عاد الجدل في
المغرب مجددا إلى مستقبل
العلاقات التي تربط الرباط بالاحتلال، بعد اندلاع عملية طوفان الأقصى، وحجم
الجرائم التي ارتكبها الاحتلال بحق
الفلسطينيين.
وقد تجاوبت الرباط بشكل سريع مع تطورات
الأوضاع في غزة، وأصدرت وزارة الشؤون الخارجية المغربية بيانا أول أمس السبت، أعربت
فيه عن بالغ قلقها إزاء تدهور الأوضاع واندلاع الأعمال العسكرية في قطاع غزة، وأدانت
استهداف المدنيين أينما كانوا.
وأشار بيان الخارجية إلى أن
المملكة المغربية، حذرت منذ فترة طويلة من عواقب القمع السياسي على السلام في
المنطقة، ومن مخاطر تزايد الأعمال العدائية والتوتر نتيجة لذلك، وأنها دعت إلى
الوقف الفوري لجميع أعمال العنف، والعودة إلى التهدئة والهدوء. وتجنب كل التصعيد
الذي من شأنه تقويض فرص السلام في المنطقة.
وأكد بيان الخارجية المغربية، أن نهج الحوار
والمفاوضات يبقى السبيل الوحيد للتوصل إلى حل شامل ودائم للقضية الفلسطينية، على
أساس قرارات الشرعية الدولية ومبدأ حل الدولتين المتفق
عليه دوليا.
وعادت الخارجية
المغربية أمس وأصدرت بيانا جديدا دعت فيه إلى اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية
على مستوى الوزراء لبحث سبل إنهاء التصعيد العسكري في غزة.
ونظمت أمس الأحد
سلسلة من الوقفات بمختلف المدن المغربية دعما للمقاومة الفلسطينية، بعد إطلاق
عملية "طوفان الأقصى" ضد الاحتلال الإسرائيلي.
واحتشد المئات
من المواطنين في ساحة الأمم بمدينة طنجة في الوقفة التي دعت لها المبادرة المغربية
للدعم والنصرة رافعين الأعلام الوطنية والفلسطينية وموزعين حلوى على المشاركين في
الوقفة بمناسبة الملاحم التي تسطرها
المقاومة في غزة وباقي الأراضي الفلسطينية
المحتلة.
وتحت شعار "مغاربة
مرابطون مع طوفان الأقصى" نظمت المكاتب الإقليمية لحركة التوحيد والإصلاح
وحزب العدالة والتنمية والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، والمبادرة المغربية للدعم
والنصرة وعدد من الفعاليات الأخرى وقفة تضامنية مع المقاومة الفلسطينية بشارع
الحسن الثاني بمدينة الجديدة.
كما نظمت الجبهة
المغربية لدعم فلسطين ولمناهضة التطبيع وقفة لدعم المقاومة الفلسطينية في معركة "طوفان
الأقصى"، وضد الحضور الصهيوني لمراكش الإباء والوفاء، بساحة باب دكالة بمراكش.
ونظمت حركة
التوحيد والإصلاح بإقليم مكناس بساحة وليلي وقفة شعبية بمشاركة عدد من الفعاليات
المدنية والسياسية وعرفت حضور الدكتور عبد العزيز الأدريسي عضو المكتب التنفيذي
لحركة التوحيد والإصلاح وعرفت رفع شعارات داعمة للشعب الفلسطيني وللمقاومة ومناهضة
للتطبيع.
كما نظمت اللجنة
المحلية لدعم كفاح الشعب الفلسطيني أمس الأحد وقفة دعم ومساندة لفلسطين بباب
الحومر بمدينة أصيلة وتضامنا مع ملاحم المقاومة في عملية "طوفان الأقصى".
كما تم تنظيم
مظاهرة حاشدة أمس الأحد بمدينة تطوان شمال المغرب، رفضا للعدوان الإسرائيلي على
قطاع غزة ومطالبة بوقف التطبيع مع الاحتلال.
