نشرت صحيفة "
فايننشال تايمز" تقريرا قالت فيه إن "الولايات المتحدة تستخدم تأخر إسرائيل في شن الغزو البري على غزة، لكي تدفع بأنظمة دفاعية إلى المنطقة، وسط مخاوف من محاولة
إيران وجماعاتها الوكيلة تصعيد الهجمات ضد القوات الأمريكية ومصالح الحلفاء في اللحظة التي سيبدأ فيها الهجوم على غزة، حسب مسؤولين".
وأوضح التقرير الذي أنجزه المراسلان، فليتسيا شوارتز، وجيمس بوليتي، أن التحرك جاء لتشديد الأمن في المنطقة وبناء قدرات دفاعية كافية، بهدف ردع إيران بعد سلسلة من الهجمات على القوات الأمريكية منذ 18 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، والتي أدت لجرح أعداد من الجنود الأمريكيين، حسب قول المسؤولين.
وتابع
التقرير، أن واشنطن تحضر نفسها للمزيد، في وقت تستعد فيه إسرائيل لشن هجوم عسكري على غزة. وفي الوقت الذي يقول فيه المسؤولون الأمريكيون إن التأخر في الغزو المخطط له مرتبط بالخلافات داخل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية حول خطة التقدم للأمام، إلا أن واشنطن قدمت أسئلة ساعدت إسرائيل على تعديل خططها العسكرية.
وقال الرئيس جو بايدن، الثلاثاء، عندما سئل حول التأخير في الغزو البري، إن "الإسرائيليين يتخذون قراراتهم"؛ إلا أن المسؤولين والاستراتيجيين العسكريين في واشنطن، رحبوا بمرحلة التوقف، بالقول إنها "منحت الولايات المتحدة الوقت لإرسال دفاعات جوية وجنود إضافيين وسفن حربية إلى المنطقة لحماية جنودها ورعاياها وردع إيران في ضوء التوترات المتصاعدة بالمنطقة. وشنت إسرائيل مئات من الغارات الجوية على ما تقول القوات الإسرائيلية إنها قيادة حماس وأسلحتها ومراكز التحكم لها".
وقال قائد القيادة المركزية في
الشرق الأوسط ما بين 2019 – 2022، فرانك ماكينزي، "سيكون من السهل علينا ردعهم مع تدفق مزيد من القوات على المسرح وتصبح إسرائيل قوية كل يوم والوقت هو صديقنا هنا".
اظهار أخبار متعلقة
وتشير التقييمات الأمريكية إلى أن تحركها لنقل أرصدة عسكرية للمنطقة بما فيها حاملتا طائرات إلى البحر المتوسط أسهمت في ردع إيران عن الدخول في المعمعة؛ مع أن المسؤولين يقولون إن الجماعات الوكيلة لإيران تمثل تهديدا على الأرصدة الأمريكية والجنود. فيما قال مسؤول أمريكي بارز: "ما نراه هو مثير للقلق، ولدينا إشارات أن هناك جماعات في المنطقة ترغب بالتصعيد ولهذا قمنا بتقوية حضورنا العسكري وأعلنا أننا نقوم بتقوية حضورنا العسكري".
وقال عدد من المسؤولين الأمريكيين، إن الولايات المتحدة قلقة بشكل محدد من حزب الله الذي تدعمه إيران، وتبادل الحزب وإسرائيل إطلاق النار في الأسبوعين الماضيين، مع أن الطرفين أظهرا رغبة بعدم التصعيد، كما في حرب 2006 التي استمرت 34 يوما. وفي يوم الثلاثاء، قالت وكالة أنباء مقربة من الحرس الثوري الإيراني، إن "دخول حزب الله في حرب مع إسرائيل أصبح محتملا، ويمكن أن يستخدم الصواريخ الذكية التي تستطيع ضرب إسرائيل".
إلى ذلك، أشار المصدر نفسه، إلى أنه تم تحريك جماعات شيعية موالية لإيران، من العراق إلى غربي سوريا وقرب الحدود مع إسرائيل، مما زاد من قلق المسؤولين الأمريكيين. وتعرضت قاعدة عين الأسد في العراق لهجمات صاروخية هذا الأسبوع وكذا نقطة التنف الأمريكية في سوريا. وتعتبر تحركات الجماعات المسلحة نذير شر، حتى قبل أن تبدأ حليفة الولايات المتحدة هجومها ضد حماس. وهي لحظة تعبر عن ضعف للولايات المتحدة وشركائها، كما يقول المسؤولون الأمريكيون.
