أكدت الأسيرة المحررة
حنان البرغوثي أن الاحتلال اعتدى على
الأسيرات في 7 تشرين الأول/أكتوبر حينما انطلقت عملية طوفان الأقصى، وأنه ضيق عليهن كثيرا، لدرجة حرمانهن من الطعام ومصادرة متعلقاتهن.
وقالت البرغوثي في حوار خاص مع "عربي21"، إن "فرحتي بالتحرر من الأسر ولقاء زوجي وبناتي وأقاربي لا توصف، وكلهم كانوا في استقبالي ينتظرون خروجي، وبالتأكيد سنفرح رغما عن أنف الاحتلال الذي حاول أن ينغص علينا هذه الفرحة".
إلا أنها "اعتبرت أن فرحتها منقوصة لأنها تركت الأسيرات خلفها، اللواتي يعانين من الجوع والعطش والتعب والإذلال والإهانة وظلم سجان سادي لا يرحم ولا يراعي لا دينا ولا ذمة".
وأضافت: "الاحتلال يحاول قمع وإذلال الأسيرات بأي طريقة إلا أننا كنا وسنبقى حرائر من أجل القدس حتى ونحن داخل الأسر، وكنا حينما نسمع عن خبر لنصر أو تمكين للمقاومة كأننا أكلنا وشربنا، وكان عندنا حسن ظن بالله ومن ثم بالمقاومة بأن تحريرنا قريب".
اظهار أخبار متعلقة
وتابعت: "لكن كانت الغصة في قلبي حينما خرجت على بحر من الدماء في
غزة، على دماء 15 ألف شهيد، ولكن هذه الدماء ستثمر وتزهر في أرض فلسطين بالألوان الزاهية بعد التمكين وتحرير كل فلسطين من البحر إلى النهر إن شاء الله".
وحول ظروف الأسيرات سواء قبل طوفان الأقصى أو بعده قالت، "إن معاملة الاحتلال لنا سيئة وازدادت سوءا بعد 7 أكتوبر، حيث كانوا يقتحمون غرفنا ويعتدون علينا بالضرب ويرشون على وجوهنا الغاز، ويدخل السجانون الرجال للغرف دون تنبيه، ولا يمهلوننا حتى نلبس الحجاب ونغطي أنفسنا".
وأكدت أنه "تم الاعتداء على الأسيرات في 7 أكتوبر، حيث تم اقتحام غرفة ممثلة الأسيرات والتي كان فيها 5 فتيات، وتم ضربهن ورشهن بالغاز على الوجه، وتقييدهن وسحبهن على الأرض، وتم في هذا الاقتحام تعرية ظهر الأسيرة مرح باكير".
وأضافت: "وبعد هذا الاعتداء وضعوا الفتيات الخمس في العزل لأيام، بينما مرح باكير بقيت في العزل حتى يوم أمس حينما أفرجوا عنها، كذلك تم في 7 أكتوبر رش باقي الغرف بالغاز وضرب مجموعة من الأسيرات، وبالطبع كل هذا ترافق مع دخول السجانين الرجال لغرفنا دون تنبيهنا أو استئذاننا ومنحنا الوقت حتى نلبس حجابنا، بمعنى مثلا يخبروننا الساعة 12 ليلا أن الغرفة رقم كذا سيكون فيها تفتيش وهم أصلا يكونون قد وصلوا باب الغرفة".
وأوضحت "أن الاحتلال بعد أن اعتدى عليهن بالضرب قام جنوده بتفتيش الغرفة ومصادرة بعض الطعام الذي اشتريناه سابقا من المقصف قبل إغلاقه، ومصادرة عبوات الماء والسكر والملح، ما اضطر الأسيرات للشرب من ماء الحمام".
وتابعت: "كذلك عادوا في 29 أكتوبر وقمعونا ورشوا وجوهنا بالغاز عدة مرات، لدرجة أني شعرت باقتراب موتي، كذلك تضررت باقي الأسيرات من الغاز ولم يستطعن فتح عيونهن إلا بعد عدة ساعات، أيضا قاموا بضربنا، ثم سحبوا ثلاث أسيرات للعزل منهن الأسيرة عطاف جرادات التي أصبح لون ظهرها أزرق من شدة الضرب".
