نشر موقع "
فاينانشيال إكسبرس" الدولي تقريرا تحدث فيه عن أزمة البحر الأحمر وتأثيرها على التجارة العالمية، مستعرضا الاضطرابات الجيوسياسية والاقتصادية في المنطقة.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن حركة المقاومة
اليمنية "
أنصار الله" أطلقت وابلاً من الصواريخ والقذائف على إسرائيل ردا على عدوان الأخيرة ضد قطاع
غزة.
وتعتبر "أنصار الله" المعروفة بـ "الحوثيين" منظمة سياسية وعسكرية ظهرت في اليمن في التسعينيات كقوة مقاومة مناهضة للاستعمار والإمبريالية.
وأعادت الولايات المتحدة مؤخرا تصنيف جماعة أنصار الله على أنها "منظمة إرهابية" في أعقاب ردها المسلح على الضربات العسكرية الأمريكية على اليمن ودعم المقاومة الفلسطينية ضد الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة.
وذكر الموقع أن جماعة أنصار الله، من الناحية العملية، تسيطر على معظم أنحاء اليمن بما في ذلك عاصمتها صنعاء، وتدير البلاد بحكم الأمر الواقع.
اظهار أخبار متعلقة
ويعيش معظم اليمنيين في مناطق سيطرة أنصار الله في اليمن، حيث يجمعون الضرائب ويطبعون النقود. وهم جزء من مجموعة في الشرق الأوسط العربي معروفة باسم "محور المقاومة" إلى جانب حماس وحزب الله في لبنان ضد الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين التاريخية ومؤيديه الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين.
وأشار الموقع إلى أن أنصار الله أعلنت أنها تستهدف السفن المملوكة لإسرائيل أو التي ترفع علمها أو تشغلها، أو التي تتجه إلى الموانئ الإسرائيلية (وكذلك السفن المبحرة من إسرائيل). واستخدموا مجموعة من الأسلحة المتطورة بما في ذلك الصواريخ والطائرات المسيّرة في هجماتهم على السفن المتجهة إلى إسرائيل والسفن المملوكة لإسرائيل في البحر الأحمر لدعم حركة حماس في حربها ضد إسرائيل.
ويقولون كذلك إن هجماتهم على السفن التجارية والحربية التي لها صلات إسرائيلية محتملة تهدف في المقام الأول إلى الضغط على إسرائيل لوقف الإبادة الجماعية التي ترتكبها في غزة. وفي 18 تشرين الثاني/نوفمبر، استولوا على سفينة شحن لإظهار تصميمهم على أهدافهم. وبينما تفلت القوات المسلحة الإسرائيلية من ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في غزة، بكل معنى الكلمة، فإن مهمة لفت الانتباه إلى هذه الحقيقة قد وقعت على عاتق الآخرين. وأوضح المتحدث باسم أنصار الله محمد عبد السلام أنه "لا يوجد أي تهديد للملاحة الدولية في البحرين الأحمر والعربي، وسيستمر الاستهداف ليطال السفن الإسرائيلية أو تلك المتوجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة".
وأوضح الموقع أن أنصار الله وحزب الله هما حركتا المقاومة الرئيسيتان اللتان اتخذتا موقفا واضحا بشأن الحرب الحالية بين الاحتلال الإسرائيلي، وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية "حماس"، وتجرأتا على قول الحقيقة حول معاناة الفلسطينيين والدفاع عنهم. وبينما اتخذ اليمنيون موقفا متحديا ضد إسرائيل، فقد اجتذبوا تلقائيا الولايات المتحدة لدعم إسرائيل وبدأت الأمور تتغير فجأة. فأي معارضة مسلحة ضد العدوان الإسرائيلي واحتلال فلسطين تؤدي تلقائيا إلى رد فعل عسكري أمريكي دعمًا لإسرائيل. وهذا يعني أن أي مقاومة مسلحة ضد الاحتلال الإسرائيلي تستلزم تلقائياً قتالاً ضد الولايات المتحدة.
اظهار أخبار متعلقة
وأشار الموقع إلى أن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة أطلقتا في 12 كانون الثاني / يناير عملية بحرية لدعم وحماية السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، مستهدفة مواقع متعددة في جميع أنحاء اليمن ردًا على الهجمات على السفن المتجهة إلى إسرائيل. وهذه الهجمات الأمريكية والبريطانية على اليمنيين لها أجندة أوسع بكثير؛ كما أنها تساعد إسرائيل على الاستمرار في تحدي حكم محكمة العدل الدولية الذي يطالبها بوقف الإبادة الجماعية في غزة. وترسل هذه الهجمات أيضًا رسالة واضحة إلى إسرائيل مفادها أن الحلفاء الأمريكيين والأوروبيين سيواصلون الوقوف إلى جانبها حتى في ظل ارتكابها إبادة جماعية في حق الفلسطينيين في غزة.
أوضح دليل على ذلك رفض الدعوات إلى وقف لإطلاق النار. وبكل بساطة، فإن هذه الهجمات الأمريكية على اليمن تهدف إلى دعم مذبحة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة ومحاولات الحفاظ على سيطرتها المتضائلة على المنطقة التي تسمى الشرق الأوسط. لكن موجة القصف الأمريكية الحالية، ليس فقط ضد اليمن، بل ضد سوريا والعراق، لن تؤدي إلى عكس اتجاه تراجع التفوق الأمريكي في الشرق الأوسط.
وأضاف الموقع أنه في حين تصر الولايات المتحدة على أنها لا تسعى إلى الصراع في المنطقة، فإن هدفها الوحيد هو الإطاحة بالحكومتين السورية والإيرانية - اللتين ظلتا ثابتتين في دعمهما للفلسطينيين. وقد صمدت أنصار الله أمام الأعمال العسكرية طويلة الأمد للدول المجاورة التي تلقت المساعدة العسكرية من الولايات المتحدة.
