صحافة دولية

سحب ورقة بحث مبنية على البيانات الوراثية للإيغور بسبب مخاوف أخلاقية

أكثر من 20 بالمئة من الأبحاث المنشورة حول علم الوراثة في الصين ركزت على الإيغور- جيتي
أكثر من 20 بالمئة من الأبحاث المنشورة حول علم الوراثة في الصين ركزت على الإيغور- جيتي
نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا للصحفية إيمي هوكينز، قالت فيه إن مخاوف أثيرت من أن الناشرين الأكاديميين ربما لا يبذلون ما يكفي لفحص المعايير الأخلاقية للأبحاث التي ينشرونها، بعد أن تم سحب ورقة بحثية تعتمد على البيانات الجينية من سكان الإيغور في الصين، وأثيرت أسئلة حول العديد من الأوراق الأخرى بما في ذلك ورقة تنشرها مطابع جامعة أكسفورد حاليا.

في حزيران/ يونيو، تراجعت دار النشر الأكاديمية الهولندية "Elsevier"، عن مقال بعنوان "تحليل السكان الإيغور والكازاخستانيين باستخدام لوحة تحديد الهوية الدقيقة" الذي تم نشره في عام 2019.

استخدمت الدراسة التي أجراها باحثون صينيون ودنماركيون عينات دم ولعاب من 203 أشخاص من الإيغور والكازاخ الذين يعيشون في أورومقي، عاصمة شينجيانغ، لتقييم استخدام تكنولوجيا التسلسل الجيني التي طورتها شركة "ثيرمو فيشر ساينتفيك"، وهي شركة أمريكية للتكنولوجيا الحيوية، على المجموعتين العرقيتين. ولتوضيح الحاجة إلى البحث، اقترح المؤلفون أن تحسين تسلسل الحمض النووي يمكن أن يساعد الشرطة على تحديد المشتبه بهم في القضايا. "إن المعرفة الواضحة بالتنوع الجيني مهمة لفهم الأصل والتاريخ الديموغرافي للانتماء العرقي للسكان في شينجيانغ... [والذي] قد يوفر مؤشر استقصاء للشرطة".

وجاء في إشعار السحب أن المقال سُحب بناء على طلب المجلة التي نشرته، "Forensic Science International: Genetics"، بعد أن كشف تحقيق عن عدم الحصول على الموافقة الأخلاقية ذات الصلة لجمع العينات الجينية.

اظهار أخبار متعلقة


وقال مارك مونسترجيلم، الأستاذ في جامعة وندسور في أونتاريو، والمتخصص في العنصرية في الأبحاث الجينية، إن حقيقة نشر الدراسة على الإطلاق كانت "نموذجا لثقافة التواطؤ في علم الوراثة الشرعي الذي يقبل دون تدقيق أخلاقية البحث ومزاعم موافقة [المشاركين] في ما يتعلق بالسكان الضعفاء".

وأثيرت مخاوف بشأن ورقة بحثية في مجلة ترعاها وزارة العدل الصينية. وقامت الدراسة، التي تحمل عنوان تسلسل علامات تحديد الهوية البشرية لدى سكان الإيغور، بتحليل البيانات الوراثية للإيغور بناء على عينات الدم التي تم جمعها من أفراد في عاصمة شينجيانغ، في شمال غرب الصين. وأثار إيف مورو، أستاذ الهندسة بجامعة لوفين في بلجيكا، ويركز على تحليل الحمض النووي، مخاوف من أن الأشخاص في الدراسة ربما لم يوافقوا بحرية على استخدام عينات الحمض النووي الخاص بهم. وقال أيضا إن البحث "يتيح المزيد من المراقبة الجماعية" لشعب الإيغور.

ظهر هذا البحث في عدد حزيران/ يونيو 2022 من مجلة "Forensic Sciences Research (FSR)"، التي اشترتها مطبعة جامعة أكسفورد في عام 2023. وقد تم دعم البحث جزئيا بمنحة بحثية من كلية الشرطة في شينجيانغ، وقام بتأليفه ثلاثة من نفس العلماء. مثل ورقة "Elsevier" المسحوبة.

ولم يتم إخضاعها رسميا للمراجعة الأخلاقية من قبل محرري المجلة، أو من قبل مطبعة جامعة أكسفورد التي تستضيف المجلة.

