مع مرور الذكرى السنوية الثلاثين لتوقيع "
اتفاق أوسلو" بين الاحتلال ومنظمة التحرير، واصل السياسيون والعسكريون الإسرائيليون المنخرطون في الاتفاق، الكشف عن كواليس التوقيع، وما حصل من تبادل اتهامات بينهم، والمخاوف التي طرحوها بشأن نوايا
الفلسطينيين من الاتفاق.
وفي هذا السياق، ذكّر قائد المحادثات التي أدت لاتفاقيات أوسلو كنائب لوزير الخارجية، يوسي بيلين، بأنه "أهدرنا فرصة إنجاز تسوية مؤقتة نسفها المتطرفون في كلا الجانبين، وأستطيع القول إن الشيء الذي يحزنني أننا لم نذهب مباشرة للتسوية الدائمة حينها".
وأوضح بيلين، خلال
مقالة نشرتها صحيفة "معاريف" العبرية، وترجمتها "عربي21"، أنه "لا أعتقد أنه كان سيحدث انفجار لو كانت هناك تسوية دائمة، لأنه كان هناك استعداد شعبي إسرائيلي كبير بعد خبر التوقيع للتوجه لتسوية مع الفلسطينيين، وكثيرون اعتقدوا أنه سلام بالفعل، بحسب الصور الواردة من واشنطن، وأعتقد أننا لو ذهبنا لتسوية دائمة على غرار ما كنا سنذهب إليه مع
مصر، فإن الجمهور كان سيقبلها، في معظمها كما هي".
وتابع: "لم تكن هناك مشكلة على الإطلاق قبل اتفاق أوسلو، لم يكن هناك جنود تم اختطافهم، ولم يُقتل أي إسرائيلي، حتى تم تنفيذ مجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل على يد المتطرف باروخ غولدشتاين، حتى إن الانتفاضة الثانية نفسها حدثت بعد يوم واحد من اقتحام أريئيل شارون المسجد الأقصى، ولذلك فإنني اعتقدت أن التوصل إلى اتفاق دائم مع الفلسطينيين كان ضروريًا".
وأردف المتحدث نفسه: "لقد حاولت إقناع رابين بذلك، لكنه لم يوافق، وأبلغني بأنه إذا ذهبنا لتسوية دائمة معهم الآن، وفشلنا في التوصل لاتفاق، فلا أراهم يوافقون على الذهاب معنا لتسوية مؤقتة في المستقبل".
وأشار إلى أنه "عندما سئل بيلين عن ما إذا كان من الممكن التوصل لتسوية دائمة لو لم يقتل رابين، أجاب بأنه ’من السهل جدًا بالنسبة لي أن أقول نعم، وأعتقد أن هناك فرصة كبيرة لذلك، لكنني أعترف أنه حتى قبل مقتله، لم تكن استطلاعات الرأي رائعة بالنسبة له، رغم أن الجدول الزمني تمثل بالتوصل إلى اتفاق دائم في 4 مايو 1999، وأعتقد أنه كان سيبذل جهدا للتوصل إليه‘".
اظهار أخبار متعلقة
وفي سياق متصل، كشف أرشيف الدولة، لأول مرة، عن "بعض أسرار اتفاق أوسلو، وتم تصنيف هذه المعلومات على أنها "سرية للغاية"، وجاءت في 80 صفحة، وبقيت معلومات أخرى ممنوعة من النشر لدواع أمن الدولة، وهناك مواد سيسمح بنشرها بعد عشرين وستين عاما".
وكشفت صحيفة "معاريف" في
تقرير ترجمته "عربي21" أن "إسرائيل اشترطت الحصول على إعلان من ياسر عرفات عن وقف الهجمات المسلحة، فيما ذكر رابين أن هذا ليس اتفاقا بسيطا، بل معقدا بسبب الظروف، ليس في صياغته النظرية، بل في كيفية ترجمته على أرض الواقع، ولكن علينا النظر لجميع العناصر المختلفة من منظور أكثر شمولاً بكثير".
وأضافت الصحيفة، على ألسنة بعض المشاركين في الاتفاق قولهم إنه "في وقت لاحق تمت مناقشة مسألة تعزيز قوة
حماس في العالم العربي وبين الفلسطينيين، ومدى قدرة العناصر المؤيدة للسلام التي تدعم منظمة التحرير الفلسطينية على التعامل مع حماس".
وتابعت الصحيفة في تقرير ترجمته "عربي21" بأن "وزير الخارجية آنذاك، الراحل، شمعون بيريس، قال إن هناك التزاما صريحا بأنه مع التوقيع على إعلان المبادئ سيكون هناك إعلان من عرفات حول وقف العنف، وأشار إلى أن الملك الأردني قادر على التعامل مع حماس، فيما توقع أن تتغلب منظمة التحرير الفلسطينية على حماس أيضًا، مبدياً تخوفه من غياب الطرف الذي سنفاوضه في حال اختفت المنظمة، ومطالبا في الوقت ذاته بتجنب إخلاء المستوطنات، بحيث ستبقى كما هي، حتى في قطاع غزة، ولن تتم إزالة أي منها".
وأوضحت أنه "في تلك المرحلة دخل رئيس الأركان، إيهود باراك، وزعم أنه لاحظ من القراءة الأولى للاتفاق مشاكل خطيرة للغاية في تنفيذ البنود الأمنية، سواء في مرحلة غزة- أريحا، أو في المرحلة الأبعد، فيما توقع جهاز الأمن العام الشاباك أنهم سينشئون مع الفلسطينيين تعاوناً محدوداً جداً معهم، رغم وجود عناصر معادية في الفلسطينيين الذين سيحاولون نسف الاتفاق".
واسترسل التقرير: "فيما توقع وزير الشرطة موشيه شاحال أن يرتفع التوتر في صفوف الجمهور الإسرائيلي وردود فعل المعارضة على الاتفاق، وهناك لهجة سائدة يمكن تفسيرها بأنها ستترك دماء الإسرائيليين تسيل، مستحضرا مقولة لبنيامين نتنياهو: أننا سنوقف العملية، ولدينا القدرة على إيقافها".
اظهار أخبار متعلقة
إلى ذلك، ختم رابين، مداخلته أمام مجلس الوزراء بالقول إن "مشاكل تنفيذ الاتفاق ستكون صعبة، ويجب أن أقول إنها في أي حكم ذاتي ستكون أصعب مما هي عليه اليوم، لأنكم اليوم تسيطرون بشكل كامل، أما في الحكم الذاتي، فنحن في شراكة، والاختبار سيكون على الشراكة، في الضفة الغربية ستكون المشكلة أكثر صعوبة، وبالتالي فالترتيب هنا مهم من أجل تجربة الاختبار في غزة".
تجدر الإشارة إلى أن الاعترافات الإسرائيلية بمناسبة مرور ثلاثين عاما على اتفاق أوسلو، تكشف أن "هذه العملية ثبت فشلها، لأن فرضية "الأراضي مقابل الأمن" التي قامت على أساسها اتفاقية أوسلو، وابتكرها رابين لم تثبت جدواها، ولأن فجوات الجانبين في المواقف واسعة، وتزداد اتساعا، خاصة في مسألتي اللاجئين والقدس، ما يصعب المهمة بجسر هذه الهوة بين الجانبين".