نشر موقع
"
إنترسبت" الأمريكي تقريرا، ناقش القصة وراء تقرير "نيويورك
تايمز" حول أحداث السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وسلّط الضوء على القرارات التحريرية
والعملية التي أدت إلى نشر التقرير، وتأثيره الكبير على الحرب في غزة، وردود الفعل
المتنوعة حوله داخل الصحيفة وخارجها.
وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"؛ إن صحيفة "
نيويورك تايمز" كلّفت المخرجة
الإسرائيلية والمسؤولة السابقة
في المخابرات الجوية أنات شوارتز، بالعمل مع ابن أخيها آدم سيلا والمراسل المخضرم
في صحيفة التايمز جيفري جيتلمان على تحقيق حول العنف الجنسي، الذي ارتكبته حماس في
السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
وبحلول تشرين الثاني/ نوفمبر، كانت المعارضة العالمية تتصاعد
ضد الحملة العسكرية الإسرائيلية، التي أسفرت بالفعل عن مقتل الآلاف من الأطفال
والنساء والمسنين. وفي حسابها على منصات التواصل الاجتماعي، الذي قالت التايمز منذ
ذلك الحين إنها تراجعه، وضعت شوارتز إعجابا على تغريدة تقول؛ إن إسرائيل تحتاج إلى
"تحويل القطاع إلى مسلخ بشري". وقد ورد في المنشور: "انتهكوا أي
قاعدة، في طريقكم إلى النصر، إن الذين أمامنا حيوانات بشرية لا تتردّد في انتهاك
الحد الأدنى من القواعد".
وأشار الموقع إلى أن صحيفة "نيويورك تايمز" من جانب
آخر لديها قواعد ومعايير، بينما لم يكن لدى شوارتز خبرة سابقة في إعداد التقارير.
وقد شرح لها شريكها في التحقيق جيتلمان الأساسيات، وذلك حسب ما أقرّت به شوارتز في
مقابلة إذاعية باللغة العبرية يوم 3 كانون الثاني/ يناير، من إنتاج القناة 12
الإسرائيلية.
إظهار أخبار متعلقة
وقالت؛ إن جيتلمان كان قلقا بشأن "الحصول على مصدرين على الأقل لكل التفاصيل التي
نضعها في التقرير، والتحقق من المعلومات. هل لدينا أدلة جنائية؟ هل لدينا أدلة
مرئية؟ بصرف النظر عن إخبار قارئنا بأن "هذا حدث"، ماذا يمكننا أن نقول؟
هل يمكننا أن نقول ماذا حدث لمن؟". وأضافت شوارتز أنها كانت مترددة في
البداية بشأن تولي المهمة؛ لأنها لم ترغب في النظر إلى الصور المرئية للاعتداءات
المحتملة، ولأنها تفتقر إلى الخبرة اللازمة لإجراء مثل هذا التحقيق.
ورغم ذلك، بدأت العمل على التحقيق مع جيتلمان، وهو مراسل دولي
حائز على جائزة بوليتزر. وعندما يتم إرساله إلى أحد المكاتب، يعمل مع مساعدي
الأخبار والصحفيين المستقلين على القصص. ولكن حسب عدة مصادر مطلعة على العملية،
فقد أجرى شوارتز وسيلا في هذا التقرير الغالبية العظمى من التقارير الميدانية،
بينما ركز جيتلمان على التأطير والكتابة.
كان التقرير الناتج عن ذلك، الذي نُشر في أواخر كانون الأول/
ديسمبر، تحت عنوان "صرخات بلا كلمات": كيف استخدمت حماس العنف الجنسي
كسلاح في 7 تشرين الأول/ أكتوبر"، بمنزلة قنبلة وحفّز الجهود الحربية
الإسرائيلية في وقت كان فيه حتى بعض حلفاء إسرائيل يعرِبون عن قلقهم إزاء قتلها
للمدنيين على نطاق واسع في غزة. قوبل التقرير بالثناء من رؤساء التحرير والتشكيك
من صحفيي التايمز الآخرين. وحاول برنامج البودكاست الرئيسي للصحيفة "ذا
ديلي" تحويل المقال إلى حلقة، لكنه لم يتمكّن من اجتياز اختبار التحقق من صحة
الأخبار.
وأوضح
الموقع أن خوف موظفي التايمز الذين انتقدوا تغطية الصحيفة لقطاع غزة، هو أن تصبح
شوارتز كبش فداء لفشل أعمق بكثير. ربما تحمل عداء تجاه الفلسطينيين، وتفتقر إلى
الخبرة في الصحافة الاستقصائية، وتشعر بضغوط متضاربة بين كونها مؤيدة للمجهود
الحربي الإسرائيلي وكونها مراسلة لصحيفة "التايمز"، لكن شوارتز لم
تقم بتلقاء نفسها هي وابن أخيها بتغطية واحدة من أكثر قصص الحرب أهمية، بل كلّفتها
القيادة العليا في صحيفة "نيويورك تايمز" بذلك. وقالت شوارتز ذلك في
مقابلة مع إذاعة الجيش الإسرائيلي في 31 كانون الأول/ ديسمبر.