وردد المشاركون
في مختلف المدن المغربية شعارات مؤيدة للشعب الفلسطيني وللمقاومة ومطالبين بتجريم
التطبيع مع الكيان المُجرِم ورفعوا الرايات المغربية والفلسطينية.
ومن المرتقب أن
تنظم المبادرة المغربية للدعم والنصرة وقفة بساحة الأمم بالدار البيضاء دعما للمقاومة الفلسطينية اليوم الإثنين 9 سبتمبر/أيلول 2023 في الساعة السادسة مساء بمشاركة
فعاليات من المجتمع المدني، فيما ستعرف مدن أخرى أيضا عددا من الوقفات التضامنية.
في ظل هذه التطورات تساءلت صحيفة
"الأيام" المغربية عن إمكانية أن تدفع التطورات الإقليمية في الشرق
الأوسط المغرب إلى التراجع خطوة أو خطوتين إلى الوراء في علاقاته بإسرائيل، إن هي
خالفت شروط استئناف العلاقات الثنائية؟
ونقلت الصحيفة اليوم الإثنين، عن محمد طلحة، أستاذ القانون
العام، قوله إن الدور المغربي في القضية الفسلطينية رائد يروم إيجاد تسوية عادلة للقضية وفق قرارات الشرعية
الدولية ذات الصلة، وقرارات القمم العربية، التي احتضن المغرب أكثرها تأثيرا في
مسار القضية التي تعهد المغاربة بوضعها في منزلة قضية وحدتهم الترابية.
وأضاف طلحة: "إن التاريخ لا يمكن طمسه،
فبالعودة إلى وثائق الأمم المتحدة وفي مقدمتها قرارا مجلس الأمن الدولي 242 و338
تعتبر الفلسطينيين مجموعة لاجئين، وبفضل المغرب في قمة الرباط سنة 1974 اكتسبوا
صفة شعب ذي حقوق سيادية على أرضه، وذلك عندما تم الاعتراف بمنظمة التحرير
الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني رغم الاعتراضات التي أبدتها وفود
عربية مشرقية آنذاك."
وعما إذا كان المغرب يواجه ضغوطًا محرجة في
علاقاته بإسرائيل، خاصة فيما يتعلق بممارسات إسرائيل العدوانية ضد الشعب
الفلسطيني، قال طلحة: "إن الفاعل الرسمي بالمغرب يستشعر رفض تيارات شعبية
لاستئناف العلاقات مع تل أبيب، بسبب توالي العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين،
خاصة بعد وصول حكومة يمينية إلى السلطة تعد الأكثر تطرفًا في تاريخ إسرائيل"، مشيرا
إلى أن الرباط يمكن أن تنسحب من الاستئناف على غرار إغلاق مكتب الاتصال الإسراىيلي
بالرباط خلال الحرب على لبنان، موضحا أنه يدبر علاقاته الخارجية بحكمة وسيأخذ
موقفا حازما وقتما ظهر أن الحكومة الإسرائيلية لن تفِي بوعدها في مبدأ حل الدولتين،
الذي ينادي به.
وذكر طلحة أن البعدين العسكري والأمني حاضر
أكثر من الجوانب الدبلوماسية في العلاقات الإسرائيلية المغربية، من خلال صفقات
السلاح المعلن عنها، حيث زوَّدت إسرائيل المغرب بأسلحة متطورة، وبأنظمة للدفاع
الجوي، منذ العام الأول لاستئناف العلاقات بينهما. مضيفا أن الاتفاقيات المبرمة
تطورت بسرعة من التعاون في مجال الصناعة الدفاعية ونقل التكنولوجيا، إلى توسيعها
لتشمل التعاون الاستخباراتي والدفاع الجوي والحرب الإلكترونية.
وفي هذا الإطار قالت "فدرالية اليسار"
إنها تتابع عن كثب وباعتزاز تطورات المعركة، التي وصفتها بـ "البطولية التي
أطلقتها المقاومة الفلسطينية صباح يوم 7 أكتوبر 2023 بعنوان طوفان الأقصى".
