الأسير إبراهيم حامد: أوسلو عقبة أمام التحرر الوطني..كيف نعود لهدفنا المقدس؟
لندن- عربي2128-Sep-2307:24 AM
0
شارك
إبراهيم حامد "الشبح" صاحب أضخم ملف أمني في تاريخ دولة الاحتلال- جيتي
كتب الأسير الفلسطيني إبراهيم حامد، مقالا، أشار فيه إلى مسار القضية الفلسطينية التي بدأت بهدف "تحرير فلسطين" لينزلق إلى الكارثة التي تسبب بها اتفاق أوسلو، والسعي لفكرة "حل الدولتين"، مشددا على ضرورة إعادة الاعتبار للهدف الأساسي الذي اعتنقه الفلسطينيون بعد سقوط البلاد عام 1948.
وقال الأسير حامد وهو معتقل منذ نحو 18 عاما، في مقال مطول نشر على مجلة "دراسات فلسطينية"، بعنوان "في إعادة الاعتبار إلى "تحرير فلسطين"، إن "تحرير فلسطين" كان "الدين السياسي" الذي اعتنقه الفلسطينيون بعد سقوط البلاد عام 1948، وكان يعتبر أبا الأهداف الوطنية العليا.
وفي مقاله يذكر الأسير حامد، أن التنظيمات الفلسطينية عندما نشأت في أواخر خمسينيات القرن الماضي، حملت أسماؤها وبرامجها وأدبياتها هدف "التحرير"، كما أن المنظمة لم تكن سوى "منظمة التحرير"، وجميعها كانت ليس لها من مهمة إلا "تحرير فلسطين".
وأشار إلى عملية استبدال هدف "تحرير فلسطين" المقدس، بأهداف ثانوية أخرى "أقل قداسة"، الأمر الذي تدخل في إمكان التفاوض بشأنها، وصولا بعملية "تعقيل" الفلسطينيين وترويضهم، لينحوا ويجنحوا في اتجاه ما يسمى "الواقعية".
وأضاف أن مشاريع التسوية والحلول السياسية قد ازدهرت بعد هزيمة 1967، وتغيرت الأولويات من استعادة "الوطن السليب" إلى "إزالة آثار العدوان"، واستندت تلك المساعي إلى قرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 الذي اعتمد في تشرين الثاني/ نوفمبر 1967، واعتبر عمود التسوية.
وفي عملية العبث هذه التي جرى فيها تغيير الأهداف العليا واستبدالها، طرحت ثلاثة أهداف وطنية بديلة، ليستعاض بها عن هدف تحرير فلسطين الجامع، وهي مثلما أعلنت في سنة 1974 (سنة تغيير وجهة الرأس السياسي الفلسطيني): حقّ العودة؛ وحقّ إقامة دولة؛ وحقّ تقرير المصير، وغدا "خطاب الحقوق" هذا خاضعاً لمنطق الحقوق التي تسمح فيها قوانين الأمم المتحدة الجائرة بحقّ فلسطين وقضيتها.
اظهار أخبار متعلقة
والمفارقة هنا، أن "تحرير فلسطين" عندما يتم إنجازه الفعلي كهدف، فإن هذه "الحقوق الثلاثة" وغيرها ستصبح تحصيل حاصل، والمشكلة أن مسألة تذويت هذه التحولات، وإسقاط هدف التحرير في الساحة الفلسطينية، لم يقتصرا على الفاعلين السياسيين الذين يمكن أن يتخذ لهم البعض أعذاراً بحكم إكراهات السياسية، لكن الأخطر أنها طالت نخبا مفكرة ومبدعة ومثقفة ومرموقة، وأصبحت لديها قناعات في اتجاه التعايش والأنسنة.
وتابع حامد بأن هناك دعوات ملحة منذ أعوام ويلة إلى إجراء مراجعة شاملة ومناقشة ما آلت إليه حال القضية الفلسطينية، وذلك بعد الكوارث والخراب الذي أحلقه اتفاق أوسلو بالشعب والقضية.
وشدد على أنه يجب الاعتراف، بأن مسار "أوسلو" و"حل الدولتين" فشلا فشلا ذريعا، والشجاعة المسؤولية تقتضيان الاعتراف العلني بالخطأ الذي ارتكب عند توقيع الاتفاق.
وأكد أن اتفاق أوسلو قطع الطريق على انتفاضة متدحرجة ومتصاعدة، متسائلا: "ألم يكن الاحتلال "الإسرائيلي" بصدد الخروج من قطاع غزة وإخلائه في سنة 1992، ومن دون قيد أو شرط، مثلما ورد في وثائق تلك المرحلة".