وأشار الموقع إلى أن بعض المحررين والمراسلين اشتكوا بعد وقت
قصير من اندلاع الحرب، من أن معايير التايمز تمنعهم من الإشارة إلى حماس على أنها
"إرهابية". وكان الأساس المنطقي لقسم المعايير، الذي أداره فيليب كوربيت
لمدة 14 سنة، هو أن حماس هي الإدارة الفعلية لمنطقة معينة، وليست جماعة إرهابية
عديمة الجنسية. ووفقا لهذه الحجة، فإن قتل المدنيين عمدا لم يكن كافيا لوصف
مجموعة ما بأنها إرهابية؛ لأن هذه التسمية يمكن أن تنطبق على نطاق واسع.
وقالت مصادر غرفة الأخبار؛ إن كوربيت، بعد 7 تشرين الأول/
أكتوبر، دافع عن هذه السياسة في مواجهة الضغوط، لكنه خسر. وفي 19 تشرين
الأول/أكتوبر، أُرسل بريد إلكتروني نيابة عن المحرر التنفيذي جو كان، يفيد بأن
كوربيت طلب التنحي عن منصبه، وأوضحت قيادة التايمز: "بعد 14 عاما من العمل
على ضمان تطبيق معايير التايمز، أخبرنا فيل كوربيت بأنه يود التنحي قليلا، والسماح
لشخص آخر بأخذ الدور القيادي في هذا الجهد الحاسم". وقالت مصادر في غرفة
الأخبار؛ إن الخطوة مرتبطة بالضغوط التي تعرض لها لتخفيف معايير التغطية لصالح
إسرائيل، وقد أوضح أحد المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي التي نالت إعجاب
شوارتز، والتي أدت إلى مراجعة التايمز، أنه لأغراض الدعاية الإسرائيلية، يجب تشبيه
حماس في جميع الأوقات بتنظيم الدولة. وقال متحدث باسم التايمز لموقع إنترسبت؛ "إن فهمكم لفيل كوربيت غير صحيح على الإطلاق".
ومنذ الكشف عن نشاط شوارتز الأخير على مواقع التواصل
الاجتماعي، لم يظهر عنوانها الثانوي في الصحيفة ولم تحضر الاجتماعات التحريرية.
وقالت الصحيفة؛ إن مراجعة "الإعجابات" الخاصة بها على مواقع التواصل
الاجتماعي مستمرة. وقال متحدث باسم التايمز: "تعد هذه الإعجابات انتهاكات غير
مقبولة لسياسة مؤسستنا".
وأضاف الموقع أن الفضيحة الأكبر قد تكون التقرير نفسه والعملية
التي سمحت بالموافقة عليه في المقام الأول، والأثر الذي أحدثه هذا التقرير في حياة
آلاف الفلسطينيين الذين تم تبرير قتلهم بالعنف الجنسي المنهجي المزعوم لحماس، الذي
زعمت الصحيفة أنها كشفته. وقال مراسل آخر محبط من صحيفة التايمز: "سيُوجَّه
الكثير من التركيز بشكل مفهوم إلى شوارتز، ولكن من الواضح أن هذا قرار تحريري سيئ، يقوّض كل العمل الرائع الآخر الذي يتم إنجازه بلا كلل عبر الصحيفة، سواء كان
مرتبطا بالحرب أم لا".
إظهار أخبار متعلقة
تفتح مقابلة القناة 12 مع شوارتز، التي ترجمها الموقع من
العبرية، نافذة على عمليّة إعداد التقارير حول القصة المثيرة للجدل، وتشير إلى أن
مهمة نيويورك تايمز كانت تعزيز رواية محددة مسبقا. وحسب البيان الداعم للتقرير
الذي أصدره محرّر "التايمز إنترناشيونال" فيل بان، فإن شوارتز كانت
جزءا من عمليّة إعداد التقارير والتحرير الصارمة، ولا يوجد أيّ دليل على التحيّز
في عملها، مؤكدا ثقته في دقة التقارير ودعمه للتحقيق الذي أجراه الفريق، لكنه يجد
أن "إعجاباتها" بمنشورات مسيئة ومتحيزة، التي سبقت عملها في الصحيفة،
أمر غير مقبول.
وحسب المقابلة، فإن شوارتز رغم جهودها المكثفة للحصول على
تأكيد من المستشفيات الإسرائيلية ومراكز أزمات الاغتصاب ومرافق التعافي من الصدمات
والخطوط الساخنة للاعتداءات الجنسية في إسرائيل، لم تستطِع الحصول على تأكيد واحد
من أي منهم. واعترف المتحدث باسم التايمز بعد أن لفت موقع إنترسبت انتباه الصحيفة
إلى حلقة البودكاست على القناة 12، أنها أُخبرت أنه لم تكن هناك أي شكاوى بشأن
اعتداءات جنسية، "ومع ذلك، كانت هذه مجرد الخطوة الأولى في بحثها. ثم تصف بعد
ذلك ظهور الأدلة والشهادات والأدلة النهائية، على أنه ربما كان هناك استخدام منهجي
للاعتداء الجنسي، وتشرح بالتفصيل خطوات بحثها وتؤكد معايير التايمز الصارمة
لتأكيد الأدلة، والاجتماعات مع المراسلين والمحررين لمناقشة الأسئلة التحقيقية
والتفكير بشكل نقدي حول القصة".