وأردفت، "كذلك في 7 أكتوبر تم سحب ملابسنا وأحذيتنا، لدرجة أن بعض الفتيات كان يمسكهن الجندي ويخلع الأحذية من أقدامهن غصبا، كما صودرت هذه الأحذية ما اضطر بعض الأسيرات اللواتي خرجن معي للبس خف خفيف للخروج به من السجن".
وأكدت أنه "تم التشديد عليها والأسيرات المفرج عنهن في أول دفعة، حيث قصروا مدة خروجنا للحمام من نصف ساعة يوميا إلى ربع ساعة، وأحيانا كانوا يمنعون بعض الغرف من الخروج للحمام، كذلك مع بدء البرد تم مصادرة الألبسة الشتوية والأغطية، ولذلك كانت بعض الأسيرات تنمن على الأرض".
اظهار أخبار متعلقة
وأشارت إلى أن بعض الفتيات اللواتي دخلن الأسر حديثا تم ضربهن، فمثلا هناك فتاة من رهط دخلت الأسر حديثا وكان يظهر آثار إطفاء أعقاب السجائر على رجليها"، مضيفة: "أيضا عوملت الأسيرات المُفرج عنهن بشكل سيء من سجنهن لحين وصولهن لسجن عوفر، لدرجة أنهم لم يسمحوا لنا بشرب الماء".
ولفتت إلى أن "الاحتلال لا يفرق في المعاملة السيئة بين أسيرة وأخرى، حيث كان جنوده يضربونهن جميعا حتى المريضات منهن، مثلا عطاف جرادات كانت مريضة ومتعبة بسبب إصابتها بالضغط والسكر ومع ذلك ضربوها ضربا مبرحا، وحتى لا يظهروا على الكاميرات تم سحبها لغرفة صغيرة واعتدى مدير السجن بنفسه عليها عبر ضربها بقدمه، ثم نادى على سجانتين قامتا بضربها بالعصي، وبقيت في العزل ليومين".
وحول تلقي العلاج والمتابعة الطبية للأسيرات قالت، إن "الوضع الطبي كان سيئا جدا، فمثلا أنا أصابني التعب في أحد الأيام ولم يتم السماح لممثلة الأسيرات بمرافقتي، وحينما قاسوا ضغط الدم كان مرتفعا والسكر منخفضا، وحينها قالت لي الطبيبة لماذا لا تأكلين، قلت لها لا يوجد لدينا أكل، لكنها اتهمتني بالكذب، وبشكل عام المتابعة الطبية كانت سيئة وحتى الأطباء معاملتهم لنا سيئة جدا".
وتابعت: "مثال آخر فتاة قاصر كانت تعاني من حساسية القمح، وتحتاج نوعا معينا من الخبز لم يكن متوفرا في السجن، لذا كانت تضطر أن تأكل الخبز العادي، ما تسبب لها بالمرض، وحينما خرجت للعيادة شتمتها الطبيبة ونعتتها بالكاذبة، وقالت لها أنتِ تدعين المرض فقط للخروج "وشم الهواء"، علما أن العيادة بعيدة عن الغرف فقط دقيقتين، أيضا الأسيرة خديجة خويص تعاني من الصداع النصفي وحينما تأتيها نوبته لا يعطونها الدواء المناسب بل حبة مسكن والتي لا تكفيها".
وحول حقوقهن اليومية كالطعام والشرب قالت الأسيرة المحررة وشقيقة عميد الأسرى، حنان البرغوثي: "كانت معاملة الاحتلال لنا في هذا الجانب سيئة وازدادت سوءا بعد 7 أكتوبر، هم فقط كانوا قبل هذا التاريخ يسمحون لنا بشراء الطعام من مقصف السجن، أي ندفع ثمنه من جيوبنا ويتربحون منا، طبعا كنا نضطر للشراء منه لأن الطعام الذي يقدمونه لنا قليل جدا ولا يكفي".
وأضافت: "مثلا كانوا يقدمون لنا على الإفطار كمية بسيطة جدا من اللبنة وبعض قطع الخبز، والغداء عبارة عن أرز غير مطهو بشكل جيد، كذلك كانوا يمنحوننا قطعة دجاجة واحدة فقط أسبوعيا ولم تكن مطهوة جيدا، مثلا الغرفة التي كنت فيها كان برفقتي 11 أسيرة، والطعام الذي يقدمونه كان لا يكفي لثلاثة أشخاص، علما أن هذا كان قبل وبعد 7 أكتوبر، لكنهم زادوا الأمر سوءا عندما أغلقوا المقصف ومنعونا من شراء أي طعام منه، ولهذا كنا نُجبر على أكل بعض المربى مع قطعة خبز، كذلك نضطر من فرط الجوع لوضع مثلا الجزر في ماء ونشرب هذا الماء مع قطع الخبز".
