أطلق مراقبون ووسائل إعلام أمريكية تحذيرات
من منح الرياض "الضمانات الأمنية" التي يجري الحديث أنها اشترطت الحصول
عليها، من أجل المضي في اتفاق للتطبيع مع دولة الاحتلال، برعاية واشنطن.
وطرحت العديد من المواقع تساؤلات حول ماهية
الضمانات، التي ربما تطلبها
السعودية، وما إذا كانت تسعى للحصول على معاهدة حماية،
مثل تلك الممنوحة لليابان وكوريا الجنوبية، وهو ما رأوه "خطرا" قد يجر
الولايات المتحدة إلى تشابكات إقليمية، وتقحم نفسها في حروب بسبب المعاهدة.
وقالت
صحيفة نيويورك تايمز؛ إن المسؤولين الأمريكيين سيتفاوضون على معاهدة أمنية، تشبه اتفاقية اليابان وكوريا الجنوبية، وهو ما يعني
أن السعودية ستصبح حليفا وثيقا، تلتزم الولايات المتحدة، بضمان أمنها في المنطقة.
إظهار أخبار متعلقة
وأضافت: "المعاهدة تعني أن الجنود
الأمريكيين، ستصبح حياتهم معرضة للخطر، من أجل حماية واحدة من أكثر الدول
استبدادية ووحشية في الشرق الأوسط" وفق وصفها.
وقال موقع "
أم أس أن بي سي"؛ إنه
ليس من المؤكد الاتفاق على هذه المعاهدة، لكن هناك عقبة في مجلس الشيوخ للموافقة
عليه، فضلا عن بعض المشرعين الديمقراطيين، أعربوا عن عدم رضاهم عن مساعي بايدن
تجاه السعودية، ورأوا أن استعداده لمنح السعودية مثل هذه الضمانة، فإن ذلك يؤكد
التحول الكامل، في العلاقات بين البلدين، ويثير تساؤلات حول مدى جدية بايدن في
التركيز الاستراتيجي، بعيدا عن الشرق الأوسط نحو آسيا.
وشدد على أن بايدن انحرف عن وعوده بجعل
السعودية منبوذة، بل إن رحلته إلى الرياض، تكللت بتجديد التعاون مع الرياض
باتفافيات للدفاع الجوي ومبيعات أسلحة ضخمة.
واعتبر أن التوصل إلى معاهدة دفاع مشترك،
سيكون بمنزلة "انتصار غير عادي للمملكة"، ونقلت عن خبراء قولهم؛ إن
الرياض: "لن يكون لديها بالضرورة ضمان بمساعدة أمريكا على غرار المادة
الخامسة من حلف شمال الأطلسي، التي تطلب من أي عضو في الناتو، مساعدة أي عضو آخر
في حال تعرضه للهجوم، لكنه سيكون ملزما لواشنطن، بالدفاع عن السعودية من خصومها،
فضلا عن احتمالية تمركز المزيد من الجنود الأمريكيين في البلاد".
واعتبر الموقع أن هناك سببا للتشكيك في مزايا
صفقة
التطبيع؛ لأن التنازلات التي تقدمها واشنطن للرياض في خدمة التطبيع، يمكن أن
تؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة، وجر أمريكا إلى تشابكات عسكرية جديدة، في ظل صراع
السعودية مع اليمن والحروب مع الخصم اللدود إيران.
ومن الممكن أن تؤدي معاهدة جديدة إلى إثارة قلق الدول
الأخرى في المنطقة. أخبرني تريتا بارسي، نائب الرئيس التنفيذي في معهد كوينسي لفن
الحكم المسؤول، أنه يعتقد أن المعاهدة الأمريكية السعودية، يمكن أن تلهم الدول
الأخرى "للبحث عن ضماناتها الأمنية من الشركاء الآخرين"، مما يؤدي إلى
تكثيف الفصائل ومواقف الأمن القومي العدوانية في الشرق الأوسط. كل هذا في ظل تعهد
إدارة بايدن بتقليص وجودها في الشرق الأوسط للتركيز على الصين.
من جانبه، قال
موقع داون الأمريكي؛ إن الولايات
المتحدة ليس لديها مناقشات جادة حول وجود فرقة كبيرة، للتمركز في السعودية، وفقا
لأي اتفاقيات دفاعية جديدة.
وأشار في معرض حديثه عن محاذير إبرام معاهدة
أمنية مع الرياض، أن المعاهدات التي أبرمت مع اليابان وكوريا الجنوبية، بعد حروب
مدمرة في منتصف القرن العشرين، وحقبة اشتداد الحرب الباردة، دفعت الولايات المتحدة إلى تشكيل تحالفات في جميع أنحاء العالم، لمواجهة الوجود السوفيتي دوليا.
