أثارت الأنباء الواردة حول تعاون جاد بين
روسيا واللواء الليبي خليفة
حفتر، بخصوص إنشاء قواعد عسكرية في شرق البلاد، مزيدا من الأسئلة عن واقعية وحقيقة الخطوة، ومكاسب حفتر منها على الصعيدين السياسي والعسكري.
وكشفت وكالة "نوفا" الإيطالية أن "السلطات الروسية تتعاون مع جهات في
ليبيا لإنشاء فيلق عسكري روسي في أفريقيا، وأن هذا التعاون جاء نتيجة زيارة نائب وزير الدفاع الروسي، يونس بك إيفكوروف، إلى شرق ليبيا ولقاء الجنرال خليفة حفتر".
اظهار أخبار متعلقة
"مواجهة أمريكا وغرب ليبيا"
وأكدت الوكالة أن "الفيلق العسكري الروسي في أفريقيا سيسعى إلى مواجهة النفوذ الغربي في القارة السمراء، وأن الخطوة جادة بين حفتر وموسكو كون مهمة "إيفكوروف" الرئيسية هي التنفيذ العملي للاتفاقيات الروسية الليبية التي تم التوصل إليها في إطار مؤتمر موسكو الدولي الحادي عشر الذي انعقد في روسيا أغسطس الماضي".
في حين، أكدت وكالة "بلومبرغ" الأمريكية أن "موسكو تسعى لإبرام اتفاق دفاعي في ضوء لقاء بوتين وحفتر، في موسكو أواخر سبتمبر الماضي كون الأخير يبحث عن أنظمة دفاع جوي لحمايته من القوات المنافسة في
طرابلس، والتي تدعمها تركيا، بالإضافة إلى تدريب طياري القوات الجوية والقوات الخاصة، مقابل ترقية بعض القواعد الجوية التي تحتلها حاليا مرتزقة "
فاغنر" لاستضافة القوات الروسية الرسمية".
في المقابل، نفى مصدر عسكري في قوات "حفتر" اتجاه الأخير لإبرام اتفاق رسمي مع روسيا لمنحها قاعدة عسكرية شرق البلاد، مؤكدا أن اتفاقيات التعاون العسكرية مع روسيا لا تشمل منحها أي تسهيلات لإقامة قواعد عسكرية"، وفق تصريحه لصحيفة "الشرق الأوسط".
"مكاسب سياسية وعسكرية"
من جهتها، أكدت عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب الليبي، ربيعة بوراص، أنه "ربما يكون لحفتر نية فعلا في تعميق التواجد الروسي داخل الأراضي الليبية، خاصة في ظل الصراع الثانوي بين حفتر والتشكيلات المسلحة، حيث يتولى فيه المقاتلون الروس والأتراك زمام القيادة الخلفية للمعارك داخل أراضي ليبيا".
وأوضحت في تصريحها لـ"عربي21" أن "حفتر بهذه الخطوات يحقق عدة مكاسب سياسية وعسكرية، أهمها: أنه، بمساعدة روسيا، سيكون طرفا رئيسيا في القارة الأفريقية، وهذا قد يمكنه من الحكم خارج إطار الديموقراطية والدستور"، وفق كلامها.
وأشارت النائبة الليبية إلى أنه "من الأولى أن تبقى مصلحة الدولة الليبية هي الأولوية في كل الأحوال، سواء قادها حفتر أو غيره، وهذا ما نتمنى أن يضعه القادة الليبيين نصب أعينهم، فروسيا في صراعها مع أمريكا وأوروبا لا يهمها كيف سيكون وضع الضحية، ولكن يهمها ما سيكون عليه العالم ومن لديهم حق "الفيتو" في رسم السياسات الاقتصادية العالمية".
اظهار أخبار متعلقة
"تواجد عسكري روسي فعلي"
في حين قال الضابط السابق وعضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، إبراهيم صهد، إن "الحديث عن الوجود العسكري الروسي في ليبيا بصيغة المستقبل يعد من قبيل إنكار الواقع، فمعروف أن حفتر فتح البلاد للمرتزقة الأجانب من دول الجوار، وكذلك فتحها لقوات "فاغنر" الروسية التي شاركت في الحروب التي شنها حفتر، خاصة حربه ضد العاصمة طرابلس، حيث مكنها من احتلال قواعد رئيسية في منطقة الجفرة وفي الجنوب الليبي".
وأوضح في تصريحه لـ"عربي21" أن "حفتر مكن هؤلاء المرتزقة أيضا من التمركز بالقرب من عدد من حقول النفط، بما يجعل في قدرتها السيطرة عليها متى أرادت أو حتى العمل على تخريبها، وحتى لو كانت "فاغنر" مجرد مليشيات تتقاضى رواتب أفرادها ومصاريفها من إحدى الدول العربية عن طريق حفتر، إلا أنها تعمل من خلال الدولة الروسية"، وفق تأكيده.
"مواجهة الناتو"
وأضاف الضابط الليبي السابق أن "الوجود العسكري الروسي كان ولا يزال موجودا في وسط البلاد وجنوبها، وما حدث من خلاف بين قيادة فاغنر والقيادة الروسية قد أدى بالأخيرة إلى البحث عن تغيير لطبيعة هذا التواجد، واستغلال الظروف التي تمر بها ليبيا، وبحث حفتر عن حليف يؤازره في سعيه للاستيلاء على السلطة بأي ثمن، حتى وإن كان ذلك من خلال رهن البلاد للاحتلال".
وتابع لـ"عربي21": "ليس خافيا رغبة روسيا التاريخية بالإطلال عسكريا على مياه المتوسط الدافئة، وحققت ذلك في ميناء "طرطوس" السوري، وتسعى إلى الحصول على قاعدة تواجه سواحل دول حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وبالإضافة إلى القواعد الجوية التي تحتلها فاغنر، فإن روسيا تسعى للحصول على قاعدة بحرية بالقرب من طبرق في خليج "البمبا"، وفق معلوماته العسكرية.
"أمر مستبعد"
لكن عضو اللجنة السياسية بمجلس الدولة الليبي، أحمد همومة، رأى من جانبه أن "قيام روسيا ببناء قواعد عسكرية في شرق ليبيا أمر مستبعد، ولن يحدث كون موسكو تعلم جيدا أنها تتعامل مع شخص يملك السلاح ولكن لا يملك شرعية اتخاذ القرار بمنح روسيا أو غيرها أي امتياز في ليبيا".
وأوضح أن "أزمة الانقسام السياسي في ليبيا جعلت من الكل لا شرعية له، وهذا يكفي حتى لا تثق الدول الكبرى في وعود المتصدرين للمشهد السياسي أو العسكري، وعلى رأسهم "خليفة حفتر"، وفق تصريحه لـ"عربي21".