وتابعت: "كذلك كان معنا فتيات قاصرات كنا نطلب منهم أن يحضروا لهن مثلا حليبا لتدعيم صحتهن أو ألبسة إضافية لتدفئتهن ولكن لم يستجيبوا لنا، وكانوا يقولون لنا القاصر التي حاولت فعل شيء لا تحتاج لحليب أو أي شيء آخر، ولهذا حتى القاصرات كن يجبرن على تناول ماء المخلل مع بعض الخبز حتى يسدن رمق جوعهن".
ووجهت البرغوثي رسالة للمقاومة في غزة وأهالي القطاع، وقالت، "كل التحية للمقاومة مني ومن كل الأسيرات اللواتي تركتهن خلفي ومن كل أبناء شعبي الذين لا يستطيعون الحديث، كذلك أقدم تحية خالصة لنساء وأطفال ودمار وبحر وأحزان غزة، التي أعطتنا العزة والكرامة، والله يجزي أهلها عنا كل الجزاء ويرحم شهداءهم ويشفي جرحاهم ويصبر المكلومين منهم، وينصر مقاومتهم ويمكنهم، اللهم سدد رميهم وثبتهم وأيدهم وآويهم وانصرهم يا الله، هذا ما أقوله للمقاومة، ولن نتراجع حتى نحرر هذا الوطن من يد الغاصب".
وأردفت: "كونوا على يقين أننا إن شاء الله من نصر إلى نصر ومن تمكين إلى تمكين، وأنتم على أول طريق التحرير بإذن الله، ونحن من خلفكم، وأنتم تاج رأسنا وطريق العزة والكرامة أنتم بدأتم فيها ونحن من خلفكم إن شاء الله بكافة إمكانياتنا".
وأكملت: "كما أوجه التحية لكامل الشعب الفلسطيني بكافة ألوانه وانتمائه الفصائلي، وأقول لهم كونوا خلف المقاومة من أجل المسرى والأسرى الذين يعانون من ظروف سيئة، المسرى مغلق والأسرى يُعذبون، وعلى قمة هذا التعذيب التفتيش العاري، حيث تم تفتيش جميع الأسيرات الجدد تفتيشا عاريا أمام السجانات، ويترافق ذلك مع الشتائم والتلفظ عليهن بألفاظ نابية، أنا مثلا حينما تم اعتقالي كالوا لي الشتائم من أمام بيتي حتى وصلت سجن الدامون، وسبوني بأبي وأمي وإخوتي".
اظهار أخبار متعلقة
وحول رسالتها التي توجهها لأبنائها الأربعة المعتقلين في
سجون الاحتلال، قالت حنان البرغوثي: "طبعا أبنائي الأربعة الآن مسجونون إداريا، ما يعني أنه يتم تمديد اعتقالهم دون توجيه تهمة واضحة أو تقديمهم للمحاكمة، وهذا يدخل ضمن إطار العقاب الجماعي، فأي عائلة لديها ابن شهيد أو أسير يتم معاقبة جميع أفرادها".
وأضافت: "بالطبع أولا رسالتي لأخي الأسير نائل البرغوثي ولأبنائي الأربعة إن شاء الله النصر والتحرير قادم، وأبنائي يسيرون على درب أخوالهم وأعمامهم من أجل تحرير كل فلسطين، وأقول لهم رغم أنكم تتعرضون للإهانة والتعذيب، ولكن بالنهاية أنتم كباقي الأسرى، فاصبروا وصابروا، والمقاومة والقسام وعدوا بالتحرير القريب وإذا وعدوا أوفوا وصدقوا، وإن شاء الله قريبا ستكونون أحرارا أنتم وحبيبتي زوجة أخي أم عاصف وكل الأسرى عبر صفقة تبيض كل السجون".
ونقلت البرغوثي رسالة خاصة من الأسيرات الباقيات في سجون الاحتلال للمقاومة، قلن فيها، إنه "لن تتضعضع ثقتهن بالمقاومة، وأوصينني بأن أوصل رسالة للمقاومة، أن حسن ظنهن في المقاومة سيبقى دائما حتى لو لم يخرجن من الأسر".