قضايا وآراء

شبح الانهيار المفاجئ يتسلل إلى قادة الاحتلال وأمريكا

حازم عياد
كيف سيخرج الاحتلال من نفق غزة المظلم؟
كيف سيخرج الاحتلال من نفق غزة المظلم؟
"مقاتلو حماس لديهم تفوق على الجيش في القطاع". ليست كلمة عابرة أو زلة لسان صادرة عن مسؤول أمني سابق، بل حقيقة لم يكن المدير السابق لجهاز الموساد يوسي كوهين الوحيد الذي عبر عنها، إذ سبقه إلى ذلك رئيس الأركان داني حالوتس رئيس الأركان السابق، عندما أكد أن حماس انتصرت، وأن صورة النصر الوحيد الممكن تحقيقه إسرائيليا هو الإطاحة بنتنياهو، متفقا بذلك مع رئيس الوزراء الأسبق إيهود أولمرت.

رغم ذلك، فإن يوسي كوهين قدم مقاربة مختلفة عن حالوتس وأولمرت بالقول: نحن بحاجة إلى بناء نوع من التحالف العربي ومن ثم التحالف الدولي الأوسع، الذي سيتحمل المسؤولية، في إشارة منه إلى اليوم التالي للحرب التي ربط نهايتها بإطلاق سراح الأسرى.

كوهين يبحث عن مخرج يسمح بنقل الأعباء إلى الدول العربية وأطراف دولية، مستنسخا نموذج أوسلو في التنسيق الأمني والاقتحامات للأحياء والمدن الفلسطينية في الضفة الغربية، لكن بغطاء وإدارة مدنية دولية وإقليمية كبديل للإدارة الفلسطينية في رام الله، التي لا تحظى بقبول أقطاب اليمين كسموتريتش وبن غفير.


العقل الصهيوني لم يتقبل بعد الهزيمة والفشل؛ إذ لا يزال يفكر من داخل الصندوق الذي أنتح الفشل والانهيار المتسارع للنفوذ الأمريكي في أفغانستان وفيتنام.

العقل الصهيوني لم يتقبل بعد الهزيمة والفشل؛ إذ لا يزال يفكر من داخل الصندوق الذي أنتح الفشل والانهيار المتسارع للنفوذ الأمريكي في أفغانستان وفيتنام، بعد أن تعلقت واشنطن بأوهام نجاح حكومة أشرف غني في أفغانستان، والجيش الذي كلفها 80 مليار دولار في مواجهة حركة طالبان، ومن قبلها الأوهام حول حكومة "نجوين فان ثيو" في سايغون، وجيش فيتنام الجنوبية الذي قارب مليون مقاتل؟، للسيطرة والتحكم بالبلاد بعد انسحابها، مرفقا بوعود أمريكية بدعم فيتنام وأفغانستان، عبر غارات وهجمات بين الحين والآخر من قواعدها القريبة في المنطقة.

قادة الكيان الإسرائيلي يظنون أنهم أذكى من الأمريكان؛ لذلك يقترحون وعلى نحو حالم إشراك الدول العربية، وعلى رأسها الإمارات العربية ومصر والمملكة العربية السعودية، بل والصين واليابان، في إدارة قطاع غزة، بشرط السماح لجيش الاحتلال بشن هجمات داخل القطاع لتحييد المخاطر بين الحين ولآخر.

خطة هي الأغبى في التاريخ والاكثر تعبيرا عن المأزق الأمني والسياسي الذي يعاني منه الاحتلال؛ فأوهام يوسي كوهين سرعان ما بددتها تصريحات مسؤول أمريكي لصحيفة إسرائيل هيوم قال فيها؛ إن احتمال قبول إحدى الدول العربية المسؤولية عن إدارة قطاع غزة هي صفر، لتتبدد أوهام كوهين وتتلاشى سريعا.

