هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "لاكروا" الفرنسية مقالا جاء فيه
أن الخصمين المغاربيين الجزائر والمغرب، يتنافسان الآن حول ورقة منطقة الساحل
الأفريقي بعد أن أدى خروج فرنسا والأوروبيين إلى ترك فراغ ينتظر من يملؤه. اظهار أخبار متعلقة اظهار أخبار متعلقة اظهار أخبار متعلقة
وقد اقترحت المغرب في نهاية كانون الأول/ ديسمبر الماضي
مشروع منطقة تبادل حر مع تسهيل الوصول إلى المحيط الأطلسي، فيما ردت الجزائر بعرض
تحالف مع بلد آخر على الساحل الغربي الأفريقي متمثل في موريتانيا.
وتقول الصحيفة في هذا المقال الذي ترجمته
"عربي21" إن دعوة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لوزير الخارجية
الموريتاني محمد سالم ولد مرزوق يوم الثلاثاء 16 كانون الثاني/ يناير، تمثل محاولة
للوقوف في وجه الحملة الدبلوماسية والتجارية التي يقوم بها الخصم المغربي.
وفي
يوم 23 كانون الأول/ ديسمبر في مراكش كان وزراء خارجية مالي والنيجر وبوركينافاسو
وتشاد قد قدموا ردودا إيجابية، على المبادرة الملكية المتعلقة بتسهيل وصولهم إلى
المحيط الأطلسي، عبر ميناء الداخلة في الصحراء الغربية والخاضع للسيطرة المغربية.
من جهته، عبر وزير الخارجية الموريتاني ولد مرزوق يوم
الثلاثاء، عن عزمه على مواصلة تطوير العلاقات الثنائية بين موريتانيا والجزائر.
والكلام هنا يدور حول مشروع تبادل حر لدور الساحل، مضاد
للمشروع المغربي يتمثل في تسهيل الوصول إلى واجهة أطلسية عبر ميناء نواكشوط. ومنذ
ذلك الوقت واجهت المغرب ارتفاعا مشطا في الرسوم الجمركية التي تفرضها عليها
السلطات الموريتانية من أجل حماية أسواقها، وهو ما أدى إلى تكدس صفوف طويلة من
الشاحنات على الحدود.
ويرى لويس مارتينيز الباحث والمتخصص في الشأن المغربي،
أن كل هذه التحركات للظفر بمنطقة الساحل هي نتيجة مباشرة للفراغ الذي تركه انسحاب الفرنسيين والأمريكيين من دول الساحل، وهو ما خلق وعيا لدى الرباط
والجزائر حول أهمية هذه المنطقة.
ويقول مارتينيز: "هذان البلدان لديهما حلفاء
أقوياء، متمثلون في الولايات المتحدة بالنسة للمغرب، والصين وروسيا وتركيا بالنسبة
للجزائر، ولكنهم يبقون حلفاء بعيدين جغرافيا ولا يساهمون بشكل فعلي في خلق سياسات
إقليمية للتنمية.
والآن انتبه البلدان إلى أن هنالك الكثير من الفرص
الواعدة من الناحية الجنوبية، حيث توجد منطقة تضم ما بين 250 و300 مليون ساكن".
وتتساءل الصحيفة حول الأسباب التي تدفع هذين البلدين
للانخراط في منطق المواجهة الذي يشمل موريتانيا التي يبدو أنها قبلت الخضوع للنفوذ
الجزائري.
وبحسب الصحيفة فإن دوافع المغرب في هذا التوجه تبدو
واضحة، حيث إن هذه الصفقة تبدو مناسبة جدا. وفي مقابل توفير منفذ بحري، إلى جانب
عائدات تجارية محتملة، تتمكن هذه المملكة من فرض شرعيتها بالأمر الواقع على
الصحراء.
أما بالنسبة للجانب الجزائري، فإن التوجه نحو موريتانيا
هو مسألة طبيعية، خاصة أن هذا البلد لا يزال يشهد برودا في العلاقات مع المغرب
التي تأخرت في الاعتراف به حتى العام 1969، ويحرص اليوم على الحفاظ على علاقات
متوازنة مع جيرانه الشماليين. أما مالي والنيجر وبوركينا فاسو من جهتها، فإنها تنظر بحماس كبير لفرصة الحصول على منفذ بحري عبر الصحراء، وهي تمثل
بديلا جذابا عن خليج غينيا الذي تخيم عليه أنشطة القرصنة وانعدام الاستقرار
السياسي.
وتقول الصحيفة إنه بالنسبة لهذه الدول الساحلية الأربعة،
التي يتراوح ناتجها القومي الخام بين 9.2 و18.4 مليار يورو، فإنه من المفيد لها
تعزيز المبادلات التجارية مع المغرب التي بلغ ناتجها القومي 120 مليار يورو في
2022، ولكنها في نفس الوقت لا تريد التخلي عن الجزائر التي بلغ إنتاجها 175 مليار.
ويرى لويس مارتينيز أن "هذه الدول المحاصرة في داخل
القارة الأفريقية تحتاج إلى أن تكون براغماتية وتفتح كل القنوات والسبل الممكنة
حتى لا تنحاز إلى محور واحد وتصبح تابعة له بشكل كامل".
وتشير الصحيفة في ذات السياق إلى أن مالي مثلا لا مصلحة
لها في مزيد توتير علاقتها مع الجزائر التي تتشارك معها 1400 كيلومترا من الحدود،
وقد جاءت حادثة تبادل سحب السفراء بين البلدين على خلفية خلافات في التعامل مع
الانفصاليين الطوارق لتذكرهما بأهمية الحفاظ على العلاقات.
أما النيجر التي تسير على خطى المبادرة الجزائرية للطريق
العابرة للصحراء، التي يفترض أن تربط بين البحر الأبيض المتوسط وخليج غينيا في
نيجيريا، فإنها لن تتخلى عن هذا الشريان المهم لاقتصادها، والذي انطلق العمل عليه
منذ وقت طويل.
وختاما: ترى الصحيفة أن هذه المنافسة بين المغرب والجزائر
لا تزال بعيدة عن نهايتها، فيما ينتقد لويس مارتينيز التعامل الأوروبي مع هذا
الملف، حيث إنه يقول: "في الحقيقة فإن أكبر الخاسرين هم نحن الأوروبيون، بما أنه
تم في البداية إخراجنا منه ثم تهميشنا دون أن نبذل أي جهد لاستعادة العلاقات مع
هذه الدول.