نشر
موقع "إنترسبت" الأمريكي تقريرا تحدث فيه عن التحديات التي تواجه التحقيقات في جرائم الحرب في
غزة، خاصة في ظل استخدام إسرائيل للرفض العقابي ضد محققين دوليين.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إنه في أواخر السنة الماضية طلبت 50 منظمة إنسانية من وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن اتخاذ قرار بشأن الفظائع المرتبطة بالصراع الذي كان يجذب الاهتمام العالمي.
وكانت المجموعات التي طلبت التصنيف تضغط على إدارة بايدن منذ أشهر. وفي رسالتهم في تشرين الثاني/ نوفمبر، ركزوا على الفظائع التي ارتكبتها قوات الدعم السريع، وهي إحدى الفصائل المتحاربة في معركة للسيطرة على
السودان. وبعد ستة أيام، رد بلينكن بإصرار بأن قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية مذنبة.
وقال بلينكن في بيان صدر في السادس من كانون الأول/ ديسمبر إنه "بناءً على التحليل الدقيق الذي أجرته وزارة الخارجية للقانون والحقائق المتاحة، فقد قررت أن أفراد القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع ارتكبوا جرائم حرب في السودان".
اظهار أخبار متعلقة
وذكر الموقع أنه في حالة قوات الدعم السريع، ذهب بلينكن إلى أبعد من ذلك قائلا: "لقد قررت أيضًا أن أعضاء قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية والتطهير العرقي".
وبالنسبة لناشطي حقوق الإنسان الذين طالبوا بهذا التصنيف، فإن ذلك كان بمثابة انتصار جميل.
ويمكن أن يكون لمثل هذا التصريح آثار مهمة على السياسة الخارجية، ما يخلق تصنيفًا قانونيًا للجرائم الدولية، عادة ما يكون مصحوبًا بقيود على الأسلحة والمساعدات الأمنية، وعقوبات اقتصادية، وغيرها من العقوبات أخرى.
مع ذلك، فإن هناك تناقضا واضحا في الموقف الأمريكي، فعلى بعد ما يزيد قليلاً على الـ1100 ميل من العاصمة السودانية الخرطوم، ترتكب جرائم حرب موثقة دون عقاب، لكن وزارة الخارجية الأمريكية لم تكن راغبة في اتخاذ قرار مماثل في ما يتعلق بالحرب الإسرائيلية على غزة.
ونقل الموقع عن سارة ياغر، مديرة مكتب منظمة "هيومن رايتس ووتش" في واشنطن، أن "المسؤولين الأمريكيين يدينون بانتظام تصرفات الأطراف المتحاربة الأخرى في أماكن أخرى مثل أوكرانيا وإثيوبيا والسودان. لكن في ما يتعلق بغزة، فإنهم يتجنبون إصدار الأحكام على سلوك إسرائيل".
ويتلقى المتحدث باسم وزارة الخارجية يوميا أسئلة من وسائل الإعلام ويتم الضغط عليه بشكل روتيني بشأن الفظائع الأخيرة التي يُزعم أن القوات الإسرائيلية ارتكبتها، سواء كان ذلك إطلاق نار يستهدف مدنيين في كنيسة، أو قصف المستشفيات أو المساجد أو المدارس أو الجامعات أو المباني السكنية، أو قطع الغذاء والوقود والدواء.
وبشكل عام، تشير الأسئلة إما إلى أدلة فيديو أو تصريحات مسجلة لوزراء الحكومة الإسرائيلية.
وأشار الموقع إلى أن وزارة الخارجية ترفض باستمرار إصدار الأحكام، وتقول في كثير من الأحيان إن آراء أو تصرفات بعض عناصر قوات الأمن أو بعض الوزراء لا تمثّل الموقف الإسرائيلي الرسمي.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، ماثيو ميلر، في وقت سابق من هذا الشهر، إن "
الولايات المتحدة ترفض التصريحات الأخيرة للوزيرين الإسرائيليين بتسلئيل سموتريتش وإيتامار بن غفير اللذين يدعوان إلى إعادة توطين الفلسطينيين خارج غزة وهذا الخطاب تحريضي وغير مسؤول. لقد قيل لنا مرارا وتكرارا من قبل حكومة إسرائيل، بما في ذلك رئيس الوزراء، إن مثل هذه التصريحات لا تعكس سياسة الحكومة الإسرائيلية".
اظهار أخبار متعلقة
ومن خلال رفض اتخاذ قرار بشأن الفظائع المتعلقة بالقوات الإسرائيلية، فإن الولايات المتحدة تترك أحد أدواتها الحاسمة خارج الميدان.
فقد استخدمت الولايات المتحدة منذ فترة طويلة قراراتها المتعلقة بالفظائع لجذب الانتباه إلى الصراعات وحشد المجتمع الدولي.