وللخروج من الغرق في التصريحات والرؤى المتعارضة للمسؤولين الإسرائيليين الحاليين والسابقين، أوفدت إدارة بايدن بدورها وللمرة الخامسة خلال شهرين وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن للأراضي المحتلة، للقاء قادة الاحتلال الإسرائيلي، ومناقشة المخرج الأمثل من الحرب، بعد أن تعالت أصواتهم وخرجت خلافاتهم إلى العلن، موحية بقرب نضوج المشهد الداخلي في الكيان للوصول إلى وقف حقيقي لإطلاق النار.

فزيارة وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون دريمر إلى واشنطن ولقاؤه جيك سوليفان مستشار الأمن القومي الأمريكي، لم تحسم الصورة النهائية للمشهد داخل الكيان، بقدر ما كشفت عن الخلافات وتباين الرؤى، بعد أن شكك اثنان من المستشارين السابقين للأمن القومي في دولة الاحتلال، من على صفحات نيويورك تايمز وول ستريت جورنال، بصحة الرؤية التي يسعى نتنياهو لترويجها في أمريكا، عبر وزيره دريمر حول الحرب وما بعدها في قطاع غزة.

 الكيان الإسرائيلي بات مأزوما متخبطا عاجزا عن اختيار خطة عمل، في وقت يعاني جيشه من خسائر فادحة وحالة انهيار في الميدان لم يعد قادرا على إخفائها؛ ما يعني أن شبح الانهيار المفاجئ بات عاملا ضاغطا، يجعل من تجرع الاحتلال لوقف إطلاق النار دواء مرّا بعد أن كان سُمّا قاتلا؛ فهو الخيار الوحيد الممكن والسيناريو الأكثر واقعية لإطلاق سراح الأسرى.

لمواجهة زيارة أنتوني بلينكن للكيان الإسرائيلي، سارع مجلس وزراء الحرب المتشكل من نتنياهو ووزير الحرب غالانت ووزيرا الدولة من المعارضة بيني غانتس وغادي إيزينكوت، للإعلان وللمرة الأولى بدء النقاش لمرحلة ما بعد الحرب في قطاع غزة، إذ بات استحقاقا ضروريا للوصول إلى وقف إطلاق للنار في قطاع غزة، وهو الملف الأهم من وجهة نظر أمريكية، في ظل حالة الانسداد السياسي والعسكري، التي تفاقمها مواقف اليمين الفاشي التي عبر عنها وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بالقول؛ إن مناقشة ما بعد الحرب ليس من مسؤوليات حكومة الحرب (الطوارئ)، وإنما من مسؤوليات الحكومة المصغرة، التي يعدّ عضوا فيها، وهي تصريحات تزيد من صعوبة ومهمة أنتوني بلينكن.

الشلل المتولد عن الخلافات في الرؤى، توحي بإمكانية انهيار حكومة الائتلاف وانفجارها من الداخل، بعد أن ارتفع صوت زعيم حزب شاس الديني أرييه درعي؛ مهددا بانهيار الحكومة والائتلاف الحاكم، في حال أصر شريكه في الائتلاف بن غفير على إقالة مدير الشرطة يعقوب شبتاي ورئيسة مصلحة السجون كاثي بيري.

ختاما.. الكيان الإسرائيلي بات مأزوما متخبطا عاجزا عن اختيار خطة عمل، في وقت يعاني جيشه من خسائر فادحة وحالة انهيار في الميدان لم يعد قادرا على إخفائها؛ ما يعني أن شبح الانهيار المفاجئ بات عاملا ضاغطا، يجعل من تجرع الاحتلال لوقف إطلاق النار دواء مرّا بعد أن كان سُمّا قاتلا؛ فهو الخيار الوحيد الممكن والسيناريو الأكثر واقعية لإطلاق سراح الأسرى، مع مفاوضات تتسع لتشمل إعادة هندسة الواقع في الضفة الغربية وقطاع غزة، وفقا للحقائق التي صنعتها المقاومة وعملية طوفان الأقصى.

twitter.com/hma36
التعليقات (0)