قال الفيلسوف والمفكر الروسي ألكسندر
دوغين الثلاثاء، إن الحرب في أوكرانيا أول عمل حاسم لإعادة الإمبراطورية الروسية، وتصحيح الجرائم التي ارتكبها غورباتشوف ويلتسين في تسعينيات وثمانينيات القرن الماضي.
وأوضح دوغين في منشور على تطبيق "التليغرام"، أن الهجمات بالطائرات المسيرة على العاصمة موسكو وبريانسك وجزيرة القرم مظهر من مظاهر الحرب الواضحة.
وأضاف أن على الروس العودة لجذور هذه الحرب، التي تدخل بشكل متزايد في مفردات حياة الشعب، بما في ذلك في العاصمة.
اظهار أخبار متعلقة
وأوضح دوغين أن أسباب الحرب تلتقي مع إعادة الهيكلة "البيريسترويكا" التي أطلقها الرئيس السوفيتي ميخائيل غورباتشوف، والإصلاحات الليبرالية التي أقرها الرئيس الروسي بوريس يلتسين في التسعينيات، وهو ما يمكن اعتباره أفظع جريمة تاريخية ارتكبت بحق
روسيا.
وتابع، أن النخبة التي نشأت على أنقاض
الاتحاد السوفيتي، لم تكن النخبة الأفضل، وإنما كان الأمر استيلاء ناجحا على السلطة من فلول حزب منحط ووحشي في تحالف مع مثقفين يعانون من "الروسوفوبيا" (رهاب الروس)، وعملاء المخابرات الغربية وعناصر الجريمة المنظمة، بحسب قوله.
اظهار أخبار متعلقة
وأردف، أن تلك النخبة دمرت الإمبراطورية الروسية وشكلت مجموعة كاملة من الدول الفاشلة Failed States المعادية لروسيا.
ولم يكتف هؤلاء بذلك، بل حولوا روسيا نفسها إلى مستعمرة للغرب، وتبنّوا بالكامل أيديولوجية العدو الجيوسياسي، وخضعوا لاستسلام حضاري، وفق دوغين.
وأشار دوغين إلى أن تلك النخب بشكل عام لا تزال على حالها، على الرغم من العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
ولفت إلى ضرورة إدانة الدولة بوضوح، وبشكل علني خطوات غورباتشوف ويلتسين، وشركائهما المباشرين، لكي يبدأ التحول الحقيقي، ليس بالعودة إلى الاتحاد السوفيتي، بل نحو إحياء الإمبراطورية.
وأكد دوغين أنه مع غياب إرادة استعادة الإمبراطورية، وإقامة حضارة روسية ذات سيادة بالتركيز على العملية العسكرية في أوكرانيا وأهدافها، سيظل منطق الحرب غير مقبول وغير مفهوم وغير قابل للتحقيق، كما ستظل أسباب مقتل الروس على الجبهات، والهجوم على موسكو غير واضحة.
واستدرك أنه في الوقت الذي انهارت فيه روسيا أواخر التسعينات بسبب هذه النخب، وعندما هاجم العدو موسكو "بالمتطرفين الإسلاميين"، كان الرد هو
بوتين، حيث قمع بشدة مسار تفكك روسيا، وانتصر في حرب الشيشان الثانية، وحافظ على روسيا ووحدتها.
وبحسب الفيلسوف الروسي، "كان هذا ولا يزال عملا بطوليا حقا، وبفضله أصبح بإمكاننا اليوم أن نفخر بالعلم الروسي، الذي كان الوطنيون على الأرجح يخجلون منه في التسعينات".
ويرى دوغين أنه بعد توجيه الضربة الأولى للنخب الليبرالية في التسعينات، حينها تحولت إلى معارضة شرسة، ثم هربت جزئيا من البلاد، إلا أن أغلبية هذه النخب تكيفت مع بوتين وتحصنت، بينما استمرت في الترويج لقيم العدو الجيوسياسي المتمثل في الغرب، وباتت تعرقل التحول الوطني بشدة.
وتابع، "بعد أن عزز بوتين روسيا ومنع انهيارها، وواجه عواقب انهيار الاتحاد السوفيتي، حلّ عام 2008 بعملية إرغام جورجيا على السلام، ثم عام 2014 الذي شهد عودة القرم إلى روسيا، وأخيرا العملية العسكرية في أوكرانيا".
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف، "وفي كل مرحلة من هذه المراحل، كانت النخب الليبرالية وجميعها من نفس القناعات التي دمرت الاتحاد السوفيتي تهرب إلى الغرب، ثم هربت المجموعة الأكبر من هؤلاء بعد بداية العملية الروسية في أوكرانيا".
وأكد دوغين أن الحرب في أوكرانيا أول عمل حاسم لبعث الإمبراطورية الروسية، بمعنى القضاء على العواقب الكارثية لعام 1991، وحقيقة إن جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق ودول المعسكر الاشتراكي السابق تشارك بنشاط في التحالف الغربي، وهذا دليل مباشر على جرائم غورباتشوف ويلتسين.
وبين أن الخطوة التالية بعد العملية العسكرية في أوكرانيا هي إدانة جذرية وواضحة وصريحة لأحداث الثمانينات والتسعينات بالإضافة للتغيير الحاسم للنخب في روسيا.
وأضاف أن الروس اليوم في الصفحة التالية من التاريخ حيث تواصل "الإمبراطورية" الهجوم، إلا أن “العدو" ما زال يقاوم بوحشية، ويسعى إلى الضرب بقوة أكبر.
اظهار أخبار متعلقة
وفي الوقت نفسه، يتخلف وعي النخب بمرضية عما يحدث، ويحاولون بكل ما لديهم من قوة تأخير الصحوة وتعتيم الخطوط الواضحة للصورة التاريخية الجديدة، بحسب المفكر الروسي.
وختم دوغين بالقول إن كل يوم من أيام الحرب، وكل ضربة أو مجرد قضمة من "العدو"، وكل إنجاز نحققه، وكل تضحية تقربنا بلا هوادة من لحظة الصحوة، ومن ثم لحظة الحكم، ولحظة الإمبراطورية.