بدوره قال الجنرال المتقاعد جوزيف فوتيل، والذي قاد القيادة المركزية في الشرق الأوسط من 2016 إلى 2019: "الفرصة المقبلة التي ستحصل، قد تكون توغلا بريا إسرائيليا في غزة، لأن هذا قد يحتاج مصادر كبيرة ويركز النظر هناك". ورغم تقييم الولايات المتحدة أن إيران لا تريد مواجهة مباشرة مع أمريكا أو إسرائيل إلا أنها ستستمر في تفعيل الجماعات الوكيلة لها بالمنطقة.
ويقول المسؤولون إن إيران سوف تحاول تشجيع ودعم الهجمات على القواعد والجنود الأمريكيين إلا أنها قد تقوم بتسهيل الهجمات. فيما قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، جيم ريستش: "تقييمي هو أنهم لا يريدون مواجهة معنا، وبالتأكيد نحن لا نريد المواجهة معهم". وقال مسؤول أمريكي إن الجماعات المرتبطة بإيران استهدفت القواعد العسكرية بالمنطقة 12 مرة منذ 18 تشرين الأول/ أكتوبر، وأطلقت يو أس أس كارني، وهي جزء من حاملة الطائرات أيزنهاور ووصلت شمال البحر الأحمر، النار على 15 طائرة مسيرة أطلقها الحوثيون في اليمن.
اظهار أخبار متعلقة
وعلق مسؤول أمريكي، بالقول: "لا يدوسون على الكوابح"، في إشارة للتورط الإيراني. وهناك 30.000 جندي أمريكي في الشرق الأوسط بمن فيهم 3.500 في العراق وسوريا. وتحتفظ الولايات المتحدة بقواعد عسكرية ومنشآت بالمنطقة، بما فيها الأسطول الخامس في البحرين وقاعدة العديد في قطر.
ويقول المسؤولون الأمريكيون، إنهم قلقون من التهديدات والتصعيد ضد الأمريكيين في العراق ولبنان، حيث طلبوا رحيل الأشخاص الذين لا يعتبر وجودهم ضروريا. وتعمل وزارة الخارجية والدفاع على خطط طارئة لإجلاء أوسع للأمريكيين من الدول وبقية المنطقة. إلا أن حلفاء أمريكا في الخليج والذين يعتمدون على الحماية الأمريكية قد يكونون عرضة للخطر. واستهدف الحوثيون الذين يتحالفون مع إيران الإمارات العربية المتحدة بمسيرات في العام الماضي، فيما تحرشت إيران بسفن تعمل في الخليج بالسنوات الأخيرة، وفي 2019 قيمت أمريكا أن واشنطن هي وراء الهجوم على المنشآت النفطية
السعودية.
وفي مكالمة هاتفية، الثلاثاء الماضي، أجراها بايدن، مع ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، أكد فيها على دعم الولايات المتحدة للحلفاء بالمنطقة والدفاع عنهم ضد أي تهديدات سواء جاءت من دول أم غير دول. وجاءت التهديدات بالتصعيد بعد عدة أسابيع من تبادل الأسرى بين طهران وواشنطن، ولكن هجوم حماس دعا المسؤولين لتحذير إيران بعدم التورط في التصعيد.
اظهار أخبار متعلقة
وقال مسؤولون حاليون وسابقون، إن أمريكا وإيران تتسلقان ما يطلق عليه سلم التصعيد بمخاطر عليه من سوء التقدير أو سوء الفهم. فيما قال فوتيل "هناك حادث مأساوي واحد ولحظة واحدة تبعدنا عن التسلق عاليا على السلم وأعلى ما نريد وأعتقد أننا مدركون لهذا".
وبحسب تقييم المسؤولين الأمريكيين، فإن إيران لديها الكثير لتحققه من تشجيع جماعاتها الوكيلة الدخول في المواجهة ضد إسرائيل وأمريكا وحتى لو لم تدخل هي مباشرة. ويقول المسؤول الأمريكي البارز السابق في الاستخبارات الأمريكية، نورمان راول: "تعزز هذه التحركات تأثير إيران في المنطقة، وتخفض بشكل ممكن التأثير الأمريكي وتعقد خطط الدول العربية المعتدلة للتقارب مع إسرائيل".
ويمكن لإيران وجماعاتها الضرب بدون أن تخاطر بمواجهة شاملة أو هكذا تعتقد و"هناك حس واسع في المنطقة من أن واشنطن لن تلجأ إلى استخدام القوة ضدهم خشية من تورطها في نزاع متعدد الوجهات كالعراق وأفغانستان"، كما يقول راول.