لم يكن السؤال ما إذا كانت أعمال الاعتداء الجنسي الفردية قد
وقعت في السابع من تشرين الأول/أكتوبر. ليس الاغتصاب أمرا شائعا في الحرب، وكان
هناك أيضا عدة مئات من المدنيين الذين تدفقوا إلى إسرائيل من غزة في ذلك اليوم في
"الموجة الثانية"، مما ساهم في زيادة الفوضى والعنف. لكن القضية
المركزية، هي ما إذا كانت صحيفة نيويورك تايمز قد قدّمت أدلة قويّة لدعم ادعائها
بأن هناك تفاصيل تم الإبلاغ عنها حديثا، "تثبت أن الهجمات ضد النساء لم تكن
حالات معزولة، وإنما جزء من نمط أوسع من العنف القائم على النوع الاجتماعي في 7
تشرين الأول/أكتوبر"، وهو ادعاء ورد في العنوان الرئيسي بأن حماس استخدمت
العنف الجنسي عمدا كسلاح حرب.
أوضح الموقع أن شوارتز بدأت تحقيقها من خلال زيارة مرافق
"الغرفة 4" في 11 مستشفى إسرائيلي، التي تقوم بفحص ومعالجة الضحايا
المحتملين للعنف الجنسي بما في ذلك الاغتصاب، وذكرت في مقابلة البودكاست، أن أول
شيء فعلته هو الاتصال بهم جميعا وكان ردهم بالنفي، إذ لم يتلقوا أي شكوى بشأن
اعتداء جنسي. وكانت الخطوة التالية الاتصال بمدير الخط الساخن لحالات الاعتداء
الجنسي في جنوب إسرائيل، وهو الأمر الذي أثبت عدم جدواه؛ ذلك أن المدير أخبرها
بأنه ليس لديهم أي تقارير عن العنف الجنسي. وقد وصفت المكالمة بأنها "محادثة
متعمّقة ومجنونة"، حيث ضغطت من أجل حالات محددة.
عندما بدأت شوارتز جهودها الخاصة للعثور على أدلة على الاعتداء
الجنسي، بدأت أول ادعاءات محددة بالاغتصاب في الظهور. ادعى شخص تم تحديده في
مقابلات إعلامية مجهولة على أنه مسعف من الوحدة الطبية 669 التابعة للقوات الجوية
الإسرائيلية، أنه رأى أدلة على تعرض فتاتين مراهقتين في كيبوتس ناحال عوز للاغتصاب
والقتل في غرفة نومهما. مع ذلك، قدّم الرجل ادعاءات شنيعة أخرى، مما أدى إلى
التشكيك في تقريره؛ فقد ادعى أن مسعفا آخر "أخرج من القمامة" طفلا تعرض للطعن عدة مرات، وقال أيضا؛ إنه رأى "عبارات عربية مكتوبة على مداخل
المنازل بدماء الناس الذين كانوا يعيشون" فيها. لكن لا وجود لمثل هذه
الرسائل، وقد تم فضح زور قصة الطفل في سلة المهملات، والمشكلة الأكبر أنه لا يوجد
حالة لفتاتين في الكيبوتس تناسب وصف المصدر. وفي مقابلات لاحقة، قام بتغيير الموقع
إلى كيبوتس بئيري، لكن لم يتطابق أي من الضحايا الذين قُتلوا هناك مع الوصف أيضا،
وذلك حسب ما ذكره موقع "موندويس".
وبعد رؤية هذه المقابلات، بدأت شوارتز الاتصال بالناس في
كيبوتس بئيري والكيبوتسات الأخرى التي تم استهدافها في 7 تشرين الأول/أكتوبر في
محاولة لتتبع القصة، لكن أحدا لم ير أو يسمع أي شيء. ثم وصلت إلى مسعف الوحدة 669
الذي نقل إلى شوارتز القصة نفسها التي رواها لوسائل الإعلام الأخرى، التي تقول إنها
أقنعتها بوجود طبيعة منهجية للعنف الجنسي.
قالت شوارتز؛ إنها بدأت بعد ذلك سلسلة من المحادثات المكثفة مع
مسؤولين إسرائيليين من زاكا، وهي منظمة إنقاذ خاصة يهودية متشددة، تم توثيقها بأنها
أساءت التعامل مع الأدلة ونشرت العديد من القصص الكاذبة حول أحداث 7 تشرين
الأول/أكتوبر، بما في ذلك الادعاءات الكاذبة بشأن قطع رؤوس الأطفال وإخراج جنين من
بطن أمه. والعاملون فيها ليسوا علماء طب شرعي مدربين أو خبراء في مسرح الجريمة.
قال يوسي لانداو، أحد كبار مسؤولي زاكا، واصفا عمل المجموعة
في مواقع هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر: "عندما نذهب إلى منزل، نستخدم خيالنا،
كانت الجثث تخبرنا بما حدث، وهذا ما حدث". وقد ظهر لانداو في تقرير التايمز،
على الرغم من عدم ذكر سجله الموثق جيدا في نشر القصص المثيرة عن الفظائع التي ثبت
زيفها لاحقا. وقالت شوارتز؛ إنه في مقابلاتها الأولية، لم يقدم أعضاء زاكا أي
ادعاءات محددة بالاغتصاب، لكنهم وصفوا الحالة العامة للجثث التي قالوا إنهم رأوها،
"قالوا لي: "نعم، رأينا نساء عاريات"، أو "رأينا امرأة من دون ملابس داخلية‘".