وقد فعلت ذلك بوتيرة متزايدة في السنوات الأخيرة، مع البوسنة والهرسك (1993)، ورواندا (1994)، والعراق (1995، 2014)، ودارفور (2004)، وبورما (2021)، والصين (2021)، وإثيوبيا (2021)، والسودان (2023).
ويقول الخبراء إن وزارة الخارجية تتهرب من التزامها بتقييم ما إذا كانت إسرائيل تلتزم بقوانين الحرب، وفشلت في التصرف بناء على طلبات القنوات الخلفية من بعض نفس المدافعين الذين ضغطوا من أجل تصميم السودان على القيام بشيء مماثل في ما يتعلق بحرب إسرائيل في غزة.
ونقل الموقع عن جون رامينغ تشابيل، الزميل في مجال المناصرة والقانون في مركز المدنيين في الصراعات، أنه "من الضروري أن تقوم الولايات المتحدة بتقييم امتثال إسرائيل للقانون الدولي لأن العديد من الأسلحة التي استخدمها الجيش الإسرائيلي لقتل المدنيين وتسوية المنازل وتدمير المرافق الطبية مصنوعة في الولايات المتحدة ويدفع ثمنها دافعو الضرائب الأمريكيون".
وتابع: "من خلال توفير المساعدات العسكرية، تخاطر الولايات المتحدة بأن تصبح متواطئة في جرائم وحشية محتملة".
أسلحة أمريكية بمليارات الدولارات
وكانت الذخائر الأمريكية الصنع عنصرا أساسيا في تدمير إسرائيل لغزة.
وفي الشهر ونصف الشهر الأول فقط من الحرب، أسقطت إسرائيل أكثر من 22 ألف قنبلة زودتها بها الولايات المتحدة على غزة، وذلك وفقا لأرقام استخباراتية قُدّمت إلى الكونغرس وكشفت عنها صحيفة "واشنطن بوست".
وبين شهر تشرين الأول/ أكتوبر وأواخر كانون الأول/ ديسمبر 2023، سلّمت الولايات المتحدة أكثر من 10 آلاف طن من الأسلحة والمعدات إلى إسرائيل، وذلك وفقًا لشبكة التلفزيون الإسرائيلية "القناة 12".
وأشار هذا التقرير أيضا إلى أن وزارة الدفاع الإسرائيلية طلبت أسلحة ومعدات إضافية بقيمة 2.8 مليار دولار من الولايات المتحدة.
حرب إسرائيل على غزة
كان لدى الولايات المتحدة بالفعل، اعتبارًا من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 مبيعات عسكرية أجنبية معلقة لإسرائيل بقيمة 23.8 مليار دولار، بما في ذلك مقاتلات إف-35 والذخائر الموجهة بدقة.
وبموجب عملية المبيعات التجارية المباشرة - التي تشتري من خلالها إسرائيل مباشرة من شركات تصنيع الأسلحة الأمريكية - سمحت الولايات المتحدة بالتصدير الدائم لأكثر من 5.7 مليار دولار من الأسلحة والمعدات ما بين 2018 و2022.
وقد زودت الولايات المتحدة إسرائيل بمعدات أخرى بقيمة 6.6 مليار دولار في إطار برنامج المواد الدفاعية الزائدة منذ سنة 1992.
وإجمالا، فإن الولايات المتحدة منحت إسرائيل 158 مليار دولار في شكل مساعدات ثنائية وتمويل للدفاع الصاروخي، أكثر من أي دولة أخرى منذ الحرب العالمية الثانية، وذلك وفقًا لتقرير آذار/ مارس 2023 الصادر عن خدمة أبحاث الكونغرس.
اظهار أخبار متعلقة
وقال المتحدثون باسم الإدارة مرارا وتكرارا إن الولايات المتحدة لا تقوم بتقييم ما إذا كانت إسرائيل تلتزم بالقانون الدولي في عملياتها في غزة.
وأشار تشابيل إلى أن "هذه التصريحات تتعارض مع سياسة الإدارة الخاصة بنقل الأسلحة التقليدية، التي التزم فيها الرئيس بايدن بـ"المشاركة في المراقبة المناسبة" لضمان استخدام الأسلحة الأمريكية وفقًا لالتزامات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.
وتتطلب السياسة نفسها من الوكالات الحكومية "تحديد ما إذا كان نقل الأسلحة المقترح من المرجح أن يؤدي إلى تفاقم خطر الانتهاكات بناءً على سلوك المتلقي السابق، ولا يمكن لإدارة بايدن تنفيذ هذا المطلب بحسن نية دون تقييم شرعية سلوك الجيش الإسرائيلي في غزة".
وتجدر الإشارة إلى أن وزارة الخارجية الأمريكية لم ترد على أسئلة موقع "إنترسبت" حول تصميمها الفظيع على إدانة ما يحدث في السودان وفشلها في إصدار تصنيف مماثل لإسرائيل.