وأضاف أن أوسلو لم يكن غير مؤخر لهذا الخروج، ومغريا ومريحاً للوجود الاحتلالي اللاحق في قطاع غزة، حتى جاءت انتفاضة ثانية لديها أدوات عنف أشد وأعتى أجبرت الاحتلال على الخروج في سنة 2005 بلا قيد أو شرط.
وأشار إلى أن التجربة المريرة في محاولة صنع السلام مع "الصهيونية" برهنت أننا مع عدو بالغ العنصرية لا يعبأ بحقوق وقضايا الفلسطينيين.
ومن الدروس المستخلصة التي يعددها حامد، أن المفاوضات لم تكن سوى ممارسة للعبث واستنزاف لأركان ومقومات ودعائم القضية الوطنية للفلسطينيين، وتقويض روحها كقضية حقة وعادلة.. لا سيما أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بإجراءاتها وممارساتها لم تكن لديها النية لمنح "دولة" للفلسطينيين، وأقصى ما تم طرحه هو "حكم ذاتي ناقص".
وأضاف أن الفريق المؤيد للمفاوضات، كانوا يطرحون تساءل "ما البديل؟".. على اعتبار أن الكفاح المسلح من الخارج وصل إلى طريق مسدود.
ويتساءل حامد: "لكن ما حجَّة هؤلاء اليوم بعد الفشل الذريع الذي آلت إليه تلك التسوية التي حلموا بها، واشتهوها، وسلكوا دربها، وأدخلوا الشعب والقضية في أتونها وأوصلونا إلى ما أوصلونا إليه من دركات وتراجع وتقهقر؟.. ألم يأخذ هؤلاء التسوويون فرصتهم كاملة وزيادة من الوقت والتجريب، وهل هناك متسع لعبث واستنزاف وتآكل آخر للرهان على تسوية من نوع آخر؟".
وشدد على أن اتفاقية أوسلو لم تكن سوى عقبة أمام مهمة التحرر الوطني، وكالعادة قام الاحتلال بأخذ حاجته الكاملة من الفلسطينيين من خلاله، ثم ألقاه جانبا وقام بإسقاطه، بل إن الأداء الفلسطيني الأوسلوي بات يغريه بحسم الصراع الوجودي، وإعادة الاعتبار إلى أفكار ومشاريع التهجير والترانسفير كافة.
وتساءل حامد: "ما هي الحاجة إلى بقاء "أوسلو" والتمسك به؟".. ونقصد تلك العلاقة العضوية أمنياً وسياسيا واقتصاديا بالاحتلال، مشددا على أن إحدى أولويات التحرر من الاحتلال هي التحرر والتخلص من تلك العلاقات "البغيضة والثقيلة"، والتي هي من أشد لأعباء والأوزار والأثقال والموانع التي تقف في وجه أي عملية تحرر وطني حقيقي.
اظهار أخبار متعلقة
ونوه إلى أنه من الناحية القانونية، فضلا عن الناحية السياسية، فإن "أوسلو" كان "اتفاق إعلان مبادئ"، ولم يكن "معاهدة سلام". أي أن المجال متاح لسحب جميع التنازلات الفادحة التي جرى تقديمها حتى الآن، وخصوصا "الاعتراف بشرعية الكيان الصهيوني"، لكن التساؤل الأبرز في هذا الاتجاه هو: "من سيقوم بهذه المهمة الوطنية الجليلة؟".
وأضاف: "وإذا كانت شجاعة الأوسلويين، أصحاب "سلام الشجعان"، على غرار الخط السياسي الذي اعتنقوه، لا تسير إلا في اتجاه واحد ووحيد، وهي شجاعة وجسارة تقديم التنازلات الباهظة، وإذا كانت المكابرة الغريزية تحول دون الجرأة على الإقدام على الاعتراف بالفشل والخطأ، فإن الأمر في اعتقادنا هو في يد الشعب الفلسطيني وقواه الحية اللذين بالغا في التأدب والاحتشام في التعامل مع هذه الحالة الداخلية المربكة".
وأشار إلى أن الأجيال الجديدة تفاجئنا دائما بأنها لم تغادر فطرتها السليمة وينابيعها وجذورها، والوعي الفطري البكر لدى تلك الأجيال يتجسد أمامها في جميع مظاهر الاحتلال التي تستفزّ فيها مكامن طاقتها ودافعيتها.