واصلت
شوارتز البحث عن أدلة في مواقع مختلفة للهجوم، ولم تجد أي شهود يؤكدون قصص
الاغتصاب، وقالت: "لذلك بحثت كثيرا في الكيبوتسات، وبصرف النظر عن شهادة
المسعف العسكري الإسرائيلي، بالإضافة إلى أحاديث أشخاص من زاكا، لم تظهر قصص
مماثلة من هناك".
بعد
ذلك، شاهدت شوارتز مقابلات القنوات الإخبارية الدولية مع شاري مينديز، وهي مهندسة معمارية
أمريكية تعمل في وحدة حاخامية تابعة لقوات الدفاع الإسرائيلية. وزعمت مينديز، التي
تم إرسالها إلى المشرحة لإعداد الجثث للدفن بعد هجمات السابع من تشرين الأول/
أكتوبر، أنها رأت أدلة ضخمة على الاعتداءات الجنسية. قالت مينديز في إحدى
المقابلات: "لقد رأينا أدلة على الاغتصاب، حيث يوجد حالات لديها كسر في الحوض،
وربما يستغرق كسر الحوض الكثير من الوقت… ولوحظ هذا أيضا بين الجدات وحتى
الأطفال الصغار. وهذا ليس مجرد شيء رأيناه على الإنترنت، بل رأينا هذه الجثث
بأعيننا".
كان
اسم مينديز حاضرا في روايات الحكومة الإسرائيلية ووسائل الإعلام الرئيسية حول
العنف الجنسي الذي وقع في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، وذلك على الرغم من أنها
لا تملك أي أوراق اعتماد طبية أو شرعية لتحديد الاغتصاب بشكل قانوني. وقالت لصحيفة
"ديلي ميل" في تشرين الأول/ أكتوبر: "لقد أخرِج طفل من بطن ثم قُطع
رأس الأم". لكن في الواقع، لم تُقتل أي امرأة حامل في ذلك اليوم وفقا
للقائمة الإسرائيلية الرسمية للقتلى في الهجمات، وقالت مجموعة الأبحاث المستقلة
المعنية بـ "التحقق مما حدث في 7 تشرين الأول/ أكتوبر"؛ إن قصة مينديز
كاذبة.
بعد
أن شاهدت مقابلات مع مينديز، أصبحت شوارتز مقتنعة أكثر بأن رواية الاغتصاب المنهجي
كانت صحيحة. وقالت شوارتز؛ إنها شعرت بالتضارب في بعض الأحيان، وتساءلت عما إذا
أصبحت مقتنعة بحقيقة القصة الشاملة على وجه التحديد؛ لأنها كانت تبحث عن أدلة تدعم
ادعاءها، لكنها دفعت تلك الشكوك جانبا. وبحلول الوقت الذي أجرت فيه شوارتز مقابلة
مع مينديز، كانت قصة جندي الاحتياط في جيش الدفاع الإسرائيلي، قد تردّدت في جميع
أنحاء العالم، وتم فضح زيفها بشكل قاطع: لم يتم إخراج أي طفل من بطن أمه. مع ذلك،
استمرت شوارتز وصحيفة نيويورك تايمز في الاعتماد على شهادة مينديز، بالإضافة إلى
شهادات شهود آخرين لديهم سجلات حافلة من تقديم ادعاءات غير موثوقة، ويفتقرون إلى
أوراق اعتماد الطب الشرعي. ولم يتم طرح أي أسئلة حول مدى مصداقية مينديز.
ليس
من الواضح تماما كيف وصلت شوارتز إلى مثل هذا الموقف الاستثنائي في لحظة حاسمة من
الحرب. وقبل انضمامها إلى نيويورك تايمز كمراسلة صحفية في الخريف الماضي، كان ابنة
أخيها، سيلا، صحفيا مستقلا يغطي قصصا حول قضايا تتراوح بين "الطعام والتصوير
الفوتوغرافي والثقافة وجهود السلام والاقتصاد والاحتلال"، وذلك وفقا لملفه
الشخصي على لينكد إن.
وأفادت
شوارتز بأن "مسؤولي الشرطة الإسرائيلية شاركوا المزيد من الأدلة يوم الثلاثاء
حول الفظائع التي ارتكبت خلال الهجمات التي قادتها حماس في 7 تشرين الأول/
أكتوبر، قائلين إنهم جمعوا شهادات من أكثر من ألف شاهد وناجي حول العنف الجنسي
والانتهاكات الأخرى". وقال شبتاي في مقال شوارتز: "هذا هو التحقيق
الأكثر شمولا الذي عرفته دولة إسرائيل على الإطلاق"، ووعد بتقديم أدلة كافية
قريبا.
وذكر
الموقع أنه عندما نشرت صحيفة نيويورك تايمز في وقت لاحق تحقيقها النهائي بعنوان
"صرخات بلا كلمات"، ذكرت شوارتز وشركاؤها أنه على عكس ادعاء شبتاي لم
يكن هناك دليل شرعي على العنف الجنسي. ودون الاعتراف بالتصريحات السابقة لشبتاي في
نيويورك تايمز، ذكرت الصحيفة أن الجنازات السريعة وفقا للتقاليد اليهودية تعني
عدم الحفاظ على الأدلة. وقال خبراء لم يذكر أسماؤهم لصحيفة نيويورك تايمز؛ إن العنف
الجنسي في الحروب غالبا ما يترك "أدلة جنائية محدودة".
