قال المدير السابق، لمشروعات
الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، دانيال ليفي، إن إدارة الرئيس جو بايدن، بحاجة
لإعادة الضبط مع إسرائيل، خاصة أنها لم تحقق أيا من أهداف
الحرب على
غزة.
وأوضح في مقال بصحيفة
نيويورك تايمز، ترجمته "عربي21"، بأن بنيامين نتنياهو، كان يتفاخر خلال
لقاء لم ينتبه أنه مسجل عام 2001، في مستوطنة عوفرا بالضفة الغربية، أنه من السهل
تحريك أمريكا وقام هو بتحريكها بالاتجاه الصحيح، إبان حكم بيل كلينتون.
وأضاف: "تفاخر
أيضا، بأنه قوض الجهود الدبلوماسية التي قادتها واشنطن عندما تولى رئاسة الوزراء
لأول مرة، ولكن كلامه يبدو وبعد أكثر من 20 عاما صحيحا وبطريقة غير مريحة".
وقال ليفي إن نتنياهو منذ
إعلان بايدن عن دعم لا يتزحزح للاحتلال، تباطأ بتنفيذ طلبات واشنطن منه، ومع دخول
الشهر الرابع، واستشهاد أكثر من 23 ألف فلسطيني منهم 10 آلاف طفل، لم تحقق إدارة
بايدن أيا من أهدافها بأفعال وسياسات إسرائيل، علاوة على أن شبح المجاعة يلوح في
الأفق.
وتابع: "النجاح الوحيد الذي تزعم
الولايات المتحدة تحقيقه، هو الدعم الثابت لإسرائيل، لكن طبيعة الدعم غير المشروط،
تقف أمام تحقيق أهداف سياسية، والعثور على مخرج من هذا الرعب".
ورأى أن تخفيض عدد
الجنود شمال غزة، والتركيز على الجنوب والوسط، خطوات مدفوعة بتقليل الخسائر في حرب
المدن، وتخفيف بعض آلام الاقتصاد الإسرائيلي، وربما التحضير للتصعيد في الشمال.
وقال إن هذا التحول لا يهدف لمنع التوترات
الإقليمية المتزايدة ولا منع المعاناة الإنسانية، وبدا الرئيس جو بايدن محبطا من
التطورات على الجبهات، وبدلا من تضخيم عبارات عدم الارتياح، على فريق بايدن البدء
في تصحيح المسار، وممارسة نفوذ سياسي وعسكري حقيقي ومتاح وتحريك إسرائيل نحو
المسار الحقيقي وليس العكس.
وشدد على أن المطلوب
من إدارة بايدن، الاعتراف بأهمية وقف إطلاق النار بالكامل، وأن يكون المطلب حقيقيا
وليس مجرد كلام، وعلى واشنطن اشتراك نقل السلاح إلى إسرائيل، بوقف الحرب، والتوقف
عن التسبب بمعاناة الفلسطينيين وخلق آلية إسرائيل بشأن استخدام الأسلحة الأمريكية
المتاحة لإسرائيل.
وأوضح أن وقف الحرب
على غزة، هو الطريق المؤكد لتجنب حرب إقليمية، والمفتاح لإنهاء المفاوضات والإفراج
عن المحتجزين لدى حماس.
وأكد على أنه "يمكن للولايات المتحدة استخدام المناقشات
الجارية في محكمة العدل الدولية والتي اتهمت فيها جنوب أفريقيا، إسرائيل
بانتهاكات التزاماتها لقانون وكبلد موقع على ميثاق الإبادة الجماعية، 1948، ومن
الواضح أن إسرائيل تشعر بالعصبية من المرافعات أمام محكمة العدل الدولية، لأن
قرارها له وزن، وبالتأكيد، ربما فعلت جنوب أفريقيا المزيد لتغيير مسار الأحداث
وأكثر من ثلاثة أشهر من نفض اليد الأمريكية".
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف: "لا تحتاج
إدارة بايدن دعم المزاعم الجنوب أفريقية، وكل ما يمكنها عمله ويجب أن تفعله هو الالتزام
والاسترشاد بأي نتائج تتوصل إليها المحكمة".
ورأى أن على إدارة بايدن، وقف إصدار
التعويذات بشأن حل الدولتين، التي يتجاهلها نتنياهو بسهولة، ويجب التعامل بجدية مع
رفض حكومته القاطع لدولة فلسطينية، و"الدعائم الإرشادية لائتلافه التي تؤكد على حق الشعب
اليهودي الاستثنائي وغير القابل للتصرف في كل أجزاء أرض إسرائيل".
وأضاف: "بدلا من
ذلك على واشنطن تحدي إسرائيل لتقديم مقترح حول كيفية عيش من هم تحت سيطرتها
بمساواة وازدهار وبقية الحقوق المدنية. وعمل هذا سيترك بعدا إضافيا ولتحدي موقف
نتنياهو. ومع أنه وطد من قاعدته دعمه الشعبية في الوقت الحالي، إلا أن تحالفه
معرض للانهيار بانشقاق عدد صغير من أعضائه. ولا تريد سوى نسبة 15 بالمئة من سكان
إسرائيل، بقاء نتنياهو في السلطة وبعد نهاية الحرب، حسب آخر استطلاعات وربما
عادت تظاهرات الشوارع في أي وقت".
وقال ليفي إن نتنياهو
لم يرد نهاية هذه الحرب، لأسباب أيديولوجية وعسكرية وأسباب شخصية سياسية. ومع أن
خروجه من الساحة السياسية لن يكون حلا سحريا للتقدم، ولا بالنسبة للهدف الأمريكي
الواضح، إلا أنه سيكون مقدمة لخلق الظروف لتعزيز الحقوق الفلسطينية. وعلى
الولايات المتحدة إبعاد نفسها عن كارثة غزة وعن قادة إسرائيل المتطرفين.
ولو لم تغير واشنطن
نهجها، فإن فشلها في هذه الحرب ستكون له تداعيات، وحتى خارج أزمة غزة المباشرة
ولا الأعمال العدوانية التي ينخرط فيها الحوثيون أو المخاطر التي تتجمع وتهدد
بحرب إقليمية. فالعالم يراقب ولا تستطيع واشنطن التقليل من مدى الغضب ضد الهجوم
على غزة، وليس فقط الحرب الإسرائيلية ولكن من أمريكا أيضا.
فتزويد الحكومة
الأمريكية الأسلحة لإسرائيل والغطاء الدبلوماسي والسياسي لها، بما في ذلك التلويح
والتهديد باستخدام الفيتو في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يجعل من تورطها في
الحرب واضحا للعيان ومدمرا في الوقت نفسه.
وستترك الحرب آثارا أمنية
بعيدة المدى، فالحملة العسكرية الإسرائيلية القاسية وأثرها العميق على المدنيين
ستكون بمثابة الأداة للتجنيد المادي للمقاومة المسلحة ولسنوات قادمة، وستجد
الدول العربية أن التعاون وتطبيع العلاقات مع إسرائيل محملة بالأعباء، أما أعداء
إسرائيل فسيجدون تقبلا لحماس ولصلابتها وصمودها والحوثيين لقدراتهم التخريبية
المثيرة للإعجاب وحزب الله لضبط النفس العالي.
وبمواصلة إسرائيل
التأكيد على أنها ستواصل السير على هذا المسار الخطير، قولا وفعلا، وبدون أي
اعتبار لاحتياجات وتوقعات الولايات المتحدة، فإن بايدن لا يستطيع البقاء بعيدا.