ونفى دوارتي نونو فييرا، رئيس التحرير المشارك لمجلة "FSR"، أن يكون للدعم المالي من وزارة العدل الصينية أي تأثير على السياسات التحريرية للمجلة، ووصف الاقتراح بأنه "مرفوض أخلاقيا".

وتستند كلتا الورقتين إلى بحث تم إجراؤه في شينجيانغ، حيث توجد تقارير واسعة النطاق عن انتهاكات حقوق الإنسان. وبالإضافة إلى نظام معسكرات الاعتقال واسع النطاق، فإن الناس في المنطقة - ومعظمهم من الإيغور والكازاخ وغيرهم من الأقليات العرقية - يخضعون لمستويات عالية من مراقبة الدولة.

الإيغور هم مجموعة عرقية تركية تتواجد بشكل رئيسي في شينجيانغ، وهي جزء من الصين، ولكن أصولهم تنحدر من آسيا الوسطى وكذلك البر الرئيسي للصين. ولطالما كانت علاقتهم متوترة مع بكين، التي تتهم الكثير منهم بالرغبة في الانفصال عن الحكم الصيني.

ويقول الخبراء إن الناس في شينجيانغ قد لا يتمكنون من الموافقة بحرية على المشاركة في الدراسات البحثية.

في كلتا الورقتين، كان أحد الباحثين، حليموريتي سيماييجيانغ، مرتبطا بجهاز أمن الدولة الصيني عبر كلية الشرطة في شينجيانغ، ما أدى إلى تفاقم هذه المخاوف.

قالت مايا وانغ، مديرة آسيا المساعدة في "هيومن رايتس ووتش": "بالنظر إلى مدى قسرية البيئة العامة بالنسبة للإيغور [في الصين]، فإنه ليس من الممكن حقا للإيغور أن يقولوا لا [لجمع الحمض النووي]".

ورفعت إدارة بايدن مؤخرا العقوبات المفروضة على معهد علوم الطب الشرعي التابع لوزارة الأمن العام الصينية في محاولة لتسهيل التعاون في السيطرة على [مخدرات] الفنتانيل. وكان المعهد يخضع للعقوبات منذ عام 2020 بسبب الانتهاكات المزعومة لشعب الإيغور.

وفي 19 تشرين الثاني/ نوفمبر، أثار مورو رسميا مخاوفه بشأن الدراسة التي أجريت على الحمض النووي للإيغور والتي نُشرت في مجلة أبحاث علوم الطب الشرعي.

وتنص المقالة على أنه تم الحصول على "موافقة كتابية مستنيرة" من كل من الإيغور الـ 264 الذين قدموا عينات الدم. وفي رسالة بالبريد الإلكتروني إلى إيرين تريسي، نائب رئيس جامعة أكسفورد، والتي اطلعت عليها صحيفة "الغارديان"، قال مورو: "معيار الموافقة المستنيرة هو الموافقة الحرة المستنيرة"، وهو ما يرى أنه مستحيل في سياق شينجيانغ.

وأشار متحدث باسم مطبعة جامعة أكسفورد إلى أن الورقة تم قبولها ونشرها من قبل "FSR" قبل أن تبدأ مطبعة جامعة أكسفورد في نشر المجلة. وقالوا: "بينما تمت مراجعة المقالة من قبل النظراء، وتم تضمين البيانات والإفصاحات البحثية الأخلاقية في صفحة المقالة، فإننا سنعمل مع محرري المجلة للتحقيق في المخاوف المثارة والمعلومات التي تلقيناها".

اظهار أخبار متعلقة


تم إدراج مؤلفي الورقة وهم سيماييجيانغ و نايلز مورلنغ و كلوز بورستنغ من قسم علم الوراثة الشرعي بجامعة كوبنهاغن. وتم إدراج سيماييجيانغ على أنه تابع بشكل مشترك لكلية الشرطة في شينجيانغ. هؤلاء العلماء الثلاثة هم مؤلفو الورقة التي سحبتها شركة "Elsevier" في حزيران/ يونيو، جنبا إلى جنب مع توربان تفيدبرنك، عالم البيانات.

وقالت جامعة كوبنهاغن إن سيماييجيانغ لم يعد تابعا للجامعة، بعد أن غادرها في عام 2020. وتم تقديم كل من الورقة المسحوبة، والورقة التي أثار مورو مخاوف بشأنها، قبل مغادرة سيماييجيانغ الجامعة.

وقال نونو فييرا إن مجلة "FSR" كانت "محايدة وشفافة تماما" وإن هيئة تحرير المجلة تضم "بعضا من المتخصصين والأكاديميين الأكثر شهرة واحتراما في مجال الطب الشرعي في العالم".

