أثار تجدد إغلاق أكبر الموانئ
النفطية في
ليبيا وبعضها يخرج منه خط يصل إلى إيطاليا، بعض التساؤلات عن تداعيات الخطوة وفشل الحكومة في احتواء الأزمة وما إذا كانت ستؤثر سلبا على الوضع الاقتصادي والمعيشي المتردي أصلا.
وأعلن جهاز حرس المنشآت النفطية التابع لحكومة الوحدة برئاسة عبدالحميد
الدبيبة، عن إغلاق جميع حقول وموانئ تصدير النفط، بعد منح الحكومة مهلة 10 أيام للاستجابة إلى مطالبهم التي تتلخص في "زيادة رواتبهم وصرف علاوتهم المالية أسوة بموظفي المؤسسة الوطنية للنفط، وكذلك ضرورة اعتماد منتسبي الجهاز إداريا وماليا تحت مؤسسة النفط، وضمنيا تحت وزارة الدفاع".
"خضوع وحل مؤقت"
وفي محاولة لاحتواء الأزمة مؤقتا.. قرر رئيس حكومة الوحدة، عبد الحميد الدبيبة، تحديد مرتبات منتسبي جهاز حرس المنشآت النفطية وفقا لجدول المرتبات الموحد لمنتسبي الجيش على أن "ينظر في باقي المطالب لاحقا، ما دفع المحتجين لإعادة فتح الموانئ بشكل مؤقت حتى يتم تنفيذ قرارات الدبيبة".
وتسببت صراعات حادة، خلال السنوات الخمس الماضية، في انخفاض كبير في الصادرات النفطية، وتأخير خطط توسع تهدف إلى زيادة الإنتاج من مليون و214 ألف برميل يوميا إلى مليوني برميل في اليوم.
فهل تحول النفط الليبي إلى ورقة ابتزاز سياسي وفئوي للحكومة؟ وما تأثير تكرار ذلك على الاقتصاد المحلي؟
"آثار اقتصادية مدمرة"
من جهته قال المستشار الليبي في شؤون النفط والغاز، طارق إبراهيم إن "ورقة النفط يتم استخدامها نتيجة الانقسام السياسي وصراع الطبقة السياسية على إدارة المؤسسات النفطية وتنافس سياسي واقتصادي للحصول على نفوذ أكبر من خلال إدارة الشركات النفطية، وأي توقف لإنتاج الحقول النفطية سيؤثر على إجمالي الإنتاج المحلي من النفط".
وأكد في تصريحات لـ"عربي21" أن "هناك كثيرا من العواقب والأضرار خطرها على سوق النفط الليبي حيث إن فقدان الثقة في ديمومة تزويد السوق العالمية بالنفط الليبي، ينتج عنه أن يبقي هذا النفط دون تسويق أو يقل الطلب عليه، ما يعني احتمالية فقدان المستوردين للنفط الليبي إلى غير رجعة"، وفق توقعاته.
اظهار أخبار متعلقة
وأوضح أن "هذه الأمور ناتجة عن تخوف هؤلاء من عدم الاستقرار في الإمدادات، وعدم قدرة المؤسسة على الإيفاء بالعقود والاتفاقيات، وتأثر الدول المشاركة مع ليبيا بالإنتاج مقابل حصص سوف يتأثرون بهذا الإيقاف وسيكون مزعجا لهم، كما يتسبب الأمر أيضا في عجز توفير الغاز والنفط الخام لبعض محطات توليد الكهرباء في الجنوب الليبي، ما يعني الرجوع للأزمات الخانقة من انقطاع الكهرباء وطرح الأحمال".
وبخصوص تأثير تكرار الإغلاق قال: "عمليات إيقاف الإنتاج ثم إعادة فتحها من جديد، وما يتطلبه من عمليات صيانة ومعالجة المشاكل الفنية للمعدات وآليات استخراج النفط وإنتاجه وتكريره، كل هذا يتطلب جهداً عريضاً ووقتاً طويلاً وتكلفة عالية تتحملها خزانة الدولة الليبية"، كما قال.
