حقوق وحريات

أسرى محررون يتحدثون لـ"عربي21" عن معاناتهم داخل السجون

تتواصل صفقة تبادل الأسرى لليوم السابع على التوالي- جيتي
تتواصل صفقة تبادل الأسرى لليوم السابع على التوالي- جيتي
يعاني كافة الشعب الفلسطيني من سياسات الاحتلال الإسرائيلي دون استثناء، من الطفل الرضيع وحتى الشيخ الهرم، ويتذوقون عذاب الاحتلال بأشكاله المختلفة، كالقتل والأسر والتعذيب والتنكيل والتعنيف، وغيرها من الأساليب الوحشية التي يحاول الاحتلال الإسرائيلي تعذيب الشعب الفلسطيني من خلالها، لعله يموت وهو يقاوم، أو ربما يجرّه خوفه مهجرًا نحو جغرافية أخرى، وهذا ما يرتجيه الاحتلال ولم ينله.

بعد السابع من أكتوبر، تغيرت جلّ المفاهيم، فالمقاومة بعد السابع من أكتوبر ليست كالمقاومة قبله، والجيش الذي لا يقهر تبيّن أنه أوهن من بيت العنكبوت، وأن مقاومة شعب مناضل تقهره فوق الأرض وتحت الأرض، وهذا ما أظهرته المقاطع المصوّرة التي بثها الإعلام العسكري للمقاومة الفلسطينية.

كانت صفقة تبادل الأسرى إحدى ثمار هذه المعركة، فحررت المقاومة عددا كبيرا من نساء فلسطين وأشبالها، منهم من أُسر لسنوات ومنهم من اعتقل إداريا، ففي الوقت الذي سيطر الحزن على الأجواء، وخيّم السواد على القلوب، عرف الشعب الفلسطيني معنى أن يرتشف جزء من الجسد حزن الفقد والخسارة، ليذيق الجزء الآخر منه بهجة الحرية ونعيمها.

"شعور رائع"استقبل أهالي الأسرى خبر تحرير ذويهم بسعادة، وهذا ما أكدت عليه أم أحمد الفني، والدة الأسيرة الفلسطينية رغد الفني.

وقالت لـ"عربي21": "كان شعورا رائعا حين استقبلنا خبر الإفراج عن ابنتنا، وكان الفرح عارما، حيث اعتقلت رغد بلا سبب".


Image1_122023155744702824868.jpg

"وكان من المفترض أن يتم الإفراج عنها بتاريخ 24 أكتوبر، ولكن بعد أحداث 7 أكتوبر تم تمديد حبسها تلقائياً، وخلال هذه الفترة لم نتمكن من مقابلتها أو التحدث معها عبر الهاتف".

هكذا تبلغنا بالإفراج
اعتُقلت رغد وعمرها 24 عاما، وقضت بالسجن 13 شهرًا، وكانت في السجن بحالة مأساوية، إذ قالت: "قبل 7 أكتوبر كنا نقوم ببعض النشاطات اليومية، ولكن بعده أصبحت حياتنا عبارة عن حالة ترقب فقط، فسحبوا كل الأجهزة الكهربائية، وتعرضنا للقمع والضرب وتم عزل بعض الأسيرات".

وأضافت رغد في حوارها لـ"عربي21": "تم إخبارنا بأنه سيتم الإفراج عنا قبل دقائق فقط، فلم نتمكن من توديع بعضنا أو من إحضار مقتنياتنا الشخصية، وقابلنا ضابطا من المخابرات، وكانت تلك المقابلة بمثابة تهديد بحت، لمنعنا من رفع الرايات، وإظهار الفرح والإدلاء بأي تصريح للإعلام، وكان اليوم الذي تم تحريري فيه هو اليوم الأصعب والأعنف منذ بداية اعتقالي، وكان كعقاب ما قبل الحرية".

وعن وضع الأسيرات داخل السجون، قالت رغد: "إن الأسيرات يتأملن بالخروج، وأخبرتنا الأسيرة أم عاصف البرغوثي أنها على يقين بأنها ستتحرر بعدنا ومن خلال هذه الصفقة أيضًا".