من جهتها، أدانت روسيا وتركيا حملات القصف الأمريكية والبريطانية ووصفت العملية بأنها غير شرعية لأن هذه الهجمات على اليمن تمت دون موافقة مجلس الأمن الأمريكي. واتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان البلدين بالسعي لتحويل البحر الأحمر إلى بركة من الدماء. وحسب رويترز، فإن "التحليل (الذي أجرته رويترز) يوضح كيف تصاعد نشاط الحوثيين بالطائرات المسيّرة والصواريخ منذ بدء حرب غزة، واستمر رغم الضربات الجوية العسكرية الغربية على قواعدهم في اليمن، التي بدأت في 11 كانون الثاني/ يناير".
وبينما هاجمت قوات أنصار الله في البداية السفن المرتبطة بإسرائيل فقط في البحر الأحمر تضامناً مع الفلسطينيين، فقد وسعت الآن هجماتها لتشمل السفن البريطانية والأمريكية بعد أن شنت واشنطن ولندن ضربات جوية في اليمن. ويقولون الآن إن الهجمات الموسعة، التي عطلت التجارة العالمية، ستتوقف عندما توقف إسرائيل الحرب في غزة.
اظهار أخبار متعلقة
وأكد الموقع أن الوضع في البحر الأحمر تفاقم بشكل خطير للغاية بعد الهجمات التي قادتها الولايات المتحدة على اليمن والتي بدأت في 11 كانون الثاني/يناير، كما يتضح من البيان الذي أدلى به عمرو الصمدوني، الأمين العام لقسم النقل الدولي واللوجستيات في غرفة تجارة القاهرة في الثاني من كانون الثاني/يناير 2024. وقال إن التوترات التي تشهدها منطقة البحر الأحمر بسبب جماعة أنصار الله لم تؤثر بشكل كبير على الملاحة في قناة السويس.
ووفقًا لقناة الجزيرة، فإن إسرائيل، أول هدف مباشر مقصود للحوثيين، قد شعرت بالفعل بتأثير التجارة البحرية المعطلة. وتوقفت حركة المرور عبر ميناء إيلات الجنوبي، الواقع في المدينة التي تعد أيضًا مقصدًا سياحيًا، ويبدو المستقبل المنظور غير مؤكد مع احتدام الحرب. في الوقت نفسه، تواصل سفن الحاويات الصينية المرور عبر قناة السويس دون أي عوائق. والآن، بسبب الهجمات الأمريكية على اليمن وردها العسكري على تلك الهجمات الأمريكية والهجمات المستقبلية المحتملة، قامت العديد من أكبر شركات الشحن في العالم بتحويل سفنها بعيدًا إلى طريق أطول بكثير حول رأس الرجاء الصالح في أفريقيا ثم إلى الساحل الغربي في أفريقيا.
ووفقاً لشركة "إس إن بي غلوبال ماركت إنتليجنس"، فإن ما يصل إلى 15 في المائة من البضائع المستوردة إلى أوروبا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا تم شحنها من آسيا والخليج عن طريق البحر. ويشمل ذلك 21.5 في المائة من النفط المكرر وأكثر من 13 في المائة من النفط الخام. كما تضم القائمة جميع أنواع السلع الاستهلاكية مثل الإلكترونيات والملابس والأحذية. والتفاف السفن عبر رأس الرجاء الصالح سيضيف حوالي 20 يومًا إضافيًا لمدة شحن البضائع إلى الموانئ الأوروبية. وينعكس هذا بالفعل في انخفاض أحجام التجارة المجمعة لأوروبا.
تظهر مؤشرات التجارة الصادرة عن معهد كايل للاقتصاد العالمي لشهر كانون الأول/ ديسمبر أن الصادرات من الاتحاد الأوروبي والواردات إليه انخفضت بنسبة 2 في المائة و3.1 في المائة على التوالي. ويضيف التقرير أن الولايات المتحدة شهدت انخفاضًا بنسبة 1.5 في المائة في الصادرات وانخفاضًا بنسبة 1.0 في المائة في الواردات، على الرغم من أن طريق قناة السويس يلعب دورًا أقل بكثير بالنسبة للولايات المتحدة مقارنة بأوروبا.
وأشار معهد كايل للاقتصاد العالمي إلى أن التجارة العالمية انخفضت بنسبة 1.3 في المائة في الفترة من تشرين الثاني/ نوفمبر إلى كانون الأول/ ديسمبر 2023 نتيجة للهجمات في البحر الأحمر، كما انخفض حجم الحاويات المنقولة عبر البحر الأحمر بأكثر من النصف اعتبارًا من كانون الأول/ديسمبر ويبلغ حاليًا ما يقارب 70 في المائة أقل من الحجم المتوقع عادة.
ونوه الموقع بأنه من المتوقع أن تتكبد أوروبا ودول منطقة البحر الأبيض المتوسط أكبر الخسائر إذا استمر العدوان الذي تقوده الولايات المتحدة على اليمن. ومن المرجح أن يستمر الوضع على المدى الطويل، حيث تأثرت العديد من السفن التي تنقل البضائع من وإلى تلك البلدان.
والواقع أن الصراع المطول في البحر الأحمر والاضطرابات المتصاعدة في الشرق الأوسط يهددان بتأثيرات مدمرة ليس فقط في أوروبا ومنطقة البحر الأبيض المتوسط، بل وأيضاً على الاقتصاد العالمي. وقد حذّر البنك الدولي بالفعل من أن الأزمة تهدد الآن بالتأثير على أسعار الفائدة المرتفعة، وانخفاض النمو، والتضخم المستمر، وزيادة عدم الاستقرار الجيوسياسي.