حسب
شوارتز، كانت خطوتها التالية الذهاب إلى منشأة علاجية شاملة جديدة تم إنشاؤها
لمعالجة ضحايا 7 تشرين الأول/ أكتوبر من الصدمة، خاصة أولئك الذين عانوا من
المذبحة في مهرجان نوفا للموسيقى. وتم افتتاح المرفق بعد أسبوع من الهجمات، وبدأ
في الترحيب بمئات الناجين حيث يمكنهم طلب المشورة، وممارسة اليوغا، وتلقي علاجات
الطب البديل، بالإضافة إلى الوخز بالإبر، والشفاء الصوتي، والعلاجات الانعكاسية.
في
زيارات متعددة إلى هذا المرفق، قالت شوارتز مرة أخرى في مقابلة البودكاست؛ إنها لم
تجد أي دليل مباشر على عمليات اغتصاب أو عنف جنسي. وأعربت عن إحباطها من المعالجين
والمستشارين في المنشأة، قائلة؛ إنهم شاركوا في "مؤامرة الصمت". لكن في
النهاية، خرجت شوارتز فقط بتلميحات وبيانات عامة من المعالجين حول كيفية تعامل
الناس مع الصدمات، بما في ذلك العنف الجنسي والاغتصاب. وقالت؛ إن الضحايا المحتملين
قد يخجلون من التحدث علنًا أو يشعرون بذنب الناجين، أو ما زالوا في حالة صدمة، أو
"ربما أيضا لأن المجتمع الإسرائيلي محافظ، وكان هناك بعض الميل إلى التزام
الصمت بشأن قضية الاعتداء الجنسي هذه"، على حد تعبيرها.
إظهار أخبار متعلقة
قالت
شوارتز؛ إنها ركزت على الكيبوتسات؛ لأنها قررت في البداية أنه من غير المحتمل وقوع
اعتداءات جنسية في مهرجان نوفا الموسيقي. وتتذكر قائلة: "كنت متشككة للغاية
في حدوث ذلك في منطقة الحفلة؛ لأن كل من تحدثت إليهم من بين الناجين أخبروني عن
مطاردة، أو التنقل من مكان إلى آخر. كيف كان لديهم الوقت للعبث مع امرأة؟ إن مثل
هذا يعدّ أمرا مستحيلا. إما أن تختبئ أو تموت. كما أن حفل نوفا كان في مساحة
مفتوحة".
شاهدت
شوارتز مقابلات راز كوهين، الذي حضر
مهرجان نوفا، مع وسائل الإعلام الدولية. وأجرى كوهين، وهو من قدامى المحاربين في
القوات الخاصة الإسرائيلية، عدة مقابلات حول جريمة اغتصاب ادعى أنه شهدها. وبعد
أيام قليلة من الهجمات، قال لقناة "بي بي إس نيوز أور"؛ إنه شهد العديد
من حالات الاغتصاب. وأضاف: "لقد اغتصب الإرهابيون، وهم أشخاص من غزة،
الفتيات. وبعد أن اغتصبوهن، قتلوهن، لقد قتلوهن بالسكاكين، أو العكس، قتلوا، وبعدها اغتصبوهن، لقد فعلوا ذلك".
وفي
مقابلة له على قناة "سي إن إن" في 4 كانون الثاني/ يناير، وصف رؤية حالة
اغتصاب وقال؛ إن المهاجمين كانوا "خمسة رجال؛ خمسة مدنيين من غزة، رجال
عاديون، وليسوا جنودا، وليسوا النخبة"، في إشارة إلى قوة كوماندوز النخبة
التابعة لحماس، "كانوا أشخاصا عاديين من غزة ويرتدون ملابس عادية".
وبين
الموقع أن هذه المقابلة هي التي ألهمت عنوان تقرير نيويورك تايمز "صرخات بلا
كلمات: كيف استخدمت حماس العنف الجنسي كسلاح في 7 تشرين الأول/ أكتوبر". لكن
وصف كوهين للمهاجمين المزعومين بأنهم ليسوا أعضاء في حماس يقوض العنوان الرئيسي،
بيد أنه ظل دون تغيير. ولم تتناول نيويورك تايمز مزاعم كوهين السابقة بأنه شهد
عمليات اغتصاب متعددة.
قالت
شوارتز في مقابلة البودكاست؛ إنه نظرا لإصرار نيويورك تايمز على مصدرين على الأقل،
فقد طلبت من كوهين أن يمنحها معلومات الاتصال بالأشخاص الآخرين الذين كان يختبئ
معهم حتى تتمكن من تأكيد قصته عن الاغتصاب.
