نشر موقع "
أويل برايس" تقريرًا تحدث فيه أن الازدهار الذي تشهده صناعة
النفط البحرية في
أمريكا الجنوبية قد يشكل تحديًا لهيمنة منظمة البلدان المصدرة للبترول
أوبك، فرغم أن هذا الازدهار النفطي البحري يعزز الاقتصاد ويوفر فرص عمل جديدة، لكنه يتسبب أيضًا في انخفاض أسعار النفط على المستوى العالمي، مما يهدد استقرار سوق النفط العالمية.
وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنه بعد اكتشافات شركة إكسون النفطية في المياه الإقليمية لغيانا، تشير التقديرات إلى أن المستعمرة البريطانية السابقة التي يبلغ عدد سكانها ما يزيد قليلاً عن 800 ألف نسمة تمتلك ما لا يقل عن 11 مليار برميل من الموارد النفطية القابلة للاستخراج، لكن أهمية هذه الاكتشافات لم تقتصر على استحواذها على اهتمام شركات الطاقة الكبرى، بل إنها تبشر بعصر نفطي جديد في أمريكا الجنوبية، إن هذه التطورات، إلى جانب سعي البرازيل لتصبح رابع أكبر منتج في العالم، تعيد أمريكا الجنوبية مرة أخرى لتصبح منطقة رائدة في إنتاج النفط وتعطيها القدرة على تحدي هيمنة أوبك.
وأوضح الموقع أنه بعد الانهيار الذي شهده قطاع النفط والغاز في فنزويلا على مدى العقدين الماضيين، تحظى الطفرة النفطية الهائلة والمتزايدة التي تشهدها غيانا باهتمام كبير من شركات النفط الكبرى، فقد انتقلت غيانا في غضون خمس سنوات فقط من أول اكتشاف للنفط إلى أول إنتاج له، وهذه فترة زمنية غير مسبوقة في قطاع الطاقة العالمي؛ حيث قد يستغرق الأمر عقدًا أو أكثر لتطوير اكتشافات نفطية على مستوى عالمي والوصول بها إلى مرحلة الإنتاج، وتعد غيانا الآن منتجًا إقليميًا رئيسيًا للنفط، حيث أصبحت تضخ حوالي350 ألف برميل يوميًا في نهاية أيلول/سبتمبر 2023.
وأفاد الموقع بأن حقل ستابروك الذي تبلغ مساحته 6.6 ملايين فدان، الذي تشير التقديرات إلى احتوائه على 11 مليار برميل، يعد محوريًا لطفرة النفط الضخمة في غيانا الصغيرة؛ حيث تشكل شركات إكسون وهيس وسينوك اتحاد الشركات الذي يسيطر على الكتلة بنسبة 45 بالمائة و30 بالمائة و25 بالمائة من المصالح العاملة على التوالي، ويستثمر الاتحاد بكثافة لتطوير حقول نفط ذات مستوى عالمي في جميع أنحاء المنطقة.
اظهار أخبار متعلقة
وقد وافق الشركاء على تطوير خمسة مشاريع ويقومون بتقييم المشروع السادس، وهو مشروع "ويبتيل" البحري الذي تبلغ قيمته حوالي 13 مليار دولار، ومن المتوقع صدور قرار الاستثمار النهائي خلال الربع الأول من عام 2024، ومع بدء تشغيل كل من هذه العمليات ووصولها إلى طاقتها القصوى، سينمو إنتاج غيانا من النفط بمعدل قوي، وقد أعلنت شركة شيفرون الأمريكية العملاقة في تشرين الأول/أكتوبر 2023 عن خطط للاستحواذ على شركة هيس في صفقة شاملة بقيمة 53 مليار دولار، وقد أشارت شيفرون إلى حقل ستابروك كسبب رئيسي للصفقة.