ومن أجل المساهمة في تحرير النقاش وفي إرساء بعض الاستخلاصات التي يمكن البناء عليها، فإننا بحاجة إلى الدعوة إلى إجماع فلسطيني جديد يستعيد الإجماع الأصلي وهو "تحرير فلسطين".
وفي الأعوام الأخيرة، أعيد الاعتبار عند الحديث عن "الشعب الفلسطيني" إلى جميع مكونات هذا الشعب، وليس اختصاره في فلسطينيي الأراضي المحتلة، مثلما كان يوحي به الخطاب السياسي والإعلامي الطاغي بعد "أوسلو". وبذا، فإن الفلسطينيين في خطابنا السياسي والإعلامي الراهن هم الأربعة عشر مليوناً الذي بلغه تعدادهم حالياً (بحسب ما يحاول مركز الإحصاء الفلسطيني أيضاً إثباته وإقراره والتذكير به).
ويشير حامد إلى أن التساؤل البارز في هذا الاتجاه هو: "كيف يمكننا صوغ برنامج سياسي وتحرري يعبّر عن آمال وطموحات وتطلعات وغايات وأهداف 14 مليوناً من الفلسطينيين بالدرجة نفسها؟".
وأكد أنه ليس هناك برنامج غير "تحرير فلسطين" قادر على الإجابة عن هذا السؤال الوجودي والتحرري، ويمكنه تلبية حاجات وتطلُّعات جميع الفلسطينيين.
وشدد على أن إعادة الرجوع إلى "أبو الأهداف الوطنية" وأُسّها وعمودها الأوّلي، تأتي في الحقيقة بعد مسار من التجريب مر على ما يمكن تخيّله من خيارات تركته وراءها، وقد استنفدت هذه الخيارات أغراضها، ولم ينلنا منها إلّا إضاعة وقت، وتأخير أوانٍ، وافتئات على أجيال، ووصول الذين اهتز لديهم هدف تحرير فلسطين الذي رأوه بعيداً وعصياً على التحقيق، إلى نفض أيديهم من الخيارات والحلول التي انخرطوا فيها وتوهّموا أنها حبل الخلاص.
وأضاف: "نحن اليوم مدعون ثانية إلى العودة إلى الأصل والجذر وإشهاره، حتى لو استغرقنا ذلك عشرات الأعوام (حتى لو استغرق ذلك ثلاثين أو أربعين عاماً)، فهذا أقصر الطرق، مع أن طبيعة عصرنا تتوفر فيها حركة زمن قافزة، تنطوي على سيولة في التحولات والفرص".
وأكد أن العودة إلى "تحرير فلسطين" هي عودة إلى تحقيق الانسجام والتناغم والاندماج الكلي لجميع الفلسطينيين، وعودة الروح إلى الجسد بعد أن جعلنا اتفاق "أوسلو" لا نشبه أنفسنا، مضيفا أن "الإجماع الذي ننادي به، لا يقتصر على الفلسطينيين فقط، فلا غنى لنا عن توسيعه ليطال محيطنا العربي والإسلامي وأقله الشامي".
اظهار أخبار متعلقة
من هو إبراهيم حامد؟
هو قائد الجناح العسكري لحركة حماس السابق في الضفة الغربية، وصاحب الـ54 مؤبد (5400 سنة)، وحصل على شهادة البكالوريوس- قسم العلوم السياسية من جامعة بيرزيت، وعمل كباحث في قضايا اللاجئين وأصدر العديد من المؤلفات والأبحاث حول القضية الفلسطينية.
طارده الاحتلال لمدة عشر سنوات كاملة، وكان يلقب بـ"الشبح"، وكان قبلها يعد دراسة الماجستير في العلاقات الدولية.
اعتبره جهاز الشاباك الإسرائيلي "المطلوب رقم واحد"، متهمين إياه بالوقوف خلف العديد من العمليات التي أدت لمقتل عشرات المستوطنين خلال سنوات الانتفاضة الثانية.
ويعتبر ملف حامد الأمني الأضخم في تاريخ دولة الاحتلال، حيث وصل عدد أوراق ملف القضية التي قدمت إلى المحكمة 11 ألف صفحة.
وخلال فيلم بثته القناة الرسمية العبرية سابقا، يعترف قيادات في جهاز "الشاباك"، بأن "الأسير الشبح" إبراهيم حامد يملك شخصية كاريزماتية، وذكاء غير عادي، وحسا أمنيا قويا، وكان يلقب بـ"طائر الفينيق" وهو "الطائر الذي تقول الأسطورة إنه ينهض من الرمال بعد موته".