وتابعت: "لم يراعِ الاحتلال اختلاف الأعمار بين الأسيرات، فالطفلة المقدسية نفوذ حماد البالغة من العمر 16 عاما، كانت تُعامل كباقي النساء المتواجدات معها، وتم الاعتداء عليها أكثر من مرة، كما أنها انتُهِكت خصوصيتنا كنساء في الكثير من الحالات، واستباح الاحتلال كل شيء".

ومن جهتها وجهت الأسيرة المحررة رغد رسالتها لأهل غزة وللمقاومة، حيث قالت: "نعتذر يا غزة، نحن نستمد القوة والشجاعة والصبر منكم، ونحن لا نرسل لكم الرسائل فنحن من يتلقى الرسائل والعبر منكم، وأقول للمقاومة إن شعب فلسطين فخور بكم، ويشكركم على ما قدمتموه وما زلتم تقدمونه إلى الآن".

اظهار أخبار متعلقة


حلم "سوبر مان"
يقضي الطفل الطبيعي وقته مع والديه يحاورهم كيف سيصبح طبيبا في يوم من الأيام، ويستيقظ صباحا ليفكّر كيف يلعب كرة القدم مع أقرانه، وينام وهو يحلم بشراء زي سوبر مان، لكن في فلسطين كل الموازين اختلت، وكل الحقوق انتهكت، فيولد الطفل وهو يحمل على عاتقه واجب التحرير، وينشأ وهو يتعلّم كيف يكون لائقا بلقب شهيد، وحين يكبر يقتل أو يعتقل.

وكان والد عز الدين سوداني أحد الآباء الذين عرفوا معنى أن يكون طفلك هو امتحانك الأكبر، فيقول: "كنت قلقا على صحة ابني، وأفكر دائما بما يفعله داخل سجون الاحتلال، وكيف تتم معاملته من قبل الجنود".

طعام قليل.. واكتظاظاعتقل ابن نابلس وعمره 16 عاما ونصف، وكانت ظروف السجن "مأساوية" كما وصفها خاصة بعد 7 أكتوبر.

Image1_122023155825352864416.jpg

أفاد عز الدين سوداني بأنهم كانوا يقدمون لهم الطعام بكميات قليلة للغاية، وكان في غرفته 10 أفراد وهي تتسع لـ6 أفراد فقط.

وتابع عز الدين حديثه لـ"عربي21": "منعَنا الاحتلال من أشكال الفرح كلها لأنه يريد إذلالنا، وهذه الصفقة هي نوع من أنواع الانتصار، والأسرى داخل السجون عزيمتهم قوية ولا تكسر، مهما حاول هذا الاحتلال كسرها فلن يتمكن من ذلك".

وأردف: "على الرغم من الاعتداء الذي يتعرض له كافة الأسرى، إلا أن الأسرى الغزيين يتعرضون للعنف والضرب المضاعف".

رش بالغاز وحرمان من التواصل
اعتقلت فلسطين نجم 3 مرات، وفي المرة الأخيرة قضت بالسجن سنة و3 أشهر، ولم يصدر حكم بحقها حتى وقت تحريرها.

وأكدت فلسطين أن "الأسيرات يتعرضن لضغط كبير، ويُرشنّ بالغاز، ويُحرمن من التواصل مع عائلاتهن ولقاء محاميهن كذلك".

اظهار أخبار متعلقة


رسالة للمقاومةوردا على سؤال "عربي21"، عن ظروف اليوم الذي تحررت فيه، أجابت فلسطين: "كنت بسجن دامون، وحين أخرجوني قيدوا يديّ، وقاموا بشدّ القيود حتى آلمتني، وتعرضنا للاعتداء خلال فترة انتظارنا الطويل، وكان يُضرَب كل من يفرح أو يضحك أثناء تحدثه عن الصفقة، وكانوا يمارسون الضغط النفسي على الأسيرات بزعمهم أننا لن نرى الحرية أبدا".


Image1_122023155854453573289.jpg

وتابعت: "خرجنا من السجون ورؤوسنا مرفوعة بفخر، وفي المقابل كانت تعلو وجوه الجنود ملامح الغضب وإيماءات لا تفسير لها".

وأرسلت فلسطين رسالتها للمقاومة من خلال "عربي21"، فقالت: "إن المقاومة وجهت لنا وللعالم رسائل الصمود والثبات والعزيمة والإباء، وبينوا للعالم أنها مقاومة لا تقهر، ولولا مقاومتنا لكنا نعاني داخل السجون حتى الآن".
التعليقات (0)