وأضاف
الموقع أنه على الرغم من القول في البودكاست؛ إن كوهين فقط هو الذي شهد الحدث، وأن
الآخرين كانوا ينظرون في اتجاهات مختلفة، بينما في قصة نيويورك تايمز تم تقديم
شوام جويتا كشاهد مؤيد للاغتصاب، إذ "قال إنه رأى أربعة رجال على الأقل يخرجون
من الشاحنة، وهاجموا المرأة التي انتهى بها الأمر "بين أرجلهم". وقال؛ إنهم كانوا "يتحدثون ويضحكون ويصرخون"، وأن أحدهم طعنها بسكين مرارا
وتكرارا، لقد "ذبحوها حرفيا".
وفق
الموقع، فقد أشار الموقع المستقل المعني بالتحقق مما حدث في 7 تشرين الأول/ أكتوبر
وموندويس والصحفيّان علي أبو نعمة من "الانتفاضة الإلكترونية" وماكس
بلومنثال من "ذا غري زون"، إلى العديد من التناقضات في القصص التي وردت
في تقرير نيويورك تايمز، بما في ذلك رواية كوهين، الذي قال في البداية؛ "إنه
اختار ألا ينظر، لكنه كان يسمع ضحكاتهم باستمرار". وتحت ضغط داخلي للدفاع عن
صحة روايته، رفض إجراء مقابلة مرة أخرى، قائلا؛ إنه يحاول التعافي من الصدمة التي
تعرض لها.
وذكر
الموقع أن شوارتز قالت في البث الصوتي للقناة 12؛ إنها شاهدت أيضا مقطع فيديو
لاستجواب أسير فلسطيني اعتقله الجيش الإسرائيلي، وقالت؛ إنه وصف "فتيات"
يتم جرهن من قبل مهاجمين فلسطينيين إلى الغابة بالقرب من مهرجان نوفا. وقالت؛ إنها
تأثرت أيضا بمقطع من مقابلة شاهدتها في تشرين الثاني/ نوفمبر في مؤتمر صحفي استضافه
مسؤولون إسرائيليون، وهو المؤتمر الذي أصبح محور مقالها الأول في نيويورك تايمز.
وأشار
الموقع إلى أن محاسبة تدعى سابير كانت قد وصفت مشهدا مروعا للاغتصاب والتشويه،
وقالت شوارتز؛ إنها أصبحت مقتنعة تماما بوجود مخطط منهجي للعنف الجنسي من قبل
حماس. وقالت شوارتز: "شهادتها مجنونة، ومثيرة للقلق، وكبيرة، وبربرية. والأمر
لا يقتصر على الاغتصاب، إنه اغتصاب وبتر، و... وأدرك أنها قصة أكبر مما
تخيلت".
وأوضح
الموقع أن تقرير نيويورك تايمز ذكر أنهم أجروا مقابلة مع سابير لمدة ساعتين في
مقهى بجنوب إسرائيل، ووصفت مشاهدتها لعمليات اغتصاب متعددة، بما في ذلك حادثة
اغتصب فيها أحد المهاجمين امرأة، بينما قام آخر بقطع صدرها بآلة حادة. وفي المؤتمر
الصحفي الذي عقد في تشرين الثاني/ نوفمبر، قالت السلطات الإسرائيلية؛ إنها تقوم
بجمع وفحص مواد الطب الشرعي التي من شأنها أن تؤكد روايات سابير المفصلة على وجه
التحديد.
وقال
أحد المراسلين الذين غطوا الحدث الصحفي: "تقول الشرطة إنها لا تزال تجمع
الأدلة (الحمض النووي وما إلى ذلك) من ضحايا الاغتصاب، بالإضافة إلى الشهود العيان
لبناء أقوى قضية ممكنة". ومن شأن مثل هذا المشهد أن ينتج قدرا كبيرا من
الأدلة المادية، إلا أن المسؤولين الإسرائيليين لم يتمكنوا حتى الآن من تقديمها.
وقال المشرف عدي إدري، المسؤول الإسرائيلي الذي يقود التحقيق في العنف الجنسي في 7
تشرين الأول/ أكتوبر، بعد أسبوع من مقتلها: "لدي أدلة ظرفية، لكن في النهاية،
من واجبي العثور على أدلة داعمة لقصتها واكتشاف هويات الضحايا". وعندما تم
نشر تقرير نيويورك تايمز على الإنترنت قال: "في هذه المرحلة، لا يوجد لدي جثث
محددة".
وقال
الموقع؛ إن شوارتز سُئلت، في البث الصوتي للقناة 12، عما إذا كانت هناك شهادات
مباشرة لنساء نجين من الاغتصاب في 7 تشرين الأول أكتوبر، فأجابت: "لا أستطيع
أن أتحدث عن هذا حقّا، لكن الغالبية العظمى من النساء اللاتي تعرضن للاعتداء
الجنسي في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، تم إطلاق النار عليهن بعد ذلك مباشرة، وهذا هو
المكان الذي يوجد فيه الأعداد الكبيرة. وتمكنت بعض النساء من الفرار والبقاء على
قيد الحياة".
في أوائل شهر كانون
الأول/ ديسمبر، أطلق المسؤولون الإسرائيليون حملة عامة مكثفة، متهمين المجتمع
الدولي، وخاصة القادة النسويين، بالوقوف صامتين في مواجهة العنف الجنسي المنهجي
واسع النطاق الذي نتج عن هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر. وتم إطلاق جهود
العلاقات العامة في الأمم المتحدة في الرابع من كانون الأول/ ديسمبر، من خلال حدث
استضافته السفيرة الإسرائيلية والمديرة التنفيذية السابقة لشركة "ميتا"،
شيريل ساندبرغ. وقد تعثرت المنظمات النسوية التي استهدفتها الشخصيات المؤيدة
لإسرائيل، حيث لم تكن تهم العنف الجنسي قد انتشرت على نطاق واسع بعد.
