نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، مقالا، للصحفي، إيشان ثارور، قال فيه: "إن الرئيس الإسرائيلي، إسحاق هرتزوغ، تمسك بموقفه في خضم الضغوط المتزايدة على إسرائيل من حلفائها الغربيين، لحثها على كبح حملتها ضد
حماس".
وقال خلال مقابلة أجريت معه، الثلاثاء، عن طريق "أتلانتك كاونسل"، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن: "إننا نعتزم السيطرة على قطاع
غزة بأكمله، وتغيير مسار التاريخ”.
وتابع هرتزوغ، بأن "الصراع الحالي، هو صراع بين مجموعة من القيم الحضارية"، ووصف حركة حماس التي نفذت عملية السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بأنها "قوة الشر".
قبل اندلاع الحرب، كان يُنظر إلى هرتزوغ على نطاق واسع على أنه أكثر معقولية في نظر مؤسسة السياسة الخارجية في واشنطن، من رئيس الوزراء الإسرائيلي اليميني، بنيامين نتنياهو. ولكن منذ عملية "طوفان الأقصى"، اتخذ هو والعديد من المسؤولين الإسرائيليين الآخرين موقفا متشددا، فسخروا من الانتقادات العالمية للقَصف الإسرائيلي لغزة، في حين رفضوا الحديث عن وقف إطلاق النار لإنقاذ حياة
الفلسطينيين وتخفيف الأزمة الإنسانية البشعة.
ومن المتوقع إجراء تصويت آخر، حول هذه المسألة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الأربعاء، حيث ظل الدبلوماسيون متجادلين حتى ساعات متأخرة من يوم الثلاثاء بشأن قرار لن يؤدي إلى استخدام الولايات المتحدة لحق النقض.
مع ذلك، بدت إدارة بايدن، باعتبارها داعما قويا لإسرائيل، مستعدة للإشارة إلى استيائها من ارتفاع حصيلة الشهداء الفلسطينيين، الذين يقتربون من 20 ألف شخص؛ على الرغم من أنها، وفقا لكارين دي يونج، بـ"واشنطن بوست"، كانت تضغط على إسرائيل، للصياغة التي تدعو إلى "وقف الأعمال العدائية" بدلا من وقف إطلاق النار.
وبشكل منفصل، قد يكون هناك توقف محتمل، لمدة أسبوع واحد، في المستقبل القريب إذا وافقت حماس على إطلاق سراح حوالي ثلاثين أسيرا، ما زالوا محتجزين في غزة. لكن المسؤولين الإسرائيليين كانوا واضحين في أنهم مستعدون لحرب طويلة.
وقال هرتزوغ، وهو الماهر في التحدث إلى المسؤولين ومجموعات الضغط في واشنطن، إن "إسرائيل لن تتسامح بعد الآن مع كون غزة منصة لإيران"، وذلك في إشارة إلى الداعمين الأجانب الرئيسيين لحماس.
"حماس راسخة"
وحتى بعد شن واحدة من الحملات العسكرية الأكثر عنفا وكثافة في التاريخ الحديث، لم تتمكن إسرائيل من تحييد سوى جزء صغير من القوة المسلحة لحركة حماس. وفي هذه العملية، دمرت إسرائيل الأراضي المحاصرة التي تسيطر عليها حماس، وشرّدت ما يقرب من 90 في المئة من السكان، وسوّت أحياء بأكملها بالأرض، وأثارت كارثة إنسانية كبيرة، ووجدت نفسها تتأرجح في معركة خاسرة لكسب الرأي العام العالمي.
وأكدت الصحيفة الأمريكية، على أن "مستشفيات غزة في حالة انهيار، والقليل منها فقط قادر على العمل؛ والمرض والجوع يطاردان المنطقة، حيث فشلت أنظمة الصرف الصحي. هناك القليل من الكهرباء، وتقريبا لا يوجد غاز للطهي".
وتحدث مراسلو الصحيفة، مع الفلسطينيين الذين يقضون ساعات كل يوم في بحث يائس عن الطعام والماء. وقال خليل طافش، وهو أب: "لقد أذلتنا هذه الحرب. في نهاية المطاف، نريد فقط أن نعيش، الأطفال يريدون فقط أن يأكلوا ويشربوا؛ كوالد، ستفعل كل ما في وسعك لتوفير الطعام لأطفالك".
