النقد بكل
أنواعه، هو قراءة موازية للمنتج المنوط نقده، وهو صياغة تتناول العمل الإبداعي
جماليا بالدرجة الأولى. والنقد الحقيقي له أدواته ومناهجه وبالتأكيد هو ليس ما نقرأه
الآن بالصحف والمجلات تحت يافطة نقد العمل الفني، فالمسألة لا تعدو انطباعات من
هنا وهناك لا أكثر ولا أقل وأن تكون المسألة مكررة بروشتات ومصطلحات وكليشيهات
جاهزة، وهي بحالها هذه تقترب من
الصحافة الفنية لا
النقد الفني بمعناه العميق.
ونحن هنا لا نعمم
ولكن هذا بعد رحيل الأسماء الكبيرة بحق بالنقد كلويس عوض ومحمد مندور وعلى الراعي
وفؤاد دوارة، خلت الساحة من حركة نقدية حقيقية باستثناء بعض الأقلام الجادة
الرصينة التي تكتب بحق النقد وتستحق لفظة مثقف، وتتناول المنتج الإبداعي جماليا،
لا صحفيين يطلقون بعض الانطباعات والحذلقات والتجاوزات التي تصل إلى حد التجاوز
المهني بحق العمل الفني وأصحابه ويسمى بعد ذلك ناقدا.
أكتب هذه المقدمة
بمناسبة الخناقة المشتعلة هذه الأيام على وسائل التواصل الاجتماعي، بسبب رد بطل
عمل سينمائي على ما قاله ناقد فني بحق البطل وعمله. ولا شك أن الرد فيه كثير من
التجاوز غير المقبول وغير المعقول، ولكن الصحيح أيضا أنه إذا انتفت شروط النقد
وتحول إلى مجموعة انطباعات وخواطر أخذت شكل الذم والقدح، بل ونشم بها رائحة الكيل
بمكيالين، والترصد لفنان ما لهوى ما، فهنا يجب أن نتوقف قليلا لكلا الطرفين ونتأمل
قانون اللعبة (الغائب في إجازة) من الأساس، فإذا انعدم الأساس ينهار البناء.. هكذا
تعلمنا.
ولذلك أنا مندهش
من كل هذه "الدوشة" المتدثرة بالمبادئ والقواعد و.. و.. بينما تلك
الأصوات لم تنبس بكلمة واحدة عندما صال وجال صاحب النقد بشأن موضوع آخر؛ ينشر
معلومات كاذبة وغير صحيحة ومغلوطة.
وقضية المعلومات
لا تحتمل وجهة النظر، فالمعلومة إما حدثت أو لم تحدث، ولكن الجميع صمت مع علمه
بالحقيقة، وعلمه أن صاحب المقالات النقدية كان يردد معلومات مغلوطة، فصمت الجميع
بينما كان ينبغي الكلام وهكذا.
وكم من كتابات
كثيرة متجاوزة لاقت صمتا في المجتمع النقدي، ولذلك فأنا أدعو الجميع أن نؤسس أولا
لحركة نقدية حقيقية، لا انطباعات صحفية حتى نفرض ما كان أيام الكبار من قبول واحترام
نقدي لا يشق له غبار.. هكذا أتمنى وهكذا أحلم!!!