افتتح معرض
القاهرة الدولي للكتاب، أبوابه للزوار، الأربعاء، خلال دورته الـ55، تحت شعار "نصنع المعرفة نصون الكلمة"، فيما سيمتد من 25 كانون الثاني/ يناير إلى 6 شباط/ فبراير، وذلك في ما يوصف بـ"أزمة حادة في أسعار الورق وارتفاع أسعار الكتب، وانسحاب بعض دور النشر من السوق".
وكشف رئيس اتحاد الناشرين
المصريين، سعيد عبده، في عدد من التصريحات الصحفية، أن "أرقام إيداع الكتب لهذا العام هبطت بنسبة 50 في المئة، عما كانت عليه في السنوات السابقة، لأسباب عديدة سياسية واقتصادية، أهمها ارتفاع أسعار الورق".
وينعقد المعرض، الذي يعتبر الأكبر من نوعه في المنطقة، بمشاركة ألفٍ و200 ناشر من 70 دولة، بزيادة 153 ناشرًا عن الدورة الماضية، حيث يبلغ عدد العارضين أكثر من 5 آلاف ومئتين وخمسين عارضا، ويشهد 550 فعالية، بحسب وزيرة الثقافة المصرية، نيفين الكيلاني.
أما بخصوص دولة الشرف، خلال السنة الجارية، فهي النرويج، حيث تحضر الأميرة ميت ماريت، زوجة ولي عهد النرويج، المعرض بوصفها سفيرة الأدب النرويجي على المستوى الدولي.
كذلك، اختير الكاتب الراحل، يعقوب الشاروني، شخصية معرض الطفل لهذا العام، وعالم المصريات الدكتور سليم حسن (1886–1961) شخصية الدورة الـ55، لما له من دور كبير في ترسيخ الهُويَة المصرية؛ من خلال تناوله تاريخ مصر وحضارتها، من عصور ما قبل التاريخ، مرورًا بالدولة القديمة والوسطى والرعامسة والعهد الفارسي، وانتهاءً بِأواخر العصر البطلمي.
300 في المئة ارتفاع في أسعار الورق والكتب
أدت أزمة نقص الدولار وانخفاض الجنيه وكذا القيود على الاستيراد، إلى ارتفاع أسعار الورق إلى مستويات قياسية، وذلك بحسب الناشر، وائل سمير، وهو صاحب مكتبة خلود للنشر والتوزيع، وأحد المشاركين في المعرض هذا العام؛ وبالتالي ارتفاع تكلفة طباعة الكتب بشكل كبير فاقت التوقعات.
وأوضح سمير، في حديثه لـ"عربي21" أن "أسعار الورق زادت بنسبة 300 في المئة خلال العامين الماضيين، إذ ارتفعت حزمة الورق من 200 جنيه إلى 600 جنيه، ثم أصبحت 1100 جنيه، غالبية الورق أو ما يعادل 90 في المئة من الورق مستورد من الخارج لجودته، وما ينتج في مصر جودته ضعيفة، ويستخدم في أغراض أخرى غير الكتب الفاخرة".
واستبعد سمير أن "يجد القارئ كتبا جديدة رخيصة هذا العام"، مشيرا إلى أن الكتب ارتفعت أسعارها 3 أضعاف، وأصبح أقل كتاب يتراوح سعره بين 100 و300 جنيه، بحسب الحجم والمؤلف ودار النشر، وهذا يؤثر بشكل سلبي على دور النشر، وبعض الناشرين انسحبوا من السوق بعد أن تكبدوا خسائر كبيرة، وبعض الكتب الكبيرة أصبحت طباعتها غير مجدية نظرا للتكلفة المرتفعة.
وأشار الناشر المصري إلى أن "بعض الناشرين لجأوا إلى الطباعة الرقمية وطباعة عشرات النسخ بسبب التكلفة الأقل، وكان فيما مضى يتم طباعة ألفي نسخة على الأقل؛ وباتت فرص الحصول على عروض وأسعار معقولة غير موجودة، وما يخفف من وطأة الأزمة هو المشاركة في معارض للكتاب في دول عربية وأوروبية أخرى".
اظهار أخبار متعلقة
إلى ذلك، بلغ إجمالي ما تستورده مصر حوالي 3 ملايين طن سنوياً، أي بما يعادل ملياري دولار، منها نحو 37 في المئة ورقا للتعبئة والتغليف، ويبلغ حوالي مليون طن، ونحو 12 في المئة لِورق الكتابة والطباعة، ويقدر بنحو 340 ألف طن، كما يتم استيراد نحو 87 ألف طن من لب الورق، ويبلغ نصيب الفرد من المنتجات الورقية في مصر حوالي 30 كجم، وهو أقل من المعدل العالمي، بحسب صحيفة "الأهرام" الحكومية.
مسارات بديلة لارتفاع أسعار الكتب
اعتبر أستاذ علم اللغة بكلية الآداب جامعة المنوفية والخبير بمجمع اللغة العربية بالقاهرة، خالد فهمي، معرض الكتاب "واحدا من أهم الوجهات الثقافية في مصر والدول العربية"، مضيفا أن "مصر بها صناعة عريقة وقديمة جدا، وهي صناعة النشر والكتاب، ومن أقدم دول المنطقة ومن أقدم حضارات العالم في صناعة الورق والكتابة والطباعة".
أما فيما يتعلق بتأثير الأوضاع الاقتصادية على الطباعة وانتقال الكتب إلى أيدي القراء، أكد في تصريحات خاصة لـ"عربي21" أن "الأوضاع الاقتصادية عامل مهم في طباعة ونشر وانتشار الكتاب في كل وقت، وللإجابة شقان، الأول أن ارتفاع الأسعار ينعكس بالسلب على الجميع ويؤدي إلى انحسار الحصول على الكتاب الورقي".
وتابع: "لكن الشق الثاني: هناك جانب آخر يخفف من حدة الأزمة وهو أن مؤسسات الدولة الثقافية غير الهادفة للربح تتيح الكتب بمختلف أنواعها بأسعار معقولة ولكنها لا تملك نشر كل شيء في الوقت ذاته".
اظهار أخبار متعلقة
ورأى الخبير بمجمع اللغة العربية أن "هناك فئات كثيرة سوف تجد صعوبة في الحصول على كتبها ومؤلفها المفضل والتي قد لا تتوفر لدى مؤسسات الدولة القومية، وسوف تتراجع القوى الشرائية لبعض القراء بسبب تداعيات الأزمة الاقتصادية على مصر، وعلى المنطقة بأسرها، والتي تؤثر على نشر الكتاب، وهناك دور نشر تنسحب من السوق في ظل أزمة شح الدولار وقيود الاستيراد، ولكنها ستظل ظروفا مؤقتة وليست دائمة تنتهي بانتهاء الأزمة".