وبحسب تقدير محللي الصناعة فإن غيانا ستستخرج ما لا يقل عن 1.2 مليون برميل بحلول عام 2027، مما سيضعها في المرتبة السادسة عشرة بين أكبر المنتجين في العالم، متقدمة على الجزائر عضو أوبك، ومن الواضح بشكل متزايد أن إنتاج النفط في غيانا يمكن أن يتجاوز هذا الرقم مع وحدات التخزين والتفريغ العائمة التي تركبها شركة إكسون والقادرة على إنتاج أكبر مع تنفيذ مختلف الكفاءات التشغيلية، وقد أثارت هذه التطورات تكهنات بأن توسع إنتاج النفط في غيانا، والذي يتوقع المحللون أن يصل إلى ذروته عام 2035 عند حوالي مليوني برميل يوميًّا، سيقلل من قدرة أوبك على السيطرة على أسعار النفط العالمية.
وأشار الموقع إلى أن البرازيل، وهي أكبر منتج للنفط في أمريكا اللاتينية، تسعى جاهدة لزيادة إنتاجها بشكل كبير بحلول نهاية العقد في وقت تواجه فيه العديد من دول أوبك انخفاضات محتملة، فقد كان العملاق الإقليمي منتجًا هامشيًا للنفط سابقًا، لكن إنتاجه ارتفع بشكل كبير بعد سلسلة من الاكتشافات النفطية ذات المستوى العالمي على مدى عقدين من الزمن في ما يعرف الآن بحوض سانتوس، وكان أول اكتشاف عملاق هو حقل نفط توبي العملاق، والذي يضخ 497 ألف برميل يوميًا، وفقًا لبيانات الوكالة الوطنية للبترول والغاز الطبيعي والوقود الحيوي، مما يجعل أكبر حقل نفط في البرازيل مسؤولاً عن 16 بالمائة من إجمالي الإنتاج، فيما أصبح حوض سانتوس؛ حيث تقع ثلاثة من أفضل حقول النفط في البرازيل يمثل 28 بالمائة من إنتاج البلاد من النفط.
وأكد الموقع أن حجم هذه الاكتشافات وتطورها السريع، وارتفاع تدفقات الاستثمار الأجنبي في مجال الطاقة منذ عام 2008، يجعل البرازيل الآن أكبر منتج للنفط في أمريكا اللاتينية إلى جانب كونها أقوى اقتصاد في المنطقة، وتخطط حكومتها الفيدرالية لتوسيع إنتاج النفط بسرعة إلى 5.4 ملايين برميل يوميا بحلول عام 2029، وإذا تم تحقيق هذا الهدف، فسوف تصبح البرازيل رابع أكبر منتج في العالم بعد كندا وقبل روسيا، استنادًا إلى بيانات الإنتاج العالمية لعام 2022.
ولفت الموقع إلى وجود تكهنات بين المحللين بأن هدف برازيليا الطموح قد يكون بعيد المنال؛ حيث تشير بيانات الوكالة الوطنية للبترول والغاز الطبيعي والوقود الحيوي إلى أن إنتاج أيلول/سبتمبر 2023 وصل إلى مستوى قياسي بلغ 3.67 ملايين برميل يوميًا، في حين وصل إجمالي إنتاج المواد الهيدروكربونية، إلى أعلى مستوى له على الإطلاق عند 4.67 ملايين برميل يوميًا، ولكي يصل إنتاج النفط إلى 5.4 ملايين برميل يوميًا، يجب أن ينمو إنتاج البرازيل بنسبة 47 بالمائة أو 1.73 مليون برميل على مدى السنوات الست المقبلة.
اظهار أخبار متعلقة
ولتحقيق هذا الهدف الطموح؛ أطلقت الحكومة البرازيلية برنامج الاستكشاف والإنتاج "بوتنسياليزا"، والذي يشكل دعامة أساسية في الاستراتيجية الرامية إلى جعل البلاد رابع أكبر منتج للنفط في العالم من خلال تشجيع الاستثمار في أحواض النفط الحدودية والناضجة والهامشية، وستجذب هذه المبادرة المزيد من استثمارات الطاقة المحلية والأجنبية؛ حيث تتوقع خطة توسيع الطاقة لعام 2031 في برازيليا استثمارًا إجماليًا يتراوح بين 428 مليون دولار إلى 474 مليون دولار للتنقيب عن النفط والغاز وإنتاجهما.
