرو ورئيس حزبه عثمان
سونغو نشرت عام 2019 تتحدث فيها عن رؤيته للعلاقة مع
موريتانيا، مشيرًا خلالها إلى
أن جميع الرؤساء السنغاليين كانوا متصالحين مع موريتانيا.
واعتبر سونغو أن
"
الرئيس السنغالي الأسبق عبدو ضيوف سلم الضفة اليسرى لموريتانيا دون استفتاء،
واستمر الوضع على هذا الحال، فيما تم ترك 50 بالمائة من غاز السنغال لموريتانيا
دون أخذ وجهة نظرنا" وفق قوله.
الأحواض الناضبة
سونغو تحدث أيضا
عن ضرورة إحياء "مشروع الأحواض الناضبة" من أجل تطوير
الزراعة في بلاده،
بالرغم من الرفض الموريتاني.
وأضاف قائلا:
"يجب أن نطور الزراعة والرعي، بإحياء مشروع الأحواض الناضبة، رغم الرفض
الموريتاني، لقد تهرب الرئيس عبدو ضيوف من المشروع، أما الرئيس الأسبق عبد الله
واد فقد أطلق مشروع الأحواض الناضبة، ثم أوقفه بسبب الضغوط الموريتانية سنة 2000،
وماكي صال لا يتحدث عن الأحواض الناضبة مطلقا".
وكان الرئيس
السنغالي الأسبق عبد الله واد، قد حاول تنفيذ "مشروع الأحواض الناضبة"
سنة 2000 ما فجر أزمة دبلوماسية حينها مع نواكشوط.
اظهار أخبار متعلقة
وتعتبر
موريتانيا أن تنفيذ المشروع يؤثر على كميتها من مياه
نهر السنغال، لأنه سيخفض
منسوب الماء الواصل للمزارع الموريتانية على الضفة الشمالية للنهر.
مرشح الخطة
البديلة
وكان سونغو أبرز
المرشحين لرئاسيات السنغال، لكنّ المجلس الدستوري رفض ترشيحه، ما دفعه لترشيح
زميله في الحزب، باسيرو ديوماي فاي، في إطار خطة بديلة لدى حزب "الوطنيون من
أجل العمل والأخلاق والأخوة"، خصوصا أن رفض ترشح سونغو كان مطروحا بالنظر إلى
موقف النظام منه ولكونه مدانا بالسجن عامين.
وأسس سونغو،
وديوماي فاي، حزب "الوطنيين الأفارقة في السنغال للعمل والأخلاق"
(باستيف) عام 2014، وانطلقا في مسار سياسي اتسم بالتصعيد والتحدي والمواجهة في
الميدان وداخل أروقة المحاكم حتى أوصلهما إلى باب القصر.
ويرى متابعون أن
رأي سونغو سيكون مسموعا من طرف الرئيس السنغالي المنتخب باسيرو ديوماي فاي، بل يذهب
متابعون إلى أن سونغو سيتدخل في مختلف الملفات بما فيها إدارة الشأن الخارجي.
إكراهات سياسية
واقتصادية
وبالرغم من
التصريحات السابقة لرفيقه، إلا أن الرئيس المنتخب باسيرو ديوماي فاي، تعهد في خطاب
فوزه بالتعاون مع جميع الدول الأفريقية "بهدف التكامل الاقتصادي".
ويرى الباحث في "المركز الموريتاني للدراسات والبحوث الاستراتيجية" المختار ولد نافع،
أن تصريحات سونغو، لن تكون برنامجا عمليا للرئيس المنتخب باسيرو ديوماي فاي، بسبب
الإكراهات السياسية والاقتصادية.
ولفت ولد نافع
في تصريح لـ"عربي21" إلى أن التجارب السابقة ستجعل ديوماي فاي، يبتعد عن
أي ملفات قد تساهم في توتير العلاقات مع نواكشوط.
وأضاف ولد نافع:
"الرئيس السنغالي السابق عبد الله واد، كانت له تصريحات قوية في موضوع الحدود
النهرية مع موريتانيا قبل ترأسه، لكنه حين حاول في بداية رئاسته قطع خطوات عملية
في الموضوع سنة 2000، فقد استخدمت نواكشوط ضده ورقة العمالة السنغالية في موريتانيا
فطلبت من السنغاليين مغادرة البلاد".
اظهار أخبار متعلقة
وتوجد في
موريتانيا جالية سنغالية كبيرة، حيث بلغ عدد السنغاليين المقيمين في موريتانيا ممن
سجلوا على اللائحة الانتخابية أكثر من 27 ألف ناخب، ما يعكس حجم هذه الجالية التي
تعمل في العديد من المجالات بينها الصيد والبناء وقطاعات أخرى.
ولفت الباحث
بالمركز الموريتاني للدراسات والبحوث الاستراتيجية، المختار ولد نافع، إلى أن
باسيرو ديوماي فاي، نال ثقة 55 بالمائة أصوات المواطنين السنغاليين المقيمين في
موريتانيا، والذين صوتوا في 48 مركز تصويت موزعة بين ثلاث مدن موريتانية، هي نواكشوط و نواذيبو و روصو.
واعتبر ولد نافع
أن باسيرو، لن يكافئ هذه الجالية التي صوتت له بخلق مشاكل لها، متوقعا أن يستمر
ديوماي فاي، في نهج سابقيه بخصوص العلاقات مع موريتانيا، رغم تصريحات رفيقه سونغو.
علاقات حساسة
وتوصف العلاقات
الموريتانية السنغالية بأنها معقدة وحساسة، وتعرف مدّا وجزرا، بسبب ملفات
الصيادين التقليديين، وغيرها من الملفات التي تثير التوتر من حين الآخر.
وكانت السنوات من
1989 إلى 1991 الأكثر صعوبة في تاريخ علاقات البلدين، حيث شهدت توترا وتصادمات
عرقية، جراء نزاع بين مزارعين سنغاليين ورعاة أبل موريتانيين، أدى إلى تهجير قسري
لرعايا البلدين.
تناسي الخلافات
التاريخية
ويرى متابعون أن
بدء استغلال حقل غاز مشترك بين البلدين سيجبرهما على ضبط علاقاتهما وتفادي كل ما
من شأنه توتيرها.
اظهار أخبار متعلقة
ومن المقرر أن
يبدأ البلدان بتصدير أول شحنة من حقل "السلحفاة" المشترك بينهما نهاية
العام الجاري، حيث تُقدر احتياطاته من الغاز بـ25 تريليون قدم مكعب.
ويرى متابعون
أنه بالرغم من أن هاجس عدم ثقة ظل حاضرا في العلاقات الثنائية منذ أحداث 1989، فإن المصالح المشتركة وعلى رأسها الغاز المكتشف، باتت تفرض على البلدين تناسي
خلافاتهما التاريخية.