وتتفاقم المخاوف بشأن الوضع الراهن المشتعل، إذ تم تسوية جزء كبير من شمال غزة، الذي كان ذات يوم مكتظا بالسكان، بالأرض، وأصبح الجزء الأكبر من سكان القطاع محشورين في أماكن إقامة مؤقتة بالقرب من معبر رفح الحدودي الجنوبي مع مصر.
وأصبح احتمال نزوح اللاجئين أكثر واقعية، وهو التهجير الذي قد ينظر إليه الكثيرون في المنطقة على أنه لحظة مأساوية أخرى من لحظات سلب الفلسطينيين ممتلكاتهم، وهي صدمة من شأنها أن تزيد من تعكير صفو السياسة في الشرق الأوسط ومن المرجح أن تقوض تقارب إسرائيل مع بعض جيرانها العرب.
اظهار أخبار متعلقة
وقال دبلوماسي مصري كبير سابق، لكلير باركر: "سواء حدث هذا [تدفق اللاجئين] نتيجة لاستراتيجية عسكرية إسرائيلية متعمدة أو بسبب الظروف... فقد يكون هذا تمييزا لا يُحدث فرقا".
وفي الوقت نفسه، لم تُهزم حماس، رغم إصابتها بالرضوض. فيما تسعى إسرائيل إلى قطع رأس قيادتها العسكرية والقضاء على جزء كبير من قدراتها العسكرية. لقد أثبتت الحملة المستمرة أنها صعبة، بغض النظر عن قدرات إسرائيل ومواردها المتفوقة.
وحتى تحقيق انتصار شبه كامل في ساحة المعركة لن يقضي على الجماعة التي لها جذور في المجتمع الفلسطيني وتضع نفسها كحامل لواء المقاومة لعقود من الاحتلال الإسرائيلي والاستيلاء على الأراضي.
وقال مايكل ميلشتين، من مركز موشيه ديان بجامعة تل أبيب، لصحيفة "الغارديان": "أود أن أسميه كيانا مرنا للغاية يجمع بين الحزب الحاكم المميز ومنظمة سرية وصندوق خيري؛ إنه ليس شيئا إذا تمكنت من قتل القائد الأعلى فسيتم تقويض الهيكل بأكمله".
لكن إسرائيل، في هذه العملية، سحقت أكثر من ذلك بكثير. وقال أستاذ الدراسات الإسرائيلية في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، دوف واكسمان: "بدلا من تدمير حماس، ستدمر هذه الحرب غزة وتجعلها غير صالحة للسكن إلى حد كبير، كما يمكننا أن نرى بالفعل في شمال غزة. وهذا سوف يغذي المزيد من التشدد بين الفلسطينيين والمزيد من الدعم للمقاومة المسلحة".
ويتأكد هذا الشعور من خلال اللغة التي وصفت بـ"المخيفة" الصادرة عن العديد من الأصوات البارزة في المؤسسة السياسية الإسرائيلية، بما في ذلك نتنياهو، الذي ناقش "تقليص" عدد سكان غزة. ويوضح مؤرخ الشرق الأوسط، جان بيير فيليو، أن خطابه يوضح أن وراء "رغبة إسرائيل المعلنة في الانتقام تكمن الرغبة في القضاء ليس على حماس فحسب، بل على قطاع غزة".
اظهار أخبار متعلقة
ويقول بعض السياسيين الإسرائيليين ذلك بصراحة: "قطاع غزة بأكمله يجب أن يكون خاليا ومدمرا، تماما كما حدث في أوشفيتز. فلتكن متحفا للعالم أجمع ليرى ما تستطيع إسرائيل أن تفعله"، هذا ما أعلنه مؤخرا ديفيد أزولاي، رئيس بلدية ميتولا، المدينة الواقعة في أقصى شمال إسرائيل، "لا يجوز لأحد أن يقيم في قطاع غزة ليراها العالم أجمع، لأن السابع من تشرين الأول/ أكتوبر كان بطريقة ما محرقة ثانية".
ورد المتحف الرسمي على وسائل التواصل الاجتماعي، قائلا إن "تصريحات رئيس البلدية الإسرائيلي قد تبدو بمثابة دعوة للقتل على نطاق مشابه لمعسكر أوشفيتز".