جاءت عملية "طوفان الأقصى" كتسونامي كاسح لكل
من يحاول الوقوف في وجهه، بدءاً بالمتعجرفين الصهاينة، ثم كاسحاً للداعمين بكل
صفاقة للاحتلال الغاشم وعلى رأسهم الساكن في البيت الأبيض! كما كانت عملية طوفان
الأقصى تسونامي لأصحاب الملامح الباردة من رعاة السلام المزعومين والمتواطئين على
التنكيل بالفلسطينيين المحاصرين في
غزة والمعتدى عليهم -المرابطين- في القدس
الشريف، كذلك جاء طوفان الأقصى كاسحاً في وجه الساسة المنسّقين أمنياً مع الاحتلال
وعلى رأسهم "محمود عباس" الجاثم على صدر القضية
الفلسطينية عقوداً كئيبة!
ولقد كان حقا -تسونامي- جارفاً في وجه المُطبّعين والمُبشّرين بالتطبيع مع الكيان الصهيوني،
رغم أنف شعوبهم، قائلة لهم: هذه
إسرائيل التي تتمسحون في قوتها العسكرية وتقدمها التكنولوجي،
لا تستطيع حتى الدفاع عن جنودها وقادتها!
إن عملية الخداع الاستراتيجي للمقاومة في سبيل الإعداد وصولاً
لساعة الصفر التي انطلقت منها العملية، كان لها دورها الكبير في فقدان الاتزان للجيش
الإسرائيلي. ولعلنا نذكر معركة
المقاومة الأخيرة (ثأر الأحرار) كرد فعل على اغتيال
قيادات في "الجهاد الإسلامي" وعلى رأسهم القائد "عدنان خضر"
وقد تولى جناحها العسكري "سرايا القدس" قيادة العمليات الميدانية، في
الوقت الذي توارت فيه "حماس" عن صدارة المشهد -بشكل متعمد-! غير أنها
كانت حاضرة في غرفة العمليات المشتركة للعملية وقامت بدورها في تأمين ظهير العمليات.
وأثبتت عملية "طوفان الأقصى" وما سبقها من تجهيزات لمدة عامين أن موقف "القسام"
في عملية "ثأر الأحرار" كان جزءاً من عملية الخداع الاستراتيجي للعدو
الصهيوني وشركائه الدوليين والإقليميين من خلفه!..
عنصر المفاجأة والمباغتة الذي استخدمته المقاومة في إدارتها للعملية الكبيرة كان فوق كل احتمال، وحقا لقد أفقد الطوفان الصهاينة حالة الاتزان وأفقدهم كذلك هيبتهم أمام شعبهم وجنودهم بل وأصدقائهم! وظهروا عاجزين أمام الطوفان لساعات طوال! لا تعرف القيادات السياسية والأمنية والاستخباراتية ماذا تفعل بل وماذا تقول
ولقد صرّح مصدر مقرب من حماس لوكالة "رويترز"
أن الحركة تعمّدت خداع إسرائيل بأنها غير مستعدة لأي مغامرة عسكرية، وأن زعيمها في
غزة "يحيى السنوار" كان مهتماً بإدارة شئون القطاع أكثر من الدخول في أي
صراعات، وأن حماس معنية بالتسهيلات والمنافع الاقتصادية وليس بالصراع! حتى قارن بعض
المحللين بين براعة التنفيذ لعملية الخداع في طوفان الأقصى وبين عملية الخداع التي
تمت في عيد الغفران إبان حرب أكتوبر عام 1973، وأسماها آخرون بـ"عيد الغفران2"!
إن عنصر المفاجأة والمباغتة الذي استخدمته المقاومة في
إدارتها للعملية الكبيرة كان فوق كل احتمال، وحقا لقد أفقد الطوفان الصهاينة حالة الاتزان
وأفقدهم كذلك هيبتهم أمام شعبهم وجنودهم بل وأصدقائهم! وظهروا عاجزين أمام الطوفان
لساعات طوال! لا تعرف القيادات السياسية والأمنية والاستخباراتية ماذا تفعل بل وماذا
تقول!..
ومهما كانت ردة الفعل للصهاينة من هدم وحرق وتدمير
للبنية التحتية للقطاع، حتى باتوا يقصفون غزة بأهلها وبناياتها دون إنذار مسبق بل
ويتعمدون قصف المستشفيات والأطقم الطبية وسيارات الإسعاف، ليزيدوا من أوجاع القطاع
كله وليعيدوا الثقة المفقودة لجنودهم، وليخففوا من هول المفاجأة التي فاقت كل عمليات
الماضي التي خاضها الكيان المغتصب منذ زرعه في المنطقة العربية بالوعد المشئوم
لوزير خارجية بريطانيا الصهيوني "بلفور".. فلن تتغير المعادلة التي
فرضتها المقاومة على الأرض والتي أنتجت واقعا جديداً مفاده أن الحق لا يجدي نفعا
دون قوة تحميه، وأن الباطل هش مهما انتفخت أوداجه حتى مع الدعم السخي الذي أعلنته الإدارة
الأمريكية الصهيونية -باعتراف بايدن- بإرسالها أكبر حاملة للطائرات (يو اس فورد) فلن
تعالج فقدان الهيبة والسمعة التي تمرغّت إسرائيل في وحله، على أيدي جماعة محاصرة منذ
سبعة عشر عاما براً وبحراً وجواً في أكبر سجن على كوكب الأرض..
لن تتغير المعادلة التي فرضتها المقاومة على الأرض والتي أنتجت واقعا جديداً مفاده أن الحق لا يجدي نفعا دون قوة تحميه، وأن الباطل هش مهما انتفخت أوداجه حتى مع الدعم السخي الذي أعلنته الإدارة الأمريكية الصهيونية -باعتراف بايدن- بإرسالها أكبر حاملة للطائرات (يو اس فورد) فلن تعالج فقدان الهيبة والسمعة التي تمرغّت إسرائيل في وحله، على أيدي جماعة محاصرة منذ سبعة عشر عاما براً وبحراً وجواً في أكبر سجن على كوكب الأرض
جاءت عملية طوفان الأقصى لتثبت أن المقاومة لم تمتلك الإرادة
والعقيدة فقط، ولكنها امتلكت أيضا القدرة والكفاءة للقيام بمثل تلك العمليات الكبيرة،
حتى جاء التنفيذ في صبيحة يوم السبت الماضي، وانطلاق قوة من النخبة قوامها 1000 مقاتل
يقتحمون 11 مستوطنة في وقت واحد وبعمق وصل إلى 40 كيلومترا، إضافة إلى النجاح في
الحفاظ على عنصر السرية لتتوارى المقاومة بتجهيزاتها عن أعين المخابرات الخارجية
الإسرائيلية (الموساد) وأعين جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) وحتى عن أعين أجهزة
مخابرات بعض "الأشقاء" في المنطقة! وأخيرا عن جهاز المخابرات الأمريكية (سي
أي إيه) لِيُفَاجأوا جميعا بالأمر صبيحة يوم السبت (7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023)..
وجهت عملية طوفان الأقصى صفعة شديدة ومدوّية على وجه الاحتلال
الرافض للمفاوضات من أجل إجراء عملية تبادل للأسرى الفلسطينيين في مقابل 4 من
الأسرى الإسرائيليين في قبضة المقاومة، والآن لا أكاد أخال أن المقاومة لن ترضى
بأقل من تحرير جميع الأسرى على اختلاف انتماءاتهم! بل وستدرج في المفاوضات أشياء
لا يعلم أحد إلى أي مدى ستكون الشروط قاسية في وقعها على الاحتلال وعلى داعميه!
أخيرا.. كشفت عملية "طوفان الأقصى" قبح وجه ما
يسمى بالمجتمع الدولي ونفاقه الفجّ، وكذبه في ادعائه الغضب من تشكيل الحكومة
اليمينية المتطرفة وفيها "بن غفير"، صاحب الاعتداءات المتكررة على المسجد
الأقصى ووعيده بالتنكيل والتضييق على الأسرى الفلسطينيين، وكشفت كذلك ضعف العرب
وتحولهم دوما إلى مقاعد المشاهدين لما يحدث في منطقتهم ومقدساتهم، ناهيك عن تحول
بعضهم إلى خادم في بلاط الصهيونية وراعٍ لمخططاتهم دون حياء أو خجل.