أثارت مشاركة اللاعب السابق
والمعلق الرياضي البريطاني البارز غاري لينكر مقطعا لأكاديمي يؤكد تورط
إسرائيل بالإبادة
الجماعية في
غزة، تفاعلا واسعا.
وفي المقطع الذي
شاركه لينكر، يؤكد راز سيغال، وهو مؤرخ إسرائيلي
متخصص في دراسات الهولوكوست والإبادة الجماعية، في جامعة ستوكتون في الولايات
المتحدة، أن عنصري إثبات
الإبادة الجماعية متوفران في الهجوم الإسرائيلي على قطاع
غزة.
اظهار أخبار متعلقة
وأعاد مقدم برنامج "مباراة اليوم" على
"بي بي سي" نشر المقطع، وهو جزء من حديث مع الصحفي أوين جونز، مع تعليق:
"يستحق 13 دقيقة من وقت كل واحد".
وبينما اجتذبت مشاركة المقطع آلاف التعليقات بين من شكر
لينكر على مشاركته ومن هاجمه، إلا أنه يبدو أن ما أثار حفيظة لينكر هي التقارير
التي نشرتها صحف ومواقع عدة، خصوصا المحسوبة على اليمين والمؤيدة لإسرائيل، حول
"الجدل" بشأن مشاركة المقطع، وما إذا كان ذلك ينتهك قواعد الحياد في "بي
بي سي".
وفي رده على تقرير نشره موقع
إذاعة "إل بي سي"، قال لينكر: "توقفوا عن اختراع الأشياء. هراء
لجذب القراءات"، وأشار إلى ما ورد في التقرير ذاته من أنه "بينما آراء
لينكر حول صراع إسرائيل وحماس مثيرة للجدل، فإن تعليقاته لا يبدو أنها تخرق قواعد
الحياد" في بي بي سي.
عناصر الإبادة الجماعية
ويوضح سيغال في المقطع أن
العنصر الأول لإثبات الإبادة الجماعية هو النية لاستهداف الأشخاص باعتبارهم أعضاء
في مجموعة دينية أو إثنية، وقال إن هذا صعب إثباته، ولهذا فإن حالات قليلة بعد
الحرب العالمية الثانية تم تصنيفها كإبادة جماعية، فيما العنصر الثاني يرتبط بالنظر
إلى آلية ارتكاب
الجرائم على الأرض.
لكن سيغال أشار إلى أن حالة
الهجوم الإسرائيلي على غزة "فريدة جدا" من حيث مناقشتها كإبادة جماعية،
"لأن النية يجري التعبير عنها بشكل واضح جدا في الإعلام الإسرائيلي والمجتمع
وبين السياسيين الآن، وكل من يتابع المصادر العبرية فإنها تفضح ذلك لحد الصدمة،
صدمة اللغة من أعضاء في البرلمان، من صحفيين، على وسائل التواصل الاجتماعي إلى
الفضاء العام.. تدعو إلى مسح غزة، إلى تدمير غزة، إلى تسوية غزة بالأرض، إلى قتل
الجميع".
وقال إن هناك العشرات من الأدلة
بناء على تصريحات مسؤولين إسرائيليين كبار، من السياسيين والعسكريين، ومن بينها اللغة
التي تنزع صفة الإنسانية وتصف
الفلسطينيين بـ"الحيوانات البشرية"، وهذا
يعني النية للتدمير، كما أن الحديث عن ترحيل سكان غزة إلى الصحراء يشير تاريخيا إلى
الإبادة الجماعية، وأنه استخدم فيما مضى من القوى المحتلة كوسيلة للإبادة.
اظهار أخبار متعلقة
وأشار سيغال إلى تصريحات
الرئيس الإسرائيلي إسحاق هيرتسوغ بأن كل الفلسطينيين في غزة مسؤولون عن هجوم حماس،
وبالتالي تصوير كل سكان البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة "كأهداف معادية مشروعة،
وهذه إبادة جماعية واضحة". وكذلك تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن
تحويل غزة لركام، "وهذا ما فعلته إسرائيل"، وكذلك استخدامه تعبيرات من
التوراة عن تدمير كل شيء في غزة.
