بعد
مرور عشرين شهرا على اندلاع حرب أوكرانيا، فما زالت دولة
الاحتلال تظهر غارقة في تفاصيلها
وتبعاتها، وآخرها ما حصل في المؤتمر الصحفي الذي عقده في الأمم المتحدة وزير الخارجية
الروسي سيرغي
لافروف، حين هاجم "المعايير المزدوجة" التي تتبعها الولايات
المتحدة والغرب بالنظر للنزاع الجاري في شرق أوروبا، من خلال مقارنته أوكرانيا بالجولان.
دانيئيل
أديلسون مراسل صحيفة "
يديعوت أحرونوت" في نيويورك، ذكر أن "لافروف خصّص،
كما هو متوقع، خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك لمهاجمة الغرب،
لكنه خلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب ذلك، استخدم المسرح بالفعل لمهاجمة الولايات المتحدة
بسبب "معاييرها المزدوجة"، وهذه المرة في ما يتعلق بإسرائيل، خاصة حين طلب
منه الردّ على كلام السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد حول
ضرورة احترام سيادة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة".
وأضاف
في تقرير ترجمته "عربي21" أن "لافروف قرأ بيانا مكتوباً جاء فيه أن
منطقة دونباس مهمة جدًا بالنسبة لروسيا من وجهة نظر أمنية، وبعد ذلك مباشرة قرأ اقتباسًا
مشابهًا بشكل لافت للنظر من وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن من مقابلة أجراها
مع شبكة "سي أن أن" في 2021، قال فيها إن "مرتفعات
الجولان مهمة جداً
لإسرائيل من الناحية الأمنية"، وختم لافروف بإيجاز بأن "هنا الجواب على سؤالك"،
مع العلم أن غرينفيلد سئلت منذ حوالي أسبوع، وتطرقت لأولويات الولايات المتحدة في افتتاح
الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث هاجمت
روسيا بكلماتها".
وأشار
إلى أن "السفيرة سئلت في وقت لاحق، وفي نفس الإحاطة، عن هضبة الجولان، قائلة إن
موقف الولايات المتحدة "لم يتغير"، منذ أن وقع الرئيس الأمريكي السابق دونالد
ترامب اتفاقًا في عام 2019 يعترف بالسيادة الإسرائيلية على المنطقة، وهو ما دفع لافروف إلى قراءة بيانه باللغة الإنجليزية قائلا إن "دونباس مهمة جدًا لأمن روسيا، وطالما
أن زيلينسكي في السلطة، والناتو موجود في أوكرانيا، فإن المليشيات المدعومة من الناتو،
ونظام زيلينسكي نفسه، تشكل تهديدًا أمنيًا كبيرًا لروسيا، ومن الناحية العملية، فإن
السيطرة على دونباس في هذا الوضع تظل ذات أهمية حقيقية لأمن روسيا، أما المسائل القانونية
فهي شيء آخر".
واستذكر
لافروف كلاما مطابقاً لنظيره بلينكن مع الصحفي وولف بليتزر قبل عامين، حين قال إنه
"من الناحية العملية، فإن الجولان مهمة جدًا لأمن إسرائيل، وطالما بقي الأسد في
السلطة، وإيران موجودة في سوريا، فإن المليشيات المدعومة منها ومن الأسد نفسه، تشكل
تهديدا أمنيا كبيرا لإسرائيل، ومن الناحية العملية، فإن السيطرة على الجولان في هذه
الحالة، تظل ذات أهمية حقيقية لأمن إسرائيل، أما المسائل القانونية فهي شيء آخر".
ليست
المرة الأولى التي يتم فيها ربط الحرب الروسية-الأوكرانية بالسيطرة الإسرائيلية على
الجولان، فقد كررت روسيا عدم اعترافها بضم الاحتلال لهضبة الجولان وذلك بعد وقت قصير
من إصدار الاحتلال بيانا يدعم "وحدة أراضي وسيادة أوكرانيا"، وقد بدا الأمر
كـ"رسالة" احتجاج، من موسكو إلى تل أبيب، حيث هاجم نائب سفير روسيا لدى الأمم
المتحدة دميتري بوليانسكي، دولة الاحتلال، وأكد موقف روسيا بعدم الاعتراف بالسيادة
الإسرائيلية على مرتفعات الجولان، وأنها جزء لا يتجزأ من سوريا، وشعوره بالقلق إزاء
خطط تل أبيب المعلنة لتوسيع النشاط الاستيطاني في مرتفعات الجولان المحتلة، بما يتعارض
بشكل مباشر مع أحكام اتفاقية جنيف لعام 1949".
اظهار أخبار متعلقة
فيما
أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي السابق يائير لابيد في تصريحات نشرتها صحيفة "
هآرتس"،
وترجمتها "عربي21" عن دعم أوكرانيا منذ بدء الصراع، دون الإشارة إلى روسيا،
زاعماً أن دولة الاحتلال تُشاطر المجتمع الدولي قلقه بشأن الخطوات المتخذة في شرق أوكرانيا،
والتصعيد الخطير في الوضع، معلناً دعم وحدة أراضيها وسيادتها، وإدانته للتدخل العسكري
الروسي في أوكرانيا، واعتباره انتهاكا خطيرا للنظام الدولي".
يشير
تجدد الموقف الروسي من الجولان إلى غضب جديد من الموقف الإسرائيلي من الحرب الدائرة
في أوكرانيا، خاصة عقب إمكانية استجابة دولة الاحتلال بشكل أكبر للطلبات الغربية لمساعدة
المجهود الحربي لكييف، لأن بدء عمل حكومة بنيامين نتنياهو أوائل العام الجديد أدى إلى زيادة
التوقعات الدولية بتغيير موقفها من حرب أوكرانيا.
هذا
يعني وجود العديد من الاعتبارات الإسرائيلية المتراكمة لتغيير السياسة الحالية تجاه
الحرب، أولها حاجة الاحتلال لدعم الغرب بالتزامن مع زحف إيران نحو العتبة النووية،
وثانيها تفاقم الخلافات الإسرائيلية الغربية حول التغييرات القانونية الداخلية، والاستيطان،
وخطر الانفجار مع الفلسطينيين، وثالثها إضرار سياسة "الجلوس على السياج"
بالعلامة التجارية للاحتلال في العالم بظهوره دولة تخشى روسيا.