وأضاف الموقع أن شركة النفط الوطنية البرازيلية بتروبراس التزمت في خطتها الإستراتيجية بين عامي 2023-2027، باستثمار 78 مليار دولار، مع تخصيص 83 بالمائة من الميزانية لعمليات التنقيب والإنتاج والتي ستشهد إنفاق ما يقرب من 65 مليار دولار على أنشطة الاستكشاف والإنتاج، وتخطط الشركة لإنفاق 67 بالمائة من ميزانيتها على أصول طبقة ما قبل الملح، ويعتقد أن هذه العمليات توفر أكبر إمكانية لتعزيز الإنتاج بسبب انخفاض تكاليف الرفع والنفط عالي الجودة ومتوسط الجودة الذي تنتجه، والذي يحظى بشعبية بين المصافي، وبحلول نهاية عام 2027، تتوقع بتروبراس أن تكون أصول طبقة ما قبل الملح مسؤولة عن 78 بالمائة من إنتاج النفط.
وتابع الموقع بأن بتروبراس ستقوم بحفر 42 بئرًا استكشافيًا كجزء من هذه الخطة، منها 24 بئرًا في الأحواض الجنوبية الشرقية في البرازيل، و16 بئرًا أخرى في الهامش الاستوائي، و2 في كولومبيا البحرية، وستقوم الشركة أيضًا بنشر 16 وحدة إنتاج وتفريغ عائمة بين عامي 2023 و2027، منها 11 مخصصة لحوض سانتوس والباقي لحوض كامبوس.
وأوضح الموقع أنه سيتم نشر ست من وحدات الإنتاج الـ 11 المتجهة إلى حوض سانتوس في حقل بوزيوس، والذي يعد أكبر حقل نفط في المياه العميقة في العالم ومسؤول عن 8.7 بالمائة من إنتاج البرازيل وهو محور التركيز الرئيسي لجهود التنمية التي تبذلها بتروبراس، وبحلول عام 2027؛ تقدر بتروبراس أن إنتاج حوضي سانتوس وكامبوس سيصل إلى 4.4 ملايين برميل يوميًا، وستساعد خطة بتروبراس الإستراتيجية إلى جانب الاستثمار الأجنبي المتزايد في مجال الطاقة على تنشيط عمليات الاستكشاف والإنتاج لتحقيق هدف إنتاج برازيليا لعام 2029 وهو 5.4 ملايين برميل يوميًا.
وتشير التقديرات إلى أنه بحلول نهاية هذا العقد، ستضيف كل من غيانا والبرازيل ما يقرب من ثلاثة ملايين برميل يوميا من إنتاج النفط، وهو ما يعزز إنتاج النفط في أمريكا الجنوبية بشكل كبير، ويجعل القارة مرة أخرى منتجًا عالميًا رائدًا للنفط، وهو ما يجذب اهتمامًا كبيرًا من شركات النفط الكبرى، وسينمو الإنتاج الإقليمي بشكل أكبر بسبب قرار واشنطن بتخفيف العقوبات ضد فنزويلا، وهناك أيضًا ارتفاع في إنتاج الهيدروكربون في الأرجنتين، حيث وصل الإنتاج إلى أعلى مستوى له على الإطلاق في آذار/مارس 2023، وستتحدى هذه التطورات الدور المهيمن لمنظمة أوبك كصانع للسعر العالمي، بينما يقلل تعزيز الإمدادات القريبة من المصافي الأمريكية من الحاجة إلى واردات النفط من أوبك، وهو ما يقلل من تعرض واشنطن للمخاطر الجيوسياسية في الشرق الأوسط والاعتماد على السعودية.