كما أدرج سيغال في هذا السياق
وصف الفلسطينيين بالنازيين، وربط هجوم حماس بالهولوكوست، رغم أن سيغال أكد أن هذا
الهجوم الذي قال إن يتضمن "جرائم حرب"؛ ليس مرتبطا بالهولوكوست بأي حال،
ولكن هذا الربط يعني النية للإبادة في غزة، بحسب تأكيد سيغال.
ويشير سيغال إلى مفارقة تتمثل
بأن الفلسطينيين يوصفون بأنهم بشر فقط عندما يجري الحديث من قبل إسرائيل عن أنهم "يُتخذون
كدروع بشرية" في غزة.
أما العنصر الثاني لإثبات
الإبادة الجماعية، فهو ما يجري على الأرض، وقال سيغال إنه واضح جدا، مشيرا إلى أن
إسرائيل قتلت أكثر من 12 ألفا (وفق قوله) بينهم أكثر من 5 آلاف طفل من ضمنهم نحو
ألف رضيع، وأصابت أكثر من 30 ألف فلسطيني، كما تم تدمير أكثر من نصف المباني في
غزة، والأراضي الزراعية جرى تدميرها، وتم توثيق استخدام الفسفور الأبيض. وقال إن
إسرائيل أسقطت أكثر من 20 ألف طن من المتفجرات على غزة، وهي قصة "تدمير كامل".
وكذلك بالنظر إلى الحصار
الكامل وقطع جميع الإمدادات الضرورية من ماء وكهرباء ووقود وإمدادات طبية، إضافة
إلى التهجير القسري لأكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني من بيوتهم، فإن هذا يعني
في المحصلة "تدمير المجموعة"، لأن "الحصار أوجد ما كان يهدف
لإيجاده، فالآن نحن نواجه ظروف تجويع في غزة، مع تدمير المستشفيات".
وأكد سيغال أنه بناء على نراه
من الهجوم الإسرائيلي الحالي، فإن حالة غزة "حالة نموذجية للإبادة الجماعية".
وكان لينكر قد رد على وصف
وزيرة الداخلية البريطانية السابقة سويلا برافرمان مظاهرات مؤيدي فلسطين بأنها
مظاهرات "كراهية"، مؤكدا رفضه لهذا الوصف.
وكتب لينكر عبر حسابه على
منصة إكس (تويتر سابقا)، معلقا على تغريدة لبرافرمان قبل مظاهرة ضخمة في "يوم
الهدنة" هذا الشهر: "القيام بمسيرة والدعوة لوقف إطلاق النار والسلام، بحيث لا يُقتل مزيد من الأطفال؛ ليس حقا هو مفهوم مسيرة الكراهية".
كما سبق أن اشتبك لينكر مع برافرمان، عندما رفض
تعليقات لها حول اللاجئين. وكتب لينكر في آذار/ مارس الماضي: "الحكومة
البريطانية تستخدم لغة تجاه اللاجئين، لا تختلف عن تلك التي استخدمها السياسيون
ووسائل الإعلام في ألمانيا بالثلاثينيات".
وحينها لجأت بي بي سي إلى تعليق عمل لينكر كمقدم
لبرنامج "مباراة اليوم" بضغط من الحكومة، قبل أن تضطر للتراجع تحت ضغط
مقاطعة المحطة من قبل المعلقين واللاعبين.
اظهار أخبار متعلقة
لكن المؤسسة أعلنت في أيلول/ سبتمبر الماضي عن قواعد
جديدة، تقيّد قدرة كبار مقدمي البرامج في على الإدلاء بتعليقات سياسية.
وتشير هذه القواعد إلى عدم الانخراط في حملات سياسية
لصالح حزب أو شخص، أو الانخراط في الهجوم على أحزاب أو شخصيات سياسية محددة في
بريطانيا، وكذلك الامتناع عن التعليقات السياسية في فترات الانتخابات.