نُقل عن ساندبرغ
مهاجمتها منظمات حقوق المرأة في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز في الرابع من شهر
كانون الأول/ ديسمبر، تحت عنوان "ما نعرفه عن العنف الجنسي خلال هجمات السابع
من تشرين الأول/ أكتوبر على إسرائيل"، الذي تزامن نشره مع إطلاق حملة العلاقات
العامة في الأمم المتحدة، التي نقلها أيضا جيتلمان وشوارتز وسيلا، واعتمد على
ادعاءات مسؤولين إسرائيليين، واعترف بأن صحيفة "نيويورك تايمز"، لم تتمكن
بعد من تأكيد هذه الادعاءات.
وتم لاحقا إلحاق تصحيح
كاشف بالقصة: نسخة سابقة من هذا المقال، أخطأت في نوع الأدلة التي جمعتها الشرطة
الإسرائيلية في التحقيق في اتهامات العنف الجنسي المرتكبة في السابع من شهر تشرين
الأول/ أكتوبر في هجوم حماس ضد إسرائيل. وتعتمد الشرطة بشكل أساسي على شهادة الشهود،
وليس على التشريح أو أدلة الطب الشرعي. ووعدت إسرائيل بأن لديها عددا غير عادي من
شهادات شهود العيان. وأفاد شوارتز وجيتلمان وستيلا في كانون الأول/ ديسمبر بأن
"المحققين جمعوا "عشرات الآلاف" من الشهادات حول العنف الجنسي الذي
ارتكبته حماس في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، وذلك وفقا للشرطة الإسرائيلية.
وتطرق رئيس الوزراء
الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى هذا الموضوع في خطاب ألقاه يوم الخامس من شهر
كانون الأول/ديسمبر في تل أبيب: "أقول لمنظمات حقوق المرأة، لمنظمات حقوق
الإنسان، هل سمعتم عن اغتصاب النساء الإسرائيليات، والفظائع المروّعة والتشويه
الجنسي؟ أين أنتم بحق الجحيم؟". وفي اليوم نفسه، ألقى الرئيس جو بايدن خطابا
قال فيه: "لا يمكن للعالم أن يشيح بنظره بعيدا عما يحدث. يقع على عاتقنا
جميعا حكومة ومنظمات دولية ومجتمعا مدنيا ومواطنين أفراد، أن نُدين بقوة العنف
الجنسي الذي يرتكبه إرهابيو حماس دون لبس، ودون استثناء".
وقالت شوارتز في البث
الصوتي؛ إن تحقيق صحيفة "نيويورك تايمز" الذي استمر لمدة شهرين كان لا
يزال قيد التحرير والمراجعة، عندما بدأت تشعر بالقلق بشأن التوقيت. ربما لا تعالج
الأمم المتحدة مسألة الاعتداء الجنسي؛ لأنه لن تخرج أي وسيلة إعلامية بإعلان حول ما
حدث هناك. وإذا لم يتم نشر قصة "نيويورك تايمز" قريبا، فقد لا تكون
مثيرة للاهتمام بعد الآن".
افتُتحت مقالة 28 كانون
الأول/ديسمبر بعنوان "صرخات بلا كلمات" بقصة غال عبدوش، التي وصفتها
"نيويورك تايمز " بأنها "المرأة ذات الرداء الأسود" وأظهر
مقطع فيديو جثتها المتفحمة. وذكرت صحيفة التايمز أن "مسؤولي الشرطة الإسرائيلية
قالوا؛ إنهم يعتقدون أن السيدة عبدوش تعرضت للاغتصاب". ووصف المقال عبدوش
بأنها "رمز للفظائع التي تعرضت لها النساء والفتيات الإسرائيليات خلال هجمات
السابع من شهر تشرين الأول/ أكتوبر".
وأشار تقرير التايمز إلى
رسائل واتساب من عبدوش وزوجها إلى عائلتهما، لكنه لم يذكر أن بعض أفراد الأسرة
يعتقدون أن الرسائل الحاسمة تجعل ادعاءات المسؤولين الإسرائيليين غير قابلة
للتصديق. وكما ذكر موقع "موندويس" في وقت لاحق، أرسلت عبدوش رسالة نصية
للعائلة في الساعة 6:51 صباحا، قائلة؛ إنهم يواجهون مشكلة على الحدود. وفي الساعة
7:00، أرسل زوجها رسالة ليخبرها أنها قُتلت. وقالت عائلتها؛ إن التفحم جاء نتيجة
قنبلة يدوية. وقالت شقيقة عبدوش: "ليس من المنطقي أن يغتصبوها ويذبحوها
ويحرقوها في فترة زمنية قصيرة". وفي حديثه عن ادعاء الاغتصاب، قال صهرها:
"لقد اخترعه الإعلام".
