أصبح المحلل السياسي لما يجري داخل فلسطين
يملك اليوم عددا متزيدا من الشهادات والمعطيات التي تمكنه من تقديم صورة موضوعية
عن الأوضاع، حتى لو لم يكن مختصا في هذا الملف؛ يكفيه أن يجمع تلك المعطيات
المتفرقة ويضعها في سياق ما حتى تتجلى أمامه الخلفيات والتداعيات. وما يميز هذه
المرحلة أن كما هائلا من التصريحات والأدلة الداعمة يتم بثها بشكل متواصل وتنشرها
وتتناقلها وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، خلافا لما كان يحصل من قبل حين
كانت هذه المعطيات تكتب في تقارير سرية، أو تقال داخل مكاتب مغلقة. والعينات التي
سنعتمدها في هذا المقال دليل قاطع على ذلك.
عندما وصفنا في مقالات سابقة
نتنياهو
وحكومته بالعصابة المتمردة على القيم والقوانين والأعراف الدولية، لم نفعل ذلك من
موقع التضامن المبدئي مع الشعب الفلسطيني، ولكن بناء على حجم الجرائم التي
ارتكبتها هذه العصابة وطبيعتها الهمجية والدموية؛ جرائم موثقة ومنقولة على
المباشر.
عندما سئل عامي
أيالون، الرئيس السابق لجهاز الأمن الداخلي
الإسرائيلي (الشاباك)، خلال مقابلة مع قناة
"إيه بي سي" الأمريكية عن
مدى قوة بن غفير وسموتريش، أجاب بدون تردد: "هما إرهابيان يهوديان مسيحانيان".
وأضاف وهو من هو داخل جهاز القمع الإسرائيلي: "لو
كنت فلسطينيا لحاربت إسرائيل من أجل حريتي"، وهذا الذي لا تزال السلطة
الفلسطينية ترفضه، وتعتقل من يرفع السلاح ويقاوم الاحتلال.
نتنياهو الذي سيحمل المسؤولية الكبرى في جريمة الإبادة الجماعية، سواء أقرت بذلك محكمة العدل الدولية أو اكتفت بالدوران حول الحِمى دون أن تقتحمه، رغم أن الأطراف المشاركة في ذلك عديدة سواء داخل إسرائيل أو خارجها، ويكاد يوجد شبه إجماع حول وصفه بمختلف الأوصاف الشريرة
عندما توقفنا في أكثر من مناسبة أمام
ازدواجية الخطاب الأمريكي الرسمي، وانتقدنا بشدة سياسة الرئيس بايدن واتهمنا
سياسته بالتصهين، لم نفعل ذلك من منطلق موقف عدائي للولايات المتحدة، وإنما بناء
على تصريحات بايدن، وأكدته كتابات عدد من المحللين الأمريكيين الذين ذكروا أن
بايدن هو أقرب رئيس أمريكي لإسرائيل.
في هذا السياق، اعتبر ماثيو ميلر، المحلل السابق في وزارة الخارجية
الأمريكية أن مشكلة بايدن تكمن في "ارتباطه بإسرائيل"، وأضاف أن الرئيس الأمريكي
هو الوحيد الذي "وصف نفسه مرات ومرات بأنه صهيوني". لهذا يعتقد ميلر أن هذا الارتباط هو الذي
منع بايدن من "فرض شروط على إسرائيل طيلة الحرب"، ليستمر في تقديم العون
لها من خلال إرسال مختلف أنواع الأسلحة الفتاكة التي قتلت الأطفال والنساء. وهو ما كشفت عنه الصحف الإسرائيلية التي تحدثت عن "وصول
نحو 35 ألف طن أسلحة وذخائر، غالبيتها من الولايات المتحدة، على متن أكثر من 300
طائرة ونحو 50 سفينة، منذ اندلاع الحرب"، دون القائمة التي حملها وزير الدفاع
في زيارته الأخيرة إلى واشنطن، والتي تضمنت أنواعا مختلفة من الأسلحة المتطورة.
نعود إلى نتنياهو الذي سيحمل المسؤولية الكبرى في
جريمة
الإبادة الجماعية، سواء أقرت بذلك محكمة
العدل الدولية أو اكتفت بالدوران
حول الحِمى دون أن تقتحمه، رغم أن الأطراف المشاركة في ذلك عديدة سواء داخل إسرائيل
أو خارجها، ويكاد يوجد شبه إجماع حول وصفه بمختلف الأوصاف الشريرة.
ملف إدانة إسرائيل وحكومتها الحالية أصبح جاهزا ومكتملا، سواء من الجانب القانوني أو الإنساني، لتوجيه تهمة الإبادة الجماعية، وأن هذه الحكومة البشعة تتجه الآن لاستكمال جريمتها نحو الهجوم على رفع بحجة القضاء على المقاومة، في حين أن الهدف الاستراتيجي الأهم بالنسبة لها هو تهجير العدد الأكبر من الفلسطينيين، وإعادة احتلال غزة وتسليمها إلى المستوطنين
آخر ما صدر في
هذا الشأن إقدام صحيفة "لابريس" الكندية على نشر رسم كاريكاتوري يصوّر نتنياهو في
شكل "مصاص دماء"، ورغم اضطرار الصحيفة إلى التراجع وتقديم اعتذار بعد
الاحتجاج الإسرائيلي إلا أن الصحف العالمية خصصت له بعض افتتاحياتها للهجوم عليه
بقوة.
يكفي في هذا
السياق الإشارة إلى الصحفي والكاتب
الأمريكي توماس فريدمان؛ الذي اعتبر في حوار له مع صحيفة
هآرتس الإسرائيلية أن بنيامين نتنياهو "سيُدرج
في التاريخ باعتباره أسوأ زعيم في التاريخ اليهودي وليس فقط في التاريخ الإسرائيلي".
وهذا يعود لعناده وانفراده بالرأي وثقته في
نفسه نظرا لنفسيته الخبيثة، وأن هناك جبهة واسعة عالمية ضده وضد سياسته بمن ذلك
عدد من كبار الساسة اليهود في أمريكا؛ من بينهم زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس
الشيوخ الأمريكي المؤيد بحماس لإسرائيل، والذي يعتبر "أكبر مسؤول أمريكي
يهودي منتخب"، حيث تجرأ في
خطابه الأخير واتهم نتنياهو بكونه "عقبة أمام السلام"، وهو ما أثار غضب
حكومة في تل أبيب.
بناء على ما سبق يمكن القول إن ملف إدانة إسرائيل
وحكومتها الحالية أصبح جاهزا ومكتملا، سواء من الجانب القانوني أو الإنساني،
لتوجيه تهمة الإبادة الجماعية، وأن هذه الحكومة البشعة تتجه الآن لاستكمال جريمتها
نحو الهجوم على رفع بحجة القضاء على المقاومة، في حين أن الهدف الاستراتيجي الأهم
بالنسبة لها هو تهجير العدد الأكبر من الفلسطينيين، وإعادة احتلال
غزة وتسليمها
إلى المستوطنين.. فهل هناك أكثر بشاعة من هؤلاء