أثار قرار إيطاليا بالتدخل في
ليبيا وإعلان حالة
الطوارئ من أجل المساعدة في كارثة السيول هناك بعض التساؤلات عن أهداف الخطوة وتداعياتها، وما إذا كانت ذريعة للتدخل هناك والتواجد عسكريا عبر فرق الإنقاذ وغيرها.
وقرر مجلس الوزراء الإيطالي إعلان حالة الطوارئ لـ"التدخل في الخارج"، ومنها ليبيا نتيجة للأحداث الاستثنائية التي شهدتها الأراضي الليبية من سيول وفيضانات، ما أدى إلى وضع خطير للغاية على سلامة الناس وسلامة الأصول العامة والخاصة".
"5 ملايين يورو"
وأكدت الحكومة أن قرار التدخل جاء بناء على اقتراح من وزير الحماية المدنية الإيطالي، وأن مجلس الوزراء خصص بالفعل مبلغ 5 ملايين يورو للتدخل من الصندوق الوطني للطوارئ، بحسب وكالة "نوفا" الإيطالية.
ولم يصدر أي رد فعل رسمي من المسؤولين الليبيين على الخطوة الإيطالية، والتي جاءت في ظل دعوة كل من المجلس الرئاسي الليبي والحكومة المكلفة من البرلمان شرقا لعقد مؤتمر دولي من أجل إعمار
درنة، ومطالبة حكومة "عبد الحميد الدبيبة" بتسييل الأموال الليبية المجمدة بعد مقتل القذافي من أجل الإعمار وهو ما رفضه "الرئاسي".
لكن السؤال: ما أهداف إيطاليا الحقيقية من هذه الخطوة؟ وهل تتخذها ذريعة للتدخل عسكريا وزيادة نفوذها؟ ومع من تنسق هناك؟
اظهار أخبار متعلقة
"تأثير في مؤتمر الإعمار الدولي"
من جهتها، أكدت رئيس لجنة التنمية المستدامة بمجلس النواب، ربيعة بوراص أن "أزمة درنة جاءت بمثابة فرصة إنسانية للعديد من الدول والأطراف المحلية لبناء مواقع سياسية وأمنية واقتصادية وعسكرية جديدة في المشهد الليبي، أما قضايا مثل الغاز والطاقة والاتفاقيات البحرية الاقتصادية والهجرة فهي تلعب دورا هاما في تعاطي بعض الدول مع الأزمة في ليبيا ومنها دولة إيطاليا".
وأشارت في تصريحات لـ"عربي21" إلى أن "إيطاليا من الدول المتواجدة اقتصاديا بقوة في ليبيا، لذلك سيكون لها دور في المؤتمر الدولي لإعمار درنة خاصة إذا كانت حكومة الوحدة الوطنية هي من يشرف على هذا المؤتمر ويتلقى الدعم الحاصل منه كونها حكومة حليفة لروما"، وفق قولها.
وبخصوص العلاقة بين الحكومة الإيطالية وحفتر فرأت بوراص أنها ليست علاقة سيئة بل إن هناك علاقة مصالح متبادلة بين الطرفين وعند تولي "ميلوني" رئاسة الحكومة الإيطالية كان حفتر أحد الأشخاص الذين قامت بدعوتهم واللقاء معه في روما".
"الهدف الهجرة غير الشرعية"
في حين قال عضو اللجنة السياسية بالمجلس الأعلى للدولة في ليبيا، أحمد همومة إن "هذا الإجراء يخص
الهجرة غير الشرعية وليس له علاقة بالتدخل العسكري في ليبيا، كون كارثة درنة ربما تفتح أبواب الهجرة على مصراعيها لأن الجهات الأمنية الليبية مشغولة بالكارثة التي حلت بالمدينة وبالتالي وجود الكثير من المهاجرين الأفارقة في ليبيا والذين يتحينون الفرصة لركوب البحر باتجاه جنوب أوروبا وبالأخص إيطاليا".
وأوضح في تصريحه لـ"عربي21" أن "هذا الأمر هو الذي جعل الحكومة الإيطالية ترصد مبلغ 5 ملايين يورو وهو مبلغ زهيد لا يعكس القيام بعمليات عسكرية داخل التراب الليبي ولكنه موجه في حقيقته نحو المنظمات غير الحكومية التي تجوب البحر لالتقاط المهاجرين وتحويل وجهتهم إلى إيطاليا وكذلك محاولة إرجاع هؤلاء المهاجرين إلى بلدانهم الأصلية"، وفق تقديراته.
اظهار أخبار متعلقة
"تدخل عسكري وشيك"
الناشطة التونسية المتخصصة في الملف الليبي، كوثر الدعاسي قالت من جهتها إن "الحكومة الإيطالية تسعى للتدخل في الشؤون الليبية منذ سنوات عديدة، وإعلان حالة الطوارئ بعد كارثة السيول ما هو إلا تصريح بالتدخل العسكري الخارجي، وللعلم فإن ليبيا ليست بحاجة للإعانات بقدر احتياجها لموقف دولي واضح وصريح لإيقاف نزيف الحرب وإجراء انتخابات نزيهة وديمقراطية تفرز حكومة وطنية بمعايير دولية".
وأضافت لـ"عربي21": "أعتقد أن هذا التدخل وبهذه الطريقة سيكون مثمرا خاصة في ظل الضبابية التي تعيشها الدبلوماسية الليبية والخلافات الواضحة بين إيطاليا وشمال أفريقيا عامة بسبب ما يسمي بـ"أزمة الحرقة" أي الهجرة غير الشرعية للأفارقة جنوب الصحراء إلى إيطاليا وغيرها من البلدان الأوروبية"، كما رأت.
وتابعت: "من الطبيعي أن تسعى الحكومة الإيطالية إلى حماية حدودها بشتى الطرق، لذا فإن من الأسلم أن تكون هذه الخطوة الإيطالية مرفوقة بخطة أوروبية شاملة وتوافق دولي واسع لحل الأزمة الليبية من جذورها وليس عبر مجموعة إعانات من الممكن أن تضيع وسط المهاترات السياسية"، وفق تعبيرها.
اظهار أخبار متعلقة
"علاقة سيئة مع حفتر"
وبدوره أكد الأكاديمي الليبي وأستاذ علم الاجتماع السياسي، رمضان بن طاهر أن "هذا الإعلان يعكس رغبة إيطاليا في تقديم المساعدة الإنسانية وتخفيف المعاناة التي تعاني منها ليبيا، وقد يؤدي هذا الإعلان إلى زيادة التعاون بين إيطاليا وليبيا في المجالات الإنسانية والاقتصادية، ولكنه لا يشير إلى التدخل العسكري".
ورأى أن "العلاقة بين إيطاليا وحفتر لم تكن جيدة في السابق، لكن مع ذلك، فإن العلاقات الدولية قد تتغير وتتطور، ومن الممكن حدوث تحسن في العلاقة بين الجانبين، أما بخصوص تأثير تحالف إيطاليا مع الدبيبة على الموقف الدولي في ما يتعلق بمؤتمر إعمار درنة، فإن ذلك يعتمد على مجموعة متنوعة من العوامل، بما في ذلك المصالح الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية"، بحسب تصريحه لـ"عربي21".
وختم حديثه بالقول: "قد يتأثر الموقف الدولي بتوجهات إيطاليا وتحالفاتها في المنطقة، ولكن لا يمكننا التنبؤ بالتأثير الدقيق الذي ستكون له هذه العوامل على المؤتمر المذكور"، كما صرح.