وأشار قريب آخر، إلى أن
الأسرة تعرضت لضغوط، تحت ذرائع كاذبة، للتحدث مع الصحفيين. وكتبت شقيقة عبدوش على
إنستغرام أن مراسلي التايمز "ذكروا أنهم يريدون كتابة تقرير في ذكرى أختي،
وهذا كل شيء. لو علمنا أن العنوان سيكون عن الاغتصاب والمذبحة، لما قبلنا ذلك أبدا".
وفي مقالها التالي، سعت التايمز إلى التشكيك في تعليقها الأولي، نقلا عن شقيقة
عبدوش قولها؛ إنها "كانت مرتبكة بشأن ما حدث وكانت تحاول حماية أختها".
وقالت
المرأة التي صورت عبدوش؛ إن شوارتز وسيلا ضغطا عليها للسماح للصحيفة بالوصول إلى
صورها ومقاطع الفيديو الخاصة بها لأغراض خدمة الدعاية الإسرائيلية. وتذكرت قائلة:
"لقد اتصلا بي مرارا وتكرارا وأوضحا مدى أهمية ذلك بالنسبة للدعاية
الإسرائيلية"، مستخدمة مصطلح الدبلوماسية العامة، الذي يشير عمليا إلى جهود
الدعاية الإسرائيلية الموجهة إلى الجماهير الدولية.
عندما
واجه مراسلو نيويورك تايمز عقبات تؤكد المعلومات، لجؤوا إلى مسؤولين إسرائيليين
مجهولين أو شهود تمت مقابلتهم بشكل متكرر في الصحافة. وبعد أشهر من الانطلاق في
مهمتهم، وجد المراسلون أنفسهم حيث بدؤوا بالضبط، واعتمدوا بشكل كبير على كلمات
المسؤولين والجنود الإسرائيليين وعمال زيكا، لإثبات ادعائهم بأنه تم اكتشاف أكثر من
30 جثة لنساء وفتيات وعليها آثار العنف الجنسي.
في البث
الصوتي للقناة 12، قالت شوارتز؛ إن القطعة الأخيرة المتبقية التي تحتاجها للقصة هي
رقم قوي من السلطات الإسرائيلية حول أي ناجين محتملين من العنف الجنسي. وذكرت قصة
التايمز في النهاية أن هناك "ما لا يقل عن ثلاث نساء ورجل واحد تعرضوا
للاعتداء الجنسي ونجوا".
وعندما
نُشرت القصة أخيرا في 28 كانون الأول/ ديسمبر، وصفت شوارتز طوفانا من المشاعر
وردود الفعل على الإنترنت وفي إسرائيل. وقالت: "أولا وقبل كل شيء، في
الصحيفة، أعطيناها مكانا بارزا للغاية، وهو ما يتعلق بكل مخاوفي. لقد كانت ردود
الفعل في إسرائيل مذهلة". وفي مقابلتها مع القناة 12، قالت شوارتز إنها بدأت
العمل مع جيتلمان بعد فترة وجيزة من السابع من شهر تشرين الأول/ أكتوبر. كانت لديه
كل أنواع الأفكار حول المقالات التي كان يريد كتابتها. وقالت شوارتز؛ إنه في أعقاب
هجمات السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، لم يكن هناك الكثير من التركيز حول
الاعتداءات الجنسية، ولكن بحلول الوقت الذي بدأت فيه العمل مع جيتلمان، بدأت
الشائعات تنتشر عن حدوث مثل هذه الأفعال.
بعد نشر
المقال، تمت دعوة جيتلمان للتحدث في لجنة حول العنف الجنسي في كلية الشؤون الدولية
والعامة بجامعة كولومبيا. وقد أشادت اللجنة ومضيفتها ساندبرغ، المديرة التنفيذية
السابقة لفيسبوك، بجهوده. وبدلا من مضاعفة التركيز على التقارير التي ساعدت صحيفة
نيويورك تايمز على الفوز بجائزة بولك المرموقة، رفض جيتلمان حاجة المراسلين إلى
تقديم "الأدلة".
وقال
جيتلمان لساندبرغ: "ما وجدناه لا أريد حتى استخدام كلمة "دليل"؛ لأن الدليل يشبه تقريبا مصطلحا قانونيا، يشير إلى أنك تحاول إثبات ادعاء أو
إثبات قضية في المحكمة. هذا ليس دوريا. لدينا جميعا أدوارنا. ودوري هو التوثيق،
وتقديم المعلومات، وإعطاء الناس صوتا. لقد وجدنا معلومات على طول سلسلة العنف
بأكملها، بما في ذلك العنف الجنسي".
وقال
جيتلمان: "من الصعب حقّا الحصول على هذه المعلومات ومن ثم تشكيلها. هذه هي
وظيفتنا كصحفيين: الحصول على المعلومات ومشاركة القصة بطريقة تجعل الناس يهتمون.
ليس فقط لإعلام الناس، بل لتحريكهم. وهذا ما كنت أفعله منذ فترة طويلة". وقال
مراسل صحيفة التايمز؛ إن زملاءه يتساءلون عن الشكل الذي قد يبدو عليه النهج
المتوازن، وأوضح قائلا: "إنني أنتظر لأرى ما إذا كانت الصحيفة ستقدم تقريرا
متعمقا، باستخدام النوع نفسه من الموارد والوسائل، حول تقرير الأمم المتحدة الذي
وثق الفظائع المرتكبة ضد النساء الفلسطينيات".