وقال إنه سيسلط الضوء على المخاوف الأخلاقية مع الموظفين المعنيين في المجلة، مضيفا أنه "لم يكن هناك (أكرر، أبدا) أي تدخل أو إجراء" من وزارة العدل الصينية.

وقال هانز برونر، نائب عميد الأبحاث في كلية الصحة والعلوم الطبية بجامعة كوبنهاغن، إنه منذ أن أثيرت المخاوف لأول مرة بشأن أخلاقيات جمع البيانات في شينجيانغ في عام 2020، فقد اتخذت الجامعة عددا من الإجراءات لتعزيز عمليات الفحص، بشأن البحوث الحساسة، بما في ذلك إنشاء وحدة لإدارة البيانات وقائمة مرجعية أمنية لتقييم مخاطر البحوث الدولية.

هناك ورقتان أخريان حول البيانات الوراثية للإيغور والكازاخ من إعداد سيماييجيانغ ومورلنغ وبورستنغ، إلى جانب مؤلف رابع، فانيا بيريرا، وهي أيضا من جامعة كوبنهاغن، تخضع رسميا للمراجعة الأخلاقية من قبل المجلة التي تم نشرها فيها. وقال برونر إن أعضاء هيئة التدريس لم يكونوا على علم بالمخاوف بشأن هذه الأوراق البحثية، التي نُشرت في مجلة "Forensic Sciences International: Genetics"، في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، إلا أنهم كانوا على اتصال برئيس تحرير المجلة لتوضيح الأمر.

ولم يستجب أي من الباحثين لطلبات التعليق.

يقول الخبراء إن الأوراق البحثية هي قمة جبل الجليد من البحث العلمي الذي قد لا يفي بالمعايير الأخلاقية لجمع البيانات، والتي قد تساعد في بعض الحالات في تطوير تقنيات المراقبة التي يمكن استخدامها لانتهاك حقوق الإنسان، خاصة بين مجموعات الأقليات.

قالت شركة "Thermo Fisher"، التي تمتلك مجموعة تسلسل الحمض النووي التي تم تقييمها في الورقة البحثية التي تم سحبها في حزيران/ يونيو، في عام 2019 إنها ستتوقف عن بيع معداتها في شينجيانغ.

في السنوات الأخيرة، كان هناك تدقيق متزايد في البحث العلمي بناء على مشاركين من السكان في الصين الذين قد لا يكون لديهم القدرة على الموافقة بحرية، وخاصة الأقليات العرقية. وبدأ علماء الأخلاقيات الحيوية في إثارة المخاوف لأول مرة في عام 2019، ما أدى إلى سحب المجلات المحترمة العديد من المقالات المستندة إلى المواد الوراثية من الأقليات.

ويقول العلماء إن الناشرين ما زالوا على استعداد تام لقبول الأبحاث التي قد تثير مخاوف أخلاقية، كما أنهم بطيئون للغاية في الاستجابة للشكاوى.

اظهار أخبار متعلقة


أثار مورو مخاوف بشأن عشرات الأوراق. وفي تشرين الثاني/ نوفمبر، وحصل على جائزة مؤسسة آينشتاين لدفاعه "القوي" عن "المعايير الأخلاقية في استخدام بيانات الحمض النووي البشري"، وفقا للجنة التحكيم.

ووفقا لتحليل مورو، فإن أكثر من 20 بالمئة من الأبحاث المنشورة حول علم الوراثة السكانية الشرعي في الصين بين عامي 2011 و2018 ركزت على الإيغور، على الرغم من أنهم يشكلون أقل من 1 بالمئة من السكان. ويخضع التبتيون لـ"نسبة مراقبة" أعلى.

قال مورو: "على الرغم من أن الإيغور مثيرون للاهتمام للدراسة من منظور علم الوراثة لأنهم مجموعة سكانية مختلطة ذات تراث شرق آسيوي وأوراسيوي، ولأن التبتيين مثيرون للاهتمام بسبب تكيفهم مع الارتفاعات العالية، فإن الأبحاث حول هذه المجموعات مكثفة بشكل مدهش".

وقال متحدث باسم الحكومة الصينية: "الصين دولة يحكمها القانون. خصوصية جميع المواطنين الصينيين، بغض النظر عن خلفياتهم العرقية، محمية بموجب القانون".
التعليقات (0)