"أزمة دولية للدبيبة"
في حين رأى رئيس نقابة المؤسسة الوطنية للنفط فرع بنغازي، أحمد الفضالي أن "الإغلاق الجزئي في بعض المنشآت النفطية المتمثلة في مجمع مليته بصبراته ومصفاة الزاوية انعكس على الوضع المالي للدولة، خاصة في ما يتعلق بقيمة الدينار الليبي أمام العملات الأجنبية، وهذه الأحداث قد تسبب مشاكل لحكومة الدبيبة ليس على المستوى المحلي فقط ولكن على الصعيد الدولي بسبب توقف إمدادات الغاز إلى أوروبا".
وأشار في تصريحه لـ"عربي21" إلى أن "هذا الأمر يجعل البلاد في وضع غير مستقر بسبب سياسية فرض أمر الواقع التي يتبعها الدبيبة، لذا فإن هناك تصعيدا على كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بسبب التفرد الكامل والمطلق بقرارات الدولة وعدم إجراء إصلاحات وارتفاع مستويات الفساد التي انعكست على حياة المواطنين ما أدى إلى أن يكون هناك مواقف من قبل البلديات التي أصدرت بيانات تطالب فيها بتغيير حكومة الدبيبة والذهاب إلى انتخابات مستعجلة"، حسب كلامه.
"أزمة انقسام السلطة التنفيذية"
المتحدث السابق باسم مجلس الدولة الليبي، السنوسي إسماعيل الشريف، قال من جانبه إن "الوضع الليبي يتعقد أكثر حينما تعود التوترات التي تتمظهر في قفل النفط والغاز أو إقفال الطرق والاعتصامات في المنافذ والمطارات والمصالح وامتداد تلك التوترات على سوق العملات والذهب الذي صار يفاجئ المتابعين بقفزات كبيرة صعودا وهبوطا".
وأوضح أن "حكومة الدبيبة لا تملك خيارات مواجهة كل تلك الأطراف، لذلك فإن الأخير يبذل جهده في محاولات مستمرة لكسب مساحات إعلامية وأخرى اجتماعية في محاولة للضغط على مصرف ليبيا المركزي ليضع الأموال تحت تصرف الحكومة"، بحسب رأيه.
اظهار أخبار متعلقة
وتابع لـ"عربي21": "في الجانب الآخر شرق البلاد يبدو أن حكومة حماد المتحالفة مع قيادة الجيش هناك في وضع مريح أمنيا لكنها تعاني هي الأخرى من نقص تمويل مشاريعها رغم أنها استفادت من الصلاحيات التشريعية للبرلمان لتحصيل ما يسير نفقات تشغيل الحكومة ويغطي بعض تكاليف المشاريع التي أنجزتها"، كما رأى.
"محاولات للضغط على الحكومة"
ورأى المحلل السياسي الليبي، أسامة كعبار أن "الدبيبة وحكومته لا يتخاطبون وفق المنطق والعقل، فالجهات المختلفة تقدم مقترحات لتعديل المرتبات وفق التضخم وهبوط قيمة الدينار لكن الحكومة لا تأخذ إجراءات لتجنيب المواطن المعاناة".
وأكد أن "المعلمين أجبروا الحكومة على تعديل مرتباتهم من خلال الاضطرابات، وكذلك فعل الأطباء، فلم ننكر هذا الأمر على حرس المنشآت النفطية أو أي مؤسسة أخرى تعانى الظلم والتهميش، فالموضوع ليس ابتزازا بقدر ما أنه نهج سنته هذه الحكومة من خلال التصرفات غير المسؤولة"، وفق تقديره.
واستدرك قائلا: "استجابة الحكومة للمطالب بعد الضغط والتلويح بالإغلاق، لكن في واقع الحال لا أستثني أن يكون الموقف الحالي له أبعاد سياسية أيضا للضغط على رئيس الحكومة، والذى من خلال سياساته الاستحواذية أدخل البلاد في أزمة اقتصادية خانقة وهبطت قيمة العملة الليبية"، وفق تصريحه لـ"عربي21".