فيما تتواصل العمليات الفدائية
الفلسطينية، وتستنزف الاحتلال من جنود ومستوطنين، فإنها في الوقت ذاته أثارت نقاشا داخليا حول مشروعيتها، وصوابية طريقها، رغم ما تمثله هذه الاعترافات من جدل وصف بـ"العميق" من داخل دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وقال الخبير في الشؤون الفلسطينية، روني شكيد، إنه "سيكون من الحماقة الاعتقاد بأن تطبيع العلاقات مع
السعودية سيؤدي لتغيير في الموقف الفلسطيني من الصراع، وسيكون من الوهم الاعتقاد بأن إقامة علاقات مع المملكة ستخلق معادلة جديدة في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وأن جميع الفلسطينيين سيتوقفون عن كراهية اليهود، ولن يقتل أحد منهم، أو يدهس، أو يلقي زجاجات حارقة وحجارة، أو يطلق بالونات متفجرة وصواريخ".
وأضاف شكيد، في مقال نشره موقع "
زمن إسرائيل" العبري، وترجمته "عربي21" أن "الاتفاق الإسرائيلي السعودي إنجاز كبير للاحتلال، لكنه لن يؤدي لرفع الراية البيضاء في
جنين والخليل وغزة، لأن الصراع القائم منذ أكثر من مائة عام، سيستمر في الوجود، ولا يوجد شيء إسمه
السلام الاقتصادي، حيث أن الفلسطينيين لا يكافحون لتحسين ظروفهم المعيشية، وليس لديهم حلم بأن يصبحوا
سنغافورة الشرق الأوسط، بل نضالهم لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة المستقلة، ويفضلون الاستمرار في العيش بالمخيمات، والتمسك ببيوتهم المتهالكة في الأزقة، والتمسك بها في بلاطة والدهيشة وجباليا، لمواصلة نضالهم في حياة مليئة بحلم تحقيق حق العودة، وإزالة إسرائيل من الخارطة".
وأشار الخبير في الشؤون الفلسطينية، إلى أن "السلام مقابل السلام؛ اقتراح قدمه رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، واليميني، بيتسلئيل سموتريتش، وأمثاله، لكنه اختراع غبي، يضلّل الجمهور الإسرائيلي، خاصة عندما يتعلق الأمر بصراع عنيد، إحدى خصائصه لعبة محصلتها صفر، السلام مقابل السلام يعني تقديم عرض للفلسطينيين عنوانه: العيش في أرضكم، في ظل نظام الفصل العنصري كمقيمين بلا حقوق، مما يؤكد أن اليمين الإسرائيلي، خاصة الديني الأصولي، لا يفهم أن الفلسطينيين يشنون نضالاً من أجل التحرر الوطني ضد الاحتلال الإسرائيلي، ولديهم وعد إلهي بأن فلسطين أرض وقف لا يجوز منحها للأعداء".
اظهار أخبار متعلقة
وأوضح أن "الفلسطينيين لديهم حركة وطنية، ويحلمون بالتحرر من الاحتلال، وإقامة دولة مستقلة، والحركة الوطنية لا تموت، ويثبت التاريخ أنها تنتصر في معركتها في نهاية الطريق، ولذلك فإن معايير الصراع لن تتغير، خاصة فيما يتعلق منها بالقدس والأقصى، والحدود، والمستوطنات، التي وعد نتنياهو الأمريكيين أكثر من مرة بإزالتها، لكن التجربة أثبتت أنها وعود وهمية، مصممة للاستفادة من المهلة، حتى تتاح الفرصة للترويج مرة أخرى لسياسة الضم الزاحف للضفة الغربية، ولا توجد مشكلة بنقل القليل من مناطق "ج" لأراضي السيطرة الفلسطينية، كما يطالب السعوديون".
وأكد أن "مثل هذه الخطوة، على شكليتها، قد تكون خيالية بعض الشيء عندما تكون الحكومة محتلة من قبل متطرفين، لكن نتنياهو سيكون على استعداد لمنحهم وعوداً إضافية، وتلبية رغباتهم، وفي هذه الحالة فإن الفلسطينيين من المؤكد سوف يشكلون مشكلة إذا استمر الوضع الراهن المتمثل في "السلام مقابل السلام"، وفي الوقت ذاته، فإنهم يشكلون حلّاً إذا فكرنا فيه، وناقشناه بعقلانية، ورؤية مستقبلية مستنيرة، وليس رؤية مسيحانية مجنونة".
تجدر الإشارة، إلى أن شاكيد، لا يعتبر الإسرائيلي الأول الذي يعترف بأحقية المقاومة الفلسطينية، فقد سبقه عضو الكنيست من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة- حداش، عوفر كاسيف، الذي تسبب بحدوث عاصفة واسعة النطاق، حين أدلى بحديث إذاعي مع راديو "كول براما" التابع للمتدينين المتطرفين، جاء فيه أن "الفلسطينيين الذين يطلقون النار على جنود الجيش ليسوا إرهابيين، بل مقاتلون فدائيون على غرار الثوار الذين قاتلوا الاحتلال النازي في أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية في القرن الماضي".
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف في تقرير نشرته صحيفة "
إسرائيل اليوم" العبرية، وترجمته "عربي21" نقلا عن كاسيف، أنه "من حق أي مسلح أن يضرّ بقوة عسكرية محتلة، بحسب التعريف المتعارف عليه دوليا وتعريف الأمم المتحدة، الذي ينص على أنه يحق لشعب محتل استخدام الوسائل المسلحة ضد الاحتلال، ورغم أنني ضده، لكن لا يمكنك تسميتهم إرهابيين، لأن الإرهاب الكبير الحقيقي هو الاحتلال ذاته، وإن المسلحين الفلسطينيين اليوم يمكن النظر إليهم كما نظر غالبية الجمهور في ألمانيا لمن قاتلوا الاحتلال النازي في بولندا، ووصفوهم بالثوار، ولم يسموهم إرهابيين".
كما أعلن الكاتب المسرحي والمذيع التلفزيوني الإسرائيلي الشهير، يارون لندن، بصوت عال أن "العمليات "العدائية، التي يشنها الفلسطينيون ضد اليهود جديرة بأن تندرج في إطار حرب التحرير الوطنية، وليس إرهاب الدولة"؛ أما البروفيسور في الكيمياء بالجامعة العبرية بالقدس المحتلة، عميرام غولديبلوم، فقد "اتهم المستوطنين الإسرائيليين بأنهم إرهابيون، وأن المشروع الاستيطاني الإسرائيلي مشغل لصناعة الإرهاب، وأن العمليات الإرهابية الحقيقية بدأت قبل 51 عاما في 1967، حين بدأ مشروع الاستيطان".
إلى ذلك، تكشف هذه الاعترافات الإسرائيلية عن تحميلها لقوات الاحتلال المسؤولية عن إراقة الدماء بين الفلسطينيين، لأن الاحتلال بدأ كل إرهاب، وكل شيء مشتق منه، وأن إراقة الدماء ستتوقف بين الفلسطينيين والإسرائيليين عندما ينتهي هذا الاحتلال، لأن بقاءه ينتج عنه مقاومة يومية، وهناك أيضًا مذابح للمستوطنين ضد الفلسطينيين، مما يجعل القتال ضد قوات الاحتلال نضالا مشروعا، وكفاحا مشروعا بموجب القانون الدولي، وكل من يتوقع من الإسرائيليين أن يقف المحتلون والمضطهدون مكتوفي الأيدي دون أن يقاوموا، يكذبون على أنفسهم.