وأكدت الفدرالية في بيان لمكتبها السياسي،
أن هذه العملية جاءت ردا على الجرائم الصهيونية المستمرة بحق الشعب الفلسطيني،
وأسراه، ومقدساته، واعتداءاته المتوالية على مدن الضفة الغربية، وحصاره القاتل على
قطاع غزة رغم القرارات الأممية.
وعبرت عن مساندتها المطلقة لهذه المعركة
التاريخية للمقاومة الفلسطينية البطلة، والتي تمثل منعطفا جديدا وحاسما في مسار
الصراع العربي الفلسطيني مع الاحتلال الصهيوني العنصري وداعميه ورعاته من الدول
الإمبريالية.
ودعا حزب "فيدرالية اليسار الديمقراطي"
كل الشعوب العربية وقواها الحية، وكل أحرار العالم لتقديم الدعم لكفاح الشعب
الفلسطيني للانتصار في هذه المعركة الحاسمة على درب تحقيق أهدافه التاريخية
والمشروعة في التحرير، وعودة اللاجئين، وبناء دولته الوطنية المستقلة بعاصمتها
القدس.
وأكد أن المعركة فرصة للأنظمة العربية،
التي تورطت في تطبيع علاقاتها مع الكيان الصهيوني الاستعماري والعنصري، لمراجعة
موقفها، والتخلص من ورطة التطبيع المخجلة، وتقديم الدعم اللازم للشعب الفلسطيني في
ظرفية استثنائية قد تفتح أفقا واعدا أمام القضية الفلسطينية كقضية مركزية للشعوب
العربية.
ووجهت "الفدرالية" تحية تقدير
واحترام لكافة فصائل المقاومة الفلسطينية، مؤكدة على الاستمرار في دعم ومساندة
كفاح الشعب الفلسطيني في كافة الظروف والأحوال.
وفي 23 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، أعلنت
إسرائيل والمغرب تطبيع العلاقات بينهما بوساطة أمريكية.
ولاحقا في 10 ديسمبر/ كانون الأول 2020،
أعلن المغرب استئناف علاقاته مع إسرائيل بعد أن علقها في 2000، وترقيتها إلى
علاقات رسمية تشمل تبادل السفراء والسفارات.
ومنذ ذلك الحين، لم تعلن أي دولة عربية
إقامة علاقات مع إسرائيل، في حين أن العلاقات الإسرائيلية مع الإمارات والمغرب
والبحرين توسعت، فيما تعرقلت في السودان بسبب التطورات الداخلية هناك.
وفجر أول أمس السبت، أطلقت حركة
"حماس" وفصائل فلسطينية أخرى في غزة عملية "طوفان الأقصى" ردا
على "اعتداءات القوات الإسرائيلية والمستوطنين المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني
وممتلكاته ومقدساته، ولا سيما المسجد الأقصى في القدس الشرقية المحتلة".
في المقابل، أطلق الجيش الإسرائيلي عملية
"السيوف الحديدية"، ويواصل شن غارات مكثفة على مناطق عديدة في قطاع غزة،
الذي يسكنه أكثر من مليوني فلسطيني يعانون من أوضاع معيشية متدهورة، جراء حصار
إسرائيلي متواصل منذ 2006.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة مقتل 493
فلسطينيا وإصابة 2751 آخرين، فيما أفادت هيئة البث الحكومية الإسرائيلية بمقتل ما
لا يقل عن 700 إسرائيلي وإصابة أكثر من 2100 آخرين.
وفجر اليوم الإثنين قالت القناة 12 العبرية
إن حصيلة المصابين الإسرائيليين ارتفعت إلى 2315 بينهم 365 في حالة من خطيرة إلى
حرجة، فيما كشفت صحيفة يديعوت أحرنوت عن أن التقديرات تشير إلى وصول عدد القتلى
الإسرائيليين إلى 1000، والأسرى إلى أكثر من 150.