ونقل عن مايكل غرين، المدير السابق، في مجلس
الأمن القومي، بعهد الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش، أن المعاهدات التي وقعت مع
اليابان وكوريا الجنوبية، كانت صارمة للغاية، من حيث الالتزام العسكري الأمريكي،
في حال وقوع أعمال عدائية، ضد البلدين.
وقال غرين؛ إن الترتيب مع اليابان أكثر وضوحا كونها دولة
مهزومة ومنزوعة السلاح من الحرب العالمية الثانية عندما تم توقيع المعاهدة، ولم
يتصور المسؤولون الأمريكيون في ذلك الوقت أن دولة أخرى تهاجم اليابان أو العكس.
وبسبب التوترات المستمرة في الشرق الأوسط وحقيقة تورط
المملكة العربية السعودية في حرب في اليمن، فإن الموافقة على معاهدة على غرار
اليابان ربما تنطوي على تجاوز "عائق سياسي أعلى بكثير"، وفق وصفه.
ويمتلك البنتاغون، أقل من 2700 جندي أمريكي،
في السعودية، بحسب رسالة أرسلها البيت الأبيض إلى الكونغرس في حزيران/ يونيو
الماضي.
ونقل
الموقع عن مسؤولين أمريكيين، أن صفقة التطبيع قد
تسحب المملكة بعيدا عن فلك الصين، وتضعف جهود بكين لتوسيع نفوذها في الشرق الأوسط، مشيرين إلى أن مسؤولين في البيت الأبيض،
قدموا إحاطات حول المفاوضات للمشرعين الديمقراطيين ذوي النفوذ، لإقناعهم بالموافقة
على المعاهدة.
وكانت
مجلة التايم الأمريكية، قالت؛ إن على واشنطن امتلاك
الحس السليم للخروج من الغرفة، قبل فوات الأوان؛ لأن منح ضمانات أمنية كبيرة
للسعودية، بأي ثمن، سلبياته كبيرة للغاية، إذا كان معروضا بالفعل.
وقالت المجلة؛ إنه لا بد أن يكون هناك شيء
متبادل، بشأن بند الدفاع المشترك، مع السعودية، وهي لم تظهر نفسها كشريك قوي في
المحادثات الأمريكية سابقا حين طلبت واشنطن المساعدة.
وأوضحت: "حين كان تنظيم الدولة في ذروة
قوته ما بين 2014-2015، كان السعوديون متفرجين نسبيا على التحالف ضد داعش، وحين
قدمت الإمارات والأردن طائرات مقاتلة في مهمات، ضد مواقع التنظيم، سامحت الرياض في
السماح للولايات المتحدة بشن هجمات، واستخدام أراضيها لتدريب مقاتلين مناهضين
للتنظيم".
إظهار أخبار متعلقة
ورأت أن منح السعودية معاهدة أمنية، "يعد ضمانا من
شأنه تحويل الولايات المتحدة، بجنودها، وبحارتها وطياريها المقاتلين ومشاة
البحرية، ليصبحوا حراس أمن للعائلة المالكة السعودية التي تدير المملكة، في حين أن
هذا من شأنه أن يخدم بلا شك مصالح السعوديين، الذين أثبتوا أنهم مقاتلون غير أكفاء
في اليمن، على الرغم من عشرات المليارات من الدولارات التي أنفقتها الولايات
المتحدة. مبيعات الدفاع".
ورأت المجلة أن ذلك،" لن يكون ذلك في مصلحة
الولايات المتحدة، التي يجب أن تقلص وجودها في المنطقة، من أجل توفير موارد أفضل
لتحولها نحو آسيا".
وأشارت إلى أن الجيش السعودية لا يزال منخرطا في الحرب
باليمن منذ سنوات، وقد تجر صواريخ الحوثي على المملكة، الولايات المتحدة للتدخل
عسكريا في اليمن.
وتابعت: "ولي العهد السعودي ارتكب أخطاء كبيرة في
السنوات الأخيرة، وكشف أنه شريك غير موثوق، وطريقته في الحكم سيئة، ووافق على قتل
خاشقجي، بحسب تقييم مجتمع الاستخبارات الأمريكية، واختطف رئيس الوزراء اللبناني
السابق سعد الحريري، وأجبره على الاستقالة عبر التلفزيون، كما أنه تعاون مع
الإمارات في حصار قطر".
وأضافت المجلة: "لكن ابن سلمان، كان أكثر مرونة في
الآونة الأخيرة بشأن المصالحات بدلا من المواجهات، فأصلح العلاقة مع قطر، وطبّع
مع إيران، فضلا عن وقفه إطلاق النار مع الحوثيين، لكن لا أحد يجزم بأن هذا التحول
دائم، وهناك خطر أن تؤدي الضمانات الأمنية الأمريكية، إلى دفع ولي العهد السعودية